موسوعة الآداب الشرعية

تمهيدٌ في مَشْروعيَّةِ التِّجارةِ بالبيعِ والشِّراءِ وأهميَّتِها


تُعَدُّ التِّجارةُ بالبَيعِ والشِّراءِ مِن أهَمِّ وسائِلِ كَسبِ الرِّزقِ، ويَعمَلُ بها قِطاعٌ كَبيرٌ مِنَ النَّاسِ، وقد دَلَّ على مَشروعيَّتِها الكِتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ، فمِنَ الكِتابِ قَولُه تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة: 275] يَعني: وأحَلَّ اللهُ لكُمُ الأرباحَ في التِّجارةِ بالبَيعِ والشِّراءِ [1749] يُنظر: ((تفسير الخازن)) (1/ 209). .
وقال تعالى: إِلَّا أن تَكونَ تِجارةً عن تَراضٍ مِنكُم فأباحَ اللهُ تعالى في هذه الآيةِ التِّجارةَ إذا كانت عن تَراضٍ، والأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ على مَشروعيَّتِها كَثيرةٌ، وقد نَقَل غَيرُ واحِدٍ الإجماعَ على جَوازِ البَيعِ [1750] قال ابنُ قُدامةَ: (البَيعُ جائِزٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ..... وأجمَعَ المُسلمونَ على جَوازِ البَيعِ في الجُملةِ) ((المغني)) (3/480). قال النَّوويُّ: (أمَّا الحُكمُ الذي ذَكَرَه المُصَنِّفُ -وهو جَوازُ البَيعِ- فهو مِمَّا تَظاهَرَت عليه دَلائِلُ الكِتابِ والسُّنَّةِ، وإجماعُ الأُمَّةِ). ((المجموع)) (9/148). قال ابنُ حَجَرٍ: (أجمَعَ المُسلمونَ على جَوازِ البَيعِ). ((فتح الباري)) (4/287). .
فمِن رَحمةِ اللهِ تعالى وحِكمتِه أن أباحَ التِّجارةَ؛ لأنَّ حاجةَ الإنسانِ تَتَعَلَّقُ بما في يَدِ صاحِبِه، وصاحِبُه لا يَبذُلُه بغَيرِ عِوَضٍ، ففي البَيعِ طَريقٌ إلى وُصولِ كُلِّ واحِدٍ مِنهما إلى غَرَضِه، ودَفعِ حاجَتِه، فالبائِعُ يَقصِدُ الثَّمَنَ، والمُشتَري يَقصِدُ السِّلعةَ   [1751] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/480). .
أيضا فإنَّ في إباحةِ البَيعِ بَقاءَ حَياةِ المُكَلَّفِينَ على أكمَلِ نَسَقٍ؛ وذلك لأنَّ المُكَلَّفَ قد لا يَستَطيعُ تَحصيلَ الضَّروريَّاتِ الَّتي يَحتاجُ إليها إلَّا بالشِّراءِ [1752] يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/282). .
وفي البَيعِ الوُصولَ إلى ما في يَدِ الغَيرِ على وَجْه الرِّضا، وذلك مُفْضٍ إلى عَدَمِ المُنازَعةِ والمُقاتَلةِ والسَّرِقةِ والخيانةِ والحِيَلِ، إلى غَيرِ ذلك [1753] يُنظر: ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (5/4)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (3/12). .
ولقد كان مِن أسبابِ نَشرِ الإسلامِ في كَثيرٍ مِن بُلدانِ العالمِ حُسنُ تَعامُلِ التُّجَّارِ مَعَ غَيرِ المُسلمينَ والتِزامُهم بآدابِ الإسلامِ في البَيعِ والشِّراءِ، وفيما يَلي نَذكُرُ أهَمَّ آدابِ البَيعِ والشِّراءِ:

انظر أيضا: