موسوعة الآداب الشرعية

سادسا: الرِّضا لِمَن حُلِفَ له باللهِ


يَجِبُ الرِّضا لِمَن حُلِف له باللهِ، إذا كان الحالِفُ صادِقًا [2563] يُنظر: ((القول المفيد على كتاب التوحيد)) لابن عثيمين (2/ 226). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عنِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: ((سَمِع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا يَحلِفُ بأبيه، فقال: لا تَحلِفوا بآبائِكُم، مَن حَلَف باللهِ فليَصدُقْ، ومَن حُلِف له باللهِ فليَرضَ، ومَن لَم يَرضَ باللهِ فليس مِنَ اللهِ)) [2564] أخرجه ابن ماجه (2101) واللفظ له، والبيهقي (21240)، وقوام السنة في ((الترغيب والترهيب)) (1151). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2101)، وجَوَّد إسنادَه وقوَّاه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/413)، وحَسَّنه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (11/544). .
 قال سُلَيمانُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ الوهَّابِ: (قَولُه: «ومَن حَلِف له باللهِ فليَرضَ» أي: وُجوبًا، كما يَدُلُّ عليه قَولُه: «ومَن لَم يَرضَ فلَيسَ مِنَ اللهِ»... قال ابنُ كَثيرٍ: أي: فقد بَرِئَ مِنَ اللهِ. وهذا عامٌّ في الدَّعاوي وغَيرِها، ما لَم يُفضِ إلى إلغاءِ حُكمٍ شَرعيٍّ، كَمَن تَشهَدُ عليه البَيِّنةُ الشَّرعيَّةُ فيَحلِفُ على تَكذيبِها؛ فلا يَقبَلُ حَلِفُه، ولهذا لمَّا رَأى عيسى عليه السَّلامُ رَجُلًا يَسرِقُ فقال له: سَرَقتَ، قال: كَلَّا واللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هو! فقال عيسى: آمَنتُ باللهِ وكَذَّبتُ عَيني [2565] أخرجه البخاري (3444)، ومسلم (2368) باختِلافٍ يَسيرٍ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، ولَفظُ البُخاريِّ: ((رَأى عيسى بنُ مَريَمَ رَجُلًا يَسرِقُ، فقال: له أسَرَقتَ؟ قال: كَلَّا واللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هو. فقال عيسى: آمَنتُ باللهِ وكَذَّبتُ عيني)). [2566] ((تيسير العزيز الحميد)) (ص: 517، 518). قال ابنُ القَيِّمِ: (كان اللهُ سُبحانَه وتعالى في قَلبِ المَسيحِ عليه السَّلامُ أجَلَّ وأعظَمَ مِن أن يَحلِفَ به أحَدٌ كاذِبًا، فلَمَّا حَلَف له السَّارِقُ دارَ الأمرُ بَينَ تُهمَتِه وتُهمةِ بَصَرِه، فرَدَّ التُّهمةَ إلى بَصَرِه لمَّا اجتَهَدَ له في اليَمينِ باللهِ). ((إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)) (1/ 115). .
وقال الشَّوكانيُّ: (هذا أمرٌ مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرِّضا لمَن حُلِفَ له باللهِ، ووعيدٌ لِمَن لَم يَرضَ، بأنَّه ليس مِنَ اللهِ) [2567] ((نيل الأوطار)) (8/357). .

انظر أيضا: