موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الأولى: البَيانُ بالقَولِ


المُرادُ بالبَيانِ بالقَولِ: أن يَقولَ المُتَكَلِّمُ أو مَن عَلِم مُرادَ المُتَكَلِّمِ: المُرادُ بهذا الكَلامِ كَذا [551] يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (2/678)، ((المدخل)) لابن بدران (ص267). .
وهذا النَّوعُ مِنَ البَيانِ لا خِلافَ فيه بَينَ الأُصوليِّينَ، ومِمَّن ذَكَرَ الاتِّفاقَ على ذلك: الطُّوفيُّ [552] قال: (البَيانُ بالفِعلِ أقوى مِنَ البَيانِ بالقَولِ، ولا خِلافَ في جَوازِ البَيانِ بهما، إلَّا عِندَ شُذوذٍ مِنَ النَّاسِ في البَيانِ الفِعليِّ). ((شرح مختصر الروضة)) (2/684). ، والزَّركَشيُّ [553] قال: (اعلَمْ أنَّه لا خِلافَ في وُقوعِ البَيانِ بالقَولِ). ((تشنيف المسامع)) (2/848). ، وأبو زُرعةَ العِراقيُّ [554] قال: (يَجوزُ البَيانُ بالقَولِ إمَّا مِنَ الكِتابِ أوِ السُّنَّةِ اتِّفاقًا). ((الغيث الهامع)) (ص: 361). ، والمَرداويُّ [555] قال: (يَحصُلُ البَيانُ بالقَولِ بلا نِزاعٍ بَينَ العُلَماءِ). ((التحبير)) (6/2804). .
ويَكونُ البَيانُ بالقَولِ مِنَ اللهِ تعالى، ومِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
1- مِثالُ البَيانِ مِنَ اللهِ تعالى: قَولُه: صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [البقرة: 69] .
فإنَّه مُبَيِّنٌ لقَولِه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة: 67] إذا قيلَ: إنَّ المُرادَ بالبقرةِ بقَرةٌ مُعَيَّنةٌ.
2- مِثالُ البَيانِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قَولُه: ((فيما سَقَتِ السَّماءُ أو كان عَثَريًّا [556] الذي يَشرَبُ بعُروقِه فلا يَحتاجُ سَقيُه إلى مُعالَجةٍ ونَحوِ ذلك. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/ 182)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 349). العُشرُ، وما سُقيَ بالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ)) [557] أخرجه البخاري (1483) باختِلافٍ يَسيرٍ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، بلفظ: عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((فيما سَقَتِ السَّماءُ والعُيونُ أو كان عَثَريًّا العُشرُ، وما سُقيَ بالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ)). . فهذا مُبَيِّنٌ لقَولِ اللهِ تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141] [558] يُنظر: ((نهاية السول)) للإسنوي (ص: 229)، ((التحبير)) للمرداوي (6/2804)، ((غاية الوصول)) لزكريا الأنصاري (ص: 90). .
والأمثِلةُ على ذلك كَثيرةٌ في السُّنَّةِ البَيانيَّةِ للقُرآنِ الكَريمِ، فالسُّنَّةُ تُبَيِّنُ مُجمَلَ القُرآنِ، وهذا كَثيرٌ في الصَّلاةِ والصَّومِ والحَجِّ والبَيعِ، وغالِبِ الأحكامِ التي فصَّلَتها السُّنَّةُ [559] يُنظر: ((التحبير)) للمرداوي (6/2805)، ((الوجيز)) لمحمد الزحيلي (2/126). .

انظر أيضا: