المَطلَب الثامن: متابعةُ المأمومِ للإمامِ
الفرعُ الأوَّلُ: حُكمُ متابعةِ المأمومِ للإمامِيَجِبُ على المأمومِ الائتمامُ بإمامِه ومتابعتُه، وعدمُ مخالفتِه، وذلك في الجملةِ.
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأَنصِتوا، وإذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا: آمِينَ، وإذا ركَع فارْكعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجَد فاسجدُوا، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعينَ )) رواه البخاري (734)، ومسلم (414). 2- عن
أنسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركِب فرسًا فصُرِع عنه، فجُحِشَ شقُّه الأيمنُ، فصلَّى صلاةً من الصلواتِ وهو قاعدٌ، فصَلَّيْنا وراءَه قعودًا، فلمَّا انصرَف، قال:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، فإذا ركَع فارْكعوا، وإذا رفَع فارْفعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: ربَّنا ولكَ الحمدُ )) رواه البخاري (689)، ومسلم (411). 3- عن
عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه وهو شاكٍ، فصلَّى جالسًا وصلَّى وراءَه قومٌ قيامًا، فأشار إليهم أنِ اجلسوا، فلمَّا انصرف قال:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا ركَع فاركعوا، وإذا رفَع فارْفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا )) رواه البخاري (688)، ومسلم (412). 4- عن البراءِ بن عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال:
((كنَّا نُصلِّي خلفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظَهرَه حتى يضعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جبهتَه على الأرضِ )) رواه البخاري (811)، ومسلم (474). 5- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((أمَا يَخشَى أحدُكم- أو: ألا يَخشَى أحدُكم- إذا رفَعَ رأسَه قبلَ الإمامِ، أن يجعلَ اللهُ رأسَه رأسَ حمارٍ، أو يجعلَ اللهُ صورتَه صورةَ حمارٍ؟! )) رواه البخاريُّ (691)، ومسلم (427). ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا أنَّ مَن فَعَل ما يفعله الإمامُ من ركوع وسجود وقيام بعدَ أنْ فعلَه الإمام، لا معه ولا قبله، فقدْ أصاب). ((مراتب الإجماع)) (ص: 26). ، و
ابنُ عبد البرِّ [4741] قال ابنُ عبد البَرِّ: (فقد أجمَع العلماءُ على أنَّ الائتمامَ واجبٌ على كلِّ مأموم بإمامه في ظاهر أفعاله، وأنَّه لا يجوزُ له خلافه لغير عُذر) ((التمهيد)) (6/136)، ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (2/170). ، و
ابنُ رُشدٍ قال ابنُ رُشد: (وأجمَع العلماء على أنَّه يجب على المأموم أن يَتبع الإمامَ في جميع أقواله وأفعاله، إلَّا في قوله: سمِع الله لِمَن حمِده، وفي جلوسه إذا صلَّى جالسًا لمرضٍ عند مَن أجاز إمامةَ الجالس). ((بداية المجتهد)) (1/150). مَسألة: أثَرُ خَطأِ الإمامِ في صلاةِ المأمومِما فَعَله الإمامُ خطأً في الصَّلاةِ، كما لو سلَّم خطأً، أو صلَّى خمسًا، لا يلزمُ منه بُطلانُ صَلاةِ المأمومِ، إذا لم يتابعْه عليه.
الدَّليل من الإجماع:نقَلَ الإجماع على ذلك:
ابنُ تيميَّة قال ابنُ تَيميَّة: (وقدِ اتَّفقوا كلُّهم على أنَّ الإمام لو سلَّم خطأً لم تبطُل صلاةُ المأموم إذا لم يتابعْه، ولو صلَّى خمسًا لم تبطُل صلاة المأموم إذا لم يتابعْه؛ فدلَّ ذلك على أنَّ ما فعله الإمامُ خطأً لا يلزم فيه بطلانُ صلاة المأموم). ((مجموع الفتاوى)) (23/378). الفَرعُ الثَّاني: تخلُّفُ المأمومِ عن إمامِه برُكنٍاختلف أهلُ العِلْمِ في حُكْمِ تخلُّفِ المأمومِ عن إمامِه برُكْنٍ
مثاله أن يركع الإمام ويرفع قبل أن يركع المأموم وأيضًا مثل أن يرفع الإمام من السجدة الأولى، ويظل المأموم يدعو الله في السجود إلى أن يسجد الإمام السجدة الثانية. ينظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/188). على أقوالٍ، أقواها قولان:
القول الأوّل: إذا تخلَّفَ المأمومُ عن إمامِه برُكنٍ واحدٍ لغيرِ عُذرٍ؛ بطلَتْ صلاتُه، وهو مذهبُ الحَنابِلَة
[4745] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/465)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/14). وخصه الحنابلة بالركوع، قال البهوتي: (وإن تخلف مأموم عن إمامه بركن بلا عذر... فإن كان ركوعًا بطلت وإلا فلا). ((شرح منتهى الإرادات)) (1/354) ، ووجهٌ عند الشافعيَّة
[4746] قال النوويُّ: (الحال الثاني: أن يتخلَّف عن الإمام، فإنْ تخلَّف بغير عُذر نُظرت؛ فإنْ تخلَّف بركن واحد لم تَبطُل صلاته على الصَّحيح المشهور، وفيه وجهٌ للخُراسانيِّين أنَّها تبطُل) ((المجموع)) (4/235). ، واختارَه
ابن عُثَيمين [4747] قال ابنُ عُثيمين: (القول الرَّاجح.. أنَّه إذا تخلَّف عنه- أي: تخلَّف المأمومُ عن الإمام- بُركن لغير عُذر فصلاتُه باطلة، سواء كان الركن ركوعًا، أم غير ركوع) ((الشرح الممتع)) (4/188). الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأنصِتوا، وإذا قال: غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا: آمين، وإذا ركَع فاركعوا، وإذا قال: سمِع اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجَد فاسجدوا، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعين )) رواه البخاري (734)، ومسلم (414). 2- عن
أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركِب فرسًا فصُرِعَ عنه، فجُحِشَ شقُّه الأيمن، فصلَّى صلاةً من الصلواتِ وهو قاعدٌ، فصَلَّيْنا وراءَه قعودًا، فلمَّا انصرف، قال:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، فإذا ركعَ فارْكَعوا، وإذا رفَعَ فارْفَعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه. فقولوا: ربَّنا ولكَ الحمدُ )) رواه البخاري (689)، ومسلم (411). 3- عن
عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه وهو شاكٍ، فصلَّى جالسًا وصلَّى وراءَه قومٌ قيامًا، فأشار إليهم أنِ اجلسوا، فلمَّا انصرف قال:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا ركَع، فاركعوا وإذا رفَع، فارْفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا )) رواه البخاري (688)، ومسلم (412). وجهُ الدَّلالةِ من الأحاديثِ:أنَّ قوله:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به)) معناه: أنَّ الائتمامَ يَقتضي متابعةَ المأمومِ لإمامِه؛ فلا يجوزُ له المقارنةُ والمسابقةُ والمخالفةُ
((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/250). ثانيًا: تَبطُل صلاتُه؛ لأنَّه تركَ الواجبَ عمدًا
((كشاف القناع)) للبهوتي (1/466). القول الثاني: إذا تخلَّفَ المأمومُ عن إمامِه برُكنٍ واحدٍ بغير عذر لم تبْطُلْ صلاته، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة
[4753] ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (1/595). ، والشافعيَّة
[4754] ((المجموع)) للنووي (4/235)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/369، 370). ، وروايةٌ عن
أحمدَ [4755] ((الفروع)) لابن مفلح (2/448-446). ؛ وذلك لأنَّ تخلُّفَه يسيرٌ
[4756] ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (1/285). الفرعُ الثَّالِث: أحكامُ مُسابقَةِ الإمامِالمَسألةُ الأولى: حُكمُ مسابقةِ المأمومِ للإمامِ في تكبيرةِ الإحرامِإنْ تَقدَّمَ المأمومُ إمامَه في تكبيرةِ الإحرامِ لم يصحَّ الاقتداءُ أصلًا, وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
((المبسوط)) للسرخسي (1/67)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/138). , والمالِكيَّة
((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/310)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 74) (ص: 49). , والشافعيَّة
((روضة الطالبين)) للنووي (1/373), ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/230). , والحَنابِلَة
((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/265), ((الإنصاف)) للمرداوي (2/167). الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا.. )) [4761] رواه البخاري (734)، ومسلم (414). وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ قوله
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به)) دلَّ على أنَّ الائتمامَ لا يتحقَّق إذا لم يُكبِّرِ الإمامُ، أو إذا لم ينتهِ من التكبير؛ لِأَنَّهُ نَوَى الاقْتِداء بمَن لم يَصِرْ إمامًا بل بمَن سيصيرُ إمامًا إذا فرَغ مِن التَّكبِير
((المبسوط)) للسرخسي (1/67)، ((شرح النووي على مسلم)) (4/120). أنَّ قوله:
((فإذا كبَّر فكبِّروا)) فيه أمرُ المأموم بأن يكونَ تكبيرُه عقبَ تكبيرِ الإمامِ
((شرح النووي على مسلم)) (4/120). ثانيًا: لأنَّ معنى الاقتداءِ، وهو البناء، لا يُتصوَّر هاهنا؛ لأنَّ البناءَ على العدمِ مُحالٌ
((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/138). المَسألةُ الثَّانية: مسابقةُ الإمامِ برُكوعٍ، أو رَفْعٍ، أو سُجودٍتَحرُمُ مسابقةُ الإمامِ برُكوعٍ، أو رَفْعٍ، أو سُجودٍ.
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن
أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه، قال:
((صلَّى بِنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ فلمَّا قضَى الصَّلاةَ أَقبلَ علينا بوجهِه، فقال: أيُّها الناسُ، إنِّي إمامُكم؛ فلا تَسبِقوني بالرُّكوعِ، ولا بالسُّجودِ، ولا بالقيامِ، ولا بالانصرافِ )) [4765] أخرجه مسلم (426). 2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((أمَا يَخشَى أحدُكُم- أو: ألَا يخشَى أحَدُكُم- إذا رفعَ رأسَهُ قبلَ الإمامِ، أنْ يجعَلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ حمَارٍ، أو يجعَلَ صورتَهُ صورَةَ حمَارٍ؟! )) [4766] أخرجه البخاري (691)، ومسلم (427). وَجْهُ الدَّلالَةِ:هذا تهديدٌ لِمَن سابَقَ الإمامَ, ولا تهديدَ إلَّا على فِعلٍ مُحرَّم, أو تَرْكِ واجبٍ
((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (15/111). 3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، ولا تُكبِّروا حتى يُكبِّر، وإذا ركَع فارْكعوا، ولا تركعوا حتى يركعَ، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربنا لك الحمدُ، وإذا سجَد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجُدَ، وإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإذا صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا أجمعين )) رواه البخاري (734)، ومسلم (414). 4- عن
أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركِب فرسًا فصُرِعَ عنه، فجُحِشَ شقُّه الأيمنُ، فصلَّى صلاةً من الصلواتِ وهو قاعدٌ، فصَلَّيْنا وراءَه قعودًا، فلمَّا انصرف، قال:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قِيامًا، فإذا ركَعَ فاركَعوا، وإذا رفَع فارفعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ )) رواه البخاريُّ (689)، ومسلم (411). 5- عن
عائشةَ أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا ركَع فارْكَعوا، وإذا رفَع فارْفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا )) رواه البخاري (688)، ومسلم (412). وجهُ الدَّلالةِ من الأحاديثِ:أنَّ قوله:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به)) معناه: أنَّ الائتمامَ يَقتضي متابعةَ المأمومِ لإمامِه؛ فلا يجوزُ له المقارنةُ والمسابقةُ والمخالفةُ
((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/250). ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعُ نقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ تيميَّة قال ابنُ تَيميَّة: (أمَّا مسابقة الإمام، فحرامٌ باتفاق الأئمَّة، لا يجوز لأحدٍ أن يركعَ قبل إمامه، ولا يرفع قَبلَه، ولا يسجُد قَبلَه). ((مجموع الفتاوى)) (23/336). ووقَع خلافٌ فيما إذا سابَقَ المأمومُ الإمامَ، ثم عادَ قبل انتقال الإمام؛ قال ابنُ حجر الهيتمي: (ومذهبنا: أنَّ مجرَّد رفْع الرأس قبل الإمام، أو القيام أو الهُويِّ قَبْلَه مكروهٌ كراهةَ تنزيه، وأنْ يُسنَّ له العودُ إلى الإمام إنْ كان باقيًا في ذلك الركن، فإنْ سبقَه برُكن كأنْ ركَعَ واعتدلَ- والإمامُ قائم لم يركع- حرُم عليه). ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (1/242). المَسألةُ الثَّالثة: سبقُ المأمومِ إمامَه إلى الرُّكنِ اختلف أهلُ العِلمِ في سَبْقِ المأمومِ إمامَه إلى الرُّكنِ؛ هل تبطُلُ به الصلاةُ؟ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القول الأول: أنَّ سَبْقَ المأمومِ للرُّكنِ لا تَبْطُل به الصلاةُ، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنَفيَّة
[4773] ((حاشية ابن عابدين)) (2/61). ، والمالِكيَّة
[4774] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/341)، وينظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/453). ، والشَّافعيَّة
[4775] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/510)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/233). ؛ وذلك لِقِلَّةِ المُخالفةِ
[4776] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/510). القول الثاني: أنَّ سَبْقَ المأمومِ للركنِ تَبْطُل به الصَّلاةُ إلَّا إذا رجع فأتى به بعد إمامِه وأدرَكَه فيه، فلا تَبْطُل، وهذا مذهب الحَنابِلَة
[4777] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/465)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/14). ودليلُ البُطلانِ إذا لم يرجِعْ: أنَّه ترَكَ الواجِبَ عمدًا، ودليلُ عَدَمِ البُطلانِ إذا رَجَعَ: أنَّه سَبْقٌ يسيرٌ، وقد اجتمع معه في الرُّكْنِ بَعْدُ، فحصلَتِ المتابعةُ
[4778] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/465). القول الثالث: إذا سَبَقَ المأمومُ إمامَه إلى الركنِ مُتعمِّدًا بطَلَتْ صلاتُه، سواء رجَعَ فأتَى به معه، أو بَعدَه، أم لا وهو روايةٌ عن
أحمدَ [4779] قال المرداويُّ: (ركوعُ المأموم أو سجودُه، أو غيرهما قَبلَ إمامه عمدًا، مُحرَّم على الصَّحيح من المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقيل: مكروه، واختاره ابن عَقيل؛ فعلى المذهب: لا تبطُل صلاته بمجرَّد ذلك على الصَّحيح من المذهب، وعليه الجمهور... وعنه تبطُل إذا فعله عمدًا، ذكرها الإمام أحمد في رسالته، وقدَّمه الشارح، فقال: وتبطُل صلاته في ظاهر كلام الإمام أحمد؛ فإنَّه قال: ليس لِمَن سبَق الإمام صلاةٌ، لو كان له صلاة لرُجِي له الثواب، ولم يُخشَ عليه العقاب) ((الإنصاف)) (2/166). ، وقولٌ للشافعيَّة
[4780] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/259) ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/233). ، وقولُ
ابنِ باز قال ابنُ باز: (إذا سبَقه من غير تعمُّد لا تبطُل الركعة، لكن يرجع فيركع بعده، إذا رفع بعده أو رفَع قَبله في الركوع والسجود ثم انتبه، يعودُ ويركعُ معه أو بعدَه، حتى يرفعَ بعده, ولا شيءَ عليه؛ من أجْل الجهل، أمَّا إذا تعمَّد هذا... تبطُل صلاته نسأل الله العافية). ((الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). و
ابنِ عُثَيمين [4782] قال ابنُ عُثيمين: (إذا ركَع أو سجَد قبل إمامه عامدًا، فصلاته باطلةٌ، سواء رجَع فأتى به بعد الإمام أم لا، فعليه أن يستأنفَ الصلاة، وهذا القولُ هو الصَّحيح) ((الشرح الممتع)) (4/182). الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرَةَ، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمنا؛ يقول:
((لا تُبادِرُوا الإمامَ؛ إذا كَبَّر فكبِّروا، وإذا قال: وَلَا الضَّالِّينَ فقولوا: آمين، وإذا ركَع فاركعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ )) رواه مسلم (415). 2- عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:
((أمَا يَخشَى أحدُكُم- أو: ألَا يخشَى أحَدُكُم- إذا رفعَ رأسَهُ قبلَ الإمامِ، أنْ يجعَلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ حمَارٍ، أو يجعَلَ صورتَهُ صورَةَ حمَارٍ؟! )) رواه البخاريُّ (691)، ومسلم (427). 3- عن
أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ، فلمَّا قضى الصَّلاةَ أقبل علينا بوجهِه، فقال:
((أيُّها الناسُ، إنِّي إمامُكم؛ فلا تَسبِقوني بالركوعِ ولا بالسُّجودِ، ولا بالقيامِ ولا بالانصرافِ؛ فإنِّي أراكم أمامي ومِن خَلْفي )) رواه مسلم (426). ثانيًا: لأنَّه فَعَلَ محظورًا في الصَّلاةِ، والقاعدة: أنَّ فِعْل المحظورِ عمدًا في العبادة يُوجِب بُطلانَها
[4786] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/182). المَسألةُ الرَّابعة: سَبْقُ المأمومِ إمامَه برُكنٍاختلف أهل العلم في حكم سبق المأموم إمامه بركن- كأنْ يَركعَ المأمومُ ويرفعَ قبلَ الإمامِ- على قولين:
القول الأول: إذا سبَقَ المأمومُ إمامَه برُكنٍ متعمِّدًا بطلَتْ صلاتُه، وهو مذهب الحَنَفيَّة
[4787] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 124). فقالوا: تبطُلُ إذا ركع مثلًا ورَفَعَ رأسَه قبل الإمامِ ولم يُعِدْه معه أو بَعده وسَلَّم، وإذا لم يسلِّم مع الإمام وسابقه بالرُّكوعِ والسجود في كل الركعاتِ قضى ركعةً بلا قراءةٍ؛ لأنَّه مُدرِكٌ أوَّلَ صلاةِ الإمام لاحِقٌ، وهو يقضي قبل فراغِ الإمام، وقد فاتته الركعة الأولى بتَرْكِه متابعة الإمامِ في الركوع والسجود، ويكون ركوعُه وسجودُه في الثانية قضاءً عن الأولى، وفي الثالثة عن الثانية، وفي الرابعة عن الثالثة، فيقضي بعده ركعةً بغير قراءة. ، والمالِكيَّة
[4788] ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/342)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/341). وقالوا: فإنْ نَبَّهَه أحدٌ في آخر صلاته قبل أن يُسَلِّمَ فسجد سجدتين ثم سَلَّم؛ صَحَّتْ صلاته, وإن لم يتَنَبَّه لذلك حتى سلم بطَلَت صلاتُه. والحَنابِلَة
[4789] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/465)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/14). ، وهو قول جماعة من الشافعية
[4790]- ((روضة الطالبين)) للنووي (1/373). ،
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمنا؛ يقول:
((لا تُبادِروا الإمامَ؛ إذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قال: وَلَا الضَّالِّينَ فقولوا: آمين، وإذا ركَع فاركعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ )) [4791] رواه مسلم (415). 2- عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((أمَا يَخشَى أحدُكم- أو: أَلا يَخشَى أحدكم- إذا رفَع رأسَه قبلَ الإمامِ، أنْ يَجعلَ اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ، أو يجعلَ اللهُ صورتَه صورةَ حمارٍ )) رواه البخاري (691)، ومسلم (427). 3- عن
أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ، فلمَّا قضَى الصَّلاةَ أقبل علينا بوجهِه، فقال:
((أيُّها الناسُ، إنِّي إمامُكم، فلا تسبقوني بالركوعِ ولا بالسُّجودِ، ولا بالقيامِ ولا بالانصرافِ، فإنِّي أَراكم أمامي ومِن خَلْفي )) رواه مسلم (426). ثانيًا: ولأنَّه فعَلَ محظورًا في الصَّلاةِ، والقاعدة: أنَّ فِعلَ المحظورِ عمدًا في العبادةِ يُوجِبُ بطلانَها
[4794] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/182). ثالثًا: لأنَّه سَبَقَه بركنٍ كاملٍ، هو معظَمُ الركعةِ، أشبَهَ ما لو سَبَقَه بالسَّلامِ
[4795] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/466). القول الثاني: أنَّ السَّبْقَ بركن؛ لا يجوزُ، ويلزَمُه أن يعود إلى متابَعَتِه؛ فإن لم يفعَلْ حتى لَحِقَه فيه لم تَبْطُل صلاتُه، وهو مذهب الشَّافعيَّة
[4796] ((المجموع)) للنووي (4/234)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/373). الأَدِلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي هريرة، عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((أما يخشى أحدُكم- أو: لا يخشى أحَدُكم- إذا رفع رأسَه قبل الإمامِ، أن يجعَلَ اللهُ رأسَه رأسَ حمارٍ، أو يجعَلَ اللهُ صورَتَه صورةَ حمارٍ )) رواه البخاري (691)، ومسلم (427). وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ السَّبْقَ ببعضِ الرُّكنِ كأنَّ رَكَع قبل الإمامِ ولَحِقَه الإمامُ في الركوعِ، كالسَّبْقِ بركنٍ؛ لا تبطُلُ به الصَّلاةُ
[4798] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/359)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/233). ثانيًا: ولأنَّه تقَدَّمَ بركنٍ واحدٍ، وهو قدرٌ يسيرٌ ومفارقةٌ قليلةٌ
[4799] ((المجموع)) للنووي (4/234). الفرع الرابع: إذا كَبَّرَ المأمومُ مع الإمامِ إنْ قارنَ المأمومُ الإمامَ في تَكبيرةِ الإحرامِ لم تَنعقِدْ صلاتُه، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة
[4800] ((حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني)) (1/310)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/340). ، والشافعيَّة
[4801] ((المجموع)) للنووي (4/235)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/208). ، والحَنابِلَة
[4802] ((الفروع)) لابن مفلح (2/445)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/465). ، وهو قولُ
أبي يُوسفَ من الحَنَفيَّة
[4803] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/125) ، و
داودَ الظاهريِّ [4804] قال النوويُّ: (أن يُقارنَه؛ فإنْ قارنه في تكبيرة الإحرام أو شكَّ في مقارنته، أو ظن أنه تأخَّر، فبان مقارنتُه لم تنعقدْ صلاته باتِّفاق أصحابِنا مع نصوص الشافعيِّ، وبه قال مالكٌ، وأبو يوسف، وأحمد، وداود) ((المجموع)) (4/235). الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كَبَّر فكبِّروا.. )) [4805] رواه البخاري (734)، ومسلم (414).