موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّامِنُ: اختِلافُ الرِّوايةِ في ألفاظِ الحَديثِ


مِن أسبابِ الاختِلافِ بَينَ المُجتَهِدينَ اختِلافُهم في رِوايةِ ألفاظِ الحَديثِ [325] يُنظَر: ((الواضح)) لابن عقيل (2/ 156)، ((تقريب الوصول)) لابن جزي (ص: 202). .
ومِثالُه: عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بَينَما نَحنُ جُلوسٌ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ جاءَه رَجُلٌ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، هَلَكتُ. قال: ما لك؟ قال: وقَعتُ على امرَأتي وأنا صائِمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل تَجِدُ رَقَبةً تُعتِقُها؟ قال: لا، قال: فهل تَستَطيعُ أن تَصومَ شَهرَينِ مُتَتابِعينَ؟ قال: لا، فقال: فهل تَجِدُ إطعامَ سِتِّينَ مِسكينًا؟ قال: لا...)) الحَديثَ [326] أخرجه البخاري (1936) واللفظ له، ومسلم (1111). .
وفي رِوايةٍ أخرى عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَر رَجُلًا أفطَرَ في رَمَضانَ أن يُعتِقَ رَقَبةً، أو يَصومَ شَهرَينِ، أو يُطعِمَ سِتِّينَ مِسكينًا)) [327] أخرجها مسلم (1111). .
فأخَذَ الجُمهورُ مِنَ الحَنَفيَّةِ [328] يُنظَر: ((الهداية)) للمرغيناني (1/125)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/328). ، والشَّافِعيَّةِ [329] يُنظَر: ((المجموع)) للنووي (6/345)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/442). ، والحَنابِلةِ [330] يُنظَر: ((الفروع)) لابن مفلح (5/54)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/228). بالرِّوايةِ الأولى، وقالوا: الكَفَّارةُ على التَّرتيبِ، وأخَذَ المالِكيَّةُ [331] يُنظَر: ((شرح مختصر خليل للخرشي مع حاشية العدوي)) (2/ 254). بالرِّوايةِ الثَّانيةِ، فقالوا: الكَفَّارةُ على التَّخييرِ.
وذلك لأنَّ ظاهرَ الحَديثِ الأوَّلِ يوجِبُ أنَّها على التَّرتيبِ؛ إذ سَألَ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ الرَّجُلَ عنِ الاستِطاعةِ عليها مُرَتَّبًا. وظاهرُ الحَديثِ الثَّاني أنَّها على التَّخييرِ؛ إذ حَرفُ (أو) إنَّما يَقتَضي في اللُّغةِ التَّخييرَ [332] يُنظَر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/ 67). .

انظر أيضا: