الفَرعُ الثَّامنُ: قُيُودُ أهلِ النَّارِ وأغلالُهم وسَلاسِلُهم ومَطارِقُهم
قال اللهُ تعالى:
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا [الإنسان: 4] .
قال
ابنُ جَريرٍ : (يَقُولُ تعالى ذِكرُه:
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِمَن كَفرَ نِعْمَتَنا وخالَفَ أمرَنا
سَلَاسِلَ يَستَوثِقُ بها مِنهم شَدًّا في الجَحيمِ.
وَأَغْلَالًا يَقُولُ: وتُشَدُّ بالأغلالِ فيها أيديهم إلى أعناقِهم. وقَولُه:
وَسَعِيرًا يَقُولُ: ونارًا تُسعَّر عليهم فتَتَوقَّدُ)
[5227] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/ 538). .
وقال
السَّعْديُّ : (أي: إنَّا هيَّأْنا وأرصَدْنا لِمَن كَفرَ باللهِ، وكَذَّب رُسُلَه، وتَجرَّأَ على المَعاصي
سَلَاسِلَ في نارِ جَهَنَّمَ، كَما قال تعالى:
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ .
وَأَغْلَالًا تُغَلُّ بها أيديهم إلى أعناقِهم ويُوثَقُونَ بها.
وَسَعِيرًا أي: نارًا تَستَعِرُ بها أجسامُهم وتُحْرَقُ بها أبدانُهم،
كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ وهذا العَذابُ دائِمٌ لَهم أبَدًا، مُخلَّدُونَ فيه سَرْمَدًا)
[5228] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 901). .
وقال اللهُ سُبحانَه:
وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ: 33] .
قال
ابنُ جَريرٍ : (قَولُه:
وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا وغُلَّت أيدي الكافِرين باللهِ في جَهَنَّم إلى أعناقِهم في جَوامِعَ مِن نارِ جَهَنَّم، جَزاءً بما كانُوا باللهِ في الدُّنيا يَكفُرُونَ، يَقُولُ جَلَّ ثَناؤُه: ما يَفعَلُ اللهُ ذَلِكَ بهم إلَّا ثَوابًا لِأعمالِهمُ الخَبيثةِ الَّتي كانُوا في الدُّنيا يَعمَلُونَها، ومُكافَأةً لَهم عليها)
[5229] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/ 293). .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ:
إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ [غافر: 71] .
قال
ابنُ كَثيرٍ : (قَولُه:
إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ أي: مُتَّصِلةٌ بالأغلالِ، بأيدي الزَّبانيَةِ يَسحَبُونَهم على وُجُوهِهم، تارةً إلى الحَميمِ، وتارةً إلى الجَحيمِ؛ ولِهذا قال:
يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ في النَّارِ يُسْجَرُونَ )
[5230] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (7/ 157). .
وقال اللهُ تعالى:
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ [الحاقة: 30-32] .
قال
ابنُ جَريرٍ : (قَولُه:
خُذُوه فَغُلُّوهُ يَقُولُ تعالى ذِكرُه لِمَلائِكَتِه مِن خُزَّانِ جَهَنَّمَ:...
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ يَقُولُ: ثُمَّ اسلُكُوه في سِلسِلةٍ ذَرعُها سَبعُونَ ذِراعًا، بذِراعٍ اللهُ أعلَمُ بقَدرِ طُولِها. وقيلَ: إنَّها تَدخُلُ في دُبُرِه، ثُمَّ تَخرُجُ مِن مِنخَرَيه. وقال بَعضُهم: تَدخُلُ في فيه، وتَخرُجُ مِن دُبُرِه)
[5231] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/ 237). .
وقال اللهُ سُبحانَه:
وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:21-22] .
قال
ابنُ جَريرٍ : (قَولُه:
ولَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ تَضرِبُ رُءُوسَهم بها الخَزنةُ إذا أرادُوا الخُرُوجَ مِنَ النَّارِ حَتَّى تَرجِعَهم إليها. وقَولَه:
كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا يَقُولُ: كُلَّما أرادَ هَؤُلاءِ الكُفَّارُ الَّذينَ وصَفَ اللهُ صِفتَهمُ الخُرُوجَ مِنَ النَّارِ مِمَّا نالَهم مِنَ الغَمِّ والكَربِ، رُدُّوا إليها... وقَد ذُكِرَ أنَّهم يُحاوِلُونَ الخُرُوجَ مِنَ النَّارِ حينَ تَجيشُ جَهَنَّمُ فتُلقي مَن فيها إلى أعلى أبوابِها، فيُريدُونَ الخُرُوجَ، فتُعيدُهمُ الخُزَّانُ فيها بالمَقامِعِ، ويَقُولُونَ لَهم إذا ضَربُوهم بالمَقامِعِ:
ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ وعُنِيَ بقَولِه:
وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَريقِ ويُقالُ لَهم: ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ. وقيلَ: عَذابَ الحَريقِ، والمَعنى: المُحْرِقِ، كَما قيلَ: العَذابُ الأليمُ، بمَعنى: المُؤلمِ)
[5232] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (16/ 498). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش