موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: اجتنابُ القَزَعِ


يُكرَهُ [1122] ما لم يكُنْ فيه تشَبُّهٌ بالكُفَّارِ فيَحرُمُ. قال ابنُ عُثَيمين: (والقَزَعُ مَكروهٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَأى غُلامًا حَلقَ بَعضَ شَعرِه وتَرَكَ بَعضَه، فنَهاهم عن ذلك. وقال: احلِقوا كُلَّه أوِ اترُكْه كُلَّه، إلَّا إذا كان فيه تَشَبُّهٌ بالكُفَّارِ فهو مُحَرَّمٌ؛ لأنَّ التَّشَبُّهَ بالكُفَّارِ مُحَرَّمٌ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن تشَبَّه بقَومٍ فهو مِنه). ((الشرح الممتع)) (1/ 167). وقال ابنُ القيِّمِ عن حلقِ الرَّأسِ: (وأمَّا حَلقُ بعضِه وتركُ بعضِه فهو مراتِبُ: أشدُّها أن يحلِقَ وَسَطَه ويترُكَ جوانِبَه، كما تَفعلُ شَمامِسَةُ النَّصارى، ويَليه أن يحلِقَ جوانِبَه ويدَعَ وَسَطَه كما يفعلُ كثيرٌ مِنَ السِّفلةِ وأسقاطِ النَّاسِ، ويَلِيه أن يحلِقَ مُقَدَّمَ رأسِه ويترُكَ مُؤَخَّرَه. وهذه الصُّوَرُ الثَّلاثُ داخِلةٌ في القَزَعِ الذي نهَى عنه رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وبعضُها أقبحُ مِن بعضٍ). ((أحكام أهل الذمة)) (3/1294). حَلْقُ بعضِ الرَّأسِ وتركُ بعضِه [1123] وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ. يُنظر: ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (6/407)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/306)، ((المجموع)) للنووي (1/295)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/41). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضِي اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن القَزَعِ)). قال: قلتُ لنافعٍ: وما القَزَعُ؟ قال: يُحلَقُ بَعضُ رأسِ الصَّبيِّ [1124] قال القاسِمُ بنُ سلامٍ: (القَزَعُ: هو أن يُحلَقَ رأسُ الصَّبيِّ وتُترَكَ منه مواضِعُ فيها الشَّعرُ، وكذلك كُلُّ شيءٍ يكونُ قِطَعًا متفَرِّقةً، فهو قَزَعٌ، ومنه قيل لقِطَعِ السَّحابِ في السَّماءِ: قَزَعٌ). ((غريب الحديث)) (1/ 234، 235). ويُنظر منه: (4/ 331). وقال الحكيمُ التِّرمِذيُّ: (القَزَعُ: أن يُحلَقَ وَسَطُ رأسِ الصَّبيِّ ويُترَكَ ما حولَه، وكان هذا فِعلَ القِسِّيسينَ، وهم ضَربٌ من النَّصارى). ((نوادر الأصول)) (1/ 82).  قال ابنُ حجرٍ: (قال النَّوَويُّ: الأصحُّ أنَّ القَزَعَ ما فسَّره به نافعٌ، وهو حَلقُ بعضِ رأسِ الصَّبيِّ مطلقًا، ومنهم مَن قال: هو حَلقُ مواضعَ متفرِّقةٍ منه، والصَّحيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّه تفسيرُ الرَّاوي، وهو غيرُ مخالفٍ للظَّاهرِ، فوجَب العَمَلُ به. قلتُ: إلَّا أنَّ تخصيصَه بالصَّبيِّ ليس قيدًا... ولا فرقَ بينَ الرَّجلِ والمرأةِ). ((فتح الباري)) (10/365). ، ويُترَكُ بَعضٌ [1125] أخرجه البخاري (5920)، ومسلم (2120) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن القَزَعِ، والنَّهيُ مَحمولٌ على الكراهةِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1126] قال النَّوَويُّ: (أجمع العُلَماءُ على كراهةِ القَزَعِ إذا كان في مواضِعَ متفَرِّقةٍ، إلَّا أن يكونَ لمداواةٍ ونَحوِها، وهي كراهةُ تَنزيهٍ). ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/101). وقال الطِّيبيُّ: (وأجمعوا على كراهةِ القَزَعِ إذا كان في مواضِعَ مُتفَرِّقةٍ، إلَّا أن يكونَ لمداواةٍ، وهي كراهةُ تنزيهٍ). ((شرح المشكاة)) (9/2925). وقال المرداويُّ: (قولُه: «ويُكرَهُ القَزَعُ» بلا نزاعٍ). ((الإنصاف)) (1/100). .

انظر أيضا: