موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ السَّادِسُ: رُجوعُ المُفتي عنِ الفتوى إذا تَبَيَّنَ له خَطَؤُه


إذا تَبَيَّنَ للمُفتي أنَّه أخطَأ في الفُتيا وجَبَ عليه الرُّجوعُ عنِ الخَطَأِ، ويَلزَمُه إعلامُ المُستَفتي برُجوعِه [620] يُنظَر: ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي (2/ 423-424)، ((المجموع)) للنووي (1/ 45)، ((البحر المحيط)) للزركشي (8/ 357). .
وإن رَجَعَ المُفتي عن فُتياه، أو تَبَيَّنَ خَطَؤُه، فليس للمُستَفتي أن يَستَنِدَ في المُستَقبَلِ إليها في واقِعةٍ أخرى مُماثِلةٍ.
وأمَّا ما فعَلَه ومَضى فلَه أحوالٌ:
1- إن تَبَيَّن أنَّ المُفتيَ خالَف نَصَّ كِتابٍ أو سُنَّةٍ صحيحةٍ لا مُعارِضَ لها، أو خالَف الإجماعَ، أوِ القياسَ الجَليَّ، يُنقَضُ ما عَمِلَ؛ فإن كان بَيعًا فُسِخَ، وإن كان نِكاحًا وجَبَ عليه فِراقُها، وإن كان استَحَلَّ بها مالًا وجَبَ عليه إعادتُه إلى أربابِه.
2- إن كانت فُتياه الأولى عنِ اجتِهادٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجتِهادُه، فلا يَلزَمُ المُستَفتيَ نَقضُ ما عَمِلَ؛ لأنَّ الاجتِهادَ لا يُنقَضُ بالاجتِهادِ، والفُتيا في هذا نَظيرُ القَضاءِ، وقد قال الحَكَمُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفيُّ: (شَهِدتُ عُمَرَ أشرَكَ الإخوةَ مِنَ الأبِ والأمِّ مَعَ الإخوةِ مِنَ الأمِّ؛ فقيلَ له: قَضَيتَ عامَ أوَّلَ فلم تُشرِكْ! قال: تلك على ما قَضَينا، وهذه على ما قَضَينا) [621] أخرجه ابن أبي شيبة (31744)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/332) باختلافٍ يسيرٍ، ولفظُ البخاريِّ: عنِ الحَكَمِ بنِ مَسعودٍ الثَّقَفيِّ، قال: شَهِدتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أشرَكَ الإخوةَ مِنَ الأبِ والأُمِّ، والإخوةَ مِنَ الأُمِّ، فقال له رَجُلٌ: قَضَيتَ عامَ أوَّلَ فلم تُشرِكْ! قال: تلك على ما قَضَينا، وهذه على ما قَضَينا. قال الذَّهَبيُّ في ((ميزان الاعتدال)) (1/580): إسنادُه صالِحٌ. ، وهذا شَأنُ الاجتِهادِ [622] يُنظَر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (32/ 44- 45). .

انظر أيضا: