موسوعة الآداب الشرعية

أولًا: تَقديرُ الطَّبيبِ وإكرامُه


يَنبَغي للمَريضِ أن يَحتَرِمَ الطَّبيبَ ويُقَدِّرَه، ويَتَلطَّفَ مَعَه ويُكرِمَه.
فوائِدُ:
1- قال أبو بَكرٍ الرَّازيُّ: (يَنبَغي لمَن يَختَصُّ المُتَطَبِّبَ لنَفسِه مِنَ المُلوكِ والأكابِرِ والسُّوقةِ أن يُبالغَ في تَطييبِ قَلبِه بلطيفِ الكلامِ، وأن يَرفعَه فوقَ جَميعِ مَن في مَجلسِه مِن خَدَمِه وغيرِهم...
وقد كُنتُ ذاتَ يَومٍ في مَجلِسِ بَعضِ المُلوكِ، وكان له مُتَطَبِّبٌ اختَصَّه لنَفسِه، فدَخَل علينا المُتَطَبِّبُ، فغَلَّظ له المَلِكُ في القَولِ، وقال: دَعاك فلانٌ الحاجِبُ إلى دارِه فلم تُجِبْه! فقال المُتَطَبِّبُ: أيَّدَ اللهُ المَلِكَ، الأصِحَّاءُ يَحضُرونَ إلى الأطِبَّاءِ ولا يَستَحضِرونَهم إلَّا المَلِكَ!
فقال المَلِكُ: إنَّما كان ذلك قَبلَ أن تَوسَّمتَ بخِدمَتِنا.
فأجابَ المُتَطَبِّبُ بجَوابٍ أعجَبَ المَلِكَ والحاضِرينَ، فقال: أيَّدَ اللهُ المَلِكَ، ظَنَنتُ أنَّ خِدمَتَه تَزيدُ في الرِّفعةِ وعِظَمِ القَدرِ، لا في الضَّعةِ وخُمولِ الذِّكرِ!
ففهمَه المَلِكُ واعتَذَرَ إليه، وأكرَمَه وخَلَعَ عليه.
وأشفَقُ مَن حَولَ المَلكِ به طَبيبُه؛ فإنَّ كثيرًا مِن قَرابَتِه وخُدَّامِه يُسَرُّونَ بمَرَضِه ومَوتِه؛ طَمَعًا لوِراثةِ مالِه أو مُلكِه، والطَّبيبُ جادٌّ مُجِدٌّ في حِفظِ صِحَّتِه، مَسرورٌ بدَوامِ عافيَتِه، ولا شيءَ أنكرُ لقَلبِه مِن مَرَضِ مَخدومِه؛ فإنَّه يُريدُ أن يَدفعَ عَنه عِلَّتَه في أسرَعِ وقتٍ وأهونِ عِلاجٍ.
وإنَّ المَخدومَ إذا أحسَنَ إلى مَن يَختَصُّه لنَفسِه مِنَ المُتَطَبِّبينَ جَدَّ ذلك المُتَطَبِّبُ في حِفظِ صِحَّتِه، ومُداواةِ عِلَّتِه... ومِمَّا يُضرَبُ به المَثَلُ: عَمَلُه عَمَلُ مَن طَبَّ لمَن حَبَّ [2277] ومعناه مَن أحَبَّ فَطِنَ واحتال لمن يُحِبُّ، والطَّبُّ: الحِذْقُ. يُنظر: ((الأمثال)) للقاسم بن سلام (ص: 238)، ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (3/ 63)، ((جمهرة الأمثال)) للعسكري (1/ 91)، ((مجمع الأمثال)) للميداني (1/ 397). [2278] ((أخلاق الطبيب)) (ص: 31-35). .
2- قال بَعضُ الشُّعَراءِ:
إنَّ المُعَلِّمَ والطَّبيبَ كِلاهما
لا يَنصَحانِ إذا هما لم يُكرَما
فاصبِرْ لدائِك إن أهَنتَ طَبيبَه
واصبِرْ لجَهلِك إن جَفوتَ مُعَلِّمَا [2279] يُنظر: ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص: 164)، ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص: 67).

انظر أيضا: