موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: الصِّدقُ في الحَلِفِ


يَجِبُ أن يَصدُقَ المَرءُ في يَمينِه ولا يَكذِبَ.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ:
أوَّلًا: من الكِتابِ
1- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119] .
2- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران: 77] .
أي: إنَّ الذينَ يَستَبدِلونَ بما عَهِدَ اللهُ إليهم مِنَ الإيمانِ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأداءِ الأمانةِ، ويَستَبدِلونَ بالحَلِفِ باللهِ كَذِبًا استِحلالًا لِما حَرَّمَ اللهُ عليهم مِن أموالِ النَّاسِ، يَستَبدِلونَ بذلك ويَأخُذونَ به عِوَضًا قَليلًا، وبَدَلًا يَسيرًا خَسيسًا مِن حُطامِ الدُّنيا، فيَنكُثونَ عَهدَ اللهِ، ويَحلِفونَ كَذِبًا مِن أجلِ ذلك، أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، أي: لا حَظَّ لَهم مِنَ الخَيرِ يَومَ القيامةِ، ولا نَصيبَ لَهم مِنه، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، أي: لا يُكَلِّمُهمُ اللهُ يَومَ القيامةِ تَكليمَ رِضًا، أو كَلامًا يَسُرُّهم، ولَكِنَّه يُكَلِّمُهم تَكليمَ إهانةٍ وغَضَبٍ وسَخَطٍ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أي: ولا يَنظُرُ إليهم نَظَرَ رَحمةٍ وعَطفٍ ولا نَظَرًا يَسُرُّهم، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، أي: ولا يُطَهِّرُهم مِن ذُنوبِهم وكُفرِهم مِمَّا تَلَوَّثوا به في الدُّنيا، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ مُؤلمٌ موجِعٌ [2518] يُنظر: ((التفسير المحرر)) إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدُّرَر السَّنيَّة (2/ 306-308). .
3- قال تعالى في شأنِ المُنافِقينَ: وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المجادلة: 14 - 19] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عليكم بالصِّدقِ؛ فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتَبَ عند اللهِ صِدِّيقًا. وإيَّاكم والكَذِبَ؛ فإنَّ الكَذِبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفُجورَ يهدي إلى النَّارِ، وما يزالُ الرَّجُلُ يَكذِبُ، ويتحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ كَذَّابًا)) [2519] أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607) واللفظ له. .
2- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: ((سَمِع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا يَحلِفُ بأبيه، فقال: لا تَحلِفوا بآبائِكُم، مَن حَلَف باللهِ فليَصدُقْ، ومَن حُلِف له باللهِ فليَرضَ، ومَن لَم يَرضَ باللهِ فلَيسَ مِنَ اللهِ)) [2520] أخرجه ابن ماجه (2101) واللفظ له، والبيهقي (21240)، وقوام السنة في ((الترغيب والترهيب)) (1151). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2101)، وجَوَّد إسنادَه وقواه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/413)، وحَسَّنه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (11/544). .
3- عن أبي وائِلٍ، عن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَن حَلَف على مالِ امرِئٍ مُسلمٍ بغَيرِ حَقِّه، لَقيَ اللَّهَ وهو عليه غَضبانُ، قال عَبدُ اللهِ: ثُمَّ قَرَأ علينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِصداقَه مِن كِتابِ اللهِ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا [آل عمران: 77] إلى آخِرِ الآيةِ)) [2521] أخرجه البخاري (7445)، ومسلم (138) واللفظ له. .
وفي رِوايةٍ عن عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن حَلَف على يَمينٍ وهو فيها فاجِرٌ ليَقتَطِعَ بها مالَ امرِئٍ مُسلمٍ، لَقيَ اللَّهَ وهو عليه غَضبانُ)). فقال الأشعَثُ: فيَّ واللَّهِ كان ذلك، كان بَيني وبَينَ رَجُلٍ مِنَ اليَهودِ أرضٌ فجَحَدَني، فقدَّمتُه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألك بَيِّنةٌ؟ قُلتُ: لا، قال: فقال لليَهوديِّ: احلِفْ، قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إذًا يَحلِفُ ويَذهَبُ بمالي! فأنزَلَ اللهُ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا [آل عمران: 77] إلى آخِرِ الآيةِ [2522] أخرجه البخاري (2416، 2417) واللفظ له، ومسلم (138). .
قال الطِّيبيُّ: (مَنِ ارتَكَبَ هذه الجَريمةَ قد بَلَغَ في الاعتِداءِ الغايةَ القُصوى؛ حَيثُ انتَهَكَ حُرمةً بَعدَ حُرمةٍ؛ إحداها: اقتِطاعُ المالِ لَم يَكُنْ له ذلك. والثَّانيةُ: الاستِخفافُ بحُرمةٍ وجَبَ عليه رِعايَتُها، وهيَ حُرمةُ الإسلامِ وحَقُّ الأُخوَّةِ. والثَّالثةُ: الإقدامُ على اليَمينِ الفاجِرةِ) [2523] ((الكاشف عن حقائق السنن)) (8/ 2609). .
4- عن عَلقَمةَ بنِ وائِلٍ، عن أبيه رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((جاء رجلٌ مِن حَضرَمَوْتَ ورجلٌ مِن كِنْدَةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال الحَضْرَميُّ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا قد غَلَبَني على أرضٍ لي كانت لأبي، فقال الكِنْديُّ: هي أرضي في يَدِي أزرعُها ليس له فيها حقٌّ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحَضْرميِّ: ألك بيِّنةٌ؟ قال: لا، قال: فلك يمينُه، قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ الرَّجُلَ فاجِرٌ لا يُبالي على ما حَلَف عليه، وليس يتورَّعُ مِن شيءٍ! فقال: ليس لك مِنه إلَّا ذلك، فانطَلَق ليَحلِفَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا أدبَرَ: أمَا لئِن حَلَفَ على مالِه ليأكُلَه ظُلمًا، لَيلْقيَنَّ اللَّهَ وهو عنه مُعْرِضٌ)) [2524] أخرجه مسلم (139). .
5- عن أبي أُمامةَ الحارِثيِّ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ مُسلمٍ بيَمينِه، فقد أوجَبَ اللهُ له النَّارَ، وحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ، فقال له رَجُلٌ: وإن كان شَيئًا يَسيرًا يا رَسولَ اللهِ؟ قال: وإنْ قَضيبًا مِن أراك)) [2525] أخرجه مسلم (137). .
قال عِياضٌ: (إنَّما كَبُرَت هذه المَعصيةُ بحَسَبِ اليَمينِ الغَموسِ التي هي مِنَ الكَبائِرِ الموبِقاتِ، وتَغييرِها في الظَّاهِرِ حُكمَ الشَّرعِ واستِحلالِه بها الحَرامَ، وتَصييرِها المُحِقَّ في صورةِ المُبطِلِ، والمُبطِلَ في صورةِ المُحِقّ؛ ولهذا عَظُم أمرُها وأمرُ شَهادةِ الزُّورِ. وإيجابُ النَّارِ فيها على حُكمِ الكَبائِرِ، إلَّا أن يَشاءَ اللهُ أن يَعفوَ عن ذلك لمَن يَشاءُ، وتَحريمُ الجَنَّةِ عِندَ دُخولِ السَّابقينَ لَها والمُتَّقينَ وأصحابِ اليَمينِ، ثُمَّ لا بُدَّ لكُلِّ موحِّدٍ مِن دُخولِها، إمَّا بَعدَ وُقوفٍ وحِسابٍ، أو بَعدَ نَكالٍ وعَذابٍ. وتَخصيصُه هنا المُسلِمَ؛ إذ همُ المُخاطَبونَ، وعامَّةُ المُتَعامِلينَ في الشَّريعةِ، لا أنَّ غَيرَ المُسلِمِ بخِلافِه، بَل حُكمُه حُكمُه في ذلك) [2526] ((إكمال المعلم)) (1/ 434). .
وقال أيضًا: (لا خِلافَ في إثمِ الحالِفِ بما يَقتَطِعُ به حَقَّ غَيرِه وإنْ وَرَّى، قالوا: وهو آثِمٌ حانِثٌ في يَمينِه) [2527] ((إكمال المعلم)) (5/ 414). .
6- عن أبي ذرٍّ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهم اللهُ يومَ القيامةِ، ولا ينظُرُ إليهم ولا يُزَكِّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ. قال: فقرأها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثَ مرارٍ، قال أبو ذرٍّ: خابوا وخَسِروا! من هم يا رسولَ اللهِ؟ قال: المُسبِلُ، والمنَّانُ، والمُنَفِّقُ سِلعتَه بالحَلِفِ الكاذِبِ)) [2528] أخرجه مسلم (106). .
وفي روايةٍ: ((ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهم اللهُ يومَ القيامةِ: المَنَّانُ الذي لا يعطي شيئًا إلَّا مَنَّه، والمُنَفِّقُ سِلعَتَه بالحَلِفِ الفاجِرِ، والمُسبِلُ إزارَه)) [2529] أخرجها مسلم (106). .
7- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهم اللهُ يومَ القيامةِ، ولا ينظُرُ إليهم: رجُلٌ حَلَف على سلعةٍ لقد أعطَى بها أكثَرَ ممَّا أعطَى وهو كاذبٌ، ورجُلٌ حَلَف على يمينٍ كاذبةٍ بعدَ العَصرِ ليقتَطِعَ بها مالَ رجلٍ مُسلِمٍ، ورَجُلٌ مَنَعَ فَضلَ ماءٍ، فيَقولُ اللهُ: اليَومَ أمنَعُك فَضْلي كما مَنَعتَ فَضلَ ما لَم تَعمَلْ يَداك)) [2530] أخرجه البخاري (2369) واللفظ له، ومسلم (108). .
8- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: أشهَدُ لَسَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((ما مِن عَبدٍ أو أمَةٍ يَحلفُ عِندَ هذا المِنبَرِ على يَمينٍ آثِمةٍ، ولَو على سِواكٍ رَطْبٍ، إلَّا وجَبَت له النَّارُ)) [2531] أخرجه ابن ماجه (2326)، وأحمد (8362) واللفظ له. صحَّحه الحاكم في ((المستدرك)) (8022) وقال: على شرط الشيخين، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2326)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1314)، وصحَّح إسنادَه المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/64)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (16/155). .
9- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((جاءَ أعرابِيٌّ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قال: ثُمَّ عُقوقُ الوالِدَينِ. قال: ثُمَّ ماذا؟ قال: اليَمينُ الغَموسُ. قُلتُ: وما اليَمينُ الغَموسُ؟ قال: الذي يَقتَطِعُ مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ هو فيها كاذِبٌ)) [2532] أخرجه البخاري (6920). .
قال ابنُ الجَوزيِّ: (الغَموسُ: التي تَغمِسُ صاحِبَها في الإثمِ ثُمَّ في النَّارِ، وصِفةُ هذه اليَمينِ أن يَقولَ: واللهِ ما فعَلتُ، وقد فعَلَ. أو: لَقد فعَلتُ، وما فعَلَ) [2533] ((كشف المشكل)) (4/ 121). ويُنظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (20/ 267). .
10- عن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ شِبلٍ الأنصاريِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ التُّجَّارَ همُ الفُجَّارُ! قال: قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أوَليس قد أحَلَّ اللَّهُ البَيعَ؟ قال: بَلى، ولَكِنَّهم يُحَدِّثونَ فيَكذِبونَ، ويَحلِفونَ ويَأثَمونَ)) [2534] أخرجه أحمد (15530) واللفظ له، والحاكم (2177)، والبيهقي (10718). صحَّحه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1786)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (15530)، وصحَّح إسنادَه الطبري في ((مسند علي)) (49)، والحاكم، والذهبي في ((المهذب)) (4/2031). .
قال أبو السَّعاداتِ ابنُ الأثيرِ: (سَمَّاهم فُجَّارًا؛ لِما في البَيعِ والشِّراءِ مِنَ الأيمانِ الكاذِبةِ والغَبنِ والتَّدليسِ والرِّبا الذي لا يَتَحاشاه أكثَرُهم، ولا يَفطِنونَ له) [2535] ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (1/ 181). .
وقال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (الحَلِفُ الفاجِرةُ تُنَفِّقُ السِّلعةَ وتُمحَقُ بسَبَبِها البَرَكةُ، فهيَ ذاتُ نَفاقٍ، وذاتُ مَحْقٍ، ومَعنى تَمحَقُ البَرَكةَ، أي: تُذهِبُها. وقد تُذهِبُ رَأسَ المالِ والرِّبحَ، كما قال اللهُ تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة: 276] ، وقد يَتَعَدَّى المَحْقُ إلى الحالِفِ، فيُعاقَبُ بإهلاكِه، وبتَوالي المَصائِبِ عليه، وقد يَتَعَدَّى ذلك إلى خَرابِ بَيتِه وبَلَدِه،... وأمَّا مَحقُ الحَسَناتِ في الآخِرةِ فلا بُدَّ مِنه لِمَن لَم يَتُبْ. وسَبَبُ هذا كُلِّه: أنَّ اليَمينَ الكاذِبةَ يَمينٌ غَموسٌ، يُؤكَلُ بها مالُ المُسلمِ بالباطِلِ) [2536] ((المفهم)) (4/ 522، 523). .

انظر أيضا: