موسوعة الآداب الشرعية

تاسعًا: الصَّدَقةُ عليه إذا احتاج


تجوزُ الصَّدقةُ على الكافِرِ ما عدا الحَربيَّ [2535] وهذا مذهَبُ الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ، واختاره الأذرَعيُّ والشربينيُّ من الشافعيَّةِ، واختاره ابنُ باز، وابنُ عُثيمين. يُنظر: ((تبيين الحقائق)) و((حاشية الشلبي)) (1/300), ((حاشية العدوي)) (2/265)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/121)، ((فتاوى نور على الدرب- الموقع الرسمي للشيخ ابن باز))، ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (اللقاء رقْم: 100، السؤال: 31). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال اللهُ تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّما يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ [الممتحنة: 8-9] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 دلَّتِ الآيةُ على جوازِ الصَّدقةِ على الكافِرِ بشرْطِ: ألَّا يكونَ مِمَّن يقاتلونَنا في دِينِنا، ولم يُخرِجونا مِن ديارِنا [2536] ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (اللقاء رقْم: 100، السؤال: 31). .
2- قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ في الدَّفعِ إلى الحربيِّ إعانةً له على الحَربِ مع المُسلمين، وهذا مِنَ الإثمِ والعُدوانِ الذي نُهينَا عنه [2537] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/104). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((سَألَتها امرَأةٌ يَهوديَّةٌ فأعطَتها، فقالت لها: أعاذَكِ اللَّهُ مِن عَذابِ القَبرِ، فأنكَرَت عائِشةُ ذلك، فلمَّا رَأتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت له، فقال: لا، قالت عائِشةُ: ثُمَّ قال لنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعدَ ذلك: إنَّه أُوحيَ إليَّ أنَّكُم تُفتَنونَ في قُبورِكُم)) [2538] أخرجه أحمد (26008). صَحَّحه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (26008)، وصَحَّحَ إسنادَه على شَرطِ الشَّيخَينِ ابنُ كَثير في ((تفسير القرآن)) (7/126). وأخرجه البخاري (1049)، ومسلم (903) بنحوِه دونَ ذِكرِ الإعطاءِ، ولفظُ البخاريِّ: عن عائِشةَ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ يَهوديَّةً جاءَت تَسألُها، فقالت: أعاذَكِ اللهُ مِن عَذابِ القَبرِ، فسَألت عائِشةُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُعَذَّبُ النَّاسُ في قُبورِهم؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: عائِذًا باللهِ مِن ذلك. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُنكِرْ على عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها إعطاءَها لليهوديَّةِ، ولو كان غيرَ جائزٍ لأنكَرَه؛ إذ تأخُّرُ البيانِ عَن وَقتِ الحاجةِ غَيرُ جائزٍ.
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ الواجِبَ مع الحربيِّ كَبْتُه وإضعافُه، لا مواساتُه وتقويَتُه بالصَّدقةِ [2539] ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة- المجموعة الأولى)) (11/424). .

انظر أيضا: