مسائلُ متفرِّقةٌ
وضعُ المقيمِ إصبعَه في أذنِهلا يُسَنُّ في الإقامةِ وضْعُ الإصبَعِ في الأُذنِ
[300] نَصَّ على هذا الحنفيَّةُ، والشَّافعيَّةُ، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائمةُ. يُنظر: ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (1/388)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/411)، ((فتاوى اللجنة الدائمة - 2)) (5/70). .
وذلك لكَونِ الإقامةِ أخفضَ مِن الأذانِ
[301] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/274). .
إجابةُ المقيمِاختَلَفَ العُلماءُ في إجابةِ المقيمِ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: يُستحَبُّ إجابةُ المقيمِ بالقولِ مِثلَ ما يقولُ، إلَّا عندَ الحيعلةِ فيقولُ: (لا حولَ ولا قُوَّةَ إلَّا بالله)
[302] وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وقولٌ لبعضِ المالكيَّة، واختارَه ابنُ باز، والألبانيُّ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (1/399)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/420)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/138)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/132)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (29/149)، ((الثمر المستطاب)) للألباني (1/214). . وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
[303] قال الحصكفي: ("ويجيب الاقامة" ندبا إجماعا "كالأذان"). ((الدر المختار)) (ص: 57). .
القولُ الثَّاني: أنَّه لا يُسَنُّ إجابةُ المقيمِ
[304] وهو قولٌ عندَ الحنفيَّةِ، وقولٌ عندَ المالكيَّةِ، ووجهٌ للشَّافعيَّةِ، واستظهره ابنُ عُثَيمين. يُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (1/400)، (مواهب الجليل)) للحطاب (2/132)، ((المجموع)) للنووي (3/118)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/91). يُنظرُ بيانُ ذلك مع أدِلَّتِه في: ((الموسوعة الفقهيَّة بموقع الدُّرر السَّنيَّة)) https://dorar.net/feqhia .
إذا أُقِيمَت الصَّلاةُ لا يشرَعُ في النَّافلةِإذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا يَفتَتِح غيرَها من النَّوافِلِ
[305] وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابلةِ. يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (1/154)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/406)، ((المجموع)) للنووي (4/212)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/459). على أنَّ الحَنَفيَّةَ كَرِهوا ذلك، واستَثنَوا رَكعَتي الفجرِ إن لم يَخَفْ فَوتَ الجَماعةِ. والظَّاهرُ أنَّ المَذهَبَ عِندَ المالكيَّةِ التَّحريمُ، والشَّافِعيَّةُ أيضًا يَقولونَ بالكَراهةِ، وعِندَ الحَنابلةِ إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلا يَشتَغِلْ عنها بنافِلةٍ، وإنِ انشَغَل بها لم تَنعَقِدْ. وقال النَّوويُّ: (قال الشَّافِعيُّ والأصحابُ: إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ كُرِه لكُلِّ مَن أرادَ الفريضةَ افتِتاحُ نافِلةٍ، سَواءٌ كانت سُنَّةً راتِبةً لتلك الصَّلاةِ، أو تَحيَّةَ مَسجِدٍ، أو غَيرَها؛ لعُمومِ هذا الحَديثِ، وسَواءٌ فرَغَ المُؤَذِّنُ مِن إقامةِ الصَّلاةِ أم كان في أثنائِها، وسَواءٌ عَلمَ أنَّه يَفرُغُ مِنَ النَّافِلةِ ويُدرِكُ إحرامَ الإمامِ أم لا؛ لعُمومِ الحَديثِ، هذا مَذهَبُنا، وبه قال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وابنُه، وأبو هرَيرةَ، وسَعيدُ بنُ جُبَيرٍ، وابنُ سِيرين، وعُروةُ بنُ الزُّبَيرِ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَورٍ). ((المجموع)) (4/212). وقال ابنُ قُدامةَ: (وإذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ لم يَشتَغِلْ عنها بنافِلةٍ، سَواءٌ خَشيَ فواتَ الرَّكعةِ الأولى أم لم يَخشَ. وبهذا قال أبو هرَيرةَ، وابنُ عُمَرَ، وعُروةُ، وابنُ سِيرينَ، وسَعيدُ بنُ جُبَيرٍ، والشَّافِعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَور). ((المغني)) (1/329). .
الدليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلا صَلاةَ [306] قال الشَّوكانيُّ: (قال العِراقيُّ: إنَّ قَولَه: «فلا صَلاةَ» يُحتَمَلُ أن يُرادَ فلا يَشرَعُ حينَئِذٍ في صَلاةٍ عِندَ إقامةِ الصَّلاةِ، ويُحتَمَلُ أن يُرادَ: فلا يَشتَغِلُ بصَلاةٍ وإن كان قد شَرَعَ فيها قَبلَ الإقامةِ، بَل يَقطَعُها المُصَلِّي؛ لإدراكِ فضيلةِ التَّحَرُّمِ، أو أنَّها تَبطُلُ بنَفسِها وإن لم يَقطَعْها المُصَلِّي، يَحتَمِلُ كُلًّا مِنَ الأمرَينِ). ((نيل الأوطار)) (3/103). إلَّا المَكتوبةُ)) [307] أخرجه مسلم (710). .
أما التَّعليلِ: فلأنَّ ما يفوتُه معَ الإمامِ أفضلُ ممَّا يأتي به، فلمْ يَشتغِلْ به، كما لو خاف فواتَ الرَّكعةِ
[308] ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 75). .
ما يصنعُ إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ وهو في صلاةِ النَّافلةِإذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ وهو في صَلاةِ النَّافِلةِ
[309] قال ابنُ تَيميَّةَ: (إن عَلِمَ أنَّ الصَّلاةَ تُقامُ قَريبًا، فهَل يَنبَغي أن يَشرَعَ في نافِلةٍ؟ يَنبَغي أن يُقال: إنَّه لا يُستَحَبُّ أن يَشرَعَ في نافِلةٍ يَغلِبُ على ظَنِّه أنَّ حَدَ الصَّلاةِ يَفوتُه بسَبَبِها، بَل يَكونُ تَركُها لإدراكِ أوَّلِ الصَّلاةِ مَعَ الإمامِ وإجابةِ المُؤَذِّنِ هو المَشروعَ بما تَقدَّمَ مِن أنَّ رِعايةَ جانِبِ المَكتوبةِ بحُدودِها أولى مِن سُنَّةٍ يُمكِنُ قَضاؤُها أو لا يُمكِنُ). ((شرح العمدة- كتاب الصلاة)) (4/609). فإنَّه يُتِمُّ صَلاتَه
[310] يُتِمُّها خَفيفةً ويُسرِعُ فيها. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (6/62)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/392)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/165). ومِن أهلِ العِلمِ مَن فرَّقَ بَينَ كَونِه صَلَّى رَكعةً كامِلةً فيُتِمُّ صَلاتَه، أو أقَلَّ مِن رَكعةٍ فيَقطَعُها. قال ابنُ عُثَيمين: (والصَّحيحُ أن نَقولَ: إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ وأنتَ في نافِلةٍ؛ فإن كُنتَ في الرَّكعةِ الأولى فاقطَعْها، وإن كُنتَ في الرَّكعةِ الثَّانيةِ فأتِمَّها خَفيفةً، وهذا هو الصَّحيحُ الذي يُمكِنُ أن تَجتَمِعَ فيه الأدِلَّةُ). ((شرح رياض الصالحين)) (6/513). ويُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/398 - 390). ، إلَّا إذا خاف أن تَفوتَه صَلاةُ الجَماعةِ
[311] عِندَ المالكيَّةِ: يَقطَعُ إذا خاف فوتَ الرَّكعةِ. جاء في ((المدونة الكبرى)): (وقال مالكٌ في الرَّجُلِ يَفتَتِحُ الصَّلاةَ النَّافِلةَ فتُقامُ عليه الصَّلاةُ المَكتوبةُ قَبلَ أن يَركَعَ هو شَيئًا، قال: إن كان مِمَّن يَخِفُّ عليه الرَّكعَتانِ، مِثلُ الرَّجُلِ الخَفيفِ يَقدِرُ أن يَقرَأَ فيهما بأُمِّ القُرآنِ وحدَها في كُلِّ رَكعةٍ ويُدرِكَ الإمامَ، رَأيتُ أن يَفعَلَ، وإن كان رَجُلًا ثَقيلًا لا يَستَطيعُ أن يُخَفِّفَ رَأيتُ أن يَقطَعَ بسَلامٍ ويَدخُلَ في الصَّلاةِ). ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/188). وفي ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/21): (وإن لم يَخشَ بإتمامِ ما هو فيه فواتَ رَكعةٍ مِنَ المُقامةِ فإن كانتِ التي هو فيها نافِلةً أو فريضةً غَيرَ المُقامةِ أتَمَّها، سَواءٌ عَقدَ رَكعةً أم لا). ومِنَ العُلماءِ مَن يَرى قَطعَها إذا خَشيَ فواتَ تَكبيرةِ الإحرامِ؛ قال العِراقيُّ: (قال الشَّيخُ أبو حامِدٍ مِنَ الشَّافِعيَّةِ: إنَّ الأفضَلَ خُروجُه مِنَ النَّافِلةِ إذا أدَّاه إتمامُها إلى فواتِ فَضيلةِ التَّحريمِ). انظُر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (3/104). وجاءَ في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائِمةِ: (إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ المَفروضةُ فاقطَعِ النَّافِلة التي أنتَ فيها لتُدرِكَ تَكبيرةَ الإحرامِ مَعَ الإمامِ؛ لِما ثَبَتَ مِن قَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلا صَلاةَ إلَّا المَكتوبةُ»). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المَجموعة الأولى)) (7/314). ، فإنَّه يَقطَعُ النَّافِلةَ
[312] وذَهَبَ إلى ذلك الشَّافِعيَّةُ، والحَنابلةُ، يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/208). ((الفروع)) لابن مفلح (2/24). وقال به بَعضُ السَّلفِ؛ قال ابنُ رَجَبٍ: (فإن كان قدِ ابتَدَأ بالتَّطَوُّعِ قَبلَ الإقامةِ، ثُمَّ أُقيمَتِ الصَّلاةُ، ففيه قَولانِ: أحَدُهما: أنَّه يُتِمُّ، وهو قَولُ الأكثَرينَ، مِنهم: النَّخَعيُّ، والثَّوريُّ، والشَّافِعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ). ((فتح الباري)) (6/62). .
لأنَّ في ذلك جَمعًا بَينَ النُّصوصِ، فيُتِمُّ المُصَلِّي صَلاتَه:
لأنَّ اللَّهَ تعالى قال:
وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ فنَهانا اللهُ عن إبطالِ العَمَلِ، والصَّلاةُ عَمَلٌ.
ولأنَّ النَّهيَ في قَولِه:
((فلا صَلاةَ إلَّا المَكتوبةُ)) [313] أخرجه مسلم (710) من حديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُه: عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلا صَلاةَ إلَّا المَكتوبةُ)). مَحمولٌ على الابتِداءِ دونَ الاستِدامةِ
[314] ((فتح الباري)) لابن رجب (6/62). .
الأذانُ لصلاةِ الجمعةِ أوَّلًا: الأذانُ الأوَّلُيُشرَعُ الأذانُ الأوَّلُ
[315] وهو الأذانُ الذي زادَه عُثمانُ بنُ عفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه. لصَلاةِ الجُمُعةِ
[316] وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والحَنابلةِ، وعليه عَمَلُ الأُمَّةِ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/152)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/624)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/42). وقال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (والنِّداءُ الأوَّلُ مُستَحَبٌّ في أوَّلِ الوقتِ، سَنَّه عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، وعَمِلت به الأُمَّةُ بَعدَه، وهو للإعلامِ بالوقتِ، والثَّاني للإعلامِ بالخُطبةِ). ((الشرح الكبير)) (2/188). وقال العَينيُّ: (وأرادَ بالأذانِ الأوَّلِ الأذانَ الذي يُؤَذَّنُ على المِئذَنةِ، وهو الأذانُ الذي أُحدِثَ على الزَّوراءِ في عَهدِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولم يُنكِرْه أحَدٌ مِنَ المُسلمينَ). ((البناية)) (3/89). وقال أيضًا: (... ولكِنَّه ثالثٌ باعتِبارِ شَرعيَّتِه باجتِهادِ عُثمانَ وموافقةِ سائِرِ الصَّحابةِ به بالسُّكوتِ وعَدَمِ الإنكارِ، فصارَ إجماعًا سكوتيًّا). ((عمدة القاري)) (6/211). ويُنظر: ((الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/192). .
الدَّليلُ على ذلك مِن الآثارِ:عنِ السَّائِبِ بنِ يَزيدَ رَضِيَ اللهُ عنه، يَقولُ:
((إنَّ الأذانَ يَومَ الجُمُعةِ كان أوَّلُه حينَ يَجلسُ الإمامُ يَومَ الجُمُعةِ على المِنبَرِ في عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأبي بَكرٍ، وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، فلمَّا كان في خِلافةِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه وكَثُروا، أمَرَ عُثمانُ يَومَ الجُمُعةِ بالأذانِ الثَّالثِ، فأُذِّنَ به على الزَّوراءِ [317] الزَّوراءُ: مَوضِعٌ بسوقِ المَدينةِ. يُنظر: ((صحيح البخاري)) (2/ 8)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 128) و (2/ 394). ، فثَبَتَ الأمرُ على ذلك)) [318] أخرجه البخاري (916). .
وقد جاءَ عنِ العِرباضِ بنِ ساريةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((... فعليكُم بسُنَّتي، وسُنَّةِ الخُلفاءِ المَهديِّينَ الرَّاشِدينَ، تَمَسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُم ومُحدَثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كُلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ، وكُلَّ بدعةٍ ضَلالةٌ)) [319] أخرجه أبو داود (4607) واللفظ له، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42). صححه البزار كما في ((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (2/1164)، وابن حبان في ((صحيحه)) (5)، والحاكم في ((المستدرك)) (329)، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/1164)، وقال الترمذيُّ: حَسَنٌ صحيحٌ. .
والصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم قدِ استَحسَنوه حينَ أحدَثَه عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه يَومَ الجُمُعةِ على الزَّوراءِ، واستَمَرَّ العَمَلُ عليه إلى اليَومِ
[320] قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (النِّداءُ الأوَّلُ مُستَحَبٌّ في أوَّلِ الوقتِ؛ سَنَّه عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، وعَمِلت به الأُمَّةُ بَعدَه، وهو للإعلامِ بالوقتِ، والثَّاني للإعلامِ بالخُطبةِ، والثَّالثُ للإعلامِ بقيامِ الصَّلاةِ). ((الشرح الكبير)) (2/188)، ويُنظر: ((البناية)) للعيني (2/111). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ هذا الأذانَ لإعلامِ النَّاسِ بدُخولِ وقتِ الصَّلاةِ؛ قياسًا على بَقيَّةِ الصَّلواتِ
[321] قال ابنُ حَجَرٍ: (وتَبَيَّنَ بما مَضى أنَّ عُثمانَ أحدَثَه لإعلامِ النَّاسِ بدُخولِ وقتِ الصَّلاةِ؛ قياسًا على بَقيَّةِ الصَّلواتِ، فألحَق الجُمُعةَ بها، وأبقى خُصوصيَّتَها بالأذانِ بَينَ يَدَيِ الخَطيبِ). ((فتح الباري)) (2/394). .
ثانيًا: متى يكونُ الأذانُ الثَّاني؟يُشرَعُ الأذانُ الثَّاني عَقيبَ صُعودِ الإمامِ على المَنبَرِ.
الأدلَّةُ على ذلك من السُّنَّةِ والإجماعِ:أ- من السُّنَّةعنِ السَّائِبِ بنِ يَزيدَ رَضِيَ اللهُ عنه، يَقولُ:
((إنَّ الأذانَ يَومَ الجُمُعةِ كان أوَّلُه حينَ يَجلسُ الإمامُ يَومَ الجُمُعةِ على المِنبَرِ في عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأبي بَكرٍ، وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، فلمَّا كان في خِلافةِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه وكَثُروا، أمَرَ عُثمانُ يَومَ الجُمُعةِ بالأذانِ الثَّالثِ، فأُذِّنَ به على الزَّوراءِ [322] الزَّوراءُ: مَوضِعٌ بسوقِ المَدينةِ. يُنظر: ((صحيح البخاري)) (2/ 8)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 128) و (2/ 394). ، فثَبَتَ الأمرُ على ذلك)) [323] أخرجه البخاري (916). .
ب- مِنَ الِإِجْماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك غَيرُ واحِدٍ
[324] قال ابنُ قُدامةَ: (أمَّا مَشروعيَّةُ الأذانِ عَقيبَ صُعودِ الإمامِ فلا خِلافَ فيه؛ فقد كان يُؤَذَّنُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ((المغني)) (2/220). وقال ابنُ رَجَبٍ: (دَلَّ الحَديثُ على أنَّ الأذانَ الذي كان على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي بَكرٍ وعُمَرَ هو النِّداءُ الذي بَينَ يَدَيِ الإمامِ عِندَ جُلوسِه على المِنبَرِ، وهذا لا اختِلافَ فيه بَينَ العُلَماءِ). ((فتح الباري)) (5/449). .