الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 359 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 969
تفاصيل الحدث:

مَلَك الرُّومُ مدينةَ أنطاكيةَ، وسببُ ذلك أنَّهم حَصَروا حِصنًا بالقُربِ مِن أنطاكية يقالُ له حصنُ لوقا، وأنَّهم وافقوا أهلَه، وهم نصارى، على أن يرَتَحِلوا منه إلى أنطاكية، ويُظهِروا أنَّهم إنَّما انتَقَلوا منه خوفًا من الرومِ، فإذا صاروا بأنطاكية أعانوهم على فَتحِها، وانصرف الرومُ عنهم بعد موافقتِهم على ذلك، وانتقل أهلُ الحصن ونزلوا بأنطاكية بالقُربِ مِن الجبَلِ الذي بها، فلمَّا كان بعد انتقالِهم بشهرينِ وافى الرومَ مع أخي نقفور الملك، وكانوا نحو أربعينَ ألف رجلٍ، فأحاطوا بسور أنطاكية، وصَعِدوا الجبلَ إلى الناحية التي بها أهلُ حصن لوقا، فلما رآهم أهلُ البلدِ قد ملكوا تلك الناحيةَ طَرَحوا أنفُسَهم من السور، ومَلَك الرُّومُ البلدَ، ووضعوا في أهلِه السَّيفَ، ثم أخرجوا المشايخَ والعجائزَ والأطفالَ من البلد، وقالوا لهم: اذهبُوا حيث شئتم، فأخذوا الشبابَ مِن الرجال، والنِّساءَ والصبيان، والصبايا، فحَمَلوهم إلى بلاد الروم سبيًا، وكانوا يزيدونَ على عشرين ألفًا، وكان حَصرُهم أنطاكيةَ بدأ في ذي الحِجَّة.

العام الهجري : 360 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 970
تفاصيل الحدث:

توفِّيَ الإمامُ المحَدِّثُ القُدوةُ، شيخُ الحَرَمِ الشَّريفِ، أبو بكرٍ محمَّدُ بنُ الحُسَين بنِ عبد الله البغدادي الآجُرِّيُّ، الفقيهُ الشَّافعيُّ المحَدِّث صاحِبُ كتاب الأربعين حديثًا، وهي مشهورة به، صاحب التواليف، منها: كتاب " الشريعة في السُّنة "، وكتاب " الرؤية "، وكتاب " الغرباء "، وكتاب " الأربعين "، وكتاب " الثمانين "، وكتاب " آداب العلماء "، وكتاب " مسألة الطائفين "، وكتاب " التهجُّد "، وغير ذلك وكان صدوقًا، خيِّرًا، عابدًا، صاحِبَ سُنَّة واتِّباع. قال الخطيب: " كان ديِّنًا ثقةً، له تصانيف "  مات بمكة وكان في الثمانين من عُمُرِه.

العام الهجري : 360 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 971
تفاصيل الحدث:

كان بين جَعفرِ بنِ عليٍّ، صاحِبِ مدينةِ مَسيلة وأعمالِ الزَّاب، وزِيري الصِّنهاجيِّ مُحاسَدةٌ، فلمَّا كثُرَ تقَدُّمُ زِيري عند المعِزِّ ساء ذلك جعفرًا، ففارق بلادَه ولَحِقَ بزناتة فقَبِلوه قَبولًا عظيمًا، ومَلَّكوه عليهم عداوةً لزِيري، وعصيَ جعفرٌ على المعِزِّ الفاطميِّ، فسار زيري إليه في جمعٍ كثيرٍ مِن صنهاجة وغيرِهم، فالتقوا في شهر رمضان، واشتد القتالُ بينهم، فكبا بزيري فرسُه، فوقعَ فقُتِل.

العام الهجري : 360 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 971
تفاصيل الحدث:

أخَذَت القرامطةُ دِمشقَ وقَتَلوا نائِبَها جعفرَ بنَ فلاح الفاطميَّ، وكان رئيسُ القرامطة وأميرُهم الحُسَين بن أحمد بن بهرام وقد أمَدَّه عِزُّ الدولة البُويهي من بغداد بسِلاحٍ وعُدَدٍ كثيرةٍ، ثمَّ ساروا إلى الرَّملةِ فأخذوها وتحصَّنَ بها مَن كان بها من المغاربةِ نوابا، ثمَّ إن القرامطةَ تركوا عليهم من يحاصِرُها ثم ساروا نحو القاهرةِ في جمعٍ كثيرٍ مِن الأعراب والإخشيديَّة والكافوريَّة، فوصلوا عينَ شمس فاقتتلوا هم وجنودُ القائدِ جوهرٍ الصِّقليِّ قِتالًا شديدًا، وكان الظَّفَرُ للقرامطةِ وحَصَروا المغاربةَ حَصرًا عظيمًا، ثمَّ حَمَلَت المغاربةُ في بعض الأيَّامِ على ميمنةِ القرامطةِ فهَزَمتْها ورجعت القرامطةُ إلى الشام فجَدُّوا في حصارِ باقي المغاربة، فأرسلَ جوهر إلى أصحابِه خمسة عشر مركبًا ميرة، فأخَذَتها القرامطةُ سِوى مركبينِ أخذتهما الإفرنجُ، وجَرَت بينهم خطوبٌ كثيرة، قُتِلَ فيها جعفرٌ الفاطميُّ، ومَلَك القرامِطةُ دمشقَ، ووَلَّوا عليها ظالمَ بنَ موهوب العقيلي، لكنَّه لم يلبَثْ مُدَّةً يسيرةً حتى تركها ولم يلبَثْ فيها.

العام الهجري : 360 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 971
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافِظُ الثِّقةُ الرَّحَّالُ الجَوَّال, مُحَدِّثُ الإسلام, عَلَمُ المعَمَّرينِ, أبو القاسم سُليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطَّبَراني، نسبةً إلى طبَرِيَّة، مولدُه بمدينة عكَّا في شهر صفر سنة 260, وكانت أمُّه عكَّاوية. أحد الحُفَّاظ المكثرينَ الذين رحَلوا في البلاد كثيرًا شَرقًا وغَربًا وشَمالًا وجنوبًا، كان عالِمًا بالحديثِ والعِلَل والرِّجال، وأوَّل سماعٍ له في الحديث كان سنة 273، وارتحل به أبوه, وحَرَصَ عليه, فإنه كان صاحِبَ حديثٍ مِن أصحابِ مُحَدِّث الشام دحيم الدمشقي, وكان أوَّل ارتحالٍ له في سنة 275, وبقي في الارتحالِ, ولَقِيَ الرجالَ ستة عشر عامًا، وكتب عمَّن أقبل وأدبر, وبرَعَ في هذا الشأنِ, له مُصَنَّفاتٌ عديدةٌ أشهرُها المعاجِمُ الثلاثة: المعجم الكبير، والأوسط، والصغير، وله كذلك مكارمُ الأخلاق، وحديث الشاميين، والدعاء، وغيرها, وازدحم عليه المحَدِّثون, ورَحَلوا إليه من الأقطارِ. توفي في أصبهان عن عمرٍ يناهِزُ المائةَ.

العام الهجري : 361 العام الميلادي : 971
تفاصيل الحدث:

أغار مَلِكُ الرومِ على الرَّها ونواحيها، وسار في ديارِ الجزيرة الفراتية حتى بلغوا نصيبين، فغَنِموا، وسَبَوا، وأحرقوا وخرَّبوا البلاد، وفعلوا مثلَ ذلك بديارِ بكر، ولم يكُنْ من أبي تَغلِبَ بنِ حمدان في ذلك حركةٌ، ولا سعيَ في دَفعِه، لكنَّه حمل إليه مالًا كَفَّه به عن نفسِه، فسار جماعةٌ مِن أهل تلك البلادِ إلى بغداد مستنفرينَ، وقاموا في الجوامِعِ والمشاهِدِ، واستنفروا المسلمينَ، وذكروا ما فعَلَه الرومُ مِن النَّهب والقتل، والأسْرِ والسبيِ، فاستعظمه النَّاسُ، وخَوَّفَهم أهل الجزيرة من انفتاحِ الطَّريقِ وطَمَعِ الرُّومِ، وأنَّهم لا مانِعَ لهم عندهم، فاجتمع معهم أهلُ بغداد، وقصدوا دارَ الخليفة المطيع لله، وأرادوا الهُجومَ عليه، فمُنِعوا من ذلك، وأغلِقَت الأبوابُ، وكان بختيار عِزُّ الدولة بن معز البويهي حينئذٍ يتصَيَّدُ بنواحي الكوفة، فخرج إليه وجوهُ أهلِ بغداد مُستغيثين، مُنكِرينَ عليه اشتغالَه بالصَّيدِ، وقتالَ عِمرانَ بنِ شاهين وهو مُسلِمٌ, وتَركَ جِهادِ الروم، ومَنْعَهم عن بلادِ الإسلامِ حتى توغَّلوها، فوعدهم التجهُّزَ للغزاة، وأرسل إلى الحاجِبِ سبكتكين يأمُرُه بالتجهُّزِ للغَزوِ وأن يستنفِرَ العامَّةَ، ففعل سبكتكين ذلك، فاجتمَعَ مِن العامَّةِ عدَدٌ كثير لا يُحصَونَ كَثرةً، وكتب بختيار إلى أبي تغلِبَ بن حمدان، صاحِبِ الموصِل، يأمُرُه بإعدادِ الميرة والعُلوفات، ويُعَرِّفُه عَزْمَه على الغزاة، فأجابه بإظهارِ الفَرَحِ، وإعدادِ ما طلب منه. ولَمَّا تَجهَّزَت العامَّةُ للغَزاةِ، وقعت بينهم فتنةٌ شديدةٌ بين الرَّوافِضِ وأهلِ السُّنَّة، ولم تتِمَّ الغزوةُ.

العام الهجري : 361 العام الميلادي : 971
تفاصيل الحدث:

لَمَّا كان مِن أمرِ دُخولِ الرُّومِ وبُلوغِ الخبر إلى بغداد، وتجهَّزت العامَّةُ للغَزاةِ، وقعت بينهم فتنةٌ شديدة بين الروافض وأهل السُّنة، وأحرق أهلُ السُّنَّة دُورَ الرَّوافِضِ في الكرخ، وقالوا: الشَّرُّ كُلُّه منكم، وثار العيَّارون ببغداد يأخذون أموالَ النَّاسِ، وتناقَضَ النَّقيبُ أبو أحمد الموسوي والوزيرُ أبو الفضل الشيرازي، وأرسل بختيار عزُّ الدولة بن معز الدولة إلى الخليفةِ المُطيع لله يطلُبُ منه أموالًا يستعين بها على هذه الغزوةِ، فبعث إليه الخليفةُ يقول: لو كان الخراجُ يجيء إلي لدَفَعتُ منه ما يحتاج المُسلِمونَ إليه، ولكن أنت تصرِفُ منه في وُجوهِ ليس بالمُسلمينَ إليها ضرورةٌ، وأمَّا أنا فليس عندي شيءٌ أُرسِلُه إليك, فتردَّدَت الرُّسُلُ بينهم وأغلَظَ بختيار للخليفةِ في الكلامِ وتهَدَّده، فاحتاج الخليفةُ أن يحَصِّلَ له شيئًا فباع بعضَ ثيابِ بَدَنِه وشيئًا مِن أثاث بيته، ونقضَ بعضَ سُقوفِ داره وحصَلَ له أربعمائة ألف درهم فصَرَفَها بختيار في مصالحِ نَفسِه، وأبطل تلك الغزاةَ، فنَقِمَ الناس للخليفةِ وساءهم ما فعَلَ به ابنُ بُوَيه الرافضيُّ مِن أخْذِه مالَ الخليفةِ وتَرْكِ الجِهاد.

العام الهجري : 361 العام الميلادي : 971
تفاصيل الحدث:

جامِعُ الأزهرِ هو من أهَمِّ المساجِدِ في مصرَ وأشهرِها في العالمِ الإسلاميِّ. وهو أوَّلُ جامعٍ أُسِّسَ بالقاهرة، أنشأه القائِدُ جوهر الكاتب الصِّقليُّ مولى المعِزِّ لدينِ الله، لَمَّا اختَطَّ القاهرة، وابتدأ بناءَه في يوم السبت لستٍّ بقين من جمادى الأولى سنة 359، وكَمُل بناؤه لسبعٍ خَلَونَ مِن رمضان سنة 361.

العام الهجري : 361 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 972
تفاصيل الحدث:

سار المعِزُّ الفاطميُّ من إفريقيَّة يريدُ الدِّيارَ المصريَّة، وكان أوَّل مسيرِه أواخِرَ شوَّال سنة 361 وكان أوَّل رحيله من المنصوريَّة، فأقام بسردانيَّة، وهي قريةٌ قريبةٌ مِن القيروان، ولحقه بها رجالُه وعُمَّالُه، وأهلُ بيته وجميعُ ما كان له في قَصرِه مِن أموال وأمتعةٍ وغير ذلك، وسار عنها واستعملَ على بلاد إفريقيَّةَ يوسُفَ بلكين بن زيري، وجعل على صقليَّةَ حسَن بنَ علي بن أبي الحُسَين، وجعل على طرابلس عبدَ الله بن يخلف الكتاميَّ، وجعل على جباية أموالِ إفريقيَّة زيادةَ الله بن القديم، وعلى الخراجِ عبد الجبَّار الخُراساني، وحُسَين بن خلف الموصدي، وأمَرَهم بالانقيادِ ليُوسُف بن زيري، فأقام بسردانيَّة أربعة أشهر حتى فرغ من جميعِ ما يريد، ثم رحل عنها، ومعه يوسُفُ بلكين وهو يوصيه بما يفعَلُه، ثم سار المعِزُّ حتى وصل إلى الإسكندريَّة أواخر شعبان من سنة 362، وأتاه أهلُ مِصرَ وأعيانُها، فلَقِيَهم وأكرَمَهم وأحسن إليهم، وسار فدخل القاهرةَ خامس شهر رمضان سنة 362، وأنزل عساكِرَه مصرَ والقاهرةَ في الديار، وبقي كثيرٌ منهم في الخِيامِ.

العام الهجري : 362 العام الميلادي : 972
تفاصيل الحدث:


كانت وقعةٌ بينَ هبةِ اللهِ بنِ ناصر الدولة بن حمدانَ وبينَ الدُّمُسْتُق بناحية ميافارقين، وكان سبَبُها غزوَ الدُّمُسْتُق بلادَ الإسلام، ونهْبَه ديارَ ربيعة وديارَ بكرٍ، فلمَّا رأى الدُّمُسْتُق أنَّه لا مانِعَ له عن مرادِه قَوِيَ طَمَعُه على أخذِ آمد، فسار إليها وبها هزارمرد غلامُ أبي الهيجاء بن حمدان، فكتب إلى أبي تَغلِبَ يستصرِخُه ويستنجِدُه، ويُعلِمُه الحال، فسيَّرَ إليه أخاه أبا القاسِمَ هبةَ الله بن ناصر الدولة، واجتمعا على حربِ الدُّمُسْتُق، وسار إليه فلَقِياه آخر رمضان، وكان الدُّمُسْتُق في كثرةٍ، لكِنْ لَقِياه في مضيقٍ لا تجولُ فيه الخيلُ، والرومُ على غيرِ أُهبةٍ، فانهزموا، وأخذ المُسلِمونَ الدُّمُسْتُق أسيرًا، ولم يزَلْ محبوسًا إلى أن مَرِضَ سنة 363، فبالغ أبو تغلِبَ في علاجِه، وجمَعَ الأطبَّاءَ له، فلم ينفَعْه ذلك، ومات- قبَّحَه الله- فقد بالغ في إيذاءِ المُسلِمينَ قتلًا وأسرًا ونَهبًا.

العام الهجري : 362 العام الميلادي : 972
تفاصيل الحدث:

لَمَّا سار المعِزُّ الفاطميُّ إلى مصرَ خَلَّفَ على إفريقيَّة يوسُفَ بلكين بن زيري، ولَمَّا عاد يوسف بلكين من وداعِ المعِزِّ أقام بالمنصوريَّة يعقِدُ الوِلاياتِ للعُمَّال على البلاد، ثم سار في البلاد، وباشرَ الأعمال، وطيَّبَ قُلوبَ الناس، وكان المعِزُّ يريد أن يستخلِفَ يوسُفَ بلكين على الغَربِ لقُوَّتِه، وكثرةِ أتباعه، ولكِنَّه كان يخاف أن يتغَلَّبَ على البلاد بعد مسيرِه عنها إلى مصر، فلما استحكَمَت الوحشةُ بين يوسف وبين زناتة أمِنَ تغَلُّبَه على البلادِ، ولكِنَّ يوسُفَ اجتَمَعَت له صِنهاجةُ كما اجتمَعَت لأبيه مِن قَبلُ، وبدأ يَقوى أمرُه.

العام الهجري : 362 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 973
تفاصيل الحدث:

بعد أن انتظم الأمرُ في مِصرَ للفاطميِّينَ تهيَّأَ المعِزُّ الفاطميُّ العُبَيديُّ للانتقالِ إليها، فسار بخزائِنِه وتوابيتِ آبائه. وكان دخولُه إلى الإسكندريَّة في شعبان سنة 362 وتلقَّاه قاضي مصر الذهلي وأعيانُها، فأكرمهم وطال حديثُه معهم وأظهر لهم أنَّ قَصْدَه الحَقُّ والجِهادُ، وأن يختِمَ عُمُرَه بالأعمالِ الصالحة، وزعم أنَّه يُقيمُ أوامِرَ جَدِّه رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم، ووعَظَ وذَكَّرَ حتى بكى بعضُهم ثم خلَعَ عليهم. وقال للقاضي أبي الطاهر الذهلي: من رأيتَ مِن الخُلَفاء؟ فقال: واحِدًا. قال: من هو؟ قال مولانا، فأعجَبَه ذلك. ثم إنَّه سار حتى خيَّمَ بالجيزةِ فأخذ عسكرُه في التعدية إلى الفُسطاط، ثم دخل القاهرةَ وقد بُنِيَ له بها قَصرُ الإمارةِ وزُيِّنَت مصر، فاستوى على سريرِ مُلكِه.

العام الهجري : 363 العام الميلادي : 973
تفاصيل الحدث:

كان سَببُها أنَّ عِزَّ الدولة بختيارَ بنَ مُعِزِّ الدولة قلَّت عنه الأموالُ، فتوَجَّه مع جندِه إلى الأهواز، ليتعَرَّضوا لبختكين آزادرويه، وكان متولِّيَها، ويعملوا له حُجَّةً يأخذونُ منه مالًا ومِن غيره، فسار بختيار وعسكَرُه، وتخلَّفَ عنه سبكتكين التركي، فلمَّا وصلوا إلى الأهواز خدم بختكين بختيار وحَمَلَ له أموالًا جليلةَ المقدارِ، وبذل له من نَفسِه الطاعةَ، وبختيار يفكِّرُ في طريقٍ يأخُذُه به. فاتَّفَق أنَّه جرى فتنةٌ بين الأتراك والديلم، عندما نزل بعضُ الديلم دارًا بالأهواز، ونزل قريبًا منه بعضُ الأتراك، وكان هناك لَبِنٌ موضوعٌ، فأراد غلامُ الدَّيلميِّ أن يبنيَ به معلفًا للدوابِّ، فمنعه غلامُ التركي، فتضاربا، وخرجَ كُلُّ واحد من التركي والديلمي إلى نُصرةِ غُلامِه، فضَعُفَ التركي عنه، فرَكِبَ واستنصر بالأتراكِ، فرَكِبوا وركب الديلم، وأخذوا السِّلاحَ، فقُتِلَ بينهم أحدُ قُوَّاد الأتراك، وطلَبَ الأتراكُ بثأر صاحِبِهم، وقتلوا به من الديلم قائدًا أيضًا، وخَرَجوا إلى ظاهرِ البلد، واجتهد بختيار في تسكينِ الفتنة، فلم يُمكِنْه ذلك، فاستشار الديلمَ فيما يفعَلُه، وكان أُذُنًا يَتبَعُ كُلَّ قائلٍ، فأشاروا عليه بالقَبضِ على رؤساء الأتراكِ لتصفوَ له البلادُ، فأحضَروا بختكين وكاتِبَه سَهلَ بن بِشرٍ، وسباشى الخوارزمي بكتيجور، وكان حمًا لسبكتكين, فاعتقَلَهم وقَيَّدَهم، وأطلق الديلمَ في الأتراك، فنَهَبوا أموالَهم ودوابَّهم، وقُتِلَ بينهم قتلى، وهرب الأتراكُ، وأمر فنُودِيَ بالبصرة بإباحةِ دَمِ الأتراك، وكان بختيار قد واطأَ والدتَه وإخوتَه أنَّه إذا كتب إليهم بالقَبضِ على الأتراك يُظهِرونَ أنَّ بختيار قد مات، ويجلِسونَ للعزاء، فإذا حضر سبكتكين عندهم قبَضوا عليه، فلمَّا وَقَفوا على الكتُبِ وقع الصُّراخُ في داره، وأشاعوا موتَه، فعَلِمَ سبكتكين أنَّ ذلك مكيدة عليه، ودعاه الأتراكُ إلى أن يتأمَّرَ عليهم، فركِبَ في الأتراك، وحصَرَ دارَ بختيار يومين، ثم أحرَقَها ودخَلَها، وأخذ أبا إسحاقَ وأبا طاهِرٍ ابنَي مُعِزِّ الدولة ووالدتَهما ومن كان معهما، فسألوه أن يمكِّنَهم من الانحدارِ إلى واسط، ففعل، وانحدروا، وانحدر معهم الخليفةُ المطيع لله، ثم أعاد سبكتكين الخليفةَ ورَدَّه إلى داره، وذلك تاسِعَ ذي القعدة، واستولى على ما كان لبختيار جميعِه ببغداد، ونزل الأتراكُ في دور الديلمِ وتتَبَّعوا أموالَهم وأخذوها، وثارت العامَّةُ من أهل السُّنَّة ينصُرونَ سبكتكين؛ لأنه كان سُنِّيًّا، فخلع عليهم، وجعل لهم العُرَفاء والقُوَّاد، فثاروا على الشِّيعةِ وحاربوهم وسُفِكَت بينهم الدماء، وأُحرِقَت الكرخ حريقًا ثانيًا، وظهَرَت السُّنَّة عليهم.

العام الهجري : 363 العام الميلادي : 973
تفاصيل الحدث:

لَمَّا استقَرَّ المعِزُّ الفاطميُّ بالدِّيارِ المصرية وابتنى فيها القاهرةَ والقصرينِ وتأكَّدَ مُلكُه، سار إليه الحُسَين بن أحمد القرمطي من الأحساءِ في جمعٍ كثيفٍ مِن أصحابه، والتَفَّ معه أميرُ العرب ببلادِ الشَّامِ وهو حَسَّان بنُ الجراح الطائي، في عربِ الشَّامِ بكَمالِهم، فلمَّا سَمِعَ بهم المعِزُّ أُسقِطَ في يده لكَثرتِهم، وكتب إلى القرمطيِّ يَستَميلُه ويقولُ: إنَّما دعوةُ آبائك كانت إلى آبائي قديمًا، فدَعْوتُنا واحدةٌ، ويذكُرُ فيه فَضلَه وفَضل َآبائه، فردَّ عليه الجواب: وصل كتابُك الذي كثُرَ تفضيلُه وقَلَّ تَحصيلُه، ونحن سائِرونَ إليك على إثْرِه. والسَّلامُ، فلمَّا انتَهَوا إلى ديار مصرَ عاثُوا فيها قتلًا ونَهبًا وفسادًا، وحار المعِزُّ فيما يصنَعُ وضَعُفَ جَيشُه عن مقاومتِهم، فعدل إلى المَكيدةِ والخديعة، فراسَلَ حَسَّان بن الجرَّاحِ أميرَ العرب ووَعَده بمائةِ ألف دينارٍ إن هو خذَّلَ بين النَّاسِ، فبعث إليه حسَّان يقولُ: أنِ ابعَثْ إليَّ بما التزمْتَ وتعالَ بمَن معك، فإذا لَقِيتَنا انهَزَمْتُ بمن معي، فلا يبقى للقَرمطيِّ قُوَّةٌ، فتأخذُه كيف شِئتَ، فأرسل إليه بمائةِ ألفِ دينارٍ في أكياسِها، ولكِنَّ أكثَرَها زغلٌ ضَربُ النُّحاسِ وألبَسَه ذهبًا وجعَلَه في أسفَلِ الأكياسِ، وجعل في رؤوسِها الدنانيرَ الخالصةَ، ولَمَّا بعَثَها إليه رَكِبَ في إثرِها في جيشِه، فالتقى النَّاسُ فانهزم حسَّانُ بمن معه، فضَعُفَ جانِبُ القرمطي وقَوِيَ عليه الفاطميُّ فكَسَره، وانهزمت القرامطةُ ورجعوا إلى أذرِعاتٍ في أذَلِّ حالٍ وأرذَلِه، وبعث المعِزُّ في آثارهم القائِدَ أبا محمود بن إبراهيم في عشرةِ آلاف فارس، ليحسِمَ مادَّةَ القرامطة ويُطفِئَ نارَهم عنه.

العام الهجري : 363 العام الميلادي : 973
تفاصيل الحدث:

لَمَّا انهزَمَ القَرمطيُّ بعث المعِزُّ سَريَّةً وأمَّرَ عليهم ظالمَ بن موهوب العقيلي، فجاؤوا إلى دمشقَ فتسَلَّمَها من القرامطةِ بعد حصارٍ شديدٍ، واعتقل متولِّيَها أبا الهيجاءِ القَرمطيَّ وابنَه، ولَمَّا تفرغ أبو محمود القائِدُ مِن قتال القرامطة أقبل نحو دمشقَ فخرج إليه ظالمُ بنُ موهوب فتلَقَّاه إلى ظاهر البلَدِ وأكرَمَه وأنزله ظاهِرَ دمشق، فأفسد أصحابُ أبي محمودٍ في الغوطة ونهَبوا الفلَّاحين وقطعوا الطُّرُقات، فتحَوَّل أهلُ الغوطة إلى البلدِ مِن كثرة النَّهبِ، وجيءَ بجماعةٍ مِن القتلى فأُلقُوا فكَثُرَ الضَّجيجُ، وغُلِّقَت الأسواق، واجتَمَعت العامَّةُ للقتال، والتَقَوا مع المغاربةِ، فقُتِلَ من الفريقين جماعةٌ وانهَزَمَت العامَّةُ غيرَ مَرَّة، وأحرَقَت المغاربةُ ناحية بابِ الفراديس، وطال القتالُ بينهم إلى سنة أربعٍ وستين وثلاثمائة، وأحرِقَت البلدُ مَرَّةً أخرى بعد عزل ظالمِ بنِ موهوب وتوليةِ جَيشِ بنِ صمصامة ابنِ أخت أبي محمود، وقُطِعَت القنوات وسائِرُ المياه عن البلد، ومات كثيرٌ مِن الفُقَراء في الطُّرُقاتِ مِن الجوع والعطَشِ، ولم يزَل الحالُ كذلك حتى وليَ عليهم الطواشي ريَّان الخادم مِن جِهةِ المعز الفاطمي، فسَكَنَت النفوسُ.

العام الهجري : 363 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 974
تفاصيل الحدث:

هو شيخُ الحنابلةِ أبو بكر عبدُ العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي الفقيهُ، تلميذُ أبي بكرٍ الخَلَّال. ولِدَ سنة 285. وسمِعَ في صِباه من مُحمَّد بن عثمان بن أبي شيبةَ، وموسى بن هارون، والفضلِ بنِ الحُباب وجماعة, وقيل: إنَّه سَمِعَ مِن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولم يصِحَّ ذلك؛ قال الذهبي: " كان كبيرَ الشَّأنِ، من بحورِ العِلمِ، له الباعُ الطويل في الفِقهِ, ومَن نظَرَ في كتابه " الشافي " عَرَف محَلَّه من العِلمِ لولا ما بشَّعَه بُغضُ بعضِ الأئمَّة، مع أنَّه ثِقةٌ فيما ينقُلُه "، قال القاضي أبو يعلى: " كان لأبي بكر عبد العزيز مُصنَّفاتٌ حَسَنةٌ؛ منها: كتاب " المقنع " وهو نحو مائةِ جزءٍ، وكتاب " الشافي " نحو ثمانين جزءًا، وكتاب " زاد المسافر " وكتابُ " الخلاف مع الشافعي " وكتاب " مختصر السُّنَّة "  ورُوِيَ عنه أنَّه قال في مرضه: أنا عندكم إلى يومِ الجُمُعة، فمات يومَ الجمعة وله ثمانٍ وسبعون سنة, في سِنِّ شَيخِه الخَلَّال, وسنِّ شَيخِ شَيخِه أبي بكرٍ المروذيِّ، وسِنِّ شيخِ المروذي الإمامُ أحمد، ويُذكَرُ عنه عِبادةٌ وتألُّهٌ، وزُهدٌ وقنوعٌ, وذكَرَ أبو يعلى: "أنَّه كان معظَّمًا في النُّفوسِ، متقَدِّمًا عند الدولة، بارعًا في مذهَبِ الإمامِ أحمد ". قال الذهبي: " ما جاء بعد أصحابِ أحمَدَ مِثلُ الخَلَّال، ولا جاء بعد الخَلَّالِ مثلُ عبد العزيز, إلَّا أن يكونَ أبا القاسم الخِرَقيَّ "

العام الهجري : 363 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 974
تفاصيل الحدث:

خُلِعَ المُطيعُ لله، وكان به مرَضُ الفالجِ، وقد ثَقُل لِسانُه، وتعَذَّرَت الحركةُ عليه، وهو يستُرُ ذلك، فانكشف حالُه لسبكتكين حاجِبِ عِزِّ الدولة، فدعاه إلى أن يخلَعَ نَفسَه مِن الخلافةِ ويسَلِّمَها إلى ولده الطائعِ لله، واسمُه أبو الفضلِ عبدُ الكريم، ففعل ذلك وأشهَدَ على نفسِه بالخَلْعِ ثالثَ عشَرَ من ذي القعدة. وكانت مُدَّةُ خلافتِه تسعًا وعشرين سنةً وخمسةَ أشهر غيرَ أيَّامٍ، وبويع للطائعِ لله بالخلافة، واستقَرَّ أمرُه.

العام الهجري : 364 العام الميلادي : 974
تفاصيل الحدث:

نزَلَ أفتكين التركي غلامُ مُعِزِّ الدولة- الذي كان قد خرج عن طاعتِه بسبَبِ الفِتنةِ التي جَرَت بين التُّرك والديلم وما بعدها، والتَفَّ عليه عساكِرُ وجُيوشٌ من الديلم والتركِ والأعرابِ- نزل في هذه السَّنةِ على دِمشقَ، وكان عليها مِن جِهةِ الفاطميِّينَ الطواشيُّ ريان الخادِمُ مِن جِهةِ المُعِزِّ الفاطميِّ، فلما نزل بظاهِرِها خرج إليه كُبَراءُ أهلِها وشيوخُها، فذكروا له ما هم فيه من الظُّلمِ والغشم ومخالفةِ الاعتقاد بسبَبِ الفاطميِّين، وسألوه أن يأخُذَها ليستنقِذَها منهم، فعند ذلك صَمَّم على أخذِها ولم يزَلْ حتى أخذها وأخرج منها ريانَ الخادِمَ، وكسَرَ أهلَ الشَّرِّ بها، ورفع أهلَ الخيرِ، ووضع في أهلِها العدلَ وقمَعَ أهلَ اللَّعِب واللَّهوِ، وكفَّ أيديَ الأعرابِ الذين كانوا قد عاثوا في الأرضِ فسادًا، وأخذوا عامَّةَ المَرجِ والغُوطة، ونهبوا أهلَها، ولَمَّا استقامت الأمورُ على يديه وصَلَحَ أمرُ أهل الشام، كتب إليه المعِزُّ الفاطميُّ يَشكُرُ سَعيَه ويَطلُبُه إليه ليخلَعَ عليه ويجعَلَه نائبًا من جِهتِه، فلم يُجِبْه إلى ذلك، بل قطع خُطبتَه من الشَّامِ، وخطَبَ للطائعِ العبَّاسي، ثم قصد صِيدا وبها خَلقٌ من المغاربةِ عليهم ابنُ الشيخ، وفيهم ظالِمُ بنُ موهب العقيلي الذي كان نائبًا على دمشق للمعزِّ الفاطميِّ، فأساء بهم السِّيرةَ، فحاصرهم ولم يَزَلْ حتى أخذ البلدَ منهم، ثم قصد طبريَّةَ ففعل بأهلِها مثلَ ذلك.

العام الهجري : 364 العام الميلادي : 974
تفاصيل الحدث:

اجتمعت صَنهاجةُ ومَن والاها بالمغربِ على طاعةِ يوسُفَ بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي الحِمْيَري قبل أن يُقَدِّمَه المنصور، وكان أبوه مناد الصِّنهاجيُّ كبيرًا في قومِه، كثيرَ المالِ والولَدِ، حسَنَ الضِّيافةِ لِمَن يمُرُّ به، وتقدَّمَ ابنُه زيري في أيَّامِه، وقاد كثيرًا من صنهاجةَ، وأغار بهم وسبى، فحَسَدته زناتة وجَمَعَت له لتسيرَ إليه وتحارِبَه. فسار إليهم مجِدًّا فكَبَسَهم ليلًا- وهم غارُّون - بأرضٍ مُغِيلةٍ، فقتل منهم كثيرًا، وغَنِمَ ما معهم فكَثُرَ أتباعه، فضاقت بهم أرضُهم، فقالوا له: لو اتَّخَذتَ لنا بلدًا غير هذا. فسار بهم إلى موضعِ مدينة أشير، فرأى ما فيه من العُيونِ، فاستحسنه وبنى فيه مدينةَ أشير وسكَنَها هو وأصحابُه. وكانت زناتة تُفسِدُ في البلادِ، فإذا طُلِبوا احتَمَوا بالجبال والبراري. فلمَّا بُنِيَت أشير صارت صنهاجة بين البلادِ وبين زناتة والبربر، فسُرَّ بذلك القائِمُ.

العام الهجري : 364 العام الميلادي : 974
تفاصيل الحدث:

خرج في جبل غمارة بإفريقيَّة رجلٌ يُعرَفُ بالعبَّاس ادَّعى النبوَّةَ واتَّبَعَ نعيقَه الأرذَلونَ مِن سفهاءِ تلك القبائلِ وأعمارِهم، وزحف إلى بادس من أمصارِهم ودخَلَها عَنوةً, فلمَّا سمع يوسُفُ بلكين بن زيري الصنهاجي به وباتِّباعِ أهل غمارة له، سار إليهم وغزاهم وظَفِرَ بهم، وأخَذَ العبَّاسَ- الذي كان يدَّعي النبُوَّةَ- أسيرًا، وأحضَرَ الفُقَهاءَ فقَتَله لأربعينَ يومًا من ظهورِ دَعوتِه.