المَطلَبُ السَّابِعُ: أقَلُّ الجَمعِ
مَعنى قَولِ العُلَماءِ: أقَلُّ الجَمعِ اثنانِ أو ثَلاثةٌ: أنَّ مُسَمَّى الجَمعِ مُشتَرَكٌ فيه بَينَ رُتَبٍ كَثيرةٍ، وأقَلُّ مَرتَبةٍ يَصدُقُ فيها المُسَمَّى هيَ الاثنانِ أوِ الثَّلاثةُ
[1318] يُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص: 236)، ((رفع النقاب)) للشوشاوي (4/8). .
ولا خِلافَ بَينَ الأُصوليِّينَ في جَوازِ تَعبيرِ الاثنَينِ عن نَفسَيهما بضَميرِ الجَمعِ، يَقولانِ: (فَعَلنا)، و(قُلْنا)؛ لأنَّ العَرَبَ لَم تَضَعْ للمُتَكَلِّمِ عن نَفسِه وآخَرَ مَعَه ضَميرَ التَّثنيةِ، كما وضَعَته للمُخاطَبِ والغائِبِ، فليس للِاثنَينِ إذا عَبَّرا عن نَفسَيهما إلَّا الإتيانُ بضَميرِ الجَمعِ.
ولا خِلافَ بَينَهم أيضًا في جَوازِ التَّعبيرِ عنِ الاثنَينِ بالجَمعِ مِمَّا ليس في الإنسانِ منه إلَّا شَيءٌ واحِدٌ، كالقَلبِ، كما في قَولِه تعالى:
فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم: 4] ؛ حَيثُ عَبَّرَ عن عُضوينِ مِن جَسَدَينِ بصيغةِ الجَمعِ.
واختَلَفوا في الصِّيَغِ المَوضوعةِ للجَمعِ، سَواءٌ أكانت جَمعَ سَلامةٍ، أو جَمعَ تَكسيرٍ، مِثلُ: (مُسلِمينَ)، و(رِجال)، وفي ضَمائِرِ الغَيبةِ في الخِطابِ
[1319] يُنظر: ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (4/1325)، ((البحر المحيط)) للزركشي (4/184)، ((أقل الجمع عند الأصوليين)) لعبد الكريم النملة (ص: 55). .
والرَّاجِحُ: أنَّ أقَلَّ الجَمعِ ثَلاثةٌ.
ونُقِلَ هذا القَولُ عن بَعضِ الصَّحابةِ، ومِنهم: عَبدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ، وعَبدُ اللَّهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهم
[1320] يُنظر: ((منتهى السول)) للآمدي (ص: 121)، ((شرح المعالم)) لابن التلمساني (1/459)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (4/1346). قال إمامُ الحَرَمَينِ: (وهذا المَذهَبُ يُعْزَى إلى ابنِ عَبَّاسٍ، وابنِ مَسعودٍ، ولَم يُنقَلْ عنهما تَنصيصٌ على ذلك، ولَكِن تَبَيَّنَ مَذهَبُ ابنِ عَبَّاسٍ بمَصيرِه إلى أنَّ الأخَوينِ لا يَحجُبانِ الأُمَّ مِنَ الثُّلثِ إلى السُّدسِ؛ لأنَّ المَذكورَ في كِتابِ اللهِ تعالى الإخوةُ. وظَهَرَ للنَّاقِلينَ مَذهَبُ ابنِ مَسعودٍ مِن مَصيرِه إلى أنَّ الثَّلاثةَ إذا اقتَدَوا برَجُلٍ اصطَفُّوا خَلفَه، وإنِ اقتَدى رَجُلانِ برَجُلٍ وقَف أحَدُهما عن يَمينِه، والآخَرُ عن يَسارِه، ولا يَصطَفَّانِ وراءَ الإمامِ). ((البرهان)) (1/123). وتَعَقَّبه الأبياريُّ، فقال: (أمَّا قَولُه: إنَّ مَذهَبَ ابنِ عَبَّاسٍ لَم يوجَدْ إلَّا استِنباطًا. ليس كما قال؛ فإنَّه قال لعُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه: "ليس الأخَوانِ إخوةً في لسانِ قَومِك"؛ فقد صَرَّحَ بأنَّ التَّثنيةَ لَيسَت بجَمعٍ. وأمَّا أخذُ ابنِ مَسعودٍ مِنَ الصُّورةِ المَذكورةِ، لا يَظهَرُ وَجهُه ظُهورًا جَليًّا؛ إذ يُحتَمَلُ أن يَكونَ قيامُ الرَّجُلَينِ عن يَمينِه وشِمالِه مِن سُنَنِ الصَّلاةِ، ولَم يُبنَ الأمرُ لا على تَثنيةٍ ولا على جَمعٍ). ((التحقيق والبيان)) (2/14). ، وهو مَنقولٌ عن: أبي حَنيفةَ
[1321] يُنظر: ((كشف الأسرار)) للنسفي (1/196)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (1/190). ، ومالكٍ
[1322] تَرَدَّدَ ابنُ خُوَيز منداد في نِسبةِ القَولِ إلى مالِكٍ في هذه المَسألةِ، فأضاف إليه القَولَ بأنَّ أقَلَّ الجَمعِ اثنانِ؛ لأجلِ مَصيرِه إلى حَجبِ الأُمِّ عنِ الثُّلثِ إلى السُّدسِ. ثُمَّ قال: (ويُشبِهُ أن يَكونَ مَذهَبُه أنَّ أقَلَّ الجَمعِ ثَلاثةٌ؛ لأجلِ ما قال في المُقِرِّ بدَراهمَ: يَلزَمُه ثَلاثةُ دَراهمَ). يُنظر: ((إيضاح المحصول)) للمازري (ص: 281)، ((تلقيح الفهوم)) للعلائي (ص: 404). وقال الأبياريُّ: (وأمَّا مالِكٌ رَحِمَه اللهُ فإنَّه لَم يَرَ للمُقِرِّ التَّفسيرَ باثنَينِ على حالٍ، وكذلك يَقولُ الشَّافِعيُّ، وهذا يَدُلُّ على أنَّهم رَأوا أقَلَّ الجَمعِ ثَلاثةً. وأمَّا كَونُ مالِكٍ يَحجُبُ الأُمَّ مِنَ الثُّلثِ إلى السُّدسِ باثنَينِ مِنَ الإخوةِ، فلا يَلزَمُ أن يَكونَ يرى الاثنَينِ جمعًا، ولَكِنِ استَقَرَّ في قاعِدةِ المَواريثِ: أنَّ كُلَّ مَوضِعٍ فُرِّق فيه بَينَ الواحِدِ والجَمعِ، سُلِك بالِاثنَينِ مَسلَكَ الجَمعِ، لا مَسلَكَ الواحِدِ. مِن ذلك: للبَناتِ الثُّلثانِ، وللبِنت النِّصفُ، وللِاثنَينِ الثُّلثانِ، وكذلك الأخَواتُ. فيُمكِنُ أن يَكونَ مالِكٌ سَلَك هذا المَسلَكَ في الحَجبِ، لا أنَّه رَأى الأخَوينِ إخوةً، وإلَّا فمَسائِلُه في الوصايا والإقراراتِ أنَّه لا بُدَّ مِن ثَلاثةٍ). ((التحقيق والبيان)) (2/32). ومِن هنا يَظهَرُ أنَّ الصَّحيحَ عن مالِكٍ: أنَّ أقَلَّ الجَمعِ ثَلاثةٌ. وقد نَسَبَه إليه بَعضُ الأُصوليِّينَ، كالقاضي عَبدِ الوهَّابِ في ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) (3/90)، والباجي في ((إحكام الفصول)) (1/255). ، والشَّافِعيِّ
[1323] يُنظر: ((التلخيص)) لإمام الحرمين (2/172)، ((المستصفى)) للغزالي (ص: 243)، ((المحصول)) للرازي (2/370)، ومنهاج الوصول للبيضاوي (ص53)، والإبهاج (4/1326). ، وأحمدَ
[1324] يُنظر: ((العدة)) لأبي يعلى (2/649)، ((التمهيد)) للكلوذاني (2/58)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/777). ، وأبي يوسُفَ، ومُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ
[1325] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/151)، ((أصول البزدوي)) مع ((كشف الأسرار)) (2/28). ، وابنِ حَزمٍ
[1326] يُنظر: ((الإحكام)) (4/2). .
وهو قَولُ جُمهورِ الحَنَفيَّةِ
[1327] يُنظر: ((مسائل الخلاف)) للصيمري (ص: 83)، ((أصول الفقه)) للمشي (ص: 125). ، وأكثَرِ المالِكيَّةِ
[1328] يُنظر: ((إحكام الفصول)) للباجي (1/255). ، وكَثيرٍ مِنَ الشَّافِعيَّةِ، كابنِ فُورَكٍ
[1329] يُنظر: ((إيضاح المحصول)) للمازري (ص: 282). ، والماوَرْديِّ
[1330] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) (16/58)، ((أدب القاضي)) (1/283). ، والشِّيرازيِّ
[1331] يُنظر: ((التبصرة)) (ص: 127)، ((شرح اللمع)) (1/330). ، وإمامِ الحَرَمَينِ
[1332] يُنظر: ((البرهان)) (1/124-125). ، والرَّازيِّ
[1333] يُنظر: ((المحصول)) (2/370)، ((المعالم)) (ص: 90). ، والبَيضاويِّ
[1334] يُنظر: ((منهاج الوصول)) (ص: 53). ، وتاجِ الدِّينِ السُّبكيِّ
[1335] يُنظر: ((جمع الجوامع)) (ص: 46). ، وهو قَولُ أكثَرِ الحَنابِلةِ
[1336] يُنظر: ((المختصر)) لابن اللحام (ص: 109)، ((شرح غاية السول)) لابن المبرد (ص: 310). ، وأكثَرِ الفُقَهاءِ
[1337] يُنظر: ((الوصول)) لابن برهان (1/300)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (2/28)، ((التلويح على التوضيح)) للتفتازاني (1/90). ، وأكثَرِ أهلِ اللُّغةِ
[1338] يُنظر: ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (2/28)، ((جامع الأسرار)) للكاكي (1/310). ، وهو الصَّحيحُ عِندَ النُّحاةِ
[1339] يُنظر: ((زينة العرائس)) لابنِ عبدِ الهادي (ص: 229). ، وصَحَّحه جَلالُ الدِّينِ المَحَلِّيُّ
[1340] يُنظر: ((البدر الطالع)) (1/349). .
وقال الشَّوكانيُّ: (هذا هو القَولُ الحَقُّ الذي عليه أهلُ اللُّغةِ والشَّرعِ، وهو السَّابِقُ إلى الفهمِ عِندَ إطلاقِ الجَمعِ، والسَّبقُ دَليلُ الحَقيقةِ، ولَم يَتَمَسَّكْ مَن خالَفه بشَيءٍ يَصلُحُ للِاستِدلالِ به)
[1341] ((إرشاد الفحول)) (1/452). .
الأدِلَّةُ:الأدِلَّةُ على أنَّ أقَلَّ الجَمعِ ثَلاثةٌ حَقيقةً، ويُطلَقُ على الاثنَينِ والواحِد مَجازًا: كَثيرةٌ، ومِن أهَمِّها:
1- قَولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((الرَّاكِبُ شَيطانٌ، والرَّاكِبانِ شَيطانانِ، والثَّلاثةُ رَكبٌ)) [1342] أخرجه أبو داود (2607)، والترمذي (1674)، وأحمد (6748) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما. صَحَّحه ابنُ خزيمة في ((الصحيح)) (4/257)، وحَسَّنه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2607). .
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَصَل بَينَ التَّثنيةِ والجَمعِ في الحُكمِ، وألحَقَ التَّثنيةَ بالواحِدِ دونَ الجَمعِ؛ فعُلِمَ أنَّ التَّثنيةَ لَيسَت بجَمعٍ حَقيقةً
[1343] يُنظر: ((ميزان الأصول)) لعلاء الدين السمرقندي (ص: 295)، ((جامع الأسرار)) للكاكي (1/312)، ((التوضيح لمتن التنقيح)) مع ((التلويح)) (1/87). .
قال عَلاءُ الدِّينِ البُخاريُّ: (لا يُقالُ: الاتِّحادُ في الحُكمِ لا يوجِبُ الاتِّحادَ في الحَقيقةِ، حتَّى كان المُثَنَّى غَيرَ الواحِدِ حَقيقةً، وإنِ اتَّحَدا حُكمًا، فكَذا التَّفرِقةُ في الحُكمِ لا يَدُلُّ على الافتِراقِ في الحَقيقةِ.
لأنَّا نَقولُ: الافتِراقُ بَينَ الشَّيئَينِ يوجِبُ المُغايَرةَ بَينَهما فيما ثَبَتَ فيه الافتِراقُ لا مَحالةَ، وهنا ثَبَتَ الافتِراقُ بَينَهما في حُكمِ الجَمعِ؛ لأنَّ مَعنى الرَّكبِ الجَماعةُ لُغةً، فثَبَتَتِ المُغايَرةُ بَينَهما في هذا المَعنى ضَرورةً، فصارَ المَعنى كَأنَّه قيلَ: الواحِدُ ليس برَكبٍ، والِاثنانِ لَيسَتا برَكبٍ، أي: بجَمعٍ، والثَّلاثةُ رَكبٌ، أي: جَمعٌ)
[1344] ((كشف الأسرار)) (2/29). .
2- أنَّ الأسماءَ دَلائِلُ على المُسَمَّياتِ، وقد جَعَلوا للمُفرَدِ والمُثَنَّى صيغةً؛ فلا بُدَّ أن يَكونَ للجَمعِ صيغةٌ خِلافَهما
[1345] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (3/137). .
وبَيانُه: أنَّ أسماءَ الحَقائِقِ لا تَنتَفي عن مُسَمَّياتِها؛ فلَو كان اسمُ الجَمعِ يَقَعُ على الاثنَينِ حَقيقةً لَم يَحسُنْ أن يَقولَ القائِلُ: ما رَأيتُ رِجالًا، وإنَّما رَأيتُ رَجُلَينِ. فلَمَّا صَحَّ نَفيُ ذلك دَلَّ على أنَّ الرَّجُلَينِ إذا سُمِّيا رجالًا كان مجازًا.
ثُمَّ إنَّ العَرَبَ جَعَلَت مَراتِبَ الأعدادِ ثَلاثةَ أقسامٍ: الواحِدُ، ثُمَّ التَّثنيةُ، ثُمَّ الجَمعُ، فقالوا: رَجُلٌ، ورَجُلانِ، ورِجالٌ. فلَو كان الجَمعُ يَنطَلِقُ على الاثنَينِ حَقيقةً لَكانت مَراتِبُ الأعدادِ مُنحَصِرةً في ضَربَينِ، وهما: الواحِدُ، والجَمعُ فقَط، وذلك مِمَّا لا يَجوزُ؛ لأنَّه خِلافُ ما استَقَرَّ عليه وضعُ لُغةِ العَرَبِ؛ لأنَّه يُفضي إلى حَملِ الوضعِ على التَّكرارِ؛ فإنَّ التَّثنيةَ لها مَراتِبُ تَخُصُّها، فلَو كانت مَرتَبةُ الجَمعِ مُنطَلِقةً على مَرتَبةِ التَّثنيةِ كان الجَمعُ والتَّثنيةُ بمَعنًى واحِدٍ، وذلك تَكرارٌ لا فائِدةَ فيه، والأصلُ في الوضعِ الإفادةُ.
ولهذا تَقولُ العَرَبُ: (رَجُلٌ)، و(رَجُلانِ)، و(رِجالٌ)، ويُفهَمُ مِن مُطلَقِ اسمِ (الرِّجالِ) ما لا يُفهَمُ مِن لَفظِ (الرَّجُلَينِ)؛ فدَلَّ على أنَّ الاثنَينِ لَيسا بجَمعٍ مِن جِهةِ اللُّغةِ
[1346] يُنظر: ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) للقاضي عبد الوهاب (3/90)، ((مسائل الخلاف في أصول الفقه)) للصيمري (ص: 83)، ((الإحكام)) لابن حزم (4/8)، ((العدة)) لأبي يعلى (2/652)، ((شرح اللمع)) للشيرازي (1/331)، ((الوصول إلى الأصول)) لابن برهان (1/331). .
وقيلَ: أقَلُّ الجَمعِ واحِدٌ. وهو مَنسوبٌ إلى إمامِ الحَرَمَينِ
[1347] يُنظر: ((منتهى السول)) للآمدي (ص: 121)، ((منتهى الوصول والأمل)) (ص77)، ((مختصر منتهى السول والأمل)) (2/710) كلاهما لابن الحاجب. وذلك أخذًا مِن قَولِ إمامِ الحَرَمَينِ: (والذي أراه أنَّ الرَّدَّ إلى رَجُلٍ واحِدٍ ليس بِدعًا أيضًا، ولَكِنَّه أبعَدُ مِنَ الرَّدِّ إلى اثنَينِ بكَثيرٍ). ((البُرهان)) (1/125). ورَدَّ بَعضُ الأُصوليِّينَ نِسبةَ هذا القَولِ إلى إمامِ الحَرَمَينِ، ووجَّهوا قَولَه بأنَّ المُرادَ به أنَّ الجَمعَ يُطلَقُ على الواحِدِ مَجازًا. ومِن ذلك قَولُ تاجِ الدِّينِ السُّبكيِّ: (وعِندي في هذا نَظَرٌ، والظَّاهِرُ أنَّه أرادَ أنَّ الرَّدَّ إلى واحِدٍ ليس بِدعًا بطَريقِ المَجازِ). ((الإبهاج)) (4/1327). .
وقيلَ: أقَلُّ الجَمعِ اثنانِ حَقيقةً. ونُقِلَ هذا القَولُ عن بَعضِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، مِنهم أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ، وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وزَيدُ بنُ ثابِتٍ
[1348] يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 243)، ((الوصول)) لابن برهان (1/300)، ((الإحكام)) للآمدي (2/273)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (3/93). ، وبَعضُ التَّابِعينَ
[1349] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (2/370)، ((العقد المنظوم)) للقرافي (2/74). . وذَهَبَ إليه بَعضُ الشَّافِعيَّةِ
[1350] يُنظر: ((التبصرة)) (ص: 127)، ((شرح اللمع)) (1/330) كلاهما للشيرازي، ((التلخيص)) لإمام الحرمين (2/173). ، وبَعضُ الحَنابِلةِ
[1351] يُنظر: ((التحبير)) للمرداوي (5/2368). ، وجُمهورُ الظَّاهريَّةِ
[1352] يُنظر: ((الإحكام)) لابن حزم (4/2). ، والأشعَريَّةُ
[1353] يُنظر: ((أصول الفقه)) للمشي (ص: 125). ، واختارَه أبو الحَسَنِ الأشعَريُّ
[1354] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (4/1348)، ((البحر المحيط)) للزركشي (3/136). ، وأبو إسحاقَ الإسفِرايِينيُّ
[1355] يُنظر: ((البرهان)) لإمام الحرمين (1/124)، ((التحصيل)) للأرموي (1/356)، ((منهاج الوصول)) للبيضاوي (ص: 53). ، والباقِلَّانيُّ
[1356] يُنظر: ((التقريب والإرشاد)) (3/324). ، والسُّهْرَوَرديُّ
[1357] يُنظر: ((التنقيحات في أصول الفقه)) (ص: 88). . وصَحَّحه الباجيُّ
[1358] يُنظر: ((إحكام الفصول)) (1/255). . وهو قَولُ الخَليلِ بنِ أحمَدَ، وسيبَويهِ مِن أهلِ اللُّغةِ
[1359] يُنظر: ((إيضاح المحصول)) للمازري (ص: 282)، ((تلقيح الفهوم)) للعلائي (ص: 404). .
وقيلَ بالتَّوقُّفِ. وهو اختيارُ الآمِديِّ في إحدى كُتُبِه
[1360] يُنظر: ((منتهى السول)) للآمدي (ص: 121). .
أمثِلةٌ تَطبيقيَّةٌ للمَسألةِ:تَظهَرُ ثَمَرةُ الخِلافِ في بَعضِ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، منها:
1- إذا قال: لفُلانٍ عليَّ دَراهِمُ. أو أوصى بدَراهمَ:فلَفظُ المُقِرِّ والموصي هنا مَحمولٌ على أقَلِّ الجَمعِ:
فمَن قال: أقَلُّ الجَمعِ ثَلاثةٌ. قال: يَلزَمُه ثَلاثةٌ ما لَم يَدُلَّ دَليلٌ خارِجٌ على مِقدارٍ مِنَ العَدَدِ مُعَيَّنٍ.
ومَن قال: أقَلُّ الجَمعِ اثنانِ. قال: يَلزَمُه دِرهَمانِ
[1361] يُنظر: ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) للقاضي عبد الوهاب (3/90)، ((أصول الفقه)) للمشي (ص: 126)، ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (2/499)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (4/1336)، ((مفتاح الوصول)) للتلمساني (ص: 512)، ((التمهيد)) للإسنوي (ص: 313). .
قال المازَريُّ: (في كُتُبٍ لا تُحصى كَثرةً مِن كُتُبِ الفُقَهاءِ إجراءُ إقرارِ المُقِرِّ بدَراهمَ أو ثيابٍ على ما ذَكَرناه مِنَ الخِلافِ في أقَلِّ الجَمعِ)
[1362] ((إيضاح المحصول)) (ص: 281). .
2- إذا أوصى لأقارِبِه، ولَم يوجَدْ إلَّا قَريبٌ واحِدٌ، فقدِ اختَلَفوا فيه:فقيلَ: يُعطى جَميعَ المالِ؛ لأنَّ القَصدَ جِهةُ القَرابةِ.
وقيلَ: لا. وعلى هذا هَل يُعطى ثُلُثَه، أو نِصفَه، وتَبطُلُ الوصيَّةُ في الباقي؟ على وجهَينِ مَبنيَّينِ على أقَلِّ الجَمعِ:
فمَن قال: أقَلُّ الجَمعِ ثَلاثةٌ، قال: يُعطى ثُلُثَ المالِ.
ومَن قال: أقَلُّ الجَمعِ اثنانِ، قال: يُعطى نِصفَه
[1363] يُنظر: ((التمهيد)) (ص: 313)، ((الكوكب الدري)) (ص: 232) كلاهما للإسنوي، ((البحر المحيط)) للزركشي (3/140). .
3- إذا نَذَرَ أن يَتَصَدَّقَ على فُقَراءَ أو مَساكينَ:فمَن قال: أقَلُّ الجَمعِ ثَلاثةٌ، قال: لَو صَرَف إلى ثَلاثةٍ مِنهم يَخرُجُ عن نَذرِه، ولَو صَرَفه إلى اثنَينِ مِنهم لا يُجزِئُه
[1364] يُنظر: ((أصول الفقه)) للمشي (ص: 127)، ((ميزان الأصول)) لعلاء الدين السمرقندي (ص: 294). .