موسوعة الآداب الشرعية

خمسٌ وعشرون: الذِّكرُ عِندَ الرُّجوعِ


يُستَحَبُّ أن يَقولَ في رُجوعِه مِنَ السَّفَرِ ما ثَبَتَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَقولُه، ويَفعَلَ ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَفعَلُه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا قَفَل مِن غَزوٍ أو حَجٍّ أو عُمرةٍ [2046] بوَّب البخاريُّ على هذا الحَديثِ في "صحيحِه": (بابُ ما يَقولُ إذا رَجَعَ مِنَ الحَجِّ أوِ العُمرةِ أوِ الغَزوِ). ((صحيح البخاري)) (3/ 7). قال ابنُ حَجَرٍ: (ظاهِرُه اختِصاصُ ذلك بهذه الأُمورِ الثَّلاثِ، وليسَ الحُكمُ كذلك عِندَ الجُمهورِ، بَل يُشرَعُ قَولُ ذلك في كُلِّ سَفَرٍ إذا كان سَفَرَ طاعةٍ، كصِلةِ الرَّحِمِ، وطَلَبِ العِلمِ؛ لِما يَشمَلُ الجَميعَ مِنِ اسمِ الطَّاعةِ). ((فتح الباري)) (11/ 189). يُكَبِّرُ على كُلِّ شَرَفٍ [2047] الشَّرَفُ: ما ارتَفَع من الأرضِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (4/ 281). مِنَ الأرضِ ثَلاثَ تَكبيراتٍ، ثُمَّ يَقولُ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وَحدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ وله الحَمدُ، وهو على كُلِّ شَيءٍ قديرٌ، آيِبونَ تائِبونَ عابدونَ ساجِدونَ لرَبِّنا حامِدونَ، صَدَقَ اللهُ وَعدَه، ونَصَر عَبدَه، وهَزَمَ الأحزابَ وَحدَه)) [2048] أخرجه البخاري (1797) واللفظ له، ومسلم (1344). .
وفي رِوايةٍ عن سالِمِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قَفَل مِنَ الحَجِّ أوِ العُمرةِ -ولا أعلَمُه إلَّا قال: الغَزوِ- يَقولُ كُلَّما أوفى على ثَنيَّةٍ أو فَدفَدٍ [2049] أوفى: ارتَفعَ وعَلا. والفَدفَدُ: المَكانُ المُرتَفِعُ فيه صَلابةٌ، وقيل غَيرُ ذلك، والثَّنيَّةُ: أعلى مَسيلٍ في رَأسِ الجَبَلِ. يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (5/ 153)، ((إكمال المعلم)) لعياض (4/ 454)، ((شرح مسلم)) للنووي (9/ 113)، ((الأذكار)) للنووي (ص: 223). وقال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (أوفى: أقبَل وأطَلَّ، والثَّنيَّةُ: الهَضبةُ، وهيَ الكَومُ دونَ الجَبَلِ. والفَدفَدُ: ما غَلُظ مِنَ الأرضِ وارتَفعَ، وجَمعُه فدافِدُ). ((المفهم)) (3/ 456). ، كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قال: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ وله الحَمدُ وهو على كُلِّ شَيءٍ قديرٌ، آيِبونَ تائِبونَ عابدونَ ساجِدونَ، لرَبِّنا حامِدونَ، صَدَقَ اللهُ وَعدَه، ونَصَر عَبدَه، وهَزَمَ الأحزابَ وَحدَه)) [2050] أخرجها البخاري (2995). .
2- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أقبَلْنا مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -أنا وأبو طَلحةَ- وصَفيَّةُ رديفتُه [2051]الرَّديفُ والرِّدفُ: هو الرَّاكِبُ خَلفَ الرَّاكِبِ، يُقالُ مِنه: رَدِفَه يَردَفُه، بكَسرِ الدَّالِ في الماضي وفتحِها في المُضارِعِ: إذا رَكِبَ خَلفَه، وأردَفتُه أنا، وأصلُه مِن رُكوبِه على الرِّدفِ، وهو العَجُزُ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (1/ 259، 260)، ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (3/ 139)، ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (6/ 219). على ناقَتِه، حتَّى إذا كُنَّا بظَهرِ المَدينةِ [2052] بظَهرِ المَدينةِ: أي: بمَحَلٍّ تَظهَرُ فيه هيَ أو آثارُها، وهو الفضاءُ الذي عِندَها. يُنظر: ((التوضيح)) لابن الملقن (28/ 606)، ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (5/ 169). ، قال: آيِبونَ تائِبونَ عابدونَ لرَبِّنا حامِدونَ، فلم يَزَل يَقولُ ذلك حتَّى قَدِمنا المَدينةَ)) [2053] أخرجه البخاري (3085)، ومسلم (1345) واللَّفظُ له. .

انظر أيضا: