موسوعة أصول الفقه

الفَصلُ الخامِسُ: حُكمُ تَعَلُّمِ أُصولِ الفِقهِ


نَصَّ جَماهيرُ الأُصوليِّينَ على أنَّ تَعَلُّمَ أُصولِ الفِقهِ فَرضُ كِفايةٍ على عُمومِ الأُمَّةِ، وذلك بالنَّظَرِ الإجماليِّ للأُمَّةِ، وليس على كُلِّ فردٍ مِنَ الأفرادِ [101] يُنظر: ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (1/ 47)، ((الذخر الحرير)) للبعلي (ص: 60). .
ومِمَّن نَصَّ عليه: الرَّازِيُّ [102] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (1/ 170). ، وابنُ عَقيلٍ [103] يُنظر: ((المسودة)) لآل تيمية (ص: 571)، ((الذخر الحرير)) للبعلي (ص: 60). ، والنَّوَويُّ [104] يُنظر: ((روضة الطالبين)) (10/ 224). ، وابنُ تَيميَّةَ [105] يُنظر: ((المسودة)) (ص: 571). ، وصفيُّ الدِّينِ الهِنديُّ [106] يُنظر: ((نهاية الوصول)) (2/ 773). ، والجراعيُّ [107] يُنظر: ((شرح مختصر أصول الفقه)) (1/ 68). .
ووجهُ ذلك: أنَّ مَعرِفةَ حُكمِ اللهِ تعالى في الوقائِعِ النَّازِلةِ للمُكَلَّفينَ واجِبةٌ، ولا طَريقَ إلى تَحصيلِها إلَّا بهذا العِلمِ، وما لا يَتَأدَّى الواجِبُ المُطلَقُ إلَّا به وكان مَقدورًا للمُكَلَّفِ فهو واجِبٌ، وأمَّا كَونُه لا يجِبُ على أعيانِ النَّاسِ بَل إذا تَعَلَّمَه البَعضُ سَقَطَ عنِ البَقيَّةِ، أنَّه لا يَجِبُ على النَّاسِ بأسرِهم طَلَبُ الأحكامِ بالدَّلائِل المُفصَّلةِ، بَل يَجوزُ الاستِفتاءُ فيها، وذلك يَدُلُّ على أنَّ تَحصيلَ هذا العِلمِ ليس مِن فُروضِ الأعيانِ، بَل مِن فُروضِ الكِفاياتِ [108] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (1/ 170- 171)، ونحوه: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (2/ 773). .
وإيجابُه على الكِفايةِ أيسَرُ على النَّاسِ [109] يُنظر: ((شرح مختصر أصول الفقه)) للجراعي (1/ 68). ؛ لعُسرِ مُطالَبةِ جَميعِ آحادِ المُسلمينَ بدِراسَتِه والتَّفرُّغِ له، وإدراكِ مُصطَلَحاتِه وتَقسيماتِه وأدِلَّتِه، وما يَصلُحُ مِنها وما لا يَصلُحُ.
وقد ذَكَرَ بَعضُ الأُصوليِّينَ أنَّه فَرضُ عَينٍ على مَن أرادَ الاجتِهادَ [110] يُنظر: ((أصول الفقه)) لابن مفلح (1/ 17)، ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (1/ 47)، ((الذخر الحرير)) للبعلي (ص: 60). ، أوِ استِنباطَ حُكمٍ أوِ القيامَ بالإفتاءِ أوِ المُناظَرةِ، وعَلَّلوا ذلك بأنَّه إذا لَم يَعرِفِ الأُصولَ لَم يَتَمَكَّنْ مِن هذه الأُمورِ، فيَتَعَيَّنُ عليه مَعرِفتُها [111] ((شرح مختصر أصول الفقه)) للجراعي (1/ 68). .
وهذا في الحَقيقةِ مُجَرَّدُ خِلافٍ لَفظيٍّ [112] يُنظر: ((أصول الفقه)) لابن مفلح (1/ 17)، ((شرح مختصر أصول الفقه)) للجراعي (1/ 68). ، فالقَولُ بأنَّه فرضُ كِفايةٍ مَحمولٌ على عُمومِ الأُمَّةِ، وأمَّا القَولُ بأنَّه فرضُ عَينٍ فهو مَحمولٌ على مَنِ انتَصَبَ لدَرَجةِ الاجتِهادِ، أو للفُتيا، أو للمُناظَرةِ، ونَحوِ ذلك.

انظر أيضا: