موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: عدمُ الغلوِّ فيهم


مِن أهمِّ الآدابِ التي يجبُ مراعاتُها: عدمُ الغلوِّ في الملائكةِ فهم مِن عبادِ الله فلا يُعبدونَ مِن دونَه. 
الدليل على ذلك من الكتاب:
1- قال تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 79-80] .
خصَّ الملائكةَ والنبيِّين بالذِّكر؛ لأنَّ الَّذين وُصِفوا من أهل الكتابِ بعبادةِ غير الله لم يَحكِ عنهم إلَّا عبادةَ الملائكة، وعبادة المسيحِ وعُزَيْر [751] .
فالذي من الله عليه بالكتاب والحكم والنبوة لا يمكن أن يأمر غيره باتخذا الملائكة والنبيين أربابا كما أنه لا يدعو الناس إلى عبادة نفسه، ومن أمر أن تتخذ الملائكة والنبيين أربابا فقد أمر بالكفر لقوله تعالى أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وهذا كفر مخرج من الملة لقوله: بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [752] ينظر: ((تفسير ابن عثيمين: سورة آل عمران)) (1/461). .
2 – قال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [سبأ: 40-41] .
3- وقال تعالى: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا [النساء: 172] .
4- وقال تعالى حكايةً عن الملائكةِ: وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [الصافات: 164 - 166] .
وفيه بيانُ أنَّ الملائِكةَ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ مُنَزَّهُون عمَّا يَدَّعِيه هؤلاء مِن كونِهم بَناتِ اللهِ، ووجهُ ذلك: أنَّهم مُكَلَّفونَ بالعِبادةِ على حَدٍّ مَعلومٍ -على قولٍ في التفسيرِ-، ومَن كان مُكَلَّفًا بالعِبادةِ لا يُمكِنُ أنْ يكونَ ابنًا أو ولَدًا للمَعبودِ [753] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين: سورة الصافات)) (ص: 346). .

انظر أيضا: