موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: تَعلُّمُ ما يَحتاجُ إليه في سَفَرِه


إذا أرادَ سَفَرًا لحَجٍّ أو عُمرةٍ لزِمَه تَعَلُّمُ كَيفيَّتِهما؛ إذ لا تَصِحُّ العِبادةُ مِمَّن لا يَعرِفُها، ويَتَعَلَّمُ المُسافِرُ لتِجارةٍ ما يَحتاجُ إليه مِنَ البُيوعِ، وما يَصِحُّ وما يَبطُلُ، وما يَحِلُّ ويَحرُمُ، وكذا يَصنَعُ المُسافِرُ لصَيدٍ ورَعيٍ ونَحوِهما [1905] قال النَّوويُّ: (إذا استَقَرَّ عَزمُه على السَّفَرِ فليَجتَهِدْ... على تَعَلُّمِ ما يَحتاجُ إليه في سَفَرِه). ((الأذكار)) (ص: 215). وقال النَّوويُّ أيضًا: (إذا أرادَ سَفَرَ حَجٍّ أو غَزوٍ لزِمَه تَعَلُّمُ كَيفيَّتِهما؛ إذ لا تَصِحُّ العِبادةُ مِمَّن لا يَعرِفُها، ويُستَحَبُّ لمُريدِ الحَجِّ أن يَستَصحِبَ مَعَه كِتابًا واضِحًا في المَناسِكِ جامِعًا لمَقاصِدِها، ويُديمَ مُطالعَتَه ويُكَرِّرَها في جَميعِ طَريقِه؛ لتَصيرَ مُحَقَّقةً عِندَه، ومَن أخَلَّ بهذا مِنَ العَوامِّ يُخافُ ألَّا يَصِحَّ حَجُّه لإخلالِه بشَرطٍ مِن شُروطِ أركانِه ونَحوِ ذلك، ورُبَّما قَلَّدَ بَعضُهم بَعضَ عَوامِّ مَكَّةَ، وتَوهَّمَ أنَّهم يَعرِفونَ المَناسِكَ مُحَقَّقةً، فاغتَرَّ بهم، وذلك خَطَأٌ فاحِشٌ، وكَذا الغازي وغَيرُه يُستَحَبُّ أن يَستَصحِبَ مَعَه كِتابًا مُعتَمَدًا مُشتَمِلًا على ما يَحتاجُ إليه، ويَتَعَلَّمُ الغازي ما يَحتاجُ إليه مِن أُمورِ القِتالِ وأذكارِه، وتَحريمِ الهَزيمةِ وتَحريمِ الغُلولِ والغَدرِ وقَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ، ومَن أظهَرَ لفظَ الإسلامِ وأشباهَ ذلك، ويَتَعَلَّمُ المُسافِرُ لتِجارةٍ ما يَحتاجُ إليه مِنَ البُيوعِ، وما يَصِحُّ وما يَبطُلُ، وما يَحِلُّ ويَحرُمُ، ويُستَحَبُّ ويُكرَهُ، وما هو راجِحٌ على غَيرِه، وإن كان مُتَعَبِّدًا سائِحًا مُعتَزِلًا للنَّاسِ تَعَلَّم ما يَحتاجُ إليه مِن أُمورِ دينِه، وإن كان مِمَّن يَصيدُ تَعَلَّم ما يَحتاجُ إليه أهلُ الصَّيدِ، وما يُباحُ مِنه وما يَحرُمُ، وما يُباحُ به الصَّيدُ، وشَرطَ الزَّكاةِ وما يَكفي فيه قَتلُ الكَلبِ والسَّهمِ ونَحوِهما، وإن كان راعيًا تَعَلَّم ما يَحتاجُ إليه، وهو ما ذَكَرناه في حَقِّ المُعتَزِلِ، مَعَ كَيفيَّةِ الرِّفقِ بالدَّوابِّ ورمحِها، وإن كان رَسولًا إلى سُلطانٍ ونَحوِه تَعَلَّم آدابَ المُخاطَباتِ الكِبارِ، وجَوابَ ما يَعرِضُ، وما يَحِلُّ مِن ضيافاتِهم وهَداياهم، وما يَجِبُ مُراعاتُه مِنَ النُّصحِ وتَحريمِ الغَدرِ ومَقامِه ونَحوِ ذلك، وإن كان وكيلًا أو عامِلَ قِراضٍ تَعَلَّم ما يُباحُ له مِنَ السَّفَرِ والتَّصَرُّفِ، وما يَحتاجُ إلى الإشهادِ فيه، وعلى كُلِّ المَذكورينَ تَعلُّمُ الحالِ التي يَجوزُ فيها رُكوبُ البَحرِ والتي لا يَجوزُ إن أرادوا رُكوبَه). ((المجموع)) (4/ 386). ويُنظر: ((الأذكار)) (ص: 215). ، وكذا يَتَعَلَّمُ ما يَتَعَلَّقُ بصَلاةِ المُسافِرِ وصَومِه، وغَيرِ ذلك مِن فِقهِ السَّفَرِ وأحكامِه.

انظر أيضا: