فوائِدُ ومَسائِلُ مُتَفرِّقةٌ
1- قال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (لم يُدرِكْ عِندَنا مَن أدرَكَ بكَثرةِ صيامٍ ولا صَلاةٍ، وإنَّما أدرَكَ بسَخاءِ الأنفُسِ، وسَلامةِ الصَّدرِ، والنُّصحِ للأُمَّةِ)
[2064] ((طبقات الصوفية)) للسلمي (ص: 24)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (8/ 103)، ((شعب الإيمان)) للبيهقي (13/ 316). .
2- عنِ الأوزاعيِّ، عن بلالِ بنِ سَعدٍ، قال: (أخٌ لك كُلَّما لقيَك أخبَرَك بعَيبٍ فيك خَيرٌ لك مِن أخٍ لك كُلَّما لَقِيَك وَضعَ في كَفِّك دينارًا)
[2065] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (2/ 17). وفي لفظٍ: (أخٌ لك كُلَّما لقيَك ذَكَّرك بحَظِّك مِنَ اللهِ خَيرٌ لك مِن أخٍ كُلَّما لقيَك وضعَ في كَفِّك دينارًا). رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الإخوان)) (85)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (5/ 225). ويُنظر: ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (10/ 487، 488). .
وعن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ يَزيدَ، قال: (قال لي بلالُ بنُ سَعدٍ: بَلغَني أنَّ المُؤمِنَ مِرآةُ أخيه، فهَل تَستَريبُ مِن أمري شَيئًا؟)
[2066] رواه ابنُ المبارك في ((الزهد)) (1378). .
3- قال ابنُ المُقَفَّعِ: (مِمَّا يُعتَبَرُ به صَلاحُ الصَّالحِ وحُسنُ نَظَرِه للنَّاسِ أن يَكونَ إذا استَعتَبَ المُذنِبَ سَتورًا لا يُشيعُ ولا يُذيعُ، وإذا استُشيرَ سَمحًا بالنَّصيحةِ مُجتَهِدًا للرَّأي، وإذا استَشارَ مَطَّرِحًا للحَياءِ مُنفِذًا للحَزمِ مُعتَرِفًا للحَقِّ)
[2067] ((الأدب الصغير)) (ص: 39). .
4- قال ابنُ بَطَّالٍ: (النَّصيحةُ فَرضٌ يُجزِئُ فيه مَن قام به، ويسقُطُ عن الباقينَ، قال: والنَّصيحةُ لازِمةٌ على قَدرِ الطَّاقةِ إذا علِم النَّاصِحُ أنَّه يُقبَلُ نُصحُه، ويُطاعُ أمرُه، وأمِن على نَفسِه المكروهَ، فإن خشِي على نَفسِه أذًى فهو في سَعةٍ مِنها)
[2068] ((شرح صحيح البخاري)) (1/ 129). وقال ابنُ مُفلحٍ الحَنبَليُّ: (ظاهِرُ كَلامِ أحمَدَ والأصحابِ: وُجوبُ النُّصحِ للمُسلمِ، وإن لم يَسأَلْه ذلك). ((الآداب الشرعية)) (1/ 291). .
5- قال ابنُ تَيميَّةَ: (أعظَمُ ما عُبدَ اللهُ به نَصيحةُ خَلقِه، وبذلك بَعَثَ اللهُ الأنبياءَ والمُرسَلينَ)
[2069] ((مجموع الفتاوى)) (28/ 615). . وقال: (المُؤمِنُ للمُؤمِنِ كاليَدَينِ تَغسِلُ إحداهما الأُخرى. وقد لا يَنقَلعُ الوسَخُ إلَّا بنَوعٍ مِنَ الخُشونةِ، لكِنَّ ذلك يوجِبُ مِنَ النَّظافةِ والنُّعومةِ ما نَحمَدُ مَعَه ذلك التَّخشينَ)
[2070] ((مجموع الفتاوى)) (28/ 54،53). .
6- قامَ المُغيرةُ بنُ مُخادِشٍ ذاتَ يَومٍ إلى الحَسَنِ، فقال: كَيف نَصنَعُ بأقوامٍ يُخَوِّفونَنا حتَّى تَكادَ قُلوبُنا تَطيرُ؟ فقال الحَسَنُ: (واللَّهِ لأن تَصحَبَ أقوامًا يُخَوِّفونَك حتَّى يُدرِكَك الأمنُ خَيرٌ لك مِن أن تَصحَبَ أقوامًا يُؤَمِّنونَك حتَّى يَلحَقَك الخَوفُ)
[2071] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (2/ 150). .
7- قال ابنُ حَزمٍ: (لا تَنصَحْ على شَرطِ القَبولِ، ولا تَشفعْ على شَرطِ الإجابةِ، ولا تَهَبْ على شَرطِ الإثابةِ، لكِنْ على سَبيلِ استِعمالِ الفَضلِ وتَأديةِ ما عليك مِنَ النَّصيحةِ والشَّفاعةِ وبَذلِ المَعروفِ... وليسَ كُلُّ صَديقٍ ناصِحًا، لكِنْ كُلُّ ناصِحٍ صَديقٌ فيما نَصَحَ فيه. وحَدُّ النَّصيحةِ هو أن يَسوءَ المَرءَ ما ضَرَّ الآخَرَ، ساءَ ذلك الآخَرَ أم سَرَّه. وأن يَسُرَّه ما نَفعَه، سَرَّ الآخَرَ أم ساءَه؛ فهذا شَرطٌ في النَّصيحةِ زائِدٌ على شُروطِ الصَّداقةِ)
[2072] ((الرسائل)) (1/ 361). .
وقال أيضًا: (النَّصيحةُ مَرَّتانِ؛ فالأولى فَرضٌ وديانةٌ، والثَّانيةُ تَنبيهٌ وتَذكيرٌ، وأمَّا الثَّالثةُ فتَوبيخٌ وتَقريعٌ، وليسَ وراءَ ذلك إلَّا الرَّكلُ واللِّطامُ، ورُبَّما أشُدُّ مِن ذلك مِنَ البَغيِ والأذى، اللهُمَّ إلَّا في مَعاني الدِّيانةِ. فواجِبٌ على المَرءِ تَردادُ النُّصحِ، رَضيَ المَنصوحُ أو سَخِطَ، تَأذَّى النَّاصِحُ بذلك أو لم يَتَأذَّ.
إذا نَصَحتَ فانصَحْ سِرًّا لا جَهرًا، أو بتَعريضٍ لا بتَصريحٍ إلَّا لمَن لا يَفهَمُ، فلا بُدَّ مِنَ التَّصريحِ له.
ولا تَنصَحْ على شَرطِ القَبولِ مِنك، فإن تَعَدَّيتَ هذه الوُجوهَ فأنتَ ظالمٌ لا ناصِحٌ، وطالِبُ طاعةٍ لا مُؤَدِّي حَقِّ ديانةٍ وأُخوَّةٍ، وليسَ هذا حُكمَ العَقلِ ولا حُكمَ الصَّداقةِ، ولكِن حُكمُ الأميرِ مَعَ رَعيَّتِه والسَّيِّدِ مَعَ عَبيدِه)
[2073] ((الرسائل)) (1/ 363، 364). .
8- عن جَريرِ بنِ عبدِ اللَّهِ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال:
((بايَعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على السَّمعِ والطَّاعةِ، وأن أنصَحَ لكُلِّ مُسلمٍ)). وكان إذا باعَ الشَّيءَ أوِ اشتَراه قال: (أما إنَّ الذي أخَذنا مِنك أحَبُّ إلينا مِمَّا أعطَيناك، فاختَرْ)
[2074] أخرجه أبو داود (4945) واللفظ له، وابن حبان (4546)، والطبراني (2/339) (2414). صحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (1779)، وصحَّح إسنادَه على شرط الصحيح شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (4546)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (8/262): مُتَّفقٌ على صِحَّتِه مِن غَيرِ وجهٍ. وأصلُه في صحيح البخاري (2157)، ومسلم (56) مُختَصَرًا. .
وذَكَرَ النَّوَويُّ في مُستَطرَفاتِ مَناقِبِ جَريرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ جَريرًا أمَر مَولاه أن يَشتَريَ له فرَسًا، فاشتَرى بثَلثِمِائةِ دِرهَمٍ وجاءَ به وبصاحِبِه ليُنقِدَه الثَّمَنَ، فقال جَريرٌ لصاحِبِ الفرَسِ: فرَسُك خَيرٌ مِن ثَلاثمِائةِ دِرهَمٍ، أتَبيعُه بأربَعِمِائةِ دِرهَمٍ؟ قال: ذلك إليك يا أبا عَبدِ اللَّهِ، فقال: فرَسُك خَيرٌ مِن ذلك، أتَبيعُه بخَمسِمِائةِ دِرهَمٍ؟ ثُمَّ لم يَزَلْ يَزيدُه مِائةً فمِائةً، وصاحِبُه يَرضى، وجَريرٌ يَقولُ: فرَسُك خَيرٌ، إلى أن بَلَغَ ثَمانمِائةِ دِرهَمٍ، فاشتَراه بها، فقيل له في ذلك، فقال: إنِّي بايَعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على النُّصحِ لكُلِّ مُسلِمٍ)
[2075] أخرجه الطبرانيُّ (2/335) (2395)، ولفظُه: عن جريرِ بنِ عبدِالله البجليِّ قال: ((غدا أبو عبدِ الله إلى الكناسةِ ليبتاعَ منها دابةً، وغدا مولًى له فوقَف في ناحيةِ السُّوقِ، فجعَلت الدَّوابُّ تمرُّ عليه، فمرَّ به فرسٌ فأعجَبه، فقال لمولاه: انطلِق فاشترِ ذلك الفَرسَ، فانطَلق مولاه، فأعطَى صاحبَه به ثلاثَمئةِ درهمٍ، فأبَى صاحبُه أنْ يبيعَه فماكَسه، فأبى صاحبُه أنْ يبيعَه، فقال: هل لكَ أنْ تنطلِقَ إلى صاحبٍ لنا ناحيةَ السُّوقِ؟ قال: لا أُبالي فانطَلَقا إليه، فقال له مولاه: إنِّي أَعْطيتُ هذا بفرسِه ثلاثَمئةِ درهمٍ فأبَى، وذكَر أنَّه خيرٌ مِن ذلك، قال صاحبُ الفرسِ: صدَق أصْلَحكَ الله فترَى ذلك ثمنًا؟ قال: لا، فرسُك خيرٌ مِن ذلك، تبيعُه بخمسِمئةٍ حتَّى بلَغ سبعَمئةِ درهمٍ، أو ثمانِمئةٍ، فلمَّا أنْ ذهَب الرَّجلُ أقبَل على مولاه، فقال له: ويحكَ انطلقْتَ لتبتاعَ لي دابةً، فأعجَبتْني دابةُ رجلٍ، فأرسلتُك تَشْتريها، فجئتَ برجلٍ مِن المسلمينَ يقودُه وهو يقولُ: ما ترَى ما ترَى؟ وقد بايعْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على النُّصحِ لكلِّ مُسلمٍ)). [2076] ((شرح مسلم)) (2/ 40)، ((تهذيب الأسماء واللغات)) (1/ 148). .
9- قال عُمَرُ بنُ عبدِ العَزيزِ: (لو أنَّ المرءَ لا يعِظُ أخاه حتَّى يُحكِمَ أمرَ نَفسِه، ويُكمِلَ الذي خُلِق له مِن عِبادةِ ربِّه، إذن لتواكَل النَّاسُ الخيرَ، وإذن يُرفَعُ الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المُنكَرِ، وقلَّ الواعِظونَ والسَّاعونَ للهِ عزَّ وجلَّ بالنَّصيحةِ في الأرضِ)
[2077] أخرجه ابنُ أبي الدنيا في ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) (118). .