الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: حُكمُ المُناضَلةِ


المُناضَلةُ جائِزةٌ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ [الأنفال: 60] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسَّر القُوَّةَ بالرَّميِ، فقال: ((ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّميُ، ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّميُ، ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّميُ)) [1197]  يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/311). والحديث أخرجه مسلم (1917)، من حديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه. .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن سَلَمةَ بنِ الأكوَعِ رَضيَ اللهُ عنه قال: ((مَرَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على نَفرٍ مِن أسلمَ ينتَضِلون، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ارُموا بَني إسماعيلَ؛ فإنَّ أباكُم كان راميًا، ارموا وأنا مَعَ بَني فُلانٍ. قال: فأمسَكَ أحَدُ الفريقَينِ بأيديهم، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ما لَكم لا تَرمونَ؟ قالوا: كيف نَرمي، وأنتَ مَعَهم؟! فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ارموا؛ فأنا مَعَكُم كُلِّكُم)) [1198] أخرجه البخاري (2899). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَلالةٌ على التَّحريضِ على الرَّميِ والحَثِّ عليه [1199] يُنظر: ((صحيح البخاري)) (4/37)، ((عمدة القاري)) للعيني (14/181). .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك [1200] وحكَى ابنُ رُشْدٍ الجدُّ الخلافَ في المسألةِ ولم يَنْسُبْه لأحدٍ، فقال: (ومِن أهلِ العِلمِ مَن لَم يُجِزِ المُسابَقةَ إلَّا في الخَيلِ والإبِلِ؛ لِما رويَ مِن أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لا سَبَقَ إلَّا في خُفٍّ أو حافرٍ»). ((المقدمات الممهدات)) (3/474). : ابنُ حَزمٍ [1201] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفَقوا على استِحسانِ الرَّميِ وتَعَلُّمِه والمُناضَلةِ... واتَّفقوا على أنَّ المُناضَلةَ بنَزعٍ واحِدٍ مِنَ القِسيِّ، وبتَساوٍ في جَميعِ أحوالِها، بلا تَفاضُلٍ ولا شَرطٍ أصلًا، جائِزةٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 157) ، وابنُ عبدِ البَرِّ [1202] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ السَّبقَ لا يَجوزُ على وَجهِ الرِّهانِ إلَّا في الخُفِّ والحافِرِ والنَّصلِ). ((التمهيد)) (8/512). ، وابنُ حَجَرٍ الهَيتميُّ [1203] قال ابنُ حَجَرٍ الهَيتميُّ: (كِتابُ المُسابَقةِ والمُناضَلةِ. والأصلُ فيهما قَبلَ الإجماعِ...). ((تحفة المحتاج)) (9/397). ، وابنُ القَيِّمِ [1204] قال ابنُ القَيِّمِ: (اتَّفقَ العُلَماءُ على جَوازِ الرِّهانِ في المُسابَقةِ على الخَيلِ والإبِلِ والسِّهامِ في الجُملةِ). ((الفروسية)) (1/88). وقال في مَوضِعٍ آخَرَ: (اتَّفقوا على جَوازِ أكلِ المالِ بسِباقِ الخَيلِ والإبِلِ والنِّضالِ مِن حَيثُ الجُملةُ). ((الفروسية)) (1/254). ، والزَّركَشيُّ [1205] قال الزَّركَشيُّ: (كِتابُ السَّبقِ والرَّميِ... الأصلُ في مَشروعيَّةِ ذلك: الإجماعُ). ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (7/56). ، والبُهوتيُّ [1206] قال البُهوتيُّ: (أجمَعَ المُسلِمونَ على جَوازِها في الجُملةِ). ((شرح منتهى الإرادات)) (2/277). .
رابعًا: لأنَّ الغُزاةَ يَحتاجونَ إلى رياضةِ خَيلِهم وأنفُسِهم، والتَّعليمُ للكَرِّ والفَرِّ مُباحٌ [1207] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/227). .

انظر أيضا: