تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
صِفةٌ ذاتيَّةٌ ثابتةٌ للهِ عزَّ وجلَّ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، و(المُتَكَبِّرُ) مِن أسماءِ اللهِ تعالى. الدَّليلُ مِن الكِتابِ: 1- قولُه تَعالَى: وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ[الجاثية: 37] . قال ابنُ جَريرٍ: (وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَقولُ: وله العَظَمةُ والسُّلطانُ في السَّمَواتِ والأرضِ دونَ ما سِواه من الآلهةِ والأندادِ) [2730] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 110). . وقال السَّمعانيُّ: (قَولُه تعالى: وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أي: العَظَمةُ والعُلُوُّ) [2731] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (5/ 146). . 2- قولُه سُبحانَه: السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ[الحشر: 23] . قال ابنُ جَريرٍ: (قَولُه: الْمُتَكَبِّرُ[الحشر: 23] قيل: عُنِيَ به أنَّه تكبَّرَ عن كُلِّ شَرٍّ) [2732] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/ 555). . وقال السَّمعانيُّ: (قَولُه: الْمُتَكَبِّرُ أي: الكبيرُ. وقيل: المتكبِّرُ هو الذي أعلى نَفْسَه وعَظَّمَها، وهذا ممدوحٌ في صِفاتِ اللهِ، مذمومٌ في صِفاتِ الخَلْقِ؛ لأنَّ الخَلْقَ لا يَخْلُونَ عن نقيصةٍ، فلا يليقُ بهم إعظامُهم أنفُسَهم وإعلاؤُهم إيَّاهم، واللهُ تعالى لا يجوزُ عليه نقصٌ، فيَصِحُّ مَدْحُه لنَفْسِه وإعظامُه. وقيل: مَدَح نَفْسَه ليُعَلِّمَ خَلْقَه مَدْحَهم إيَّاه لِيُثيبَهم عليه؛ إذ لا يجوزُ أن يعودَ إليه ضَرٌّ ولا نَفعٌ) [2733] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (5/ 410). . وقال السَّعْديُّ: (الْمُتَكَبِّرُ الذي له الكِبرياءُ والعَظَمةُ، المُتنَزِّهُ عن جميعِ العُيوبِ والظُّلمِ والجَوْرِ) [2734] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 854). . الدَّليلُ من السُّنَّةِ: 1- حديثُ أبي مُوسى الأشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ((جَنَّتانِ مِن فِضَّةٍ آنيتُهما وما فِيهما، وجَنَّتانِ مِن ذَهبٍ آنيتُهما وما فِيهما، وما بَينَ القَومِ وبَينَ أنْ يَنظُروا إلى ربِّهم إلَّا رِداءُ الكِبرياءِ على وَجْهِه في جَنَّةِ عَدْنٍ )) [2735] أخرجه البخاري (7444)، ومسلم (180) واللفظ له. . 2- حديثُ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ وأبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنهما مرفوعًا: ((العِزُّ إزارُه، والكِبرياءُ رِداؤُه؛ فمَن يُنازِعُني عذَّبتُه )) [2736] أخرجه مسلم (2620). . قال ابنُ قُتَيبةَ: (وكِبرياءُ اللهِ: شَرَفُه، وهو مِن «تَكبَّرَ»: إذا أَعْلَى نَفْسَه) [2737] يُنظر: ((تفسير غريب القرآن)) (ص: 18). . قال الخطَّابيُّ: (المتكَبِّرُ: هو المتعالي عن صِفاتِ الخَلْقِ، ويقالُ: هو الذي يتكَبَّرُ على عُتاةِ خَلْقِه إذا نازعوه العَظَمةَ، فيَقصِمُهم، والتَّاءُ في المتكَبِّرِ تاءُ التفَرُّدِ والتخَصُّصِ بالكِبْرِ، لا تاءُ التَّعاطي والتكَلُّفِ. والكِبرُ لا يليقُ بأحَدٍ مِن المخلوقينَ، وإنَّما سِمةُ العَبيدِ الخُشوعُ والتذَلُّلُ. وقد رُوِيَ: «الكِبرياءُ رِداءُ اللهِ، فمن نازعه رداءَه قَصَمه» [2738] أخرجه الحاكم (203)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (122) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: ((الكبرياء ردائي، فمن نازعني ردائي قصمته)) صححه الحاكم على شرط مسلم، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2/80) . وقيل: إنَّ المتكَبِّرَ مِن الكِبرياءِ الذي هو عَظَمةُ اللهِ، لا مِن الكِبرِ الذي هو مذمومٌ في الخَلْقِ) [2739] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 48). . وقال ابنُ سِيْدَه: («المتَكَبِّرُ» الذي تكبَّرَ عن ظُلمِ عبادِه. وقيل: المتكَبِّرُ: الذي تكبَّرَ عن كُلِّ سُوءٍ. عن قتادةَ: والمتكَبِّرُ المستحِقُّ لصِفاتِ التعظيمِ) [2740] يُنظر: ((المخصص)) (5/ 229). . وقال أبو القاسِمِ الأصبهانيُّ: (أثبتَ اللهُ العِزَّةَ والعَظَمَةَ والقُدرةَ والكِبْرَ والقُوَّةَ لنَفْسِه في كِتابِه) [2741] يُنظر: ((الحجة في بيان المحجة)) (2/186). . وقال الغُنَيمان: («وما بينَ القَومِ وبين أنْ يَنظُروا إلى ربِّهم إلَّا رِداءُ الكِبرياءِ على وجْهِه في جَنَّة عدنٍ»: ومِن المعلومِ أنَّ الكِبرياءَ مِن صِفاتِ اللهِ تعالى، ولا يجوزُ للعبادِ أن يتَّصفوا بها؛ فقدْ توعَّدَ اللهُ المُتكبِّرَ بجهنَّمَ، كما قال تعالى: قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ[الزمر: 72] ... ووصْفُ اللهِ تعالى بأنَّ العَظَمَةَ إزارُه والكِبرياءَ رِداؤُه، كسائرِ صِفاتِه؛ تُثبَتُ على ما يَليقُ به، ويجبُ أن يُؤمَنَ بها على ما أفادَه النصُّ، دون تحريفٍ ولا تعطيلٍ) [2742] يُنظر: ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/161). .