رابعًا: فوائِدُ التَّثَبُّتِ
1- أنَّ التَّثَبُّتَ علامةٌ من علاماتِ الإيمانِ؛ فقد وجَّه اللَّهُ النِّداءَ لعبادِه المُؤمِنين بقَولِه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6] ؛ فدَلَّ ذلك على أنَّ مِن علاماتِ الإيمانِ التَّثَبُّتَ في الأخبارِ.
2- السَّلامةُ من الأخطاءِ والوقايةُ من الاندفاعِ والتَّهَوُّرِ؛ لأنَّ التَّثَبُّتَ يَكسِبُ المتَثَبِّتَ القُدرةَ على التَّمييزِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، والضَّلالِ والهُدى، والصَّوابِ والخَطَأِ.
3- التَّثَبُّتُ داعٍ إلى الثِّقةِ بالمُؤمِنين، ويُنبِئُ عن حُسنِ الظَّنِّ بهم؛ قال اللَّهُ تعالى:
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور: 12-13] .
4- وقايةٌ للنَّفسِ من النَّدَمِ والحَسرةِ إذا أقدَمَت على الأمورِ دونَ تَثَبُّتٍ.
5- الاطمِئنانُ إلى ما يَصِلُ إليه المرءُ من نتائِجَ، أو يُقَرِّرُه من أحكامٍ.
6- المحافظةُ على الدِّماءِ والأموالِ. قال اللَّهُ تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء: 94] .
7- المتَثَبِّتُ يكونُ على بصيرةٍ من أمرِه، ويتجَنَّبُ الخطَأَ الذي يغلِبُ على مَن لم يتَثَبَّتْ في الأمورِ.
8- الشُّعورُ بالسَّكينةِ والطُّمأنينةِ النَّفسيَّةِ.
9- من فوائدِ التَّثَبُّتِ حينَ يلتزِمُ الإنسانُ به أنَّه لا يبقى مجالٌ للخُرافةِ والوَهمِ في جانبِ العقيدةِ، ولا يبقى مجالٌ للشُّبهةِ والظَّنِّ في جانبِ القضاءِ والحُكمِ والتَّعامُلِ، ولا يبقى مجالٌ للفُروضِ الوَهميَّةِ ولا للأحكامِ السَّطحيَّةِ في جانبِ العُلومِ والتَّجارِبِ والبُحوثِ.
10- تطهيرُ المجتَمَعِ المُسلِمِ من المُنافِقين، وكَشفُ مكايِدِهم، والحَذَرُ منها؛ فالتَّثَبُّتُ يُطَهِّرُ المجتَمَعَ المُسلِمَ من المُنافِقين وإرجافاتِهم التي لا تنفَكُّ عن الكَذِبِ، وإحداثِ البَلْبلةِ والفِتنةِ، والسَّعيِ إلى إيقاعِ المُسلِمين في الحَيرةِ والاضطرابِ.
11- يُعلِّمُ المُسلِمين أن يَضبِطوا ألسِنَتَهم، فلا تمتَدَّ إلى النَّاسِ بأيِّ سُوءٍ.
12- وقايةُ الأُسَرِ من التَّشتُّتِ والضَّياعِ الذي قد تحدِثُه الشَّائعاتُ والأكاذيبُ.
13- يحمي الجماعةَ المُسلِمةَ من أراجيفِ أعدائِها الذين يَبُثُّون شائعاتِهم لزعزعةِ وَحدتِهم، ويعيشُ المجتَمَعُ الملتَزِمُ بهذا الخُلُقِ الفاضِلِ في سلامٍ وأمانٍ؛ ممَّا يُسهِمُ في توثيقِ عُرى الأخُوَّةِ ووَحدةِ الصَّفِّ.
14- تحقيقُ العَدلِ بَيْنَ النَّاسِ.
15- يَبعَثُ الطُّمَأنينةَ في نُفوسِ النَّاسِ، فيأمَنون على أنفُسِهم وأموالِهم، ويجَنِّبُهم من وقوعِ الظُّلمِ عليهم
[1582] يُنظَر: ((فتح القدير)) للشوكاني (5/71)، ((مناهل العرفان)) للزرقاني (1/329)، ((المعجزة الكبرى القرآن)) لمحمد أبي زهرة (ص343)، ((التفسير الوسيط)) لمحمد سيد طنطاوي (8/352)، ((أخلاق القرآن)) للشرباصي (3/19، 22)، ((التفسير المنير)) للزحيلي (5/177)، ((أدب الكلام)) لعبد الله عودة (ص: 52)، ((التثبت في القرآن الكريم)) لمحمد حسين (ص: 107، 113)، ((موسوعة التفسير الموضوعي للقرآن الكريم)) (8/ 194 - 196). .