موسوعة الآداب الشرعية

عاشرًا: الاسْتِدارةُ عندَ الحَيْعَلةِ


يُسَنُّ الالتفاتُ يمينًا وشمالًا عندَ الحَيْعَلتَينِ: (حَيَّ على الصَّلاة، حَيَّ على الفَلاح) [237] وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (1/387)، ((المجموع)) للنووي (3/106)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/239). قال النَّوويُّ: (مذهبُنا أنَّه يُستحَبُّ الالتفاتُ في الحَيْعَلةِ يمينًا وشمالًا، ولا يدورُ ولا يَستدبِرُ القِبلةَ، سواءٌ كان على الأرضِ، أو على مَنارةٍ. وبه قال النَّخَعيُّ، والثَّوْريُّ، والأوزاعيُّ، وأبو ثَورٍ، وهو روايةٌ عن أحمدَ). ((المجموع)) (3/107). واختلَف المعاصِرون مِن أهلِ العلمِ في حُكمِ الالتفاتِ أثناءَ الأذانِ إذا كان الأذانُ في مكبِّراتِ الصَّوتِ؛ فمِنهم مَن رأى أنَّه لا يُشرَعُ الالتفاتِ أثناءَ الأذانِ في مكبِّراتِ الصَّوتِ، وعلَّلوا ذلك بأنَّ مكبِّرَ الصَّوتِ موضوعٌ على المنارةِ في جهاتٍ مختلِفةٍ، فلا حاجةَ إلى الالتفاتِ، ولأنَّ الالتفاتَ يُضعِفُ الصَّوتَ. وممَّن ذهب إلى ذلك: ابنُ عُثيمين. يُنظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/176)، ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (6/2). ومِنهم مَن رأى أنَّ الالتفاتَ أثناءَ الأذانِ في مكبِّراتِ الصَّوتِ مَسنونٌ؛ قالوا: لأنَّ الأَولى المحافظةُ على هذه السُّنَّةِ، ولا دليلَ على أنَّ القصدَ مِن الالتفافِ هو التَّبليغُ فقط، فرُبَّما تُوجَدُ مَقاصِدُ أخرى تخفى علينا. وممَّن ذهب إلى هذا القولِ: الألبانيُّ. يُنظر: ((الأجوبة النافعة)) (ص: 36). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي جُحَيْفةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بمَكَّةَ ... فَتَوَضَّأَ وأَذَّنَ بلَالٌ، قالَ: فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وهَا هُنَا يقولُ: يَمِينًا وشِمَالًا يقولُ: حَيَّ علَى الصَّلَاةِ حَيَّ علَى الفلاحِ [238] قال ابنُ عُثَيمين: (ومِن فوائِدِ هذا الحَديثِ: أنَّ الالتِفاتَ إنَّما يَكونُ في العُنُقِ فقَط، ولا يَستَديرُ، بمَعنى: أنَّه لا يَلتَفِتُ بجَميعٍ بَدَنِه، ولا يَستَديرُ إذا كان في مَنارةٍ). ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (1/ 464). ) [239] أخرجه البخاري (634)، ومسلم (503) واللفظ له. .
وأمَّا التَّعليلُ: فقد اختصَّت الحَيعَلتانِ بالالتفاتِ؛ لأنَّ غيرَهما ذِكرُ الله تعالى، وهُما خِطابُ الآدَميِّ، كالسَّلامِ في الصَّلاةِ، يُلتفَتُ فيه دونَ ما سِواه مِن أذكارِها [240] ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/410). .

انظر أيضا: