موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّالِثُ: الاختِلافُ في صِحَّةِ نَقلِ الحَديثِ


مِن أسبابِ الاختِلافِ بَينَ المُجتَهِدينَ الاختِلافُ في صِحَّةِ نَقلِ الحَديثِ ووُصولِه إلى أحَدِهم مِن طَريقٍ لا تَقومُ به الحُجَّةُ، بَينَما يَصِلُ إلى الآخَرِ مِن طَريقٍ صحيحٍ؛ مِنهم مَن صَحَّ عِندَه فعَمِلَ بمُقتَضاه، ومِنهم مَن لم يَصِحَّ عِندَه إمَّا لقَدحٍ في سَنَدِه، أو لتَشديدِه في شُروطِ الصِّحَّةِ [300] يُنظَر: ((تقريب الوصول)) لابن جزي (ص: 202)، ((أسباب اختلاف الفقهاء)) للصاعدي (ص: 76). ويُنظر أيضًا: ((الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين)) للبطليوسي (ص: 158). .
مِثالُه: حَديثُ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ رَضِيَ اللهُ عنها؛ فعن أبي إسحاقَ، قال: كُنتُ مَعَ الأسودِ بنِ يَزيدَ جالِسًا في المَسجِدِ الأعظَمِ مَسجِدِ الكوفةِ ومَعنا الشَّعبيُّ، فحَدَّثَ الشَّعبيُّ بحَديثِ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَجعَلْ لها سُكنى ولا نَفقةً. ثُمَّ أخَذَ الأسودُ كَفًّا مِن حَصًى فحَصَبَه به، فقال: ويلَك! تُحَدِّثُ بمِثلِ هذا؟! قال عُمَرُ: لا نَترُكُ كِتابَ اللهِ وسُنَّةَ نَبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لقَولِ امرَأةٍ لا نَدري لعَلَّها حَفِظَت أو نَسِيَت! لها السُّكنى والنَّفَقةُ؛ قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق: 1] [301] أخرجه مسلم (1480). .
فعُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه شَكَّ في حِفظِها، فتَرَكَ العَمَلَ بالحَديثِ الذي رَوته، ولا يَكونُ شَكُّه حُجَّةً على غَيرِه [302] يُنظَر: ((سبل السلام)) للصنعاني (6/ 226). .

انظر أيضا: