الفَصْلُ الثَّالِثُ: أسْبابُ انْتِشارِ المَذهَبِ الأشْعَريِّ
قالَ
ابنُ تَيْمِيَّةَ: (
الأشاعِرةُ أشَدُّ اتِّباعًا للأَثارةِ النَّبويَّةِ وأَقرَبُ إلى مَذهَبِ أهْلِ السُّنَّةِ مِن
المُعْتَزِلةِ ونَحْوِهم مِن وُجوهٍ كَثيرةٍ؛ ولِهذا وافَقَهم في بعضِ ما ابْتَدَعوه كَثيرٌ مِن أهْلِ الفِقْهِ والحَديثِ والتَّصوُّفِ لوُجوهٍ:
أحَدُها: كَثْرةُ الحَقِّ الَّذي يَقولونَه، وظُهورُ الأَثارةِ النَّبَويَّةِ عنْدَهم.
الثَّاني: لَبْسُهم ذلك بمَقاييسَ عَقْلِيَّةٍ بعضُها مَوْروثٌ عن الصَّابِئةِ وبعضُها ممَّا ابْتُدِعَ في الإسْلامِ، واسْتيلاءُ ما في ذلك مِن الشُّبُهاتِ عليهم، وظَنُّهم أنَّه لم يُمكِنِ التَّمسُّكُ بالأَثارةِ النَّبَويَّةِ مِن أهْلِ العَقْلِ والعِلمِ إلَّا على هذا الوَجْهِ.
الثَّالِثُ: ضَعْفُ الأَثارةِ النَّبَويَّةِ الدَّافِعةِ لِهذه الشُّبُهاتِ والمُوَضِّحةِ لسَبيلِ الهُدى عنْدَهم.
الرَّابِعُ: العَجْزُ والتَّفْريطُ الواقِعُ في المُنْتَسِبينَ إلى السُّنَّةِ والحَديثِ؛ تارةً يَرْوونَ ما لا يَعلَمونَ صِحَّتَه، وتارةً يَكونونَ كالأُمِّيِّينَ الَّذين لا يَعلَمونَ الكِتابَ إلَّا أمانِيَّ، ويُعرِضونَ عن بَيانِ دَلالةِ الكِتابِ والسَّنَّةِ على حَقائِقِ الأمورِ)
[290] ((مجموع الفَتاوى)) (12/ 33) بتَصَرُّفٍ يسيرٍ في أوَّلِه. .
ويُمكِنُ تَلْخيصُ أهَمِّ أسْبابِ انْتِشارِ المَذهَبِ الأشْعَريِّ في العالَمِ الإسْلاميِّ فيما يلي:أوَّلًا: انْحِسارُ مَذهَبِ
المُعْتَزِلةِ، وظُهورُ المَذهَبِ الأشْعَريِّ الَّذي تَصَدَّى للمُعْتَزِلةِ، وبَيَّنَ بُطْلانَ كَثيرٍ مِن بِدَعِهم.
ثانِيًا: نَشْأةُ المَذهَبِ الأشْعَريِّ في عاصِمةِ الخِلافةِ العبَّاسيَّةِ بَغْدادَ، وفيها الفُقَهاءُ والمُحَدِّثونَ والمُقْرِئونَ، ويَرحَلُ إليها طُلَّابُ العِلمِ، فكَثُرَ النَّاقِلونَ لِهذا المَذهَبِ إلى جِهاتٍ كَثيرةٍ مِن بِلادِ الإسْلامِ شَرْقًا وغَرْبًا، وشَمَالًا وجَنوبًا.
ثالِثًا: تَوَسُّطُ المَذهَبِ الأشْعَريِّ في بِدايةِ نَشْأتِه إلى حدٍّ ما بَيْنَ
المُعْتَزِلةِ والجَهْميَّةِ، وبَيْنَ المُشَبِّهةِ وغُلاةِ مُثْبِتةِ الصِّفاتِ مِن الحَنابِلةِ.
رابِعًا: الجَهْلُ بحَقيقةِ مَذهَبِ السَّلَفِ، واشْتِهارُ القَوْلِ بأنَّ هناك طَريقتَينِ في آياتِ وأحاديثِ الصِّفاتِ، طَريقةَ السَّلَفِ وهي التَّفْويضُ، وطَريقةَ الخَلَفِ وهي التَّأويلُ.
خامِسًا: ظُهورُ المَذهَبِ الماتُريديِّ الَّذي يُشابِهُ كَثيرًا المَذهَبَ الأشْعَريَّ في تَأويلِ الصِّفاتِ، وفي كَثيرٍ مِن مَسائِلِ الاعْتِقادِ.
سادِسًا: انْتِسابُ كَثيرٍ مِن فُقَهاءِ الحَنَفيَّةِ إلى المَذهَبِ الماتُريديِّ، فانْتَسَبَ كَثيرٌ مِن فُقَهاءِ المالِكيَّةِ والشَّافِعيَّةِ إلى المَذهَبِ الأشْعَريِّ.
سابِعًا: اشْتِهارُ القَوْلِ بأنَّ أهْلَ السُّنَّةِ هُمُ
الأشاعِرةُ و
الماتُريديَّةُ وأهْلُ الحَديثِ.
ثامِنًا: انْتِشارُ التَّصوُّفِ الَّذي امْتَزَجَ بالعَقيدةِ
الأشْعَريَّةِ أو
الماتُريديَّةِ.
تاسِعًا: مُراسَلةُ عُلَماءِ
الأشاعِرةِ للسَّلاطينِ في الدِّفاعِ عن
الأشاعِرةِ وبَيانِ صِحَّةِ مُعْتقَدِهم، ونَصيحتُهم السَّلاطينَ باتِّباعِ هذه العَقيدةِ، وتَبَنِّي بعضِ المُلوكِ والوُزَراءِ والأُمَراءِ لمَذهَبِ
الأشاعِرةِ، وتَشْجيعُهم لأعْلامِه، ومُساهَمتُهم في نَشْرِه. ومِن أولئك:
1- الوَزيرُ السَّلْجوقيُّ نِظامُ المُلْكِ (ت 485 هـ)، الَّذي بَنى المَدارِسَ النِّظاميَّةَ في بَغْدادَ ونَيْسابورَ والبَصْرةِ وأصْفَهانَ وبَلْخٍ وهَراةَ ومَرْوٍ والمُوصِلِ، وكانَ يُدرَّسُ في هذه المَدارِسِ النِّظاميَّةِ المَذهَبُ الأشْعَريُّ، ومِن أَشهَرِ المُدَرِّسينَ في بعضِ هذه المَدارِسِ:
أبو المَعالي الجُوَيْنيُّ، و
أبو حامِدٍ الغَزاليُّ، وهُما مِن كِبارِ
الأشاعِرةِ الفُقَهاءِ الأُصولِيِّينَ.
2- ابن تُومَرْتَ أميرُ المُوَحِّدينَ (ت 524هـ)، وهو مِن تَلاميذِ
أبي حامِدٍ الغَزاليِّ، وقدْ أَسَّسَ دَوْلةَ المُوَحِّدينَ في بِلادِ المَغرِبِ، وتَبَنَّى هو ومَن جاءَ بَعْدَه مِن مُلوكِ دَوْلةِ المُوَحِّدينَ المَذهَبَ الأشْعَريَّ، وكانَ لهم دَوْرٌ كَبيرٌ في نَشْرِه في بِلادِ المَغرِبِ والأَنْدَلُسِ.
3- السُّلْطانُ نورُ الدِّينِ مَحْمودُ بنُ زَنْكيٍّ (ت 569هـ)، وقد أَنْشَأَ أَكبَرَ دارٍ للحَديثِ في دِمَشْقَ، ووَكَّلَ مَشْيَختَها إلى الحافِظِ ابنِ عَساكِرَ صاحِبِ كِتابِ (تَبْيين كَذِبِ المُفْتري فيما نُسِبَ إلى الأشْعَريِّ)، وأَنْشَأَ في حَلَبَ المَدْرسةَ النِّفريَّةَ النُّوريَّةَ للشَّافِعيَّةِ، وتَوَلَّى التَّدْريسَ فيها قُطْبُ الدِّينِ مَسْعودُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسابوريُّ، أحَدُ أعْلامِ المَذهَبِ الأشْعَريِّ، وتَوَثَّقَتْ عَلاقةُ
صَلاحِ الدِّينِ الأَيُّوبيِّ بالشَّيْخِ الأشْعَريِّ قُطْبِ الدِّينِ مُسْعودٍ.
4- السُّلْطانُ صَلاحُ الدِّينِ الأَيُّوبيُّ (ت 589ه)، القائِدُ المَشْهورُ، فاتِحُ القُدْسِ، حَفِظَ
صَلاحُ الدِّينِ الأَيُّوبيُّ عَقيدةً ألَّفَها له الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ مَسْعودٌ النَّيْسابوريُّ، وصارَ يُحفِّظُها صِغارَ أوْلادِه، وحَمَلَ
صَلاحُ الدِّينِ النَّاسَ على عَقيدةِ الأشْعَريِّ، وشَرَطَ ذلك في أوْقافِه ومَدارِسِه الَّتي كانَت في مِصْرَ، وبَعْدَ مَوْتِ
صَلاحِ الدِّينِ اسْتَمَرَّ غالِبُ مُلوكِ الأَيُّوبيِّينَ على تَشْجيعِ المَذهَبِ الأشْعَريِّ، ولمَّا زالَتِ الدَّوْلةُ الأَيُّوبيَّةُ، وجاءَ بَعْدَها دَوْلةُ المَماليكِ، وهُمْ مَوالي الأَيُّوبيِّينَ، ساروا أيضًا على المَذهَبِ الأشْعَريِّ، ثُمَّ جاءَتِ الدَّوْلةُ العُثْمانيَّةُ بَعْدَ المَماليكِ، فشَجَّعَ السَّلاطينُ العُثْمانِيُّونَ التَّصوُّفَ الَّذي امْتَزَجَ بالمَذهَبِ الأشْعَريِّ والماتُريديِّ، وكانَ هذا مِن أسْبابِ انْتِشارِ المَذهَبِ الأشْعَريِّ والمَذهَبِ الماتُريديِّ في العُصورِ المُتَأخِّرةِ.
عاشِرًا: أنَّ العُلَماءَ الأعْلامَ الَّذين تَبَنَّوُا المَذهَبَ الأشْعَريَّ أو تَأثَّروا به كالباقِلَّانيِّ، وابنِ فورَكٍ، وعَبْدِ القاهِرِ البَغْداديِّ، و
البَيْهَقيِّ، و
أبي القاسِمِ القُشَيْريِّ، و
أبي الوَليدِ الباجيِّ، و
أبي المَعالي الجُوَيْنيِّ، و
أبي حامِدٍ الغَزاليِّ،
والمازِريِّ، وابنِ عَطِيَّةَ الأنْدَلُسيِّ، و
القاضي ابنِ العَرَبيِّ، والقاضي عِياضٍ، و
الفَخْرِ الرَّازيِّ، و
أبي الحَسَنِ الآمِدِيِّ، و
العِزِّ بنِ عَبْدِ السَّلامِ، و
أبي عَبْدِ اللهِ القُرْطُبيِّ، و
النَّوَويِّ، والسُّبْكيِّ، و
ابنِ حَجَرٍ العَسْقَلانيِّ، و
السُّيوطيِّ، و
ابن حجر الهيتمي، وغَيْرِهم، كانَ لهم تَآليفُ كَثيرةٌ نافِعةٌ جِدًّا في فُنونٍ شَتَّى، وكانوا إمَّا دُعاةً إلى المَذهَبِ الأشْعَريِّ صَراحةً، وإمَّا مُصَوِّبينَ لِما يَنْقُلونَه عن
الأشاعِرةِ مِن تَأويلِ الصِّفاتِ أو ساكِتينَ عن بَيانِ بُطْلانِه غالِبًا، لَمَّا تَقَرَّرَ عنْدَ أَكثَرِهم أنَّ مَذهَبَ السَّلَفِ هو التَّفْويضُ، وأنَّ
الأشاعِرةَ يُجَوِّزونَ التَّفْويضَ أو التَّأويلَ، وأنَّه لا حَرَجَ على مَن أخَذَ بأحَدِ المَذهَبَينِ، وأخَذَ عنهم ذلك طُلَّابُهم وطُلَّابُ طُلَّابِهم، وهَلُمَّ جَرًّا، وتَأثَّرَ بهِم مَن قَرَأَ كُتُبَهم المُتَنَوِّعةَ في العَقائِدِ والتَّفْسيرِ وعُلومِ القُرْآنِ، والفِقْهِ وأُصولِ الفِقْهِ والحَديثِ والنَّحْوِ والتَّراجِمِ
[291] تَنْبيهٌ مُهِمٌّ: بَعْضُ العُلَماءِ الأجِلَّاءِ المَنْسوبين إلى المَذهَبِ الأشْعَريِّ هم عند التَّحْقيقِ ليسوا أشاعِرةً؛ ففي تصانيفِهم ما يدُلُّ دَلالةً قاطِعةً على أنَّهم ليسوا على المَذهَبِ الأشْعَريِّ، ويُنظر تفصيلُ ذلك في كِتاب: ((الأشاعِرة في ميزان أهْل السُّنَّة)) للجاسم (ص: 597 - 640)، وبَعْضُهم وإن كانوا متأثِّرينَ بالمَذهَبِ الأشْعَريِّ في بَعْضِ المَسائِلِ لكِنَّهم لا يُوافِقون المَذهَبَ الأشْعَريَّ في جَميعِ أُصولِه ومَسائِلِه، بل يخالِفونَ الأشاعِرةَ لا سِيَّما المُتَأخِّرون منهم في كَثيرٍ مِن المَسائِل. ويُنظر: ((مجموع فَتاوى ورسائل العثيمين)) (1/ 120)، ((تعقيب على مقالات الصابوني)) لسفر الحوالي (ص: 25)، ((البدور السافرة في نفي انتساب ابن حَجَر إلى الأشاعِرة)) لأبي أسامة الأثري (ص: 57 - 148) ((الردود والتعقبات على ما وقع للإمام النووي في شرح صَحيح مُسلِم من التَّأويل في الصِّفات)) لمشهور حسن (ص: 18 - 29). ، حتَّى اعْتَمَدَ المَذهَبَ الأشْعَريَّ غالِبُ فُقَهاءِ الشَّافِعيَّةِ والمالِكيَّةِ المُتَأخِّرينَ، بل وتَأثَّرَ بالمَذهَبِ الأشْعَريِّ بعضُ فُقَهاءِ الحَنابِلةِ الفُضَلاءِ، فألَّفَ
ابنُ الجَوْزيِّ الحَنْبَليُّ كِتابَ (دَفْعِ شُبْهةِ التَّشْبيهِ)، الَّذي رَدَّ فيه على بعضِ مَن غَلا في إثْباتِ الصِّفاتِ مِن الحَنابِلةِ، وقابَلَ ذلك بالتَّأويلِ أو التَّفْويضِ
[292] ابنُ الجوزيِّ تأثَّر بالأشاعرةِ في مسألةِ التَّأويلِ والتَّفويضِ، ولكِنَّه كان يبغِضُ الأشاعرةَ، ويعتَقِدُ ضلالَهم، وله كلامٌ شديدٌ فيهم، ومن ذلك قَولُه عن أبي ذَرٍّ الهَرَويِّ: (كان من الأشاعرةِ المُبغَضِينَ، وهو أوَّلُ من أدخل الحَرَمَ مذهَبَ الأشعريِّ، ولا يُقبَلُ جَرحُه لحَنبليٍّ يَعتَقِدُ كُفرَه) ((المنتظم في تاريخ الملوك والأمم)) (14/ 391)، وقال في ترجمةِ أبي الحسَنِ الأشعَريِّ: (أبو الحسَنِ الأشعريُّ المتكَلِّمُ،... تشاغَل بالكلامِ، وكان على مذهَبِ المُعتَزِلةِ زمانًا طويلًا، ثمَّ عنَّ له مخالفتُهم، وأظهر مقالةً خَبطَت عقائِدَ النَّاسِ، وأوجبت الفِتَنَ المتَّصِلةَ، وكان النَّاسُ لا يختَلِفون في أنَّ هذا المسموعَ كلامُ اللهِ، وأنَّه نزل به جبريلُ عليه السَّلامُ على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فالأئمَّةُ المعتَمَدُ عليهم قالوا: إنَّه قديمٌ، والمُعتَزِلةُ قالوا: هو مخلوقٌ، فوافق الأشعريُّ المُعتَزِلةَ في أنَّ هذا مخلوقٌ، وقال: ليس هذا كلامَ اللهِ، إنَّما كلامُ اللهِ صفةٌ قائمةٌ بذاتِه، ما نزل، ولا هو ممَّا يُسمَعُ،... ثمَّ تَبِع أقوامٌ من السَّلاطينِ مذهَبَه فتعصَّبوا له، وكَثُر أتباعُه حتَّى تركت الشَّافعيَّةُ مُعتَقَدَ الشَّافعيِّ رَضِيَ اللهُ عنه ودانوا بقولِ الأشعريِّ!) ((المنتظم في تاريخ الملوك والأمم)) (14/ 29). ، وألَّفَ مرعي الحَنْبَليُّ (أقاويلَ الثِّقاتِ في تَأويلِ الأسْماءِ والصِّفاتِ والآياتِ المُحكَماتِ والمُشْتَبِهاتِ)، الَّذي قَرَّرَ فيه مَذهَبَ التَّفْويضِ لمَعاني الصِّفاتِ، وادَّعى فيه أنَّه مَذهَبُ السَّلَفِ الصَّالِحِ.
حاديَ عَشَرَ: غُرْبةُ الدِّينِ، وقِلَّةُ العِلمِ بحَقيقةِ ما كانَ عليه السَّلَفُ الصَّالِحُ مِن إمْرارِهم نُصوصَ الصِّفاتِ على ظاهِرِها مِن غَيْرِ تَحْريفٍ ولا تَعْطيلٍ، ومِن غَيْرِ تَكْييفٍ ولا تَمْثيلٍ، وتَفْويضِهم كَيْفيَّةَ الصِّفاتِ معَ العِلمِ بمَعانيها كما يَليقُ بجَلالِ اللهِ وعَظَمتِه، وتَقْصيرُ كَثيرٍ مِن عُلَماءِ أهْلِ السُّنَّةِ في تَوْضيحِ الحَقِّ بأَدِلَّتِه، والرَّدِّ على الباطِلِ وأهْلِه، ومَن قامَ مِنهم بنُصْرةِ الحَقِّ والرَّدِّ على أهْلِ الباطِلِ أُوذِيَ إمَّا بالسَّجْنِ أو الطَّرْدِ والنَّفْيِ، ورُبَّما أَفْتى بعضُ المُتَعَصِّبينَ بسَفْكِ دَمِه، فاكْتَفى كَثيرٌ مِن عُلَماءِ أهْلِ السُّنَّةِ بالصَّمْتِ طَلَبًا للسَّلامةِ. واللهُ المُسْتعانُ.
ثانيَ عَشَرَ: تَبَنِّي كَثيرٍ مِن دُورِ العِلمِ في العالَمِ الإسْلاميِّ عَقيدةَ
الأشْعَريَّةِ؛ كالجامِعِ الأزْهَرِ في مِصْرَ، وجامِعِ الزَّيْتونةِ في تُونِسَ، وكَثيرٍ مِن المَدارِسِ الَّتي اعْتَمَدَتِ المَذهَبَ الأشْعَريَّ في مَكَّةَ والمَدينةِ ودِمَشْقَ وحَضْرَمَوْتَ وزَبيدٍ وإنْدونيسْيا وغَيْرِها مِن بِلادِ المُسلِمينَ
[293] يُنظر: ((تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشْعَري)) لابن عَساكِر (ص: 100 - 108)، ((شكاية أهْل السُّنَّة بحكاية ما نالهم من المحن)) لأبي القاسِم القُشَيْري، ((التبر المسبوك في نصيحة الملوك)) للغزالي (ص: 9، 11)، ((درء تعارض العَقْل والنقل)) لابن تَيْمِيَّةَ (2/ 101 - 104) و (7/ 32 - 37)، ((المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار)) للمقريزي (4/ 192)، ((موقف ابن تَيْمِيَّةَ من الأشاعِرة)) للمحمود (2/497 - 504)، ((الأشاعِرة في ميزان أهْل السُّنَّة)) لفيصل الجاسم (ص: 749 - 756)، ((موسوعة مواقف السَّلَف في العَقيدة والمَنهَج والتربية)) للمغراوي (7/ 269)، ((الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط)) للصلابي (ص: 513 - 518)، ((الانحرافات العَقَديَّة والعِلمية في القَرْنين الثَّالِث عشر والرابع عشر الهِجْريين)) للزهراني (ص: 64 - 74، 257 - 267، 435 - 562). .