موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّالثةُ: لا يُشتَرَطُ في الفَرعِ أن يَكونَ حُكمُه مِمَّا ثَبَتَ بالنَّصِّ مِن حَيثُ الجُملةُ


لا تُشتَرَطُ دَلالةُ دَليلٍ غَيرِ القياسِ على ثُبوتِ الحُكمِ في الفرعِ بطَريقِ الإجمالِ.
ومِثالُ اشتِراطِه أن يُقالَ: لولا أنَّ الشَّرعَ ورَدَ بميراثِ الجَدِّ جُملةً لما نَظَرَ الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم في تَوريثِ الجَدِّ مَعَ الإخوةِ؛ فدَلَّ على أنَّه تُشتَرَطُ دَلالةُ دَليلٍ غَيرِ القياسِ على ثُبوتِ الحُكمِ في الفَرعِ بطَريقِ الإجمالِ حتَّى يَدُلَّ القياسُ عليه بطَريقِ التَّفصيلِ.
وهذا باطِلٌ مِن وجهَينِ:
الأوَّلُ: أنَّ الحُكمَ إذا ثَبَتَ في الأصلِ بعِلَّةٍ تَعَدَّى بتَعَدِّي العِلَّةِ كيفما كان.
الثَّاني: أنَّ ظَنَّ ثُبوتِ الحُكمِ في الفَرعِ يَحصُلُ بدونِ حُصولِ هذا الشَّرطِ، والعَمَلُ بالظَّنِّ واجِبٌ، فلا يُشتَرَطُ.
ودَليلُ عَدَمِ اشتِراطِ هذا الشَّرطِ: أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم استَعمَلوا القياسَ بدونِ هذا التَّقييدِ، وقاسوا قَولَ الزَّوجِ لزَوجَتِه: (أنتِ عليَّ حَرامٌ) إمَّا على الطَّلاقِ في تَحريمِها، أو على الظِّهارِ في وُجوبِ الكَفَّارةِ، أو على اليَمينِ في كونِه إيلاءً. ولم يوجَدْ في ذلك نَصٌّ يَدُلُّ على الحُكمِ لا جُملةً ولا تَفصيلًا؛ لأنَّ النَّصَّ ورَدَ في المَملوكةِ في قَولِ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم: 1] ، والنِّزاعُ هنا في المُتَزَوِّجةِ [1152] يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 292، 328)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (6/2590)، ((التحبير)) للمرداوي (7/3310). .
وقيل: يُشتَرَطُ أن يَكونَ الحُكمُ في الفرعِ مِمَّا ثَبَتَت جُملتُه بالنَّصِّ، وإن لم يَثبُتْ تَفصيلُه، وهو اختيارُ أبي هاشِمٍ [1153] يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص:328)، ((التحقيق والبيان)) للأبياري (3/462)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (6/2590). .

انظر أيضا: