موسوعة الآداب الشرعية

رابعَ عشرَ: الرِّفقُ واللِّينُ والرَّحمةُ والحِلمُ والأناةُ


يَنبَغي للدَّاعي أن يكونَ رَفيقًا رَقيقًا، رَحيمًا حَليمًا، ذا أناةٍ، غَيرَ عَجولٍ ولا فَظٍّ ولا غَليظٍ.
الدليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى لموسى وهارونَ عليهما السَّلامُ: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه: 43-44] .
أي: اذهَبا إلى فِرعَونَ؛ لأنَّه تَمَرَّد وتَجاوَزَ الحَدَّ في الكُفرِ والعِصيانِ، والتَّكَبُّرِ والعُدوانِ، فقُولا له عِندَ دَعوتِه إلى اللهِ قَولًا رَقيقًا لطيفًا، لا غِلظةَ فيه ولا تَنفيرَ.
كما قال تعالى: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى [النازعات: 17 - 19] .
وفي هذا دَلالةٌ على أنَّ الأمرَ بالمَعروفِ والنَّهيَ عنِ المُنكَرِ لا بُدَّ أن يَكونَ بالحِكمةِ والرِّفقِ واللِّينِ، وأنَّه يُستَحَبُّ إلانةُ القَولِ للظَّالمِ عِندَ وَعظِه؛ لعَلَّه يَرجِعُ، فإذا كان موسى أُمِرَ بأن يَقولَ لفِرعَون قَولًا ليِّنًا، فمَن دونَه أحرى بأن يَقتَديَ بذلك في خِطابِه، وأمرِه بالمَعروفِ في كَلامِه. وقد قال اللهُ تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83] ، والدَّعوةُ إلى اللهِ كذلك يَجِبُ أن تَكونَ بالرِّفقِ واللِّينِ، لا بالقَسوةِ والشِّدَّةِ والعُنفِ [2260] يُنظر: ((التفسير المحرر)) إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية (16/ 424، 440). .
2- قال تعالى لنَبيِّه مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159] .
3- قال تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة: 128] .
4- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء: 94] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائِشةَ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّ الرِّفقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَه، ولا يُنزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَه)) [2261] أخرجه مسلم (2594). .
وفي رِوايةٍ: ((يا عائِشةُ، إنَّ اللَّهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، ويُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العُنفِ، وما لا يُعطي على ما سِواه)) [2262] أخرجها مسلم (2593) وقَولُه: ((إنَّ اللَّهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ)) أخرجه البخاري (6927). .
2- عن جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن يُحرَمِ الرِّفقَ يُحرَمِ الخَيرَ)) [2263] أخرجه مسلم (2592). .
3- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أُعطِيَ حَظَّه مِنَ الرِّفقِ فقَد أُعطيَ حَظَّه مِنَ الخَيرِ، ومَن حُرِمَ حَظَّه مِنَ الرِّفقِ فقَد حُرِمَ حَظَّه مِنَ الخَيرِ)) [2264] أخرجه الترمذي (2013) واللفظ له، وأحمد (27553) مُطوَّلًا دونَ ذِكرَ "ومَن حُرِم..". صحَّحه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2013)، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (27553): بَعضُه صحيحٌ، وبَعضُه صحيحٌ لغَيرِه. .
4- عن أبي سُلَيمانَ مالِكِ بنِ الحُوَيرثِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أتينا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن شَبَبةٌ متقارِبون، فأقَمْنا عندَه عِشرين ليلةً، فظَنَّ أنَّا اشتَقْنا أهلَنا، وسأَلَنا عمَّن ترَكْنا في أهلِنا فأخبَرْناه، وكان رفيقًا رحيمًا، فقال: ((ارجِعوا إلى أهليكم، فعَلِّموهم ومُروهم، وصلُّوا كما رأيتُموني أصلِّي، وإذا حضَرَتِ الصَّلاةُ، فليُؤَذِّنْ لكم أحَدُكم، ثمَّ ليَؤُمَّكم أكبَرُكم)) [2265] أخرجه البخاري (6008) واللفظ له، ومسلم (674). .
وفي حديثِ عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كانت ثَقيفٌ حُلَفاءَ لبني عُقَيلٍ، فأسَرَت ثَقيفٌ رَجُلينِ من أصحابِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأسَر أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجُلًا من بني عُقَيلٍ، وأصابوا معه العَضباءَ [2266] العَضباءُ: اسمُ عَلَمٍ لناقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم تُسَمَّ بذلك لشَيءٍ أصابها. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (1/ 437)، ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (5/ 19)، ((شرح مسلم)) للنووي (8/ 173). ، فأتى عليه رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في الوَثاقِ، قال: يا محمَّدُ، فأتاه، فقال: ما شأنُك؟ فقال: بمَ أخَذْتَني، وبم أخَذْتَ سابقةَ الحاجِّ [2267] عنى بسابقةِ الحاجِّ: ناقَتَه العَضباءَ، كأنَّها كانت تَسبِقُ الحاجَّ لسُرعتِها، وكانت لا تُسبَقُ، وقد كانت معروفةً بذلك. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (2/ 629)، ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (4/ 610). ؟ فقال إعظامًا لذلك: أخَذْتُك بجَريرةِ حُلَفائِك ثقيفٍ، ثُمَّ انصَرَف عنه، فناداه، فقال: يا مُحَمَّدُ، يا مُحَمَّدُ، وكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَحيمًا رَقيقًا، فرَجَعَ إليه، فقال: ما شَأنُك؟ قال: إنِّي مُسلِمٌ، قال: لَو قُلْتَها وأنتَ تَملِكُ أمرَك أفلَحتَ كُلَّ الفلاحِ، ثُمَّ انصَرَف، فناداه، فقال: يا مُحَمَّدُ، يا مُحَمَّدُ، فأتاه، فقال: ما شَأنُك؟ قال: إنِّي جائِعٌ فأطعِمْني، وظَمآنُ فأسقِني، قال: هذه حاجَتُك...)) الحَديثَ [2268] أخرجه مسلم (1641). .
5- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للأَشَجِّ أشَجِّ عَبدِ القَيسِ: ((إنَّ فيك خَصلَتَينِ يُحِبُّهما اللهُ: الحِلمُ، والأناةُ)) [2269] أخرجه مسلم (17). .
6- عن أبي أُمامةَ الباهِليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ فتًى شابًّا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، ائذَنْ لي بالزِّنا، فأقبَل القَومُ عليه فزَجَروه وقالوا: مَه مَه! فقال: ادْنُه، فدَنا مِنه قَريبًا. قال: فجَلسَ قال: أتَحُبُّه لأُمِّك؟ قال: لا واللَّهِ، جَعَلني اللهُ فِداءَك. قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لأُمَّهاتِهم. قال: أفتُحِبُّه لابنَتِك؟ قال: لا واللَّهِ يا رَسولَ اللهِ جَعَلني اللهُ فداءَك، قال: ولا النَّاس يُحِبُّونَه لبَناتِهم. قال: أفتُحِبُّه لأُختِك؟ قال: لا واللَّهِ جَعَلني اللهُ فداءَك. قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لأخَواتِهم. قال: أفتُحِبُّه لعَمَّتِك؟ قال: لا واللَّهِ جَعَلني اللهُ فداءَك. قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لعَمَّاتِهم. قال: أفتُحِبُّه لخالتِك؟ قال: لا واللَّهِ جَعَلني اللهُ فداءَك. قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لخالاتِهم. قال: فوضعَ يَدَه عليه وقال: اللهُمَّ اغفِرْ ذَنبَه، وطَهِّرْ قَلبَه، وحَصِّنْ فرجَه. قال: فلم يَكُنْ بَعدَ ذلك الفتى يَلتَفِتُ إلى شَيءٍ)) [2270] أخرجه أحمد (22211) واللفظ له، والطبراني (8/190) (7679)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5415). صحَّحه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (501)، وصحَّح إسناده الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/712)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22211)، وجَوَّده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/411). .
7- عن مُعاويةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَميِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بَيْنا أنا أُصَلِّي مع رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ عَطَس رجُلٌ من القومِ، فقُلتُ: يرحمُك اللَّهُ! فرماني القومُ بأبصارِهم، فقُلتُ: واثُكْلَ أُمِّيَاه [2271] الثُّكلُ: الحُزنُ لفقدِ الولدِ. والمَرأةُ الثَّكلى: الفاقِدةُ لولدِها، الحَزينةُ عليه. وأمِّياه: مُضافٌ إلى ثُكلٍ، وكِلاهما مُنادى مَندوبٌ، وأمِّياه أصلُه: أُمِّي، زيدَت عليها الألفُ لمَدِّ الصَّوتِ، وأردِفَت بهاءِ السَّكتِ الثَّابتةِ في الوقفِ، المَحذوفةِ في الوَصلِ. يُنظر: ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (2/ 137، 138). ! ما شأنُكم تَنظُرون إليَّ؟! فجَعَلوا يَضرِبون بأيديهم على أفخاذِهم، فلمَّا رأيتُهم يُصَمِّتُونني لكِنِّي سكَتُّ، فلمَّا صلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ مُعَلِّمًا قَبلَه ولا بعدَه أحسنَ تعليمًا منه، فواللهِ ما كَهَرني [2272] أي: ما انتَهَرَني ولا أغلَظَ لي، وقيل: الكَهرُ: استِقبالُك الإنسانَ بالعُبوسِ. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (1/ 221، 222). ولا ضرَبني، ولا شتَمَني. قال: إنَّ هذه الصَّلاةَ لا يَصلُحُ فيها شيءٌ من كلامِ النَّاسِ، إنَّما هو التَّسبيحُ والتَّكبيرُ وقراءةُ القرآنِ، أو كَما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم...)) الحَديثَ [2273] أخرجه مسلم (537). .
8- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ الله عنه قال: ((بينما نحن في المسجِدِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ جاء أعرابيٌّ، فقام يبولُ في المسجدِ، فقال أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَهْ مَهْ [2274] مَهْ مَهْ: هي كَلِمةُ زَجرٍ. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (3/ 193). ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا تُزْرِموه [2275] لا تُزْرِموه: أي لا تَقطَعوا عليه بَولَه. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 449). دعوه، فتركوه حتَّى بال، ثمَّ إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعاه، فقال له: إنَّ هذه المساجِدَ لا تصلُحُ لشيءٍ من هذا البولِ ولا القَذَرِ، إنَّما هي لذِكرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ والصَّلاةِ وقراءةِ القُرآنِ، أو كما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال فأمر رجلًا من القومِ فجاء بدَلوٍ من ماءٍ فشَنَّه [2276] فشنَّه: فصبَّه. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (3/ 193). عليه)) [2277] أخرجه البخاري (219) مختصرًا، ومسلم (285) واللفظ له. .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه، قال: قام أعرابيٌّ فبال في المسجِدِ، فتناوَلَه النَّاسُ، فقال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((دَعُوه وهَرِيقوا على بَولِه سَجلًامن ماءٍ، أو ذَنوبًا [2278] السَّجْلُ هو الدَّلوُ إذا كان فيه ماءٌ قَلَّ أم كثُرَ، والذَّنوبُ: الدَّلوُ الملأى ماءً. يُنظر: ((الميسر في شرح مصابيح السنة)) للتوربشتي (1/ 163)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 324). من ماءٍ؛ فإنَّما بُعِثتُم مُيَسِّرين، ولم تُبعَثوا مُعَسِّرين)) [2279] أخرجه البخاري (220). .
9- عن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كنتُ أمشي مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه بُردٌ نَجرانيٌّ غليظُ الحاشيةِ، فأدركه أعرابيٌّ فجَذَبه جَذبةً شديدةً، حتى نظرْتُ إلى صفحةِ عاتِقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أثَّرَت به حاشيةُ الرِّداءِ من شِدَّةِ جَذبَتِه! ثمَّ قال: مُرْ لي من مالِ اللهِ الذي عندَك، فالتَفَت إليه فضَحِك، ثم أمَرَ له بعطاءٍ)) [2280] أخرجه البخاري (3149) واللفظ له، ومسلم (1057). .
10- عن عطاءِ بنِ يَسارٍ قال: لَقِيتُ عبدَ اللهِ بنَ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قُلتُ: أخبِرْني عن صفةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في التَّوراةِ؟ قال: أجَلْ، واللهِ إنَّه لموصوفٌ في التَّوراةِ ببعضِ صِفتِه في القُرآنِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب: 45] ، وحِرزًا للأُمِّيين [2281] حِرزًا للأُمِّيِّينَ: أي: حافِظًا لدينِهم تحوطُهم، والحِرزُ في الأصلِ: الموضِعُ الحَصينُ، فاستُعير لغيرِه. والمرادُ بالأُمِّيِّينَ: العَرَبُ، وسُمُّوا بالأُمِّيِّين؛ لأنَّ الكتابةَ كانت فيهم قليلةً، وكُلُّ من لا يكتُبُ ولا يقرأُ أُمِّيٌّ، نُسِب بذلك إلى أمِّه. يُنظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (4/ 119)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 104)، ((عمدة القاري)) للعيني (11/ 243). ، أنت عبدي ورسولي، سمَّيتُك المتوكِّلَ، ليس بفَظٍّ ولا غليظٍ، ولا سَخَّابٍ [2282] السَّخبُ: بالسِّينِ والصَّادِ: الصِّياحُ والجَلَبةُ، أي: ليس ممَّن ينافِسُ في الدُّنيا وجمعِها فيَحضُرَ الأسواقَ لذلك، ويَسخَبَ معهم في ذلك. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (11/ 262). في الأسواقِ، ولا يَدفعُ بالسَّيِّئةِ السَّيِّئةَ، ولَكِن يَعفو ويَغفِرُ، ولَن يَقبِضَه اللهُ حتَّى يُقيمَ به المِلَّةَ العَوجاءَ، بأن يَقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويَفتَحُ بها أعيُنًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقُلوبًا غُلفًا)) [2283] أخرجه البخاري (2125). .

انظر أيضا: