موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: عَدَمُ رَدِّ الطِّيبِ


يُكرَهُ رَدُّ الطِّيبِ [2580] بوَّب الترمذيُّ: (بابُ ما جاء في كراهيةِ ردِّ الطِّيبِ). ((سنن الترمذي)) (5/ 107). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن عُرِضَ عليه رَيحانٌ فلا يَرُدُّه؛ فإنَّه خَفيفُ المَحمَلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ)) [2581] أخرجه مسلم (2253). .
قال أبو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (الرَّيحانُ: كُلُّ بَقلةٍ طَيِّبةِ الرِّيحِ. قاله الخَليلُ [2582] قال الخَليلُ: (الرَّيحانُ: اسمٌ جامِعٌ للرَّياحينِ الطَّيِّبةِ، والطَّاقةُ الواحِدةُ: رَيحانةٌ. والرَّيحانُ: الرِّزقُ. والرَّيحانُ: أطرافُ كُلِّ بقلةٍ طَيِّبةِ الرِّيحِ إذا خَرَجَ عليه أوائِلُ النورِ). ((العين)) (3/ 294). ويُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (7/ 194). . والمُرادُ به في هذا الحَديثِ: كُلُّ الطِّيبِ؛ لأنَّه كُلَّه خَفيفُ المَحمَلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، ولأنَّه قد جاءَ في بَعضِ طُرُقِ هذا الحَديثِ: «مَن عُرِضَ عليه طِيبٌ» [2583] أخرجه أبو داود (4172)، والنسائي (5259)، وأحمد (8264) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُ أبي داودَ: عن أبي هُرَيرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن عُرِضَ علَيهِ طِيبٌ فلا يرُدُّهُ؛ فإنَّهُ طيِّبُ الرِّيحِ، خفيفُ المَحملِ)). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (5109)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (5/248)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4172). بَدَلَ: «ريحانٌ».
وقَولُه: «خَفيفُ المَحمَلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ» قد أشارَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بهذا القَولِ إلى العِلَّةِ التي تُرَغِّبُ في قَبولِ الطِّيبِ مِنَ المُعطي، وهي: أنَّه لا مَؤونةَ ولا مِنَّةَ تَلحَقُ في قَبولِه؛ لجَرَيانِ عادَتِهم بذلك، ولسُهولتِه عليهم، ولنزارةِ ما يُتَناوَلُ مِنه عِندَ العَرضِ، ولأنَّه مِمَّا يَستَطيبُه الإنسانُ مِن نَفسِه، ويَستَطيبُه مِن غَيرِه. وفيه مِنَ الفِقهِ: التَّرغيبُ في استِعمالِ الطِّيبِ، وفي عَرضِه على مَن يَستَعمِلُه) [2584] ((المفهم)) (5/ 558). .
وقال ابنُ بَطَّالٍ: (قال المُهَلَّبُ: إنَّما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَرُدُّ الطِّيبَ مِن أجلِ أنَّه كان يُلازِمُه لمُناجاتِه المَلائِكةَ؛ ولذلك كان لا يَأكُلُ الثُّومَ وما شاكَله، وفي هذا الحَديثِ دَليلٌ أنَّ مِنَ الهَدايا ما يُرَدُّ لعِلَّةٍ إذا كان لذلك وَجهٌ، وأنَّ الطِّيبَ لا وَجهَ لرَدِّه؛ لأنَّه مِنَ المُباحاتِ المُستحسَناتِ) [2585] ((شرح صحيح البخاري)) (7/ 94، 95). .
2- عن عَزْرةَ بنِ ثابتٍ الأنصاريِّ، قال: حَدَّثَني ثُمامةُ بنُ عبدِ اللَّهِ، قال: دَخَلتُ عليه فناوَلَني طِيبًا، قال: ((كان أنَسٌ رَضِيَ اللهُ عنه لا يَرُدُّ الطِّيبَ، قال: وزَعمَ أنسٌ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لا يَرُدُّ الطِّيبَ)) [2586] أخرجه البخاري (2582). .

انظر أيضا: