موسوعة الآداب الشرعية

تاسعًا: عدَمُ المرورِ بيْنَ يدَيِ المُصَلِّي


لا يجوزُ المرورُ بيْنَ المُصلِّي وسُترتِه.
الدَّليلُ على ذلك من السُّنَّةِ والإجماعِ والآثارِ:
أ- مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي جُهَيمٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لو يَعلَمُ المارُّ بيْنَ يدَيِ المُصَلِّي ماذا عليه، لَكان أنْ يقِفَ أربعين خيرًا له مِن أنْ يَمُرَّ بيْن يديه)). قال: أبو النَّضرِ: لا أدري، أقال: أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنةً [414] أخرجه البخاري (510)، ومسلم (507) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
قوله: ((ماذا عليه)) معناه: لو يعلَمُ ما عليه مِن الإثمِ، لاختارَ الوقوفَ أربعين على ارتكابِ ذلك الإثمِ، فدلَّ على النَّهيِ الأكيدِ، والوعيدِ الشَّديدِ في ذلك [415] ((شرح مسلم)) للنووي (4/225). .
2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا صلَّى أحَدُكم إلى شيءٍ يستُرُه مِن النَّاسِ فأراد أحَدٌ أنْ يجتازَ بين يديه فليدفَعْه، فإن أبى فلْيُقاتِلْه؛ فإنَّما هو شيطانٌ [416] فإنَّما هو شَيطانٌ: قيل مَعناه: إنَّما حَمَله على مُرورِه وامتِناعِه مِنَ الرُّجوعِ الشَّيطانُ، وقيل مَعناه: يَفعَلُ فِعلَ الشَّيطانِ؛ لأنَّ الشَّيطانَ بَعيدٌ مِنَ الخَيرِ وقَبولِ السُّنَّةِ، ولأنَّه يُشَوِّشُ المُصَلِّي، أو هو شَيطانٌ؛ لأنَّ الشَّيطانَ هو مارِدٌ مِنَ الجِنِّ والإنسِ، وقيل: المُرادُ بالشَّيطانِ القَرينُ، كَما جاءَ في الحَديثِ الآخَرِ: «فإنَّ مَعَه القَرينَ» [أخرجه مسلم (506) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما]. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (1/ 188)، ((أعلام الحديث)) للخطابي (1/ 420)، ((إكمال المعلم)) لعياض (2/ 420)، ((شرح مسلم)) للنووي (4/ 223، 224)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (2/ 643). ) [417] أخرجه البخاري (509) واللفظ له، ومسلم (505). .
ب- مِنَ الإجماعِ
نُقِل الإجماعُ على ذلك [418] قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا على كراهيةِ المرورِ بيْنَ المصلِّي وسُترتِه، وأنَّ فاعِلَ ذلك آثمٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 30). .
ج- من الآثارِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (لأن يَكونَ الرَّجُلُ رَمادًا يُذرَى خَيرٌ له مِن أن يَمُرَّ بَينَ يَدَي رَجُلٍ يُصَلِّي مُتَعَمِّدًا) [419] أخرجه أبو نعيم في ((تاريخ أصبهان)) (1/417)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (21/149) واللَّفظُ له. صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح الترغيب)) (562). .

انظر أيضا: