موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: يتعوَّذُ بالله إذا رأَى ما يَكْرَهُ


يُسَنُّ لمَن رَأى في مَنامِه ما يَكرَهُ أن يَستَعيذَ باللهِ مِن شَرِّ ما رأى ومِنَ الشَّيطانِ ثَلاثًا [153] قال ابنُ حَجَرٍ نَقلًا عنِ العُلماءِ في الحِكمةِ مِن ذلك: (فأمَّا الاستِعاذةُ باللهِ مِن شَرِّها فواضِحٌ، وهيَ مَشروعةٌ عِند كُلِّ أمرٍ يُكرَهُ، وأمَّا الاستِعاذةُ مِنَ الشَّيطانِ فلِما وقَعَ في بَعضِ طُرُقِ الحَديثِ أنَّها مِنه، وأنَّه يُخَيِّلُ بها لقَصدِ تَحزينِ الآدَميِّ والتَّهويلِ عليه... وورَدَ في صِفةِ التَّعَوُّذِ مِن شَرِّ الرُّؤيا أثَرٌ صحيحٌ أخرجه سَعيدُ بنُ مَنصورٍ، وابنُ أبي شَيبةَ، وعَبدُ الرَّزَّاقِ بأسانيدَ صحيحةٍ عن إبراهيمَ النَّخَعيِّ، قال: إذا رَأى أحَدُكُم في مَنامِه ما يَكرَهُ فليَقُلْ إذا استَيقَظَ: أعوذُ بما عاذَت به مَلائِكةُ اللهِ ورُسُلُه مِن شَرِّ رُؤيايَ هذه أن يُصيبَني فيها ما أكرَهُ في ديني ودُنيايَ). ((فتح الباري)) (12/ 371). ويُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (15/ 18). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي سَلَمةَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، قال: كُنتُ أرى الرُّؤيا أُعْرَى مِنها، غَيرَ أنِّي لا أُزَمَّلُ [154] قال عِياضٌ: (قولُ أبى سَلمةَ: "كُنتُ أرى الرُّؤيا أُعْرَى مِنها، غَيرَ أنِّي لا أُزَمَّلُ" مَعناه: أُحِمَّ مِنها لارتياعِه مِن ظاهِرِها، والعَرُواءُ، مَمدودٌ: نَفضُ الحُمَّى. وقَولُه: "لا أُزَمَّلُ": لا أُغَطَّى وأُلَفُّ كَما يُعمَلُ بالمَحمومِ. الرُّؤيا، مَقصورةٌ: مِن رُؤيةِ النَّومِ، والرُّؤيةُ، بالهاء: مِن رُؤيةِ العَينِ). ((إكمال المعلم)) (7/ 203). ويُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (5/ 459). وقال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (التَّزميلُ: اللَّفُّ، والتَّدثيرُ، يَعني: أنَّها ما كانت تَدومُ عليه فيَحتاجَ إلى أن يُدَثَّرَ، لكِنَّه بنَفسِ ما كان يَفعَلُ ما أمَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ النَّفثِ والتَّعَوُّذِ وغَيرِه يَزولُ عنه ذلك، ببَرَكةِ الصِّدقِ والتَّصديقِ والامتِثالِ. وفائِدةُ هذا: ألَّا يَشغَلَ الرَّائي نَفسَه بما يَكرَهُ في نَومِه، وأن يُعرِضَ عنه، ولا يَلتَفِتَ إليه؛ فإنَّه لا أصلَ له. هذا هو الظَّاهرُ مِنَ الأحاديثِ، واللهُ أعلمُ). ((المفهم)) (6/ 20). ، حتَّى لَقِيتُ أبا قتادةَ فذَكَرتُ ذلك له، فقال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((الرُّؤيا مِنَ اللهِ، والحُلُمُ مِنَ الشَّيطانِ، فإذا حَلَمَ أحَدُكُم حُلُمًا يَكرَهُه فليَنفُثْ [155] النَّفْثُ: فوقَ النَّفخِ ودونَ التَّفلِ، وقد يَكونُ بغَيرِ ريقٍ، بخِلافِ التَّفلِ، وقد يَكونُ بريقٍ خَفيفٍ بخِلافِ النَّفخِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (7/ 475). عن يَسارِه ثَلاثًا، وليَتَعَوَّذْ باللهِ مِن شَرِّها؛ فإنَّها لن تَضُرَّه)) [156] أخرجه البخاري (6995)، ومسلم (2261) واللفظُ له. .
وفي رِوايةٍ عن أبي سَلَمةَ، قال: سَمِعتُ أبا قتادةَ يَقولُ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((الرُّؤيا مِنَ اللهِ، والحُلُمُ مِنَ الشَّيطانِ، فإذا رَأى أحَدُكُم شَيئًا يَكرَهُه فليَنفُثْ عن يَسارِه ثَلاثَ مَرَّاتٍ وليَتَعَوَّذْ باللهِ مِن شَرِّها؛ فإنَّها لن تَضُرَّه))، فقال: إن كُنتُ لأرى الرُّؤيا أثقَلَ عليَّ مِن جَبَلٍ، فما هو إلَّا أن سَمِعتُ بهذا الحَديثِ فما أُباليها [157] أخرجها مسلم (2261). .
وفي رِوايةٍ عن أبي سَلَمةَ قال: إن كُنتُ لأرى الرُّؤيا تُمرِضُني، قال: فلقيتُ أبا قتادةَ، فقال: وأنا كُنتُ لأرى الرُّؤيا فتُمرِضُني، حتَّى سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((الرُّؤيا الصَّالحةُ مِنَ اللهِ، فإذا رَأى أحَدُكُم ما يُحِبُّ فلا يُحَدِّثْ بها إلَّا مَن يُحِبُّ، وإن رَأى ما يَكرَهُ فليَتفُلْ عن يَسارِه ثَلاثًا وليَتَعَوَّذْ باللهِ مِن شَرِّ الشَّيطانِ وشَرِّها، ولا يُحَدِّثْ بها أحَدًا؛ فإنَّها لن تَضُرَّه)) [158] أخرجها مسلم (2261). .
وفي رِوايةٍ: ((الرُّؤيا الصَّالحةُ مِنَ اللهِ، والرُّؤيا السُّوءُ مِنَ الشَّيطانِ، فمَن رَأى رُؤيا فكَرِهَ مِنها شَيئًا فليَنفُثْ عن يَسارِه، وليَتَعَوَّذْ باللهِ مِنَ الشَّيطانِ، لا تَضُرُّه، ولا يُخبِرْ بها أحَدًا...)) [159] أخرجها مسلم (2261). .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((إذا رَأى أحَدُكُمُ الرُّؤيا يَكرَهُها فليَبصُقْ عن يَسارِه ثَلاثًا، وليَستَعِذْ باللهِ مِنَ الشَّيطانِ ثَلاثًا، وليَتَحَوَّلْ عن جَنبِه الذي كان عليه)) [160] أخرجه البخاري (6995)، ومسلم (2261) واللَّفظُ له. .

انظر أيضا: