موسوعة الآداب الشرعية

فوائِدُ ومَسائِلُ مُتَفرِّقةٌ


المشْيُ حافيًا
عن عبدِ اللهِ بنِ بُرَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَجُلًا مِن أصحابِ النَّبيِّ رَحَل إلى فَضالةَ بنِ عُبَيدٍ وهو بمِصرَ، فقدِمَ عليه، فقال: أمَا إنِّي لم آتِكَ زائِرًا، ولكِنِّي سَمِعتُ أنا وأنتَ حَديثًا مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجَوتُ أن يَكونَ عِندَك مِنه عِلمٌ، قال: وما هو؟ قال: كذا وكذا، قال: فما لي أراكَ شَعِثًا وأنتَ أميرُ الأرضِ؟ قال: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَنهانا عن كَثيرٍ منَ الإرفاهِ [615] قال ابنُ حَجَرٍ: (الإرفاهُ: التَّنَعُّمُ والرَّاحةُ، ومِنه الرَّفَهُ -بفَتحَتَينِ- وقَيَّده في الحَديثِ بالكَثيرِ إشارةً إلى أنَّ الوسَطَ المُعتَدِلَ مِنه لا يُذَمُّ، وبذلك يُجمَعُ بَينَ الأخبارِ). ((فتح الباري)) (10/ 368). ، قال: فما لي لا أرى عليكَ حِذاءً؟ قال: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأمُرُنا أن نَحتَفيَ [616] احتفى: مشى حافيًا بغيرِ خُفٍّ ولا نَعلٍ. يُنظر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (4/ 23)، ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص: 1275). أحيانًا)) [617] أخرجه أبو داود (4160) واللفظ له، وأحمد (23969)، وأخرجه النسائي (5239) عن رجلٍ يقالُ له عبيدٌ، باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4160)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (23969)، وجَوَّده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (4/289). .
قال المظهَريُّ: (الإرفاهُ: تَسريحُ الشَّعرِ وتَدهينُه، والإرفاهُ أيضًا: التَّنَعُّمُ وطِيبُ العَيشِ، يَعني: نَهانا عن كَثرةِ التَّنَعُّمِ؛ لأنَّ كَثرةَ التَّنَعُّمِ تَجعَلُ النَّفسَ مُتَكَبِّرةً غافِلةً، ولأنَّ الرَّجُلَ لوِ اعتادَ دَوامَ التَّنَعُّمِ فرُبَّما يَنزِلُ عليه فَقرٌ وسوءُ عَيشٍ، فيَشُقُّ عليه ذلك الفَقرُ؛ لأنَّه لم يَكُنْ مُعتادًا به، ولهذا أمَرَهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالاحتِفاءِ، أي: بالمَشيِ بغَيرِ النَّعلينِ؛ لتَتَصَلَّبَ أقدامُهم وتَعتادَ المَشيَ بغَيرِ النَّعلينِ، حتَّى لوِ اتَّفقَ لهمُ انعِدامُ النَّعلينِ يُمكِنُهمُ المَشيُ بغَيرِ النَّعلينِ) [618] ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (5/ 49). .
وقال القاريُّ: (قال: «كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأمُرُنا أن نَحتَفيَ»: أي نَمشيَ حُفاةً تَواضُعًا وكَسرًا للنَّفسِ، وتَمَكُّنًا مِنه عِندَ الاضطِرارِ إليه؛ ولذلك قَيَّدَه بقَولِه: «أحيانًا»: أي: حينًا بَعدَ حينٍ) [619] ((مرقاة المفاتيح)) (7/ 2827). وقال المُناويُّ: (الأوجَهُ أنَّه إن أمِنَ تَنَجُّسَ قدَمَيه، كَكَونِه في أرضٍ رَمليَّةٍ مَثَلًا ولم يُؤذِه، فهو مَحبوبٌ أحيانًا، بقَصدِ هَضمِ النَّفسِ وتَأديبِها؛ ولهذا ورَدَ أنَّ المُصطَفى كان يَمشي حافيًا ومُنتَعِلًا، وكان الصَّحبُ يَمشونَ حُفاةً ومُنتَعِلينَ، وعلى خِلافِ ذلك يُحمَلُ الأمرُ بالانتِعالِ، وإكثارِ النِّعالِ). ((فيض القدير)) (1/ 317). وقال ابنُ عُثَيمين: (ليُعلَمْ أنَّ لُبسَ النِّعالِ مِنَ السُّنَّةِ، والاحتِفاءَ مِنَ السُّنَّةِ أيضًا؛ ولهذا نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كَثرةِ الإرفاهِ، وأمَر بالاحتِفاءِ أحيانًا، فالسُّنَّةُ أنَّ الإنسانَ يَلبَسُ النِّعالَ، لا بَأسَ، لكِن يَنبَغي أحيانًا أن يَمشيَ حافيًا بَينَ النَّاسِ ليُظهِرَ هذه السُّنَّةَ التي كان بَعضُ النَّاسِ يَنتَقِدُها، إذا رَأى شَخصًا يَمشي حافيًا قال: ما هذا؟ هذا مِنَ الجُهَّالِ، وهذا غَلَطٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَنهى عن كَثرةِ الإرفاهِ، ويَأمُرُ بالاحتِفاءِ أحيانًا). ((شرح رياض الصالحين)) (6/ 387). .
مشْيُ الصَّحابةِ أمامَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّم لا خلفَه
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا خَرَجَ مِن مَنزِلِه يَكرَهُ أن يَطَأَ عَقِبَه أحَدٌ، فكان أصحابُه يَتَقدَّمونَه ويُخلُّونَ ظَهرَه للمَلائِكةِ.
فعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((ما رُئيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ، ولا يَطَأُ عَقِبَه رَجُلانِ)) [620] أخرجه أبو داود (3770) واللفظ له، وابن ماجه (244)، وأحمد (6562). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3770)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (10/68)، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6562). .
وعن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا خَرَجَ مِن بَيتِه مَشَينا قُدَّامَه وتَرَكنا خَلفَه للمَلائِكةِ)) [621] أخرجه ابن الأعرابي في ((المعجم)) (1824)، والحاكم (7752) واللفظ له. صحَّح إسنادَه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (4/79). .
وفي رِوايةٍ: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا مَشى مَشى أصحابُه أمامَه، وتَرَكوا ظَهرَه للمَلائِكةِ)) [622] أخرجها ابن ماجه (246) واللفظ له، وأحمد (14236). صحَّحها ابنُ حبان في ((صحيحه)) (6312)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (246)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (223). .
وعن أبي السَّوَّارِ، عن خالِه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((رَأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمشي وأُناسٌ يَتَّبِعونَه، فاتَّبَعتُه مَعَهم، فاتَّقى القَومُ بي، فأتى عليَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فضَرَبَني، إمَّا قال: بعَسيبٍ أو قَضيبٍ أو سِواكٍ، أو شَيءٍ كان مَعَه، فواللهِ ما أعجَبَني، وبِتُّ بليلةٍ وقُلتُ: ما ضَرَبَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا لشَيءٍ عَلِمَه بي، فحَدَّثَتني نَفسي أن آتيَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أصبَحتُ، فنَزَل جِبريلُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنَّك راعٍ فلا تَكسِرْ قُرونَ رَعيَّتِك، فلمَّا صَلَّى الغَداةَ -أو قال: أصبَحنا- قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ ناسًا يَتَّبِعوني، وإنَّه لا يُعجِبُني أن يَتَّبِعوني، اللهُمَّ مَن ضَرَبتُ أو سَبَبتُ فاجعَلْها له كَفَّارةً وأجرًا، أو قال: مَغفِرةً. أو كما قال)) [623] أخرجه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (2076) واللفظ له، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (7318). صحَّح إسنادَه على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (2076). .
هديُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في المشْيِ
قال ابنُ القَيِّمِ في هَديِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَشيِه وحدَه ومَعَ أصحابِه: (كان إذا مَشى تَكَفَّأ تَكَفُّؤًا، وكان أسرَعَ النَّاسِ مِشيةً وأحسَنَها وأسكَنَها... قال عليُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: «كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا مَشى تَكفَّأ تَكَفُّؤًا كأنَّما يَنحَطُّ مِن صَبَبٍ» [624] أخرجه الترمذي (3637)، وأحمد (746). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (6311)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3637)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وحسَّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (944). ، ... وكان يَمشي حافيًا ومُنتَعِلًا [625] لفظُه: عن عائِشةَ، قالت: ((شَرِبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائِمًا وقاعِدًا، ومَشى حافيًا وناعِلًا، وانصَرَف عن يَمينِه وعن شِمالِه)). أخرجه النسائي (1361) وأحمد (24567) وإسحاق بن راهويه (1618)، والطبراني في الأوسط (1213) صحَّحه الدارقطني في العلل (8/ 289)، وقال شعيب الأرناووط في تخريج مسند أحمد (24567): "صحيحٌ لغيرِه، دونَ قَولِه: ومشى حافيًا وناعِلًا". وصحَّح إسنادَه الألباني في صحيح النسائي (1289). وحسَّن إسناده ابن رجب في فتح الباري (5/ 278). ، وكان يُماشي أصحابَه فُرادى وجَماعةً [626] ومن ذلك: عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((خَرَجتُ ليلةً مِنَ اللَّيالي فإذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمشي وَحدَه، وليسَ مَعَه إنسانٌ، قال: فظَنَنتُ أنَّه يَكرَهُ أن يَمشيَ مَعَه أحَدٌ، قال: فجَعَلتُ أمشي في ظِلِّ القَمَرِ، فالتَفتَ فرَآني، فقال: مَن هذا؟ قُلتُ: أبو ذَرٍّ، جَعَلني اللهُ فِداءَكَ! قال: يا أبا ذَرٍّ، تَعالَه، قال: فمَشَيتُ مَعَه ساعةً ...)). أخرجه البخاري (6443) واللَّفظُ له، ومسلم (94). ومِنه: عن جابِرِ بنِ عبدِ الله: قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا مَشى مَشى أصحابُه أمامَه وتَرَكوا ظَهرَه للمَلائِكةِ)). أخرجه ابن ماجه (246) واللفظ له، وأحمد (14236). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (6312)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (246)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (223). . ومَشى في بَعضِ غَزَواتِه مَرَّةً فدَمِيَت إصبَعُه وسال مِنها الدَّمُ، فقال:
هَل أنتِ إلَّا إصبَعٌ دَمِيتِ
وفي سَبيلِ اللهِ ما لَقِيتِ [627] أخرجه البخاري (2802)، ومسلم (1796) مِن حَديثِ جُندُبِ بنِ سُفيانَ رَضِيَ اللهُ عنه.
وكان في السَّفَرِ ساقةَ أصحابِه؛ يُزجي الضَّعيفَ ويُردِفُه ويَدعو لهم، ذَكَرَه أبو داودَ [628] لفظُه: عن أبي الزُّبَيرِ أنَّ جابِرَ بنَ عبدِ الله حَدَّثَهم، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَخَلَّفُ في المَسيرِ فيُزجي الضَّعيفَ، ويُردِفُ ويَدعو لهم)). أخرجه أبو داود (2639)، والبيهقي (10448) واللفظ لهما، والحاكم (2541). صَحَّحه الحاكِمُ وقال: على شَرط مُسلم، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2639)، وشعيب الأرناؤوط في تَخريج ((سنن أبي داود)) (2639)، وحسن إسناده النووي في ((المجموع)) (4/394). [629] ((زاد المعاد)) (1/ 161-163). .
أشبَهُ النَّاسِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِشيةً
 كانت فاطِمةُ رَضِيَ اللهُ عنها أشبَهَ النَّاسِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِشيةً.
فعن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((أقبَلَت فاطِمةُ تَمشي كأنَّ مِشيَتَها مَشيُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَرحَبًا بابنَتي! ثُمَّ أجلسَها عن يَمينِه أو عن شِمالِه، ثُمَّ أسَرَّ إليها حَديثًا فبَكَت، فقُلتُ لها: لمَ تَبكينَ؟ ثُمَّ أسَرَّ إليها حَديثًا فضَحِكَت، فقُلتُ: ما رَأيتُ كاليَومِ فرَحًا أقرَبَ مِن حُزنٍ! فسَألتُها عَمَّا قال: فقالت: ما كُنتُ لأُفشيَ سِرَّ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حتَّى قُبِضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسَألتُها، فقالت: أسَرَّ إليَّ: إنَّ جِبريلَ كان يُعارِضُني القُرآنَ كُلَّ سَنةٍ مَرَّةً، وإنَّه عارَضَني العامَ مَرَّتَينِ، ولا أُراه إلَّا حَضَرَ أجلي، وإنَّك أوَّلُ أهلِ بَيتي لَحاقًا بي. فبَكَيتُ، فقال: أمَا تَرضَينَ أن تَكوني سَيِّدةَ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ، أو نِساءِ المُؤمِنينَ؟ فضَحِكَت لذلك)) [630] أخرجه البخاري (3623، 3624) واللفظ له، ومسلم (2450). .
حُكمُ المَشيِ في المَقابِرِ بالنِّعالِ
اختَلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ المَشيِ في المَقابِرِ بالنِّعالِ، على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يُكرَهُ المَشيُ في المَقابِرِ بالنَّعلينِ والخُفَّينِ ونَحوِهما، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [631] ((البناية)) للعيني (3/261)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 412)، ((الفتاوى الهندية)) (1/167). ، ومَشهورُ مَذهَبِ الشَّافِعيَّةِ [632] ((المجموع)) للنووي (5/312). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/328). ، ورِوايةٌ عن أحمَدَ [633] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/257). ويُنظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (2/366). ، وبه قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ [634] ((المجموع)) للنووي (5/312)، ((المغني)) لابن قدامة (2/421). ، وهو قَولُ ابنِ حَزمٍ [635] لكنَّه استثنى النِّعالَ السِّبتيَّةَ، فحَرَّم المشيَ فيهما بينَ القُبورِ. يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (3/361). .
واستدلُّوا على ذلك بالسُّنَّةِ والقياسِ:
أ- السُّنَّة
عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ العَبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه وتَولَّى عنه أصحابُه إنَّه ليَسمَعُ قَرعَ نِعالِهم)) [636] أخرجه البخاري (1374)، ومسلم (2870) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحَديثَ فيه جَوازُ لُبسِ النِّعالِ في المَقابرِ، ولو كان ذلك مَكروهًا لبَيَّنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [637] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/309). .
ب- القياسُ على دُخولِ المَسجِدِ بالنِّعالِ والصَّلاةِ فيها؛ فإنَّه لا يُكرَهُ، فكذلك المَشيُ بَينَ القُبورِ بها أَولى بعَدَمِ الكَراهةِ [638] قال ابنُ حَجَرٍ: (وثَبَتَ حَديثُ أنَسٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَلَّى في نَعلَيه؛ قال: فإذا جازَ دُخولُ المَسجِدِ بالنَّعلِ فالمَقبَرةُ أَولى). ((فتح الباري)) (10/309). .
القَولُ الثَّاني: يُكرَهُ المَشيُ بَينَ القُبورِ بالنِّعالِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [639] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/386)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/141). واستثنى الحنابِلةُ إذا كان لعُذرٍ؛ كالخَوفِ من النَّجاسةِ، أو الشَّوكِ ونَحوِه. ، وقَولُ ابنِ بازٍ [640] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (14/176). ، وابنِ عُثَيمين [641] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/200). .
واستدلُّوا على ذلك بالسُّنَّةِ مع التَّعليلِ:
أ- السُّنَّة
عن بَشيرِ بنِ الخَصاصِيَةِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ أمشي مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فمَرَّ على قُبورِ المُسلِمينَ فقال: لقد سَبَقَ هؤلاء شَرًّا كَثيرًا، ثُمَّ مَرَّ على قُبورِ المُشرِكينَ، فقال: لقد سَبَقَ هؤلاء خَيرًا كَثيرًا، فحانَت مِنه التِفاتةٌ، فرَأى رَجُلًا يَمشي بَينَ القُبورِ في نَعلَيه، فقال: يا صاحِبَ السِّبتيَّتَينِ [642] قال الخَطَّابيُّ: (قال الأصمَعيُّ: السِّبتيَّةُ مِنَ النِّعالِ: ما كان مَدبوغًا بالقَرَظِ. قُلتُ: وخَبَرُ أنَسٍ يَدُلُّ على جَوازِ لُبسِ النَّعلِ لزائِرِ القُبورِ وللماشي بحَضرَتِها وبَينَ ظَهرانَيها. فأمَّا خَبَرُ السِّبتيَّتَينِ فيُشبِهُ أن يَكونَ إنَّما كَرِه ذلك؛ لِما فيهما مِنَ الخُيَلاءِ، وذلك أنَّ نِعالَ السِّبتِ مِن لباسِ أهلِ التَّرَفُّهِ والتَّنَعُّمِ... فأحَبَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَكونَ دُخولُه المَقابرَ على زيِّ التَّواضُعِ ولِباسِ أهلِ الخُشوعِ). ((معالم السنن)) (1/ 317). ويُنظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (3/ 242، 243). وقال البَغويُّ: (ذَهَبَ بَعضُ النَّاسِ إلى كَراهيةِ المَشيِ بَينَ القُبورِ في النِّعالِ، وقيل: إنَّ أهلَ القُبورِ يُؤذيهم صَوتُ النِّعالِ، والعامَّةُ على أنْ لا كَراهيةَ فيه، والأمرُ بالنَّزعِ قيل: إنَّما كان أكثَرُ أهلِ الجاهليَّةِ كانوا يَلبَسونَها غَيرَ مَدبوغةٍ إلَّا أهلَ السَّعةِ مِنهم، فأمَرَ بنَزعِها لنَجاسَتِها، وقال أبو عُبَيدٍ: أراه أمَرَه بذلك لقَذَرٍ رَآه في نَعلَيه، فكَرِهَ أن يَطَأَ بهما القُبورَ، كَما كَرِهَ أن يُحدِثَ الرَّجُلُ بَينَ القُبورِ... وقال أبو عَمرٍو: النِّعالُ السِّبتيَّةُ: هيَ المَدبوغةُ بالقَرَظِ، وقال بَعضُهم: هيَ مَحلوقةُ الشَّعرِ). ((شرح السنة)) (5/ 414). ألْقِهما)) [643] أخرجه أبو داود (3230)، والنسائي (2048) واللفظ له، وابن ماجه (1568). صحَّحه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/510)، وابن حبان في ((صحيحه)) (3170)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (7913)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (188). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمرَ هذا الرَّجُلَ بإلقاءِ نَعلَيه لمَّا رَآه يَمشي بَينَ المَقابرِ، وأقَلُّ أحوالِه النَّدبُ [644] ((المغني)) لابن قدامة (2/421). ؛ ففيه كَراهةُ المَشيِ بالنِّعالِ بَينَ المَقابِرِ.
ب- أمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ خَلعَ النَّعلينِ أقرَبُ إلى الخُشوعِ، وزيِّ أهلِ التَّواضُعِ، واحتِرامِ أمواتِ المُسلِمينَ [645] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/141). .
جملةٌ مِن آدابِ المشْيِ
قال القاسِميُّ: (يَلزَمُ أن يَكونَ المَشيُ هَونًا مُعتَدِلًا، لا سَريعًا ولا بَطيئًا، وأن يجتَنِبَ الماشي الخِفَّةَ في التَّلفُّتِ، وأن يَكونَ ناصِبًا للقامةِ لا مُنحَنيًا ولا مُحدَودِبًا، ولا مُشَبِّكًا يَدَيه وراءَ ظَهرِه؛ لئَلَّا تَصلبَ أعصابُ ظَهرِه على التَّقَوُّسِ والانحِناءِ، وعليه أن يَكونَ مُؤثِرًا ليُمنى الطَّريقِ أو يُسراها؛ ليَبعُدَ عن مُصادَمةِ العَجَلاتِ ونَحوِها، موجِّهًا النَّظَرَ إلى الأمامِ لا إلى النَّوافِذِ، ولا مُحدِقًا براكِبي العَجَلاتِ والمارِّينَ، مُساعِدًا لضَعيفٍ أو عاجِزٍ، أو ما يُحمَلُ على دابَّةٍ، مُتَباعِدًا عن مَواقِفِ التَّخاصُمِ، مُنتَقيًا الطُّرُقَ النَّظيفةَ، غَيرَ مُزاحِمٍ ولا مُلتَصِقٍ بالحيطانِ ولا بأحَدٍ، مُحتَرِسًا في الزِّحامِ على الجَيبِ مِن يَدِ مُختَلِسٍ) [646] ((جوامع الآداب)) (ص: 116). .
أنواعُ المِشياتِ:
قال ابنُ القَيِّمِ: (التَّقَلُّعُ الارتِفاعُ مِنَ الأرضِ بجُملتِه كَحالِ المُنحَطِّ مِنَ الصَّبَبِ، وهيَ مِشيةُ أولي العَزمِ والهمَّةِ والشَّجاعةِ، وهيَ أعدَلُ المِشياتِ وأروحُها للأعضاءِ وأبعَدُها مِن مِشيةِ الهَوجِ والمَهانةِ والتَّماوُتِ؛ فإنَّ الماشيَ إمَّا أن يَتَماوتَ في مَشيِه ويَمشيَ قِطعةً واحِدةً كَأنَّه خَشَبةٌ مَحمولةٌ، وهيَ مِشيةٌ مَذمومةٌ قَبيحةٌ، وإمَّا أن يَمشيَ بانزِعاجٍ واضطِرابٍ مَشيَ الجَمَلِ الأهوجِ، وهيَ مِشيةٌ مَذمومةٌ أيضًا، وهيَ دالَّةٌ على خِفَّةِ عَقلِ صاحِبِها، ولا سيَّما إن كان يُكثِرُ الالتِفاتَ حالَ مَشيِه يَمينًا وشِمالًا، وإمَّا أن يَمشيَ هَونًا، وهيَ مِشيةُ عِبادِ الرَّحمَنِ، كَما وصَفهم بها في كِتابِه، فقال: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا [الفرقان: 63] ، قال غَيرُ واحِدٍ مِنَ السَّلفِ: بسَكينةٍ ووقارٍ مِن غَيرِ تَكَبُّرٍ ولا تَماوُتٍ، وهيَ مِشيةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإنَّه مَعَ هذه المِشيةِ كان كَأنَّما يَنحَطُّ مِن صَبَبٍ، وكَأنَّما الأرضَ تُطوى له، حتَّى كان الماشي مَعَه يُجهِدُ نَفسَه، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غَيرُ مُكتَرِثٍ، وهذا يَدُلُّ على أمرَينِ: أنَّ مِشيَتَه لم تَكُنْ مِشيةً بتَماوُتٍ ولا بمَهانةٍ، بَل مِشيةً أعدَلَ المِشياتِ.
والمِشياتُ عَشَرةُ أنواعٍ: هذه الثَّلاثةُ مِنها.
والرَّابعُ: السَّعيُ.
والخامِسُ: الرَّمَلُ، وهو أسرَعُ المَشيِ مَعَ تَقارُبِ الخُطى، ويُسَمَّى: الخَبَبَ، وفي الصَّحيحِ من حديثِ ابنِ عُمَرَ: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَبَّ في طَوافِه ثَلاثًا، ومَشى أربَعًا» [647] أخرجه البخاري (1644)، ومسلم (1261) باختلاف يسير، ولفظ البخاري: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا)). .
السَّادِسُ: النَّسَلانُ، وهو العَدْوُ الخَفيفُ الذي لا يُزعِجُ الماشيَ ولا يَكرِثُه. وفي بَعضِ المَسانيدِ أنَّ المُشاةَ شَكَوا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ المَشيِ في حَجَّةِ الوداعِ، فقال: «استَعينوا بالنَّسَلانِ» [648] أخرجه ابن خزيمة (2537)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8102)، والحاكم  (1639) باختلاف يسير من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما؛ ولفظ ابن خزيمة: ((شَكا ناسٌ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ المشيَ فَدعا بِهِم، وقالَ: عليكم بالنَّسلانُ، فنسَلنا فَوجدناهُ أخفَّ علَينا)). صححه ابن خزيمة، والحاكم على شرط مسلم، والألباني على شرط مسلم في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (465)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((زاد المعاد)) (1/162). وروي بلفظ: عن جابر: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خرَج عامَ الفتحِ إلى مكَّةَ في رمضانَ حتَّى بلَغ كُراعَ الغَميمِ قال: فصام النَّاسُ وهم مُشاةٌ ورُكبانٌ فقيل له: إنَّ النَّاسَ قد شقَّ عليهم الصَّومُ إنَّما ينتظِرونَ ما تفعَلُ فدعا بقَدَحٍ فرفَعه إلى فيه حتَّى نظَر النَّاسُ ثمَّ شرِب فأفطَر بعضُ النَّاسِ وصام بعضٌ فقيل للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ بعضَهم صام فقال: أولئكَ العصاةُ واجتمَع المُشاةُ مِن أصحابِه فقالوا: نتعرَّضُ لدعَواتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد اشتَدَّ السَّفرُ وطالتِ المشقَّةُ فقال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: استعينوا بالنَّسلِ فإنَّهن يقطَعُ عَلَمَ الأرضِ وتخِفُّون له قال: ففعَلْنا فخفَفْنا له). أخرجه أبو يعلى (1880)، وابن حبان (2706) واللفظ له. صحَّح إسنادَه على شرطِ مسلمٍ الألبانيُّ في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/152)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (2706). .
والسَّابعُ: الخَوزَلى، وهيَ مِشيةُ التَّمايُلِ، وهيَ مِشيةٌ يُقالُ: إنَّ فيها تَكَسُّرًا وتَخَنُّثًا.
والثَّامِنُ: القَهقَرى، وهيَ المِشيةُ إلى وراءٍ.
والتَّاسِعُ: الجَمَزى، وهيَ مِشيةٌ يَثِبُ فيها الماشي وَثبًا.
والعاشِرُ: مِشيةُ التَّبَختُرِ، وهيَ مِشيةُ أُولي العُجبِ والتَّكَبُّرِ، وهيَ التي خَسَف اللهُ سُبحانَه بصاحِبِها لمَّا نَظرَ في عِطفَيه وأعجَبَته نَفسُه، فهو يَتَجَلجَلُ في الأرضِ إلى يَومِ القيامةِ [649] لفظُه: عن أبي هُريرةَ؛ أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((بينَما رجلٌ يَتبَخْترُ، يَمشي في بُردَيْه، قد أعجبَتْه نفسُه، فخسَف الله به الأرضَ، فهو يتجَلْجَلُ فيها إلى يومِ القِيامةِ)). أخرجه مسلمٌ (2088). .
وأعدَلُ هذه المِشياتِ مِشيةُ الهَونِ والتَّكَفُّؤِ) [650] ((زاد المعاد)) (1/ 161، 162). .
وَقفةٌ مَعَ قَولِه تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31] .
قال ابنُ كَثيرٍ: (قال العُلَماءُ: ويُستَحَبُّ أن تَمشيَ المَرأةُ إلى جانِبِ الطَّريقِ... ويُستَحَبُّ لهنَّ أن تَكونَ الجَلابيبُ -وهيَ الأزُرُ- غِلاظًا؛ لئَلَّا يَظهَرُ ما تَحتَها للنَّظَرِ.
ولا تَتَحَيَّلْ في إظهارِ زينَتِها، كما قال اللهُ تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31] ؛ وذلك أنَّهنَّ كُنَّ يَلبَسنَ الخَلاخيلَ في أرجُلِهنَّ كَما تَفعَلُه نِساءُ العَرَبِ وبلادُ حَورانَ وغَيرِها. فكانتِ المَرأةُ إذا أرادَت أن يُعلَمَ أنَّ في رِجلِها خَلخالًا ضَرَبَت برِجلِها ليُسمَعَ صَوتُ الخَلاخيلِ، فنُهِينَ عن ذلك مُطلَقًا) [651] ((الآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام)) (ص: 40، 41). .
وقال أبو إسحاقَ الزَّجَّاجُ: (قَولُه تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31] ، كانتِ المَرأةُ رُبَّما اجتازَت وفي رِجلِها الخَلخالُ، ورُبَّما كان فيها الخَلاخِلُ فإذا ضَرَبَت برِجلِها عُلمَ أنَّها ذاتُ خَلخالٍ وزينةٍ، وهذا يُحَرِّكُ مِنَ الشَّهوةِ، فنُهيَ عنه، كَما أُمِرنَ ألَّا يُبدينَ؛ لأنَّ استِماعَ صَوتِه بمَنزِلةِ إبدائِه) [652] ((معاني القرآن وإعرابه)) (4/ 40). وقال ابنُ عاشورٍ في تَفسيرِ الآيةِ الكَريمةِ: (وهذا يَقتَضي النَّهيَ عن كُلِّ ما مِن شَأنِه أن يُذَكِّرَ الرَّجُلَ بلَهوِ النِّساءِ، ويُثيرَ مِنه إليهنَّ مِن كُلِّ ما يُرى أو يُسمَعُ مِن زينةٍ أو حَرَكةٍ، كالتَّثَنِّي والغِناءِ وكَلِمِ الغَزَلِ، ومِن ذلك رَقصُ النِّساءِ في مَجالِسِ الرِّجالِ، ومِن ذلك التَّلطُّخُ بالطِّيبِ الذي يَغلِبُ عبيقُه. وقد أومَأ إلى عِلَّةِ ذلك قَولُه تعالى: لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ). ((التحرير والتنوير)) (18/ 213، 214). .


انظر أيضا: