موسوعة الآداب الشرعية

عاشرًا: طَلَبُ الوَصيَّةِ مِن أهلِ الخَيرِ ودُعاء المُقيمِ للمُسافِرِ


يُستَحَبُّ لمَن أرادَ أن يُسافِرَ أن يَطلُبَ الوصيَّةَ مِن أهلِ الخَيرِ، ويُستَحَبُّ أن يَدعوَ المُقيمُ له.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَجُلًا قال: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُريدُ أن أُسافِرَ فأوصِني، قال: عليك بتَقوى اللهِ، والتَّكبيرِ على كُلِّ شَرَفٍ [1908] الشَّرَفُ: ما ارتفَعَ من الأرضِ. ((جامع الأصول)) لابن الأثير (4/ 281). . فلمَّا أن ولَّى الرَّجُلُ قال: اللهُمَّ اطوِ له الأرضَ [1909] اطوِ: أي: قَرِّبْ، ووقَعَ في بَعضِ الرِّواياتِ: ((ازْوِ له الأرضَ))، أي: قَرِّبْ له البُعدَ وسَهِّلْ له السَّيرَ حتَّى لا يَطولَ. يُنظر: ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (5/ 122). ورِوايةُ: ((ازوِ له الأرضَ)) أخرجها أحمَد (8310)، وابن خُزَيمة (2561)، وابنُ حِبان (2692). حَسَّنها البَغوي في ((شرح السنة)) (3/134)، وحَسَّن إسنادَها الألبانيُّ في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (4/308)، وشُعَيب الأرناؤوط في تَخريج ((مسند أحمد)) (8310). وقد ذَهَبَ إلى تَصحيحِها ابنُ خُزَيمة، وابنُ حبان، والحاكِم على شَرط مُسلمٍ في ((المستدرك)) (2516). ، وهَوِّنْ عليه السَّفَرَ)) [1910] أخرجه الترمذي (3445) واللفظ له، وابن ماجه (2771)، وأحمد (8310). حسنه الترمذي، والبغوي في ((شرح السنة)) (3/134)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3445). ذهب إلى تصحيحه ابنُ خزيمة في ((الصحيح)) (4/252)، وابن حبان في ((صحيحه)) (2692)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (2516) .
وفي رِوايةٍ: ((أنَّ رَجُلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ سَفرًا ليودِّعَه، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوصيك بتَقوى اللهِ، والتَّكبيرِ على كُلِّ شَرَفٍ، فلمَّا ولَّى قال: اللهُمَّ اطوِ له البَعيدَ، وهَوِّنْ عليه السَّفَرَ)) [1911] أخرجها أحمد (8385). حَسَّن إسنادَها شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (8385). .
2- عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُريدُ سَفَرًا فزَوِّدْني. قال: زَوَّدَك اللهُ التَّقوى، قال: زِدْني، قال: وغَفرَ ذَنبَك، قال: زِدْني بأبي أنتَ وأُمِّي! قال: ويَسَّر لك الخَيرَ حَيثُما كُنتَ)) [1912] أخرجه الترمذي (3444)، وابن خزيمة (2532)، والحاكم (2512). حَسَّنه ابنُ القطان في ((الوهم والإيهام)) (3/615)، وابن حجر كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (5/120)، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3444): حسن صحيح. وذهب إلى تصحيحه ابنُ خزيمة. .
3- عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لمَّا بَعَثَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى اليَمَنِ خَرَجَ مَعَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يوصيه، ومُعاذٌ راكِبٌ ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمشي تَحتَ راحِلتِه، فلمَّا فرَغَ قال: يا مُعاذُ، إنَّك عَسى ألَّا تَلقاني بَعدَ عامي هذا، ولعَلَّك أن تَمُرَّ بمَسجِدي هذا وقَبري! فبَكى مُعاذٌ جَشَعًا [1913] أي: جَزَعًا لفِراقِه. يُنظر: ((الغريبين في القرآن والحديث)) للهروي (1/ 342، 343). لفِراقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ التَفَتَ فأقبَل بوَجهِه نَحوَ المَدينةِ، فقال: إنَّ أولى النَّاسِ بي المُتَّقونَ مَن كانوا وحَيثُ كانوا)) [1914] أخرجه أحمد (22052) واللَّفظُ له، وابن حبان (647)، والطبراني (20/121) (242). صَحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (2012)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/170)، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22052). .
فائِدةٌ:
عن عليِّ بنِ المَدينيِّ، قال: (قال لي أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ: إنِّي لأُحِبُّ أن أصحَبَك إلى مَكَّةَ، وما يَمنَعُني مِن ذاكَ إلَّا أنِّي أخافُ أن أملَّكَ أو تَمَلَّني. قال: فلمَّا ودَّعتُه قُلتُ له: يا أبا عَبدِ اللهِ، توصيني بشَيءٍ؟ قال: نَعَم، ألزِمِ التَّقوى قَلبَك، وانصِبِ الآخِرةَ أمامَك) [1915] أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (9/173)، والبيهقي في ((الزهد الكبير)) (897). .
وعن عبدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الباهِليِّ، قال: (جاءَ رَجُلٌ إلى الثَّوريِّ، فقال: إنِّي أُريدُ الحَجَّ، فقال: لا تَصحَبْ مَن يَكرُمُ عليك؛ فإن ساوَيتَه في النَّفَقةِ أضَرَّ بك، وإن تَفضَّل عليك استَذَلَّك) [1916] أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/79). وروى الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (883) عن الحَسَنِ، قال: (لا تَصحَبنَّ رَجُلًا يَكرُمُ عَليك، فيَفسُدَ ما بَينَك وبَينَه، يَعني: في السَّفَرِ). .

انظر أيضا: