المَطْلَب الثَّاني: سيِّداتُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ
أفْضَلُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِعَن
عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهما قال:
((خَطَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الأرضِ أربَعةَ خُطُوطٍ، قال: تَدرُونَ ما هذا؟ فقالُوا: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ. فقال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفضَلُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ: خَديجةُ بنتُ خُويلِدٍ، وفاطِمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ، وآسيَّةُ بنتُ مُزاحِمٍ امرَأةُ فِرعَونَ، ومَريَمُ ابنةُ عِمرانَ )) [4710] أخرجه أحمد (2668) واللَّفظُ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8357)، وابن حبان (7010). صحَّحه ابن حبان، والوادعي في ((صحيح دلائل النبوة)) (474)، وصحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (4754)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (6/543)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (4/323)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (2668)، وحسَّنه النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)) (2/341). .
قال
الصَّنعانيُّ: («أفضَلُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ» أيِ النِّساءِ مِن أهلِ الجَنَّةِ أو نِساءِ رِجالِ الجَنَّةِ «
خَديجةُ بنتُ خُوَيلِدٍ» أمُّ المُؤمِنينَ أوَّلُ نِسائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأمُّ جَميعِ أولادِه ما عَدا إبراهيمَ «و
فاطِمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ» بَضْعةُ المُصطَفى... «ومَريمُ بِنتُ عِمْرانَ» الَّتي أثنى اللهُ عليها في كِتابه «وآسيةُ» بزِنَةِ فاعِلةٍ «بنتُ مُزاحِمٍ» بالزَّايِ ثُمَّ حاءٍ مُهمَلةٍ بزِنَةِ مُقاتِلٍ «امرَأةُ فِرعَونَ» الَّتي قالت:
رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ [التحريم: 11] الآية. وزادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا الإبدالَ مِنها لِلتَّوضيحِ؛ لِأنَّ اسمَها ليسَ بالمَشهورِ كَقَرائِنِها. وفيه فضلُ هَؤُلاءِ الأربَعِ على سائِرِ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ)
[4711] يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (2/ 587). .
خيرُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِعَن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((خيرُ نِسائِها مَريَمُ بنتُ عِمْرانَ، وخيرُ نِسائِها خَديجةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ )) [4712] أخرجه البخاري (3815)، ومسلم (2430) واللَّفظُ له. .
قال
ابنُ جَريرٍ: (يَعني بقَولِه: خيرُ نِسائِها: خيرَ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ)
[4713] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/ 393). .
وقال
النَّوويُّ: (
((خيرُ نِسائِها مَريَمُ بنتُ عِمْرانَ، وخيرُ نِسائِها خَديجةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ )) وأشارَ وكيعٌ إلى السَّماءِ والأرضِ. أرادَ وكيعٌ بهذه الإشارةِ تَفسيرَ الضَّميرِ في نِسائِها، وأنَّ المُرادَ به جَميعُ نِساءِ الأرضِ، أي: كُلُّ مَن بينَ السَّماءِ والأرضِ مِنَ النِّساءِ، والأظهَرُ أنَّ مَعناه أنَّ كُلَّ واحِدةٍ مِنهما خيرُ نِساءِ الأرضِ في عَصرِها)
[4714] يُنظر: ((شرح مسلم)) (15/ 198). .
وقال
ابنُ حَجَرٍ: (دَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّ مَريَم أفضَلُ مِن آسيَّةَ، وأنَّ
خَديجةَ أفضَلُ نِساءِ هذه الأُمَّةِ)
[4715] يُنظر: ((فتح الباري)) (6/ 471). .
وقيلَ: مَريَمُ هي سيِّدةُ نِساءِ العالَمينَ وأفضَلُهنَّ مُطلَقًا.قال اللهُ تعالى:
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 42] .
قال
السَّمعاني: (
وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنهم مَن قال: على نِساءِ عالَمِي زَمانِها، ومِنهم مَن قال: على جَميعِ نِساءِ العالَمينَ؛ في أنَّها وَلَدَت بلا أبٍ، ولَم يَكُن ذَلِكَ لِأحَدٍ مِن نِساءِ العالَمِ)
[4716] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (1/ 317). .
وقال
ابنُ كَثيرٍ: (هذا إخبارٌ مِنَ الله تعالى بما خاطَبَت به المَلائِكةُ مَريَمَ عليها السَّلام عَن أمرِ اللهِ لَهم بذَلِكَ: أنَّ الله قَدِ اصطَفاها، أي: اختارَها لِكَثرةِ عِبادَتِها وزهادَتِها وشَرفِها وطَهَّرَها مِنَ الأكدارِ والوَسواسِ واصطَفاها ثانيًا مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ لِجَلالَتِها على نِساءِ العالَمينَ)
[4717] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/ 39). .
وعَن
عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((سيِّداتُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ بَعدَ مَريَمَ بنتِ عِمرانَ: فاطِمةُ، وخَديجةُ، وآسيةُ امرَأةُ فِرعَونَ)) [4718] أخرجه الطبراني (11/415) (12179)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (7328) واللَّفظُ لهما، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (70/107) باختلاف يسير. صحَّحه ابن عبد البر في ((الاستيعاب)) (4/383)، وحسَّنه القرطبي في ((التفسير)) (5/128)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (7/168)، وصحَّح إسنادَه على شرط مسلم الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1424)، وحسَّنه السخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (3/1146). .
قال أبُو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ بَعدَما ذَكَرَ هذا الحَديثَ وغيرَه: (ويَشهَدُ لِهذه الأحاديثِ في تَفضيلِ مَريَمَ قَولُ اللهِ تعالى حِكايةً عَن قَولِ المَلائِكةِ لَها:
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، فظاهرُ القُرآنِ والأحاديثِ يَقتَضي أنَّ مَريَمَ أفضَلُ مِن جَميعِ نِساءِ العالَمِ؛ مِن حَواءَ إلى آخِرِ امرَأةٍ تَقُومُ عليها السَّاعةُ)
[4719] يُنظر: ((المفهم)) (6/ 315). .
وقال
النَّوويُّ في مَريَم و
خَديجةَ رَضِيَ اللهُ عَنهما: (أمَّا التَّفضيلُ بينَهما فمَسكُوتٌ عَنه)
[4720] يُنظر: ((شرح مسلم)) (15/ 198). .