موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: إذا مشَى إلى الصَّلاةِ مشَى بسَكينةٍ ووَقارٍ


يُستَحَبُّ أن يَأتيَ المُصَلِّي إلى المَسجِدِ مشيًا لا سعيًا وعليه السَّكينةُ [601] السَّكينةُ: التَّأنِّي في الحَرَكاتِ واجتِنابُ العَبَثِ ونَحوِ ذلك. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (5/100). والوَقارُ [602] الوَقارُ في الهَيئةِ، وغَضُّ البَصَرِ، وخَفضُ الصَّوتِ، والإقبالُ على طَريقِه بغَيرِ التِفاتٍ ونَحوِ ذلك. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (5/100). قال النَّوويُّ: (مَذهَبُنا: أنَّ السُّنَّةَ لقاصِدِ الجَماعةِ أن يَمشيَ بسَكينةٍ، سَواءٌ خافَ فَوتَ تَكبيرةِ الإحرامِ أم لا، وحَكاه ابنُ المُنذِرِ عن زَيدِ بنِ ثابتٍ، وأنَسٍ، وأحمدَ، وأبي ثَورٍ، واختارَه ابنُ المُنذِرِ، وحَكاه العَبدَريُّ عن أكثَرِ العُلماءِ. وعن ابنِ مَسعودٍ، وابنِ عُمَرَ، والأسودِ بنِ يَزيدَ وعَبدِ الرَّحمنِ بنِ يَزيدَ -وهما تابعيَّانِ- وإسحاقَ بنِ راهَوَيه: أنَّهم قالوا: إذا خاف فوتَ تَكبيرةِ الإحرامِ أسرَعَ). ((المجموع)) (4/207). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هرَيرةَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلا تَأتوها وأنتُم تَسعَونَ، ولكِنِ ائتوها وأنتُم تَمشونَ وعليكُمُ السَّكينةُ، فما أدرَكتُم فصَلُّوا، وما فاتَكُم فأتِمُّوا)) [603] أخرجه البخاري (908)، ومسلم (602) واللَّفظُ له. .
2- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بَينَما نَحنُ نُصَلِّي مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ سَمِعَ جَلَبةَ [604] الجَلَبةُ: اختِلاطُ الأصواتِ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (5/563)، ((النِّهاية)) لابنِ الأثيرِ (1/281). رِجالٍ، فلمَّا صَلَّى قال: ما شَأنُكُم؟ قالوا: استَعجَلنا إلى الصَّلاةِ، قال: فلا تَفعَلوا، إذا أتَيتُمُ الصَّلاةَ فعليكُم بالسَّكينةِ، فما أدرَكتُم فصَلُّوا، وما فاتَكُم فأتِمُّوا)) [605] أخرجه البخاري (635) واللَّفظُ له، ومسلم (603). .
3- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صَلاةُ الرَّجُلِ في جَماعةٍ تَزيدُ على صَلاتِه في بَيتِه وصَلاتِه في سوقِه بضعًا وعِشرينَ دَرَجةً، وذلك أنَّ أحَدَكُم إذا تَوضَّأ فأحسَنَ الوُضوءَ، ثُمَّ أتى المَسجِدَ لا يَنهَزُه [606] أي: لا يُزعِجُه ولا يُنهِضُه إلى المَسجِدِ إلَّا الصَّلاةُ، وأصلُ النَّهزِ: الدَّفعُ. يُنظر: ((أعلام الحديث)) للخطابي (2/ 1035). إلَّا الصَّلاةُ، لا يُريدُ إلَّا الصَّلاةَ، فلم يَخطُ خَطوةً إلَّا رَفعَ اللهُ له بها دَرَجةً، وحَطَّ عنه بها خَطيئةً، حتَّى يَدخُلَ المَسجِدَ، فإذا دَخَل المَسجِدَ كان في صَلاةٍ ما كانتِ الصَّلاةُ هيَ تَحبِسُه، والمَلائِكةُ يُصَلُّونَ على أحَدِكُم ما دامَ في مَجلِسِه الذي صَلَّى فيه، يَقولونَ: اللهُمَّ ارحَمْه، اللهُمَّ اغفِرْ له، اللهُمَّ تُبْ عليه، ما لم يُؤذِ فيه، ما لم يُحدِثْ فيه)) [607] أخرجه البخاري (477)، ومسلم (649) واللفظ له. .
4- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن تَطَهَّرَ في بَيتِه ثُمَّ مَشى إلى بَيتٍ مِن بُيوتِ اللهِ؛ ليَقضيَ فريضةً مِن فرائِضِ اللهِ، كانت خُطوتاه إحداهما تَحُطُّ خَطيئةً، والأُخرى تَرفعُ دَرَجةً)) [608] أخرجه مسلم (666). .
أمَّا التعليلُ: فلأنَّ الذَّاهِبَ إلى صَلاةٍ عامِدٌ في تَحصيلِها، ومُتَوصِّلٌ إليها؛ فيَنبَغي أن يَكونَ مُتَأدِّبًا بآدابِها، وعلى أكمَلِ الأحوالِ [609] ((شرح مسلم)) للنووي (5/99). .

انظر أيضا: