موسوعة الآداب الشرعية

رابعَ عَشَرَ: عَدَمُ النُّزولِ والنَّومِ على الطَّريقِ


يَنبَغي إذا أرادَ النُّزولَ للرَّاحةِ أوِ النَّومِ أن يجتَنِبَ الطَّريقَ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا سافرتُم في الخِصبِ فأعطُوا الإبِلَ حَظَّها مِنَ الأرضِ، وإذا سافرتُم في السَّنةِ فأسرِعوا عليها السَّيرَ، وإذا عَرَّستُم [876] التَّعريس: نُزولُ المُسافِرِ آخِرَ اللَّيلِ ساعةً للاستِراحةِ. ((جامع الأصول)) لابن الأثير (5/ 19). باللَّيلِ فاجتَنِبوا الطَّريقَ؛ فإنَّها مَأوى الهَوامِّ باللَّيلِ)) [877] أخرجه مسلم (1926). .
وفي رِوايةٍ: ((إذا سافَرتُم في الخِصبِ فأعطُوا الإبِلَ حَظَّها مِنَ الأرضِ، وإذا سافَرتُم في السَّنةِ فبادِروا بها نِقْيَها [878] النِّقْيُ: مُخُّ العِظامِ. ((جامع الأصول)) لابن الأثير (5/ 19). ، وإذا عَرَّستُم فاجتَنِبوا الطَّريقَ؛ فإنَّها طُرُقُ الدَّوابِّ، ومَأوى الهَوامِّ باللَّيلِ)) [879] أخرجها مسلم (1926). .
قال النَّوويُّ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وإذا عَرَّستُم فاجتَنِبوا الطَّريقَ؛ فإنَّها طُرُقُ الدَّوابِّ، ومَأوى الهَوامِّ باللَّيلِ» قال أهلُ اللُّغةِ: التَّعريسُ: النُّزولُ في أواخِرِ اللَّيلِ للنَّومِ والرَّاحةِ ... وهذا أدَبٌ مِن آدابِ السَّيرِ والنُّزولِ، أرشَدَ إليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ الحَشَراتِ ودَوابَّ الأرضِ مِن ذَواتِ السُّمومِ والسِّباعَ تَمشي في اللَّيلِ على الطُّرُقِ لسُهولتِها، ولأنَّها تَلتَقِطُ مِنها ما يَسقُطُ مِن مَأكولٍ ونَحوِه، وما تَجِدُ فيها مِن رمَّةٍ ونَحوِها، فإذا عَرَّس الإنسانُ في الطَّريقِ رُبَّما مَرَّ به مِنها ما يُؤذيه؛ فيَنبَغي أن يَتَباعَدَ عنِ الطَّريقِ) [880] ((شرح مسلم)) (13/ 69). .
وقال ابنُ العَرَبيِّ: (ذَكَرَ النَّهيَ عنِ التَّعريسِ في الطَّريقِ، فإنَّ فيه مَضَرَّةَ الآدَميِّ ومَضَرَّةَ الحَيَواناتِ؛ فإنَّها سَبيلُ الكُلِّ) [881] ((القبس)) (ص: 1160). .
2- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا سِرتُم في أرضٍ خِصبةٍ فأعطوا الدَّوابَّ حَقَّها أو حَظَّها، وإذا سِرتُم في أرضٍ جَدبةٍ فانجوا عليهم، وعليكُم بالدُّلجةِ [882] قال الخَطَّابيُّ: (الدُّلجةُ: سَيرُ اللَّيلِ، إلَّا أنَّهم قالوا: أدلَجَ اللَّيلَ: إذا سارَ أوَّلَ اللَّيلِ، وادَّلجَ: إذا سارَ آخِرَه). ((أعلام الحديث)) (1/ 171). ؛ فإنَّ الأرضَ تُطوى باللَّيلِ، وإذا عَرَّستُم فلا تُعَرِّسوا على قارِعةِ الطَّريقِ؛ فإنَّها مَأوى كُلِّ دابَّةٍ)) [883] أخرجه البزار (6521) واللفظ له، والمخلص في ((المخلصيات)) (2764)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (2118). صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح الجامِعِ)) (599). وقَوله: "عَليكُم بالدُّلجةِ؛ فإنَّ الأرضَ تُطوى باللَّيلِ" أخرجه أبو داود (2571)، وابن خزيمة (2555)، والحاكم (2535). صَحَّحه ابنُ خُزَيمة، والألباني في ((صحيح أبي داود)) (2571)، وصَحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2571). .
قال المُناويُّ: (إذا سِرتُم في أرضٍ خِصبةٍ فأعطوا الدَّوابَّ حَظَّها مِن نَباتِ الأرضِ، وحَظُّها الرَّعيُ مِنه، وإذا سِرتُم في أرضٍ مُجدِبةٍ ولم يكُنْ مَعَكُم ولا في الطَّريقِ عَلفٌ «فانجوا عليها» أي: أسرِعوا عليها السَّيرَ لتُبَلِّغَكُمُ المَنزِلَ قَبلَ أن تَضعُفَ، «وإذا عَرَّستُم» أي: نَزَلتُم آخِرَ اللَّيلِ «فلا تُعَرِّسوا على قارِعةِ الطَّريقِ» أي: أعلاها أو وسَطِها «فإنَّها مَأوى كُلِّ دابَّةٍ» أي: مَحَلُّها الذي تَأوي إليه ليلًا) [884] ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) (1/ 105). .

انظر أيضا: