كانت طنجة مُستعمَرة من قبل البرتغاليين وبقيت تحتهم قرنين من الزمن ثم تنازلت الأميرة البرتغالية عنه لملك إنكلترا، فأصبحت تحت السيطرة البريطانية إلى أن قام إسماعيل السعدي ملك العلويين في مراكش بمحاصرة ثغر طنجة، واستمر الأمر ست سنوات إلى أن انتزعه في هذا العام من البريطانيين، وكان من أهم الثغور التجارية والمواقع الاستراتيجية على البحر الأبيض المتوسط.
إن الانتصار الذي أحرزه الصليبيون في فك حصار فيينا زاد من أواصر الصليبية وشجعها على المضي، فكونت أوربا حلفًا ضم: النمسا، وبولونيا، والبندقية، ورهبان مالطة، والبابا، وروسيا، وسموه (الحِلف المقدس)؛ وذلك للوقوف في وجه المد الإسلامي الذي أصبح قريبًا من كل بيت في أوربا الشرقية؛ بسبب جهاد العثمانيين الأبطال، وبدأ الهجوم الصليبي على ديار الدولة العثمانية، وبدأ هذا التحالف بالعمل؛ فالنمسا بدأت تهاجم بلاد المجر وتمكنت من دخول مدينة بست وحاصرت مدينة بودا، ثم أخذت عدة مواضع، منها قلعة نوهزل، وكانت هذه الهزيمة سببًا في عزل الصدر إبراهيم باشا ونفيه إلى جزيرة رودوس، وعُين مكانه سليمان باشا الذي أسرع لنجدة بودا غير أن النمساويين قد دخلوها عنوة، وهُزم العثمانيون عام 1097هـ ثم هُزموا ثانية في العام التالي في موهاكز، وكانت أيضًا جيوش ملك بولونيا سوبيسكي تُغير على ولاية البغدان وتهددها، وأما سفن البندقية فكانت تُغير باستمرار على سواحل اليونان والمورة وتسندُها سفن أخرى من قِبَل البابا ورهبان مالطة، وتمكنت من دخول أثينا وكورنتا، وعدد آخر من المدن عام 1097هـ.
كانت أويفار خاضعة للدولة العثمانية منذ 21 عامًا. ثم استسلمت قلعتها أويفار إلى دوق لورين بعد حصار دام 50 يومًا، وكان الاستيلاء على هذه القلعة سببًا في إقامة الأفراح في العالم النصراني. وقد كانت هذه القلعة خاضعة للألمان، فاستولى عليها العثمانيون سنة 1074، وهي من أمنع وأقوى قلاع أوربا.
هو القائد العثماني الكهل الفذ داماد ملك إبراهيم باشا، كان اسمه شيطان إبراهيم باشا، استبدل به السلطان محمد الرابع ملك إبراهيم باشا بعد انتصار القوات العثمانية في معركة كرز إلياس على الألمان، وعينه قائدًا بدل بكري مصطفى باشا, وبعد سقوط أويفار بيد الألمان أصدر رئيس الوزراء العثماني قرة إبراهيم باشا أمرًا بقتل داماد ملك إبراهيم باشا متَّهِمًا إياه بالمسؤولية عن سقوطها, وقيل إن السبب الحقيقي في قتله أن الصدر قرة إبراهيم كان يخشى أن يحتل ملك إبراهيم مكانه الذي فقده بعد قتله لمنافسه ملك إبراهيم باشا بخمسة عشر يومًا, وقيل بسبب رفضه القيام بحملات خارجية.
تمكن الجيش الألماني الضخم وحلفاؤه من الأوربيين من السيطرة على قلعة ومدينة "بودين" في بودابست، بعد دفاع عثماني مجيد، سقط خلاله آلاف القتلى من العثمانيين، وكان العثمانيون قد فتحوها قبل 160 عامًا إبَّان حكم سليمان القانوني، وكان سقوطها من أكبر المصائب العثمانية.
كان العثمانيون قد حاصروا فيينا وكادوا يفتحونها لولا أن الصليبيين تحالفوا بفعل نداءات البابا لهم، فقاموا بالتكالب على الدولة العثمانية كلٌّ من طرف، فوصلت القوات من كل مكان من بولونيا وبافاريا الألمان إلى فيينا لفك الحصار، ثم بعد فك الحصار عقد البابا حلفًا مع الروس والألمان والبولنديين والبنادقة على طرد العثمانيين من المجر، فقامت كل دولة بالهجوم على الدولة العثمانية من طرق؛ لتشتيت قواها، فاستطاع الألمان أن يستعيدوا منها بودا بست في هذا العام.
لما تتالت الهزائم على العثمانيين وحدثت الفوضى بسبب ذلك، اتفق العلماء والوزير على عزل السلطان محمد الرابع بن إبراهيم الأول، فتم ذلك في هذا العام بعد أن أمضى في الحكم أربعين سنة وخمسة أشهر، أعاد خلال مدة حكمه هيبة الدولة وقوتها، كما أعاد عمليات الفتح في أوربا، وتولى قيادة جيوش الدولة, ويعتبر هو آخر القادة الفاتحين في التاريخ الإسلامي، وتمت تولية أخيه سليمان الثاني في الثاني من محرم الذي كان يزيد عمره على أربع وأربعين عامًا.
تمكن الجنرال المجري كارفا من الاستيلاء على مركز إيالة أكري من العثمانيين، وبذلك خرج شمال المجر من الحكم العثماني. وقد كان بالمدينة التي فتحها العثمانيون قبل 91 عامًا من تاريخ سقوطها حوالي 41 مسجدًا هُدِّمت جميعًا إلا مأذنة واحدة ما زالت باقية حتى الآن، وتحول جامعها الكبير إلى كنيسة القديس ليوبولد!!
سقطت قلعة بلغراد في أيدي الألمان، بعد تسع وعشرين يومًا من حصار الجيش العثماني بداخلها، وتم تحويل مائة مسجد في المدينة إلى كنائس، بعد ذبح المسلمين الموجودين فيها. وكانت بلجراد مدينة إسلاميَّة لعدة قرون من حيث العمران وحركة العلم ورفع راية الجهاد, ثم تحوَّلت بعد سقوطها بسنوات إلى محاربة المسلمين، الذين حوَّلوها إلى إحدى أعظم مدن أوربا حضارة. وقت أنْ كانت أوربا تعيش في ظلمات الجهل والتخلُّف، وقد صارت اليوم مدينة نصرانية في ظل الحرب الشَّرسة التي تعرَّض لها الإسلام والمسلمون في هذه الأرض!
انتهز الأعداء الفوضى التي جرت بعد تولي السلطان الجديد سليمان الثاني حيث تمرد الجند وقتلوا الصدر الأعظم سياوس باشا وسَبَوا نساءه، فتقدم الأعداء في أملاك الدولة العثمانية, فأخذت النمسا كثيرًا من المواقع والمدن، ومنها بلغراد، كما أخذت البندقية سواحل دالماسيا (السواحل الشرقية لبحر الأدرياتيك) وبعض المواطن في بلاد اليونان وتوالت الهزائم.