موسوعة الآداب الشرعية

عاشرًا: الشُّكرُ لهما


مِنَ الأدَبِ مَعَ الوالدَينِ: الشُّكرُ لَهما.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ:
قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان: 14] .
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ أي: عَهِدْنا إليه، وجَعَلْناه وصيَّةً عِندَه سنَسألُه عَنِ القيامِ بها، وهَل حَفِظَها أم لا؟ فوصَّيناه بِوَالِدَيْهِ وقُلْنا له: اشْكُرْ لِي بالقيامِ بعُبوديَّتي، وأداءِ حُقوقي، وألَّا تَستَعينَ بنِعَمي على مَعصيَتي. وَلِوَالِدَيْكَ بالإحسانِ إليهما بالقَولِ اللَّيِّنِ، والكَلامِ اللَّطيفِ، والفِعلِ الجَميلِ، والتَّواضُعِ لَهما، وإكرامِهما وإجلالِهما، والقيامِ بمَؤونتِهما، واجتِنابِ الإساءةِ إليهما مِن كُلِّ وَجهٍ، بالقَولِ والفِعلِ.
فوصَّيناه بهذه الوصيَّةِ، وأخبَرناه أنَّ إِلَيَّ الْمَصِيرُ أي: ستَرجِعُ أيُّها الإنسانُ إلى مَن وصَّاك وكَلَّفك بهذه الحُقوقِ، فيَسألُك: هَل قُمتَ بها فيُثيبَك الثَّوابَ الجَزيلَ، أم ضَيَّعتَها فيُعاقِبَك العِقابَ الوَبيلَ؟
وذَكَر السَّبَبَ الموجِبَ لبرِّ الوالدَينِ في الأُمِّ، فقال: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ، أي: مَشَقَّةً على مَشَقَّةٍ، فلا تَزالُ تُلاقي المَشاقَّ مِن حينِ يَكونُ نُطفةً؛ مِنَ الوَحَمِ والمَرَضَ، والضَّعفِ والثِّقَلِ وتَغَيُّرِ الحالِ، ثُمَّ وَجَعِ الوِلادةِ؛ ذلك الوَجَعِ الشَّديدِ.
ثمَّ فِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ وهو مُلازِمٌ لحَضانةِ أُمِّه وكَفالَتِها ورَضاعِها، أفما يَحسُنُ بمَن تَحمَّل على ولَدِه هذه الشَّدائِدَ، مَعَ شِدَّةِ الحُبِّ، أن يُؤَكِّدَ على وَلَدِه، ويوصيَ إليه بتَمامِ الإحسانِ إليه [1143] يُنظر: ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 648). وقال القُرطُبيُّ: (قيلَ: الشُّكرُ للَّهِ على نِعمةِ الإيمانِ، وللوالدَينِ على نِعمةِ التَّربيةِ. وقال سُفيانُ بنُ عُيَينةَ: مَن صَلَّى الصَّلَواتِ الخَمسَ فقد شَكَرَ اللَّهَ تعالى، ومَن دَعا لوالدَيه في أدبارِ الصَّلَواتِ فقد شَكَرَهما). ((الجامع لأحكام القرآن)) (14/ 65). ويُنظر: ((المحرر الوجيز)) لابن عطية (4/ 349). ؟
وقوله: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ أي: بالإحسانِ إليهما؛ بالقَولِ اللَّيِّنِ، والكَلامِ اللَّطيفِ، والفِعلِ الجَميلِ، والتَّواضُعِ لهما، وإكرامِهما وإجلالِهما، والقيامِ بمَؤونتِهما، واجتنابِ الإساءةِ إليهما مِن كُلِّ وَجهٍ، بالقَولِ والفِعلِ [1144] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 648). .

انظر أيضا: