موسوعة الآداب الشرعية

ثاني عَشَرَ: عَدَمُ التَّحَلُّقِ قَبلَ صَلاةِ الجُمُعةِ


مِن آدابِ يَومِ الجُمُعةِ: عَدَمُ التَّحَلُّقِ قَبلَ صَلاةِ الجُمُعةِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عنِ الشِّراءِ والبَيعِ في المَسجِدِ، وأن تُنشَدَ فيه ضالَّةٌ، وأن يُنشَدَ فيه شِعرٌ، ونَهى عنِ التَّحَلُّقِ قَبلَ الصَّلاةِ يَومَ الجُمُعةِ)) [1064] أخرجه أبو داود (1079) واللفظ له، والترمذي (322)، والنسائي (714، 715) مُفرَّقًا. حَسَّنه الترمذي، والنووي في ((المجموع)) (2/177)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/297)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1079). وذهب إلى تصحيحِه ابنُ خزيمة في ((صحيحه)) (2/453)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/354). .
قال الشَّوكانيُّ: (أمَّا التَّحَلُّقُ يَومَ الجُمُعةِ في المَسجِدِ قَبلَ الصَّلاةِ، فحَمَل النَّهيَ عنه الجُمهورُ على الكَراهةِ؛ وذلك لأنَّه رُبَّما قَطَعَ الصُّفوفَ مَعَ كَونِهم مَأمورينَ بالتَّبكيرِ يَومَ الجُمُعةِ والتَّراصِّ في الصُّفوفِ الأوَّلِ فالأوَّلِ. وقال الطَّحاويُّ: والتَّحليقُ المَنهيُّ عنه قَبلَ الصَّلاةِ إذا عَمَّ المَسجِدَ وغَلبَه فهو مَكروهٌ، وغَيرُ ذلك لا بَأسَ به، والتَّقييدُ بـ "قَبلَ الصَّلاةِ" يَدُلُّ على جَوازِه بَعدَها للعِلمِ والذِّكرِ. والتَّقييدُ بيَومِ الجُمُعةِ يَدُلُّ على جَوازِه في غَيرِها كَما في الحَديثِ المُتَّفَقِ عليه من حديثِ أبي واقِدٍ اللَّيثيِّ، قال: «بَينَما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المَسجِدِ فأقبَل ثَلاثةُ نَفرٍ، فأقبَل اثنانِ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وذَهَب واحِدٌ، فأمَّا أحَدُهما فرَأى فُرجةً في الحَلقةِ فجَلسَ فيها، وأمَّا الآخَرُ فجَلسَ خَلفَهم» الحديثَ [1065] أخرجه البخاري (66)، ومسلم (2176). [1066] ((نيل الأوطار)) (2/ 186). .
وقيل: (فيه دَليلٌ على حُرمةِ التَّحَلُّقِ يَومَ الجُمُعةِ قَبلَ الصَّلاةِ؛ وذلك لأنَّه رُبَّما قَطَعَ الصُّفوفَ مَعَ كَونِهم مَأمورينَ بالتَّبكيرِ يَومَ الجُمُعةِ، والتَّراصِّ في الصُّفوفِ الأوَّلِ فالأوَّلِ، ولأنَّه يُخالفُ هَيئةَ اجتِماعِ المُصَلِّينَ، ولأنَّ الاجتِماعَ للجُمُعةِ خَطبٌ عَظيمٌ لا يَسَعُ مَن حَضَرَها أن يَهتَمَّ بما سِواها حتَّى يَفرُغَ مِنها، والتَّحَلُّقُ قَبلَ الصَّلاةِ يوهِمُ غَفلتَهم عنِ الأمرِ الذي نُدِبوا إليه، ولأنَّ الوقتَ وقتُ الاشتِغالِ بالإنصاتِ للخُطبةِ) [1067] يُنظر: ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (2/ 446). .

انظر أيضا: