موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: الحَثوُ على الرَّأسِ ثلاثًا


يُستَحَبُّ أن يحثُوَ على رأسِه ثلاثًا في الغُسلِ [136] وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ، واختاره ابنُ حَزمٍ. يُنظر: ((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (1/14)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/137)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/227)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/152)، ((المحلى)) (1/275). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن مَيمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((أَدنيتُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجَنابةِ، فغسَل كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخل يدَه في الإناءِ، ثمَّ أفرغ به على فَرجِه وغَسَلَه بشِمالِه، ثمَّ ضرَبَ بشمالِه الأرضَ فدَلَكها دلكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وُضوءَه للصَّلاةِ، ثمَّ أفرغ على رأسِه ثلاثَ حَفَناتٍ مِلءَ كفِّه، ثمَّ غَسَل سائِرَ جسَدِه)) [137] أخرجه البخاري (265)، ومسلم (317) واللفظ له. .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها في صِفة غُسلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثمَّ يأخُذُ الماءَ فيُدخِلُ أصابِعَه في أصولِ الشَّعرِ، حتى إذا رأى أنْ قد استبرَأَ حفَن على رأسِه ثلاثَ حَفَناتٍ)) [138] أخرجه البخاري (248)، ومسلم (316) واللفظ له. .
3- عن جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمَّا أنا فأُفِيضُ على رأسي ثلاثًا، وأشارَ بيَدَيه كِلتَيهما)) [139] أخرجه البخاري (254) واللفظ له، ومسلم (327). .
4- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُفرِغُ على رأسِه ثلاثًا)) [140] أخرجه البخاري (255) واللفظ له، ومسلم (329). .
فائدةٌ:
لا يُستحَبُّ التَّثليثُ في إفاضةِ الماءِ على سائرِ الجَسَدِ عدَا الرَّأسَ [141] وهذا هو المشهورُ مِن مَذهَبِ المالكيَّةِ، وروايةٌ عن أحمدَ، واختاره ابنُ تيميَّةَ، وابنُ رَجَبٍ، والسِّعديُّ، وابنُ بازٍ. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/330)، ((الإنصاف)) للماوردي (1/185)، ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (20/369، 370)، ((فتح الباري)) (1/268)، ((إرشاد أولي البصائر والألباب)) للسعدي (ص: 17)، ((اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية وآراؤه في قضايا معاصرة- منقول من شرح الروض المربع)) لخالد آل حامد (1/248). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأُ بالمُدِّ، ويَغتسِلُ بالصَّاعِ إلى خَمسةِ أمدادٍ)) [142] أخرجه البخاري (201)، ومسلم (325) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّه لو كانت السُّنَّةُ في الغُسلِ غَسْلَ البَدَنِ ثلاثَ مرَّاتٍ لَما كفَى في ذلك الصَّاعُ [143] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (20/370). .
2- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((وَضَعتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماءً للغُسلِ، فغَسَل يديه مرَّتينِ -أو ثلاثًا- ثمَّ أفرغَ على شِمالِه فغسَلَ مذاكيرَه، ثمَّ مسَحَ يدَه بالأرضِ، ثمَّ مضمَضَ واستنشَقَ وغسَلَ وجهَه ويَدَيه، ثمَّ أفاض على جَسَدِه، ثمَّ تحوَّل مِن مكانِه، فغسَلَ قَدَميه)) [144] أخرجه البخاري (257) واللفظ له، ومسلم (317). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّ ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها روت صِفةَ غُسلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم تذكُرْ في غَسلِ شيءٍ من أعضائِه عدَدًا، إلَّا في غَسلِ يديه في ابتداءِ الغُسلِ -مع شكِّ الرَّاوي: هل كانَ غَسلُهما مرَّتين أو ثلاثًا؟- وأطلَقَت الغَسلَ في الباقي [145] ((فتح الباري)) لابن رجب (1/264). .
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا اغتَسَل من الجَنابةِ بدأ فغَسلَ يديه، ثمَّ يتوضَّأُ كما يتوضَّأُ للصَّلاةِ، ثمَّ يُدخِلُ أصابعَه في الماءِ، فيُخلِّلُ بها أصولَ شَعْرِه، ثمَّ يصبُّ على رأسِه ثلاثَ غُرَفٍ بيدَيه، ثمَّ يُفيضُ الماءَ على جِلدِه كُلِّه)) [146] أخرجه البخاري (248) واللفظ له، ومسلم (316). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها ذكرَت أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَصُبُّ على رأسِه ثلاثَ حَثَياتٍ، ولم تذكُرْ في غَسلِ شَيءٍ من أعضائِه الأخرى عَددًا.

انظر أيضا: