حجَّ الإمامُ سعود الحَجَّةَ السابعة واحتفل معه بالحَجِّ جميعُ رعيته من الجبل والجوف إلى الأحساء ووادي الدواسر ونواحيه وعمان وجميع أهل الحجاز وعسير وألمع وجميع طور تهامة ومن يليهم, فدخلوا مكةَ واعتمروا وحجُّوا بأمان عظيم، ونزل سعود القصر الشمالي من البياضية وبذل في مكة من الصدقات والعطاء شيئًا كثيرًا, وخطب سعود يوم عرفة. قال ابن بشر: "حججت تلك السنة وشهِدتُ سعودًا وهو راكب مطيَّتَه مُحرِمًا بالحج ونحن مجتمعون في نمرة لصلاة الظهر، فخطب فوق ظهرها خطبةً بليغة, ووعظ الناسَ فيها وعلَّمهم مناسِكَهم وذكَّرَهم ما أنعم الله عليهم به من الاعتصام بكلمة لا إله إلا الله وما أعطى الله في ضمنها من الاجتماع بعد التفرق وأمان السبل وكثرة الأموال وانقياد عصاة الرجال، وأن أضعف ضعيف يأخذ حقه كاملًا من أكبر كبير من مشايخ البوادي، وأعظم عظيم من رؤساء البلدان، ونادى وهو على ظهرها لا يُحمَل في مكة سلاح ولا تتَبَرَّج امرأة بزينة, وتوعَّد من فعل ذلك من رعيته, ورأيتُ الشريف غالبًا أقبل فوق حصانه ونحن جلوس في الصف وليس معه إلَّا رجل واحد، ونزل سعود من كور مطيته وسلم عليه وتعانقا".
ودخل سعود مكة وسار في الناس سيرةً حَسنةً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدقات والعطاء والرأفة، وجعل في الأسواق رجالًا وقت الصلاة يحضُّونَهم عليها، ولا تجد في الأسواق مِن شُرب التنباك ولا غيره من المحظورات إلا ما لا يرى ظاهرًا، وكسا الكعبةَ المشرفة بالقيلان الفاخر وجعل إيزارها وكسوة الباب من الحرير المنسوج من الذهبِ والفضةِ، وكان أكثر جلوسه في الحرم فوق زمزم مقابِلَ البيت الشريفِ.
بينما كان الإمامُ سعود في الحَجِّ خرج من الدرعية أبناؤه تركي وأخواه ناصر وسعد وقصدوا ناحية عمان ومعهم عدة رجال من أتباعهم وخَدَمِهم، وذلك أنه وقع بينهم وبين أبيهم مغاضبة عندما طلبوا منه زيادةً في عطائهم وخَراجِهم، فأبى عليهم ذلك وطلبوا الخروجَ إلى عمان للقتالِ فمنعهم منه، فلما وصلوا عمان عَلِم بهم أناس من أهل باطنة عمان وغيرهم فنفروا عليهم وهجدوهم بالليلِ بياتًا فحصل بينهم قتالٌ شديدٌ قُتِلَ من الفريقين عدَّةُ قتلى، فلما انقضت الوقعةُ أرسل أبناء سعود إلى مطلق المطيري أمير الجيوشِ في عمان، فأتى إليهم واجتمعوا به ومعه جنودٌ كثيرة من أهل نجد وأهل عمان، وصار رئيسُ الجميع تركي بن سعود فسارت تلك الجنود إلى عمان، فدخلوا عددًا من بلدان وحواضر عمان وغنموا منها أموالًا عظيمة، فلما بلغ الخبر الإمام سعود وهو في الحج أفزعه ذلك وغَضِبَ غضبًا شديدًا، فلما رجع إلى الدرعية طلب منه رؤساء أهلِها أن يعفوَ عنهم ويرسل إليهم ويبذُل الأمان، فأبى ذلك، فبعث جيشًا من الدرعية نحو أربعين رجلًا، وقال لهم: اقصُدوا قصر البريمي وأخرجوا منه المرابِطة الذين فيه وأمسكوه، ولا تدعوا أحدًا من جنودِهم يدخله، وكان أبناء سعود يأوون إليهم فيه، فلما أمسكوه هؤلاء طردوا عنه الأبناء فلم يدخلوه، وأرسل سعود أيضًا إلى مطلق المطيري ومن معه من الرؤساء وأتباعهم وأمَرَهم أن يخرجوا من عمان ولا يُبقوا رجلًا واحدًا فضاق الأمر بأبنائه، وشفَعَ فيهم رؤساء المسلمين أن يبذُلَ لهم الأمان، فأبى سعود إلا أنَّهم يأتون بالحسنة والسيئة، فأقبل مطلق المطيري مع الأبناء إلى الأحساء وخافوا من أبيهم، فأرسل مطلق إلى سعود يبلِّغُه خبرهم فأعطاهم الأمان، ولما قدموا الدرعية مَرِضَ ناصر بن سعود شهرين حتى مات ولم يعُدْه والده لمخالفتِهم أمرَه.
هو العلَّامةُ المحَقِّقُ الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر النجدي التميمي من آل معمر أهل العُيَينة، نزح منها واستوطن مدينة الدرعية، وقرأ فيها على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأخيه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب، وأخذ العربية عن الشيخ حسين بن غنام، وبعد ذلك جلس للتدريس بمدينة الدرعية، فأخذ عنه العلمَ خَلقٌ كثير من أهل الدرعية وغيرهم، منهم العلامة سليمان ابن الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب, وعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب, وابنه العالم القاضي الأديب الأريب عبد العزيز بن حمد بن معمر. وعبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين, وأرسله الإمام عبد العزيز بن محمد على رأس ركبٍ من العلماء ليناظروا عُلماء الحرم بطلبٍ من شريف مكة الشريف غالب سنة 1211، فأقام مدة عند الشريف قاضيًا، كانت وفاته في هذا العام بمكة بعد قضاء مناسك الحج في منتصف شهر ذي الحجة، فصلى عليه عددٌ كثير من المسلمين تحت الكعبةِ، ثم خرجوا به من الحرم إلى البياضية وخرج معهم الإمامُ سعود ودُفِن بمكة.
هو الشيخ العلامة أبو بكر حسين بن أبي بكر بن غنام الأحسائي المالكي مذهبًا التميمي نسبًا، ولد ببلدة المبرز بالأحساء ونشأ بها وقرأ على علمائها، ثم نزح منها إلى الدرعية، فقدمها على الإمام عبد العزيز بن محمد والشيخ محمد بن عبد الوهاب فأكرماه وأنزلاه المنزلة الرفيعة، فاستقرَّ في الدرعية وجلس فيها لطلاب العلم يقرؤون عليه علم النحو والعروض فقط، منهم الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله ابن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب, والشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد العزيز ابن الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن معمر. كانت له اليد الطولى في معرفة العلم وفنونِه, وصنَّف مصنفات منه: العقد الثمين في شرح أصول الدين, وألف تاريخه المشهور بتاريخ ابن غنام وسمَّاه "روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام" وله معرفة في الشعر والنثر، وله قصائد طوال موجودة في تاريخه, وهي تدل على طولِ نَفَسه في الشعر, وتوفِّي في الدرعية.
لما بدأ الإصلاح ودعوة التوحيد الصحيح ينتشران في أرض نجد والحجاز حتى دخل الحرمان تحت حكم الدولة السعودية- كان بدهيًّا أن يوجد معارِضون لهذه الدعوة والدولة على اختلاف مشاربِهم وأهدافهم، وكان من بين هؤلاء الدولةُ العثمانية الني انزعَجَت مِن امتداد سلطان دولة آل سعود إلى الحجاز وأطراف العراق والشام، وكذلك واليها في مصر محمد علي باشا الذي له أطماع وطموحات شخصية، وبعض الدول الأوربية التي أزعجها وصولُ هذه الدولة الناشئة إلى الممرَّات البحرية في الخليج والبحر الأحمر، وخاصة إنكلترا، فسعت بما لها من تأثيرٍ على الدولةِ العثمانية وعلى محمد علي باشا لتُوقِفَ هذا المد في نجد، حيث قبل والي مصر تكليفَ السلطان العثماني القيامَ بمهمة قتال هذه الدولة الناشئة واستعادة الحرمين، وقبل بدء أي عمل قام بقتل المماليك المنافِسين له خشيةَ غَدرِهم حيث دعاهم بمناسبةِ إرسال ابنه طوسون على رأس جيش إلى الجزيرة العربية، فقتلهم في هذه المناسبة. وتمثَّلت جهود محمد على في إرسال ثلاث حملات رئيسة لحرب الدولة السعودية؛ قاد الأولى ابنه طوسون، وتولى هو الحملة الثانية، والحملة الأخيرة كانت بقيادة ابنه إبراهيم التي انتهت بالقضاءِ على الدولة السعودية الأولى وتدمير عاصمتِها الدرعية واستباحة أهلها الذين وقعوا بين القَتلِ والأسر والتشريدِ. وذلك عام 1233هـ.
لوحظ أن الخلافَ القائِمَ بين السعوديين ودولة العجم استغَلَّه حُكَّام مسقط وغيرهم في مناطق الخليج العربي، في إقامة نوعٍ مِن الوفاق بينهم وبين دولة الفرس، وقد عبَّرَت البعثة الدبلوماسية التي أرسلها سعيد بن سلطان برئاسة سالم إلى بلاط الشاه في هذه السنة عن هذا الوِفاق؛ إذ كان هدفُها إقامةَ معاهدة تحالف بين مسقط وبين فارس, وقد نجحت هذه البَعثةُ في تحقيق هدفِها, وكان من ثمارِ ذلك أن ساعَدَت فارسُ حكومةَ مسقط بقوات عسكرية بقيادة صادي خان، فحاربت إلى جانب قواتها ضد السعوديين في عمان، واستردَّت حصون سمايل ونخل.
جمع صاحبُ مسقط سعيد بن سلطان جموعًا وعسكرh كثيرا, واستنصر بالعجم فأتاه منهم نحو 3000 مقاتل، وساروا إلى عمان, وعاثوا فيما يليهم من رعايا وأتباع الدرعية، واستولوا على بلاد الجبري سمايل، وهرب الجبري منها, فسار مطلق المطيري بشوكةِ المجاهدين الذين معه في عمان من أهل عمان ونجد وغيرهم، فجمع اللهُ بينهم وبين عساكر صاحب مسقط وتنازلوا واقتتلوا قتالًا شديدًا، فانهزمت جنود صاحب مسقط, وركب المجاهدون أكتافَهم وقَتَلوا منهم مقتلةً عظيمة، وأخذوا خيامَهم ومحطَّتَهم وغالب متاعهم ومدافعهم، وهى أكثر من عشرة مدافع, ورجع بقيَّتُهم إلى مسقط وسمايل، وأخذ المجاهدون منهم غنائم عظيمة.
خاضت الكويت معركةَ خكيكرة مع البحرين بقيادة عبد الله بن أحمد آل خليفة وجابر بن عبد الله الصباح ضِدَّ حاكم ساحل الدمام رحمة بن جابر الجلهمي، الذي دعمه الإمامُ سعود بن عبد العزيز بن محمد حاكمُ نجد، وانتهت المعركة بانتصار البحرين والكويت, وكان من أسباب المعركة أنَّ الإمامَ سعودًا كتب إلى رحمة بن جابر الجلهمي في قطر يأمرُه فيها بالاستعداد لغزو البحرين، وكان محاربًا لآل خليفة حكام البحرين، فأرسل إليه الإمام سعود جيشًا من أهل نجد والأحساء، فاجتمعت عنده 60 سفينة ما بين كبيرة وصغيرة، فلما علم بذلك عبد الله بن أحمد آل خليفة حاكم البحرين أرسل إلى حاكم الكويت الشيخ جابر بن عبد الله الصباح يستنصره، فأتاه بحرًا بالسفن فبلغت سفنهم جميعًا 200 سفينة، والتقوا عند خوير حسان بالقرب من القطيفِ، وربطوا السفن واقتتلوا فقُتِل من أهل البحرين والكويت 1000 رجل، منهم دعيج بن صباح الصباح، وراشد بن عبد الله بن أحمد آل خليفة، وقُتِل من أتباع رحمة بن جابر الجلهمي 300 رجل، وانهزم رحمة بن جابر الجلهمي.
عندما وصل محمد علي باشا لسُدَّة الحكم في مصر، أخذ في التخلُّص من كل القوى المنافِسة له، حتى تلك التي وقَفَت بجانبه وساعدته في الحصول على هذا المنصِبِ الخطير، مثل العلماء ومشايخ الأزهر، والحامية الألبانية الذي هو واحِدٌ من أفرادها، ولكِنْ كان أقوى خصومِ محمد علي وأشدهم تهديدًا له هم المماليك، ولقد حاول محمد علي التخلصَ منهم عدة مرات، ولكنه فَشِل لكثرتِهم وتخوُّفِهم منه واتِّباعهم لأسلوب الكرِّ والفر، وكان محمد علي داهيةً شديد الذكاء، لا يُبالي بأيِّ وسيلة تحقِّق هدفه؛ لذلك لجأ إلى المكيدة حيث استغَلَّ مناسبة خروج طوسون باشا ولده على رأس حملة كبيرة للقضاءِ على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بنجدٍ والحجاز، وأعدَّ وليمةً كبيرة دعا لها قادةَ المماليك وكبراءَهم وفرسانَهم وأبطالهم، وذلك بالقلعة الشهيرة بالقاهرة، وذلك يوم الجمعة الموافق 5 صفر 1226هـ 1 مارس 1811م. ولَمَّا اكتمل دخولهم للقلعة انهال عليهم الرَّصاصُ من كل مكان، فقُتِلوا جميعًا ما عدا أمين بك الذي قفز بفَرَسِه من على سور القلعة فنجا وهرب، ثم انطلق الجنودُ بعد ذلك إلى بيوت المماليك وأحيائِهم يَقتُلون من يجدونَه، وهكذا استطاع محمد علي أن يتخَلَّصَ من المماليك.
لما رجع سعود من الحج أطلق آلَ خليفة أهل البحرين والزبارة، وأذِنَ لهم بالرجوع إلى بلدهم، ووعدوه بالسمع والطاعة وعدم المخالفة، ووافق وقتُ وصولهم البحرين وقوعَ مقاتلة عظيمة في البحر بين عشايرهم وأبنائهم وبين أتباع الدولة السعوديةِ الذين في ناحيتِهم، وهم رحمة بن جابر بن عذبي أمير خوير حسان المعروف، وأبا حسين أمير الحويلة البلد المعروفة في قطر، وإبراهيم بن عفيصان أمير شوكة المرابِطة من أهل نجد وغيرهم، وذلك أنَّ هؤلاء سار بعضُهم على بعض في السفُنِ، فوقعت الملاقاة في البحر قربَ البحرين، فوقع قتالٌ شديد وكثُر القتلى بين الفريقين، ثم اشتعلت النار في السفُنِ، ومات بينهم خلق كثيرٌ قتلًا وحرقًا وغَرَقًا، فاحترقت السفن بمن فيها، واحترق لابن جابر وأبا حسين ومن معهم من المسلمين سبعةُ مراكب، واحترق لآل خليفة نحو ذلك, وقُتِل من أهل البحرين وأتباعهم ومن أتباع آل سعود نحو 1600 قتيل.
لَمَّا خرج أبناء سعود ومُطلق المطيري ومعه رؤساء المسلمين وأتباعهم من عمان وقع بعضُ الخلل, ونقَضَ العهد أكثر بنو إياس، فكتب سعود لعبد العزيز بن غردقة صاحب الأحساء أن يسيرَ بجيشٍ يكون هو أميرَه، فلما وصل ابن غردقة عمان وقع بينه وبين بني إياس وغيرهم من عمان وقعة هُزم فيها الغردقة و200 من أهل الأحساء وعمان وغيرهم.
انطلقت حملةُ أحمد طوسون بن محمد علي من مصرَ، ونزل طوسون على الساحِلِ الغربيِّ بجيشٍ قِوامه عشرة آلاف جندي, حرص طوسون أن يُغدِقَ الأموال والهدايا والخِلَع على شيوخ القبائل ورؤساء الجماعات التي تقطُن الموانئ الحجازية ولها نفوذ فيها؛ لتكون سندًا لقواتِه، ولتقبَلَ تأجير إبلها إلى قواته من أجل حَمل المُؤَن والعتاد من المناطق الساحلية إلى داخل البلاد، واستولى على ينبُع بدون مقاومة تذكر, ثم استدرج عبد الله بن سعود قوات طوسون إلى الأراضي النجدية من أجل إضعافِها وتشتيت قواتِها, حتى تمكنت القواتُ السعودية من إنزال هزيمةٍ كبيرة بقوات طوسون في وقعة وادي الصفراء بين المدينة والقصيم سنة1227، وقُتِل من جيش طوسون 1200 مقاتل، وبعد هذه الهزيمة اضطر طوسون إلى أن يطلُبَ العون والمساعدة من والده محمد علي باشا، ثمَّ عاد إلى ينبع وبقِيَ فيها مدَّةً ثم تقدَّم نحو المدينة، ونجح في الاستيلاءِ عليها بعد حصار دام شهرين، ثم توجَّه طوسون إلى جدة ودخلها, فاضطر عبد الله بن سعود أن يخرُجَ من مكة, فتمكن طوسون من دخول مكةَ بدون معارضة, ثمَّ استولى على الطائِفِ، لكن السعوديين عادوا وانتصروا في تَرَبة والحناكية وقطعوا طرقَ المواصلات بين مكة والمدينة، وانتشرت الأمراضُ في صفوف جيش طوسون، وأصاب الجنودَ الإعياءُ نتيجة شدة القيظ وقِلَّة المؤونة والماء، ما زاد موقف طوسون حرجًا، فرأى بعد تلك الخسائر أن يلزم خطةَ الدفاع، وأرسل إلى والده يطلُبُ المساعدة.
بدايةُ دخول الإسلام في أستراليا تعود إلى بدايات القرن الماضي عندما قام الإنجليز أثناءَ احتلالهم لأفغانستان بجلب الذَّهَبِ إلى أستراليا؛ نظرًا للارتباط الإنجليزي بهذه القارة الحديثة. ولكِنَّهم فكَّروا في أن أستراليا نفسها يمكن أن تكونَ موطنًا للذهب، فاستقدموا عمالًا مسلمين من أفغانستان للعمل في المناجم الأسترالية، وأخذ هؤلاء الأفغان ينشرون الدين الإسلامي، وقاموا ببناء أول مسجد في غرب بيرث، وكان ذلك في عام 1904م. وأعقب ذلك الهجرات الداخلية للمسلمين إلى أستراليا، إلى أن انتشر الإسلامُ هناك، وتتابعت الهجراتُ حتى تمَّ نَشرُ الدعوة الإسلامية، وفي بدايةِ الستينيات من القرن العشرين فَتَحت أستراليا باب الهجرة أمام العرب والمسلمين، فهاجر إليها أعدادٌ كبيرة من لبنان وفلسطين ومصر وتركيا وإيران ويوغوسلافيا بَحثًا عن الرزق، وقد تمكَّن هؤلاء في ظلِّ الحريّة المكفولة لهم من نشر الإسلام وتثبيت أركانِه، حتى وصل عددُ الجالية المسلمة هناك اليوم إلى 650 ألفَ مسلم، مكونة من سبع عشرة جنسيَّة، أكبَرُها تَعدادًا الجالية اللبنانيَّة ثم التركيَّة ثم الباكستانيَّة والإندونيسيَّة والمصريَّة والماليزيَّة وغيرها من الجنسيَّات الإسلاميَّة، ويتركز قرابة 80% من المسلمين في مدينتي سيدني ومالبورن.
حاول العثمانيون عقدَ اتفاقٍ مع روسيا مماثلٍ لِما جرى بين إنكلترا وروسيا، ولكنَّه فَشِل واشتعلت نارُ الحرب بينهما، وهُزم العثمانيون واستولى الروسُ على بعض المواقع، وعُزِل الصدر الأعظم ضياء يوسف باشا وتولى مكانه أحمد باشا الذي انتصر على الروس، وأجلاهم عن المواقِعِ التي دخلوها، وساءت العلاقة بين فرنسا وروسيا، وكادت تقعُ الحرب بينهما، فطلبت روسيا الصلحَ مع الدولة العثمانية، وعقدت بين الطرفين مُعاهدة بوخارست التي نصَّت على بقاء الأفلاق والبغدان وبلاد الصرب تابعة للدولة العثمانية. وقد مكَّنَ الصُّلحُ السلطانَ محمود الثاني من القيام ببعض الإصلاحاتِ والقضاءِ على الثورات والتمَرُّد في الدولة، ولَمَّا عَلِم الصربيون بمعاهدة بوخارست، وإعادة خضوعهم للدولة العثمانية، قاموا بالثورة غيرَ أنَّ القوات العثمانية أخضعَتْهم بالقوة، وفَرَّ زعماء الثورة إلى النمسا، ولكِنَّ أحدهم وهو ثيودور فِتش أظهر الولاء للعثمانيين وخضع للسلطةِ العثمانية، وحصل على امتيازات خاصةٍ مِن الدولة.
هو الشيخُ عبد الله بن حجازي بن إبراهيم الشرقاوي أحدُ مشائخ الأزهر. ولِدَ بقرية الطويلة من قرى الشرقية بمصر سنة 1150هـ, وتعلَّم في الأزهر وتولى مشيختَه سنة 1208هـ, وفي عهده قام الأزهرُ بقيادة الحركة الوطنية ضِدَّ الحملة الفرنسية، وكانت له مواقِفُ شجاعة أثناء المعارك مع الفرنسيين، وتزَعَّم الشرقاويُّ قيادة ثورة القاهرة الأولى, ومن مؤلَّفاتِه التحفة البهية في طبقات الشافعية, وتحفة الناظرين في من ولِيَ مصر من السلاطين, وحاشية على شرح التحرير في فقه الشافعية, فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي. توفي الشرقاوي بالقاهرة.
بعد أن هُزم طوسون في وقعة وادي الصفراء بين المدينة والقصيم سنة1227 طلب المساعدةَ من والده، فجهَّز جيشَه وأخذ معه الأموال للمساعدة. قرر محمد علي باشا أن يسير بنفسِه إلى الحجاز لمتابعة القتال وبسْطِ نفوذه في شبه الجزيرة العربية، فغادر مصر على رأس جيش آخَرَ، ونزل في جدة، ثم غادرها إلى مكة وهاجم معاقِلَ السعوديين إلَّا أنه فَشِلَ في توسيع رقعة انتشاره، فأخلى القنفذةَ بعد أن كان قد دخَلَها، وانهزم ابنه طوسون في تَرَبة مرة أخرى. إلا أنَّ وفاة الإمام سعود في هذه الفترة وتولِّي إمارة الدرعية عبد الله بن سعود الذي لم يكُنْ في كفاءة والده في القيادة العسكرية؛ أدى إلى ضعف القوات السعودية، فتمكَّن محمد علي باشا من التغلُّبِ على الجيش السعودي في معركة بسل، وسيطر على تَرَبة، ودخل ميناء القنفذة، في حين سيطر طوسون على القِسمِ الشمالي من نجدٍ. عند هذه المرحلة من تطوُّر الأحداث اضطر محمد علي باشا أن يغادِرَ شبه الجزيرة العربية ويعود إلى مصر للقضاءِ على حركة تمرُّدِ استهدفت حُكمه، وبعد القضاء على هذه الحركة استأنف حربه ضدَّ الدولة السعودية، فأرسل حملةً عسكرية أخرى إلى شبه الجزيرة بقيادةِ ابنه إبراهيم باشا في 5 سبتمبر سنة 1816م
هو الأمير عثمان بن عبد الرحمن العدواني من قبيلة عدوان، كان من أمراء الشريف غالب أمير مكة ووزيره في الشؤون الخاصة، وكان على درجة عالية من الكفاءة أقنعت الشريفَ غالبًا أن يتَّخِذَه وزيرًا له وأن يكونَ صفيَّه وحميمَه، وقد تزوج المضايفي بأختِ الشريف غالب بن مساعد ثم تحوَّل إلى تأييد دعوة التوحيد بعد أن رأس وفدًا من قبل الشَّريفِ غالب للتفاوضِ مع حكَّام الدرعية، فلما عاد من الدرعية أخذ يدعو بالإمارة لنفسِه، وانضم إليه بعضُ قبائل الحجاز، وأعلن ولاءه للدولة السعودية التي عينته أميرًا على الطائف، وأصبح من أشد خصوم الشريف غالب وشارك في القوات السعودية التي واجهت حملةَ طوسون في الحجاز, وتشجَّع المضايفي بعد وقعة تربة التي هزم فيها طوسون، فتقدَّم نحو الطائف، ولكِنَّه هُزم وقد قُتِل كثيرٌ من رجاله، ووقع هو نفسه في الأسرِ، فأرسله الشريف غالب إلى محمد علي في مصر، لكِنَّ محمد علي كان قد خرج عامدًا إلى الحجاز قبل وصول عثمان إلى مصر, فطِيفَ بعثمان المضايفي على بغلة في جميع أنحاء القاهرة، ثم أُرسِلَ إلى الأستانة حيث أُعدِم هناك!
وجد أحمد طوسون باشا الطريقَ مفتوحًا أمامه للتوغُّلِ في الحجاز، وظهرت حاجةُ قواته إلى مرفأ جدة؛ ليكون مركزا لتموين الجيشِ في زحفِه نحو مكة، فأرسل طوسون باشا إلى شَريفِ مكَّةَ الشَّريفِ غالب؛ ليسمح له بالدخولِ إلى مرفأ جدة، فسَمَح له وأَخَذت قوات طوسون طريقَها في الزَّحفِ نحو مكة.