موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: إذا لم يُؤْذَنْ له رَجَعَ


إذا لم يُؤْذَنْ للمُستَأذِنِ أو قيل له: ارجِعْ، فلْيَرْجِعْ، ولا يَنبَغي أن يَجِدَ في نَفسِه على المُستَأذَنِ عليه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ:
قال تعالى: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [النور: 28] .
قال الزَّمَخشَريُّ: (فَارْجِعُوا أي: لا تُلِحُّوا في إطلاقِ الإذنِ، ولا تَلَجُّوا في تَسهيلِ الحِجابِ، ولا تَقِفوا على الأبوابِ مُنتَظِرينَ؛ لأنَّ هذا مِمَّا يَجلِبُ الكَراهةَ، ويَقدَحُ في قُلوبِ النَّاسِ خُصوصًا إذا كانوا ذَوي مُروءةٍ ومُرتاضينَ بالآدابِ الحَسَنةِ.
وإذا نُهيَ عن ذلك لأدائِه إلى الكَراهيةِ وجَبَ الانتِهاءُ عن كُلِّ ما يُؤَدِّي إليها؛ مِن قَرعِ البابِ بعُنفٍ، والتَّصييحِ بصاحِبِ الدَّارِ، وغَيرِ ذلك مِمَّا يَدخُلُ في عاداتِ مَن لم يَتَهَذَّبْ مِن أكثَرِ النَّاسِ.
وكَفى بآيةِ الحُجُراتِ زاجِرةً: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [الحجرات: 4] ) [698] يُنظر: ((الكشاف)) (3/ 228). .
وقال ابنُ كَثيرٍ: (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ أي: إذا رَدُّوكُم مِنَ البابِ قَبلَ الإذنِ أو بَعدَه فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ أي: رُجوعُكُم أزكى لكُم وأطهَرُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.
وقال قتادةُ: قال بَعضُ المُهاجِرينَ: لقد طَلبتُ عُمري كُلَّه هذه الآيةَ فما أدرَكتُها: أن أستَأذِنَ على بَعضِ إخواني، فيَقولَ لي: ارجِعْ، فأرجِعُ وأنا مُغتَبِطٌ؛ لقَولِه: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.
وقال سَعيدُ بنُ جُبَيرٍ: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا، أي: لا تَقِفوا على أبوابِ النَّاسِ) [699] ((تفسير القرآن العظيم)) (6/ 41). .

انظر أيضا: