موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: جَعلُ المؤذِّنِ إِصبَعَيْه في أُذُنَيْه


يُستحَبُّ للمؤذِّنِ أن يَضَعَ إِصبعَيهِ في أُذُنيهِ [227] وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وقولُ ابنِ حَبيبٍ مِن المالكيَّةِ. يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/245)، ((المجموع)) للنووي (3/108)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/240)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/93). قال التِّرمذيُّ: (وعليه العملُ عندَ أهلِ العلمِ؛ يَستَحِبُّون أن يُدخِلَ المؤذِّنُ إِصبَعيه في أُذُنَيه في الأذانِ. وقال بعضُ أهلِ العلمِ: وفي الإقامةِ أيضًا يُدخِلُ إِصبَعيه في أُذنيه، وهو قولُ الأوزاعيِّ). ((سنن الترمذي)) (1/375). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [228] قال النَّوويُّ: (السُّنَّةُ أن يَجعَلَ إِصبَعيه في صِماخيْ أُذنيه؛ لِمَا ذكره المصنِّفُ، وهذا متَّفَقٌ عليه، ونقله المَحامِليُّ في "المجموع" عن عامَّةِ أهلِ العلمِ). ((المجموع)) (3/108). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
عن أبي جُحَيفةَ السُّوَائيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((رأيتُ بلالًا رَضِيَ اللهُ عنه يُؤذِّنُ ويَدورُ، ويُتبِعُ فاهُ هاهنا، وهاهنا، وإِصبَعاه في أُذُنَيهِ، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قُبَّةٍ له حَمْراءَ - أراه قال: مِن أَدَمٍ- فخرَج بلالٌ بيْن يديه بالعَنَزَةِ فرَكزَها بالبَطْحاءِ، فصلَّى إليها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمُرُّ بيْن يدَيه الكلبُ والحِمارُ، وعليه حُلَّةٌ حَمْراءُ، كأنِّي أنظُرُ إلى بريقِ ساقَيْه. قال سُفْيانُ: نراه حِبَرةً [229] حِبَرَة -بكسرِ الحاءِ، وفتحِ الباءِ-: حُلَّة فيها خُطوطٌ حُمْرٌ، وليست حمراءَ بحتًا. وهي ضربٌ مِن برودٍ مِن اليمنِ موشًّى مخطَّط. وقيل: الحُلَّةُ الحَمْراءُ بُردانِ يمانيَّان منسوجانِ بخطوطٍ حُمْرٍ مع الأسود. وقوله: (نراه حِبَرَةً): أي: نظنُّ أنَّ الحُلَّةَ الحمراءَ الَّتي كانتْ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم تكنْ حمراءَ بحتًا، بل كانتْ حِبَرةً، يعني: كانت فيها خطوطٌ حُمْرٌ. يُنظر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص: 370، 487)، ((تاج العروس)) للزَّبِيدي (10/507)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/132)، ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (1/503). ) [230] أخرجه الترمذي (197) واللفظ له، وابن ماجه (711)، وأحمد (18759). ووضع بلال أصبعيه في أذنه أخرجه البخاري معلقاً بصيغة التمريض قبل حديث (634). قال الترمذي: حسن صحيح. وذهب إلى تصحيحه ابن حبان في ((صحيحه)) (2334)، وابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/262)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (197). .
وأمَّا التَّعليلُ فللآتي:
1- أنَّه قد يكونُ أرفعَ للصَّوتِ، وهذا مقصودُ الأذانِ [231] ((فتح الباري)) لابن حجر (2/115)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/245). .
2- أنَّه علامةٌ للمؤذِّنِ؛ ليَعرِفَ مَن رآه على بُعدٍ أو كان به صمَمٌ أنَّه يُؤذِّنُ [232] ((فتح الباري)) لابن حجر (2/116). .

انظر أيضا: