موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: البَدءُ بالأقرَبِ فالأقرَبِ


يُبدَأُ في صِلةِ الرَّحِمِ بالأقرَبِ فالأقرَبِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ المِقدامِ بنِ مَعدِيكَرِبَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللَّهَ يوصيكُم بأمَّهاتِكُم -ثَلاثًا-، إنَّ اللَّهَ يوصيكُم بآبائِكُم، إنَّ اللَّهَ يوصيكُم بالأقرَبِ فالأقرَبِ)) [1251] أخرجه ابن ماجه (3661) واللفظ له، وأحمد (17187). حَسَّن إسناده ابن حجر في ((التخليص الحبير)) (4/1304)، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (7/136)، والصنعاني في ((التنوير)) (3/426)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17187) .
2- عن بَهزِ بنِ حَكيمٍ قال: حَدَّثَني أبي، عن جَدِّي رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، مَن أَبَرُّ؟ قال: أمَّك، قال: قُلتُ: ثُمَّ مَن؟ قال: أمَّك، قال: قُلتُ: ثُمَّ مَن؟ قال: أمَّك، قال: قُلتُ: ثُمَّ مَن؟ قال: ثُمَّ أباك، ثُمَّ الأقرَبَ فالأقرَبَ)) [1252] أخرجه من طرق أبو داود (5139)، والترمذي (1897) واللفظ له، وأحمد (20048). صحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (20048)، وحَسَّنه الترمذي، وابن عساكر في ((معجم الشيوخ)) (2/1217)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1897). .
3- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قال رَجُلٌ: يا رَسولَ اللهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ الصُّحبةِ؟ قال: أمُّك، ثُمَّ أمُّك، ثُمَّ أمُّك، ثُمَّ أبوك، ثُمَّ أدناك أدناك)) [1253] أخرجه مسلم (2548). .
4- عن طارِقِ بنِ عَبدِ اللَّهِ المُحارِبيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَدُ المُعطي العُليا، وابدَأْ بمَن تَعولُ: أمَّك وأباك، وأختَك وأخاك، وأدناك أدناك)) [1254] أخرجه النسائي (2532) واللفظ له، وابن حبان (3341)، والحاكم (4271). صَحَّحه ابن حبان، والدارقطني كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (342)، وابن حزم في ((المحلى)) (10/105)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (2532)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1/441). .
5- عن أبي رِمثةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يَخطُبُ ويَقولُ: يَدُ المُعطي العُليا، أمَّك وأباك، وأختَك وأخاك، ثم أدناك أدناك)) [1255] أخرجه أحمد (17495) واللفظ له، والطبراني (22/283) (725)، والحاكم (7451). صحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (8067)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17495) .
قَولُه: ((أُمَّك وأباك...)) مَفعولٌ لفِعلٍ مَحذوفٍ تَقديرُه: أعطِ أُمَّك وأباك إلخ، أي: قَدِّمْهما في العَطيَّةِ على غَيرِهما، وكَذا ما بَعدَه على هذا التَّرتيبِ. وقَولُه: ((ثُمَّ أدناك أدناك)) أي: الأقرَبَ فالأقرَبَ [1256] يُنظر: ((الفتح الرباني)) للساعاتي (9/ 104). .
6- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِي اللهُ عنهما قال: ((أعتَق رجُلٌ مِن بَني عُذرةَ عَبدًا له عن دُبُرٍ [1257] مَعنى: أعتَقَه عن دُبُرٍ: أي: دُبُرَه، فقال له: أنتَ حُرٌّ بَعدَ مَوتي، وسُمِّيَ هذا تَدبيرًا؛ لأنَّه يَحصُلُ العِتقُ فيه في دُبُرِ الحياةِ. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (11/ 141). ، فبلَغ ذلك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ألك مالٌ غَيرُه؟ فقال: لا، فقال: مَن يشتريه منِّي؟ فاشتراه نُعَيمُ بنُ عبدِ اللهِ العَدَويُّ بثمانِمائةِ دِرهَمٍ، فجاء بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدفَعها إليه، ثُمَّ قال: ابدأْ بنَفسِك فتصدَّقْ عليها، فإن فضَل شيءٌ فلأهلِك، فإن فضَل عن أهلِك شيءٌ فلذي قَرابتِك، فإنْ فضَل عن ذي قرابتِك شيءٌ فهكذا وهكذا، يقولُ: فبَينَ يدَيك، وعن يمينِك، وعن شِمالِك)) [1258] أخرجه مسلم (997). .
فائدةٌ:
قال النَّوويُّ: (قال أصحابُنا: يُستَحَبُّ أن تُقَدَّمَ في البِرِّ الأمُّ، ثُمَّ الأبُ، ثُمَّ الأولادُ، ثُمَّ الأجدادُ والجَدَّاتُ، ثُمَّ الإخوةُ والأخَواتُ، ثُمَّ سائِرُ المَحارِمِ مِن ذَوي الأرحامِ، كالأعمامِ والعَمَّاتِ والأخوالِ والخالاتِ، ويُقَدَّمُ الأقرَبُ فالأقرَبُ، ويُقَدَّمُ مَن أَدلى بأبَوينِ على مَن أدلى بأحَدِهما، ثُمَّ بذي الرَّحِمِ غيرِ المَحرَمِ، كابنِ العَمِّ وبنتِه، وأولادِ الأخوالِ والخالاتِ وغيرِهم، ثُمَّ بالمُصاهَرةِ، ثُمَّ بالمولى مِن أعلى وأسفلَ، ثُمَّ الجارِ، ويُقَدَّمُ القَريبُ البَعيدُ الدَّارِ على الجارِ، وكذا لو كان القَريبُ في بَلدٍ آخَرَ قُدِّمَ على الجارِ الأجنَبيِّ، وألحَقوا الزَّوجَ والزَّوجةَ بالمَحارِمِ. واللهُ أعلمُ) [1259] ((شرح مسلم)) (16/ 103). .

انظر أيضا: