موسوعة الآداب الشرعية

ثاني عَشَرَ: إخراجُ زكاةِ الفِطرِ بَعدَ صِيامِ رَمَضانَ


تجِبُ زكاةُ الفِطرِ على كلِّ مُسلمٍ، والأفضَلُ إخراجُ زكاةِ الفِطرِ [1331] مِن حِكَمِ زَكاةِ الفِطرِ: أنَّها طُهرةٌ للصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَثِ. وأيضًا فإنَّها مِن شُكرِ نِعَمِ اللهِ على الصَّائمينَ بالصِّيامِ، كما أنَّ مِن حِكَمِ الهدايا شُكرَ نِعمةِ اللهِ بالتَّوفيقِ لحجِّ بيتِه الحرامِ، فصَدَقةُ الفِطرِ كذلك؛ ولذلك أُضيفَتْ إلى الفِطرِ إضافةَ الأشياءِ إلى أسبابِها. ينظر: ((إرشاد أولى البصائر والألباب)) لابن سعدي (ص: 135). يَومَ العِيدِ قَبلَ صلاةِ العيدِ [1332] ويجوز تعجيلُ زكاةِ الفِطرِ عن وَقتِها بيومٍ أو يومينِ فقط، وهذا مذهَبُ المالكيَّةِ، والحَنابِلةِ، واختاره الشَّوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين. ((منح الجليل)) لعليش (2/ 106)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/442)، ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 268، 269)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/32)، ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/270). فعنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يُعطيها الذين يَقبَلونَها، وكانوا يُعطُونَ قبل الفِطرِ بِيَومٍ أو يومينِ). رواه البخاري (1511)، والحديث رواه مسلم (984) دون هذا اللفظ. واختلف أهلُ العِلم في آخِرِ وقت زكاة الفطر على أقوال؛ أقواها قولان: القول الأوّل: آخِرُ وقتِ زكاةِ الفِطرِ الذي يحرُمُ تأخيرُها عنه هو غروبُ شَمسِ يَومِ عِيدِ الفِطرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة. ينظر: ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/508)، ((المجموع)) للنووي (6/126)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/252). القول الثاني: أنَّ آخِرَ وَقتِ زكاةِ الفِطرِ هو صلاةُ العِيدِ، ويحرُمُ تأخيرُها إلى ما بعدَ صلاةِ العيدِ، فإنْ أخَّرها لم تقَعْ زكاةَ فِطرٍ، وإنَّما له أجْرُ تصدُّقِه، وهو مذهَبُ الظَّاهِريَّة، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ القيِّم، والصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين. ينظر: ((المجموع)) (6/142)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/21، 22)، (سبل السلام)) للصنعاني (2/138)، ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 266)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/201)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/172). يُنظر بيانُ ذلك مع أدلته في: ((الموسوعة الفقهية بموقع الدرر السَّنية)) https://dorar.net/feqhia .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فَرَضَ زكاةَ الفِطرِ صاعًا مِن تَمرٍ، أو صاعًا مِن شَعيرٍ، على كلِّ حرٍّ أو عبْدٍ، ذكَرٍ أو أنثى من المُسلمينَ)) [1333] رواه البخاري (1504)، ومسلم (984). .
1- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أمَر رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بزكاةِ الفِطرِ أن تُؤدَّى قبلَ خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ)) [1334] أخرجه البخاري (1509)، ومسلم (986) واللَّفظُ له. .
3- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((فرَضَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةً للمَساكينِ، مَن أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومَن أدَّاها بَعدَ الصَّلاةِ فهي صَدَقةٌ مِنَ الصَّدَقاتِ)) [1335] أخرجه أبو داودَ (1609) واللَّفظُ له، وابن ماجه (1827). صحَّحه الحاكم في ((المستدرك)) (1507) وقال: على شرط البخاري، وابن الملقن في ((شرح البخاري)) (10/636)، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (15/271)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (3570). .
ب- مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ [1336] ممن نقَل الإجماعَ على ذلك: ابن رشد وابن قدامة العَبدَريُّ، وابنُ الحاجِبِ. قال ابنُ رُشْدٍ: (أجْمعوا على أنَّ المُسلمينَ مُخاطَبون بها، ذُكرانًا كانوا أو إناثًا، صِغارًا أو كِبارًا، عبيدًا أو أحرارًا؛ لحديثِ ابنِ عُمَرَ المتقدِّمِ، إلَّا ما شذَّ فيه اللَّيثُ، فقال: ليس على أهلِ العَمودِ زكاةُ الفِطر، وإنَّما هي على أهلِ القرى، ولا حُجَّةَ له، وما شذَّ أيضًا مِن قَولِ مَن لم يوجِبْها على اليَتيمِ). ((بداية المجتهد)) (1/279). وقال ابنُ رُشْدٍ أيضًا: (اتَّفقوا على أنَّها تَجِبُ على المرءِ في نفْسِه، وأنَّها زكاةُ بَدَنٍ لا زكاةُ مالٍ، وأنَّها تَجِبُ في وَلَدِه الصِّغار عليه إذا لم يكُنْ لهم مالٌ، وكذلك في عَبيدِه إذا لم يكن لهم مالٌ). ((بداية المجتهد)) (1/279). وقال ابنُ قدامةَ: (زكاةُ الفِطرِ تَجِبُ على كلِّ مسلمٍ، مع الصَّغيرِ والكبيرِ، والذُّكوريُّة والأنوثيَّة، في قولِ أهلِ العِلمِ عامَّةً، وتجِبُ على اليَتيمِ، ويُخرِجُ عنه وليُّه مِن مالِه، لا نعلَمُ أحدًا خالف في هذا، إلَّا محمَّدَ بنَ الحَسَنِ؛ قال: ليس في مالِ الصَّغيرِ مِن المُسلمينَ صَدَقةٌ). ((المغني)) (3/79). قال العَبدَريُّ: (أجمَعوا على أنَّ الأفضَلَ أنْ يُخرِجَها يومَ الفِطرِ قبلَ صلاةِ العيدِ). ((المجموع)) للنووي (6/142). وقال العَدَويُّ: (قيَّده ابنُ الحاجِبِ بقَبلِ الغُدوِّ إلى المصلَّى، وحكى عليه الاتِّفاقَ). ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/514). .

انظر أيضا: