الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: دِيةُ الجَنينِ واحِدةٌ ذَكَرًا كان أم أُنثى


ديةُ الجَنينِ غُرَّةٌ [172] الغُرَّةُ: عَبدٌ أو أَمَةٌ. وأصلُ الغُرَّةِ: البَياضُ الذي يَكونُ في وَجهِ الفَرَسِ. يُنظر: ((غريب الحديث)) لأبي عبيد (1/176)، ((النهاية)) لابن الأثير (3/353). ذَكَرًا كان أم أُنثى.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((اقتَتَلتِ امرَأتانِ مِن هُذَيلٍ، فرَمَت إحداهما الأُخرى بحَجرِ قَتَلتَها وما في بَطنِها، فاختَصَموا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقَضى أنَّ دِيَةَ جَنينِها غُرَّةٌ؛ عَبدٌ أو وَليدةٌ، وقَضى أنَّ دِيةَ المَرأةِ على عاقِلتِها)) [173] أخرجه البخاري (6910) واللفظ له، ومسلم (1681). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَسألْ أذَكَرٌ هو أم أُنثى، ولوِ افتَرَقا لسَأل ولنُقِل؛ فدَلَّ على استِوائِهما [174] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (12/389). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبدِ البَرِّ [175] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلماءُ أنَّ الغُرَّةَ تَجِبُ في الجَنينِ الذي يَسقُطُ مِن بَطنِ أُمِّه مَيِّتًا وهيَ حَيَّةٌ في حينِ سُقوطِه، وأنَّ الذَّكَرَ والأُنثى في ذلك سَواءٌ في كُلِّ واحِدٍ مِنهما الغُرَّةُ). ((الاستذكار)) (8/74). ، والنَّوَويُّ [176] قال النَّوويُّ: (اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ ديةَ الجَنينِ هيَ الغُرَّةُ، سَواءٌ كان الجَنينُ ذَكَرًا أو أُنثى). ((شرح صحيح مسلم)) (11/176). ، وابنُ رُشدٍ الجَدُّ [177] قال ابنُ رُشدٍ: (أجمَعَ أهلُ العِلمِ على الحُكمِ في ذلك، وأنَّ في جَنينِ الحُرَّةِ المُسلِمةِ أوِ النَّصرانيَّةِ مِنَ المُسلمِ، والأمَةِ مِن سَيِّدِها الحُرِّ- غُرَّةً؛ عَبدٌ أو وليدةٌ، إذا خَرَجَ مِن بَطنِ أُمِّه مَيِّتًا وهيَ حَيَّةٌ، ذَكَرًا كان أو أُنثى، تَمَّ خَلقُه أو لم يَتِمَّ، إذا تُيُقِّنَ أنَّه جَنينٌ). ((المقدمات الممهدات)) (3/287). ، والقُرطُبيُّ [178] قال القُرطُبيُّ: (الذَّكَرُ والأُنثى عِندَ كافَّةِ العُلماءِ في الحُكمِ سَواءٌ، فإن ألقَته مَيِّتًا ففيه غُرَّةٌ: عَبدٌ أو وليدةٌ، فإن لم تُلقِه وماتَت وهو في جَوفِها لم يَخرُجْ فلا شَيءَ فيه، وهذا كُلُّه إجماعٌ لا خِلافَ فيه). ((تفسير القرطبي)) (5/321). .
ثالثًا: لأنَّ حالَ الجَنينِ في الأغلَبِ مُشتَبِهةٌ، وفي الحَيِّ ظاهِرةٌ؛ فسَوَّى بَينَهما في الجَنينِ حَسمًا للاختِلافِ، وفرَّقَ بَينَهما في الحَيِّ لزَوالِ الاشتِباهِ، كَما قُدِّرَ لبَنُ التَّصريةِ بصاعٍ مِن تَمرٍ قَطعًا للتَّنازُلِ، وحَسمًا للاختِلافِ [179] ((الحاوي الكبير)) للماوردي (12/389). .
رابعًا: لأنَّه قد لا يُعرَفُ الذَّكَرُ مِنَ الأُنثى، فيَتَقدَّرُ الكُلُّ بمِقدارٍ واحِدٍ تَيسيرًا [180] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/140). .

انظر أيضا: