موسوعة الآداب الشرعية

حادي عشرَ: الجهرُ بالتَّكبيرِ في العيدَينِ


يُسنُّ الجهرُ بالتَّكبيرِ للرِّجالِ [1224] وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو روايةٌ عن أبي حَنيفةَ، وقال به مِن الحَنَفيَّة: أبو يوسفَ، ومحمَّدُ بنُ الحسَنِ، والطَّحاويُّ. ينظر: ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/399)، ((المجموع)) للنووي (5/39)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/57)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/72)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/170). قال ابنُ تيميَّةَ: (يُشرَعُ لكلِّ أحدٍ أن يَجهرَ بالتَّكبيرِ عندَ الخروجِ إلى العيدِ، وهذا باتِّفاقِ الأئمَّةِ الأربعةِ). ((مجموع الفتاوى)) (24/220). وقال ابنُ عُثَيمين: (إنَّ السُّنَّةَ أن يجهرَ به؛ إظهارًا للشَّعيرةِ، لكِنَّ النِّساءَ يُكبِّرْنَ سرًّا، إلَّا إذا لم يكُنْ حولَهنَّ رجالٌ، فلا حرجَ في الجَهرِ). ((الشرح الممتع)) (5/158). هذا، ويَبدَأُ وقتُ تَكبيرِ عيدِ الفِطرِ بغُروبِ شَمسِ ليلةِ العيدِ، وهذا مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ، والحَنابلةِ، وقَولٌ للمالكيَّةِ، واختارَه ابنُ حَزمٍ، وابنُ تيميَّةَ، وابنُ بازٍ، وابنُ عُثيمين. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (5/30)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/304)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/394)، ((المحلى)) لابن حزم (5/89)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/221)، (فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (13/355)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/259). قال النَّوويُّ: (أمَّا أوَّلُ وَقتِ تكبيرِ عيدِ الفِطرِ فهو إذا غَرَبتِ الشَّمسُ ليلةَ العيدِ، هذا مذهبُنا، ومذهَبُ سعيدِ بنِ المسيِّبِ، وأبي سَلَمةَ، وعُروةَ، وزيدِ بنِ أسلَمَ) ((المجموع)) (5/41). ويَنقَضي التَّكبيرُ في عيدِ الفِطرِ بصَلاةِ العيدِ، نَصَّ على ذلك المالكيَّةُ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ على الأصَحِّ، وهو رِوايةٌ عن أحمَدَ، واختارَه ابنُ بازٍ، وابنُ عُثيمين. يُنظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/399)، ((المجموع)) للنووي (5/30، 32)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/304)، ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (13/368)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/259). ويُشرَعُ التَّكبيرُ المُطلَقُ -الذي لا يَتَقَيَّدُ بحالٍ، بَل يُؤتى به في المَنازِلِ والمَساجِدِ والطُّرُقِ ليلًا ونَهارًا، وفي غَيرِ ذلك- في الأضحى، مِن أوَّلِ ذي الحِجَّةِ إلى غُروبِ شَمسِ آخِرِ يَومٍ مِن أيَّامِ التَّشريقِ، وهو قَولٌ للحَنابلةِ، واختارَه ابنُ بازٍ، وابنُ عُثيمين. يُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (2/305). (فتاوى نور على الدرب)) (13/355). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/262). ويَبتَدِئُ التَّكبيرُ المُقَيَّدُ -خَلفَ الصَّلواتِ الخَمسِ- مِن صَلاةِ فَجرِ يَومِ عَرَفةَ إلى عَصرِ آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ، أي: اليَومِ الثَّالثَ عَشَرَ، وهذا مَذهَبُ الحَنابلةِ، وقَولُ أبي يوسُفَ ومُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ مِنَ الحَنَفيَّةِ، وقَولٌ للشَّافِعيَّةِ، واختارَه ابنُ المُنذِرِ، والنَّوَويُّ، وابنُ تيميَّةَ، وابنُ حَجَرٍ، وابنُ بازٍ، وابنُ عُثيمين. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/58)، ((العناية)) للبابرتي (2/80)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/499)، ((الأوسط)) (4/344، 348، 349)، (المجموع)) (5/39-40). ((مجموع الفتاوى)) (24/222). ((فتح الباري)) (2/462). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/19). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/265). وحكي الإجماع على ذلك قال ابنُ رجب: (حَكَى الإمامُ أحمدُ هذا القول إجماعًا من الصَّحابة، حكاه عن عُمرَ، وعليٍّ، وابن مسعود، وابن عبَّاس، فقيل له: فابن عبَّاس اختُلف عنه؛ فقال: هذا هو الصَّحيح عنه، وغيرُه لا يصحُّ عنه) ((فتح الباري)) (6/124، 125). وقال ابنُ قُدامةَ: (ولأنَّه إجماعُ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، رُوي ذلك عن عُمرَ، وعليٍّ، وابنِ عبَّاسٍ، وابنِ مسعودٍ) ((المغني)) (2/292). وقال ابنُ تيميَّةَ: (ولهذا كان الصَّحيحُ من أقوالِ العُلَماءِ: أنَّ أهلَ الأمصارِ يُكبِّرون من فَجرِ يومِ عَرَفةَ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ؛ لهذا الحديثِ، ولحديثٍ آخَرَ رواه الدَّارَقُطنيُّ عن جابرٍ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولأنَّه إجماعٌ من أكابِرِ الصَّحابةِ، واللهُ أعلَمُ). ((مجموع الفتاوى)) (24/222). يُفرِّقُ الحَنابلةُ بَينَ الحاجِّ وغَيرِه؛ فغَيرُ الحاجِّ يَبتَدِئُ التَّكبيرَ مِن فجرِ يَومِ عَرَفةَ، أمَّا الحاجُّ فمِن ظُهرِ يَومِ النَّحرِ. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/58). يُنظر بَيانُ ذلك مَعَ أدِلَّتِه في: ((المَوسوعة الفِقهيَّة بمَوقِعِ الدُّرَرِ السَّنيَّةِ)) https://dorar.net/feqhia .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
عن أمِّ عَطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كنَّا نُؤمَرُ أنْ نَخرُجَ يومَ العيدِ، حتَّى نُخرِجَ البِكرَ مِن خِدْرِها [1225] الخِدرُ: سِترٌ يُجعَلُ للجاريةِ البكرِ في ناحيةِ البَيتِ. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (7/ 119)، ((إكمال المعلم)) لعياض (7/ 284). ، حتَّى نُخرِجَ الحُيَّضَ، فيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم، ويَدْعون بدُعائِهم، يرجونَ بَرَكةَ ذلِك اليومِ وطُهرتَه)) [1226] أخرجه البخاري (971) واللَّفظُ له، ومسلم (890). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لولا إظهارُ التَّكبيرِ من الرِّجالِ، لَمَا كبَّر النِّساءُ خَلْفَهم بتكبيرِهم [1227] قال ابنُ رجب: (في هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ إظهارَ التَّكبيرِ للرِّجالِ مشروعٌ في يومِ العيدِ، ولولا إظهارُه مِن الرِّجالِ لَمَا كبَّر النِّساءُ خلفَهم بتكبيرِهم). ((فتح الباري)) (6/134). .
ب- مِنَ الآثارِ
1- (كان ابنُ عُمرَ وأبو هُرَيرَة يَخرُجانِ إلى السُّوقِ في أيَّامِ العَشرِ يُكبِّرانِ، ويُكبِّر النَّاسُ بتكبيرِهما) [1228] أخرجه البخاريُّ معلَّقًا بصيغة الجزم قبلَ حديث (969) واللفظ له، وأخرج أثرَ ابنِ عُمرَ موصولًا ابنُ أبي شَيبةَ (5665)، والبيهقيُّ (6197) بنحوه. صحَّحه الألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (651). .
2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان إذا غدَا يومَ الأضحى ويومَ الفِطرِ يَجهَرُ بالتَّكبيرِ حتَّى يأتيَ المصلَّى، ثمَّ يُكبِّرَ حتَّى يأتيَ الإمامُ) [1229] أخرجه ابنُ أبي شَيبةَ (5665)، والدارقطني (2/381) واللفظ له، والبيهقيُّ (6197). صحَّحه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/35)، والألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (650). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلما في التَّكبيرِ ورفْعِ الصَّوتِ بهِ مِن إظهارِ شعائرِ الإسلامِ، وتذكيرِ الغَيرِ [1230] ((المغني)) لابن قدامة (2/273). .

انظر أيضا: