موسوعة الآداب الشرعية

ثاني عشرَ: اجتنابُ الجُلوسِ في الطُّرُقاتِ إلَّا بحَقِّها


يَنبَغي تَجَنُّبُ الجُلوسِ في الطُّرُقاتِ، وعلى مَن جَلسَ الالتِزامُ بآدابِ الطَّريقِ وحُقوقِه؛ مِن غَضِّ البَصَرِ، وكَفِّ الأذى، ورَدِّ السَّلامِ، وحُسنِ الكَلامِ، وإرشادِ السَّائِلِ وابنِ السَّبيلِ، وتَشميتِ العاطِسِ إذا حَمِدَ اللَّهَ، والأمرِ بالمَعروفِ، والنَّهيِ عنِ المُنكَرِ، وغَيرِ ذلك [1099] يُنظر: آدابُ الطَّريقِ في الكتابِ الرَّابعِ مِن هذه الموسوعةِ. .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إيَّاكُم والجُلوسَ على الطُّرُقاتِ، فقالوا: ما لنا بُدٌّ، إنَّما هيَ مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فيها، قال: فإذا أبَيتُم إلَّا المَجالسَ، فأعطُوا الطَّريقَ حَقَّها. قالوا: وما حَقُّ الطَّريقِ؟ قال: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذى، ورَدُّ السَّلامِ، وأمرٌ بالمَعروفِ، ونَهيٌ عنِ المُنكَرِ)) [1100] أخرجه البخاري (2465) واللفظ له، ومسلم (2121) .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عنِ المَجالسِ بالصُّعُداتِ [1101] الصُّعُداتُ: يَعني الطُّرُقَ، وهيَ مَأخوذةٌ مِنَ الصَّعيدِ، والصَّعيدُ: التُّرابُ، وجَمعُ الصَّعيدِ: صُعُدٌ، ثُمَّ الصُّعُداتُ جَمعُ الجَمعِ، كَما تَقولُ: طَريقٌ وطُرُقٌ ثُمَّ طُرُقاتٌ. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (4/ 86). ، فقالوا: يا رَسولَ اللهِ، ليَشُقُّ علينا الجُلوسُ في بُيوتِنا، قال: فإن جَلستُم فأعطُوا المَجالِسَ حَقَّها، قالوا: وما حَقُّها يا رَسولَ اللهِ؟ قال: إدلالُ السَّائِلِ، ورَدُّ السَّلامِ، وغَضُّ الأبصارِ، والأمرُ بالمَعروفِ، والنَّهيُ عنِ المُنكَرِ)). [1102] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1149). صحَّحه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (876)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1313)، وجود إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (12/305).
وفي رِوايةٍ: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عنِ الأفنيةِ والصُّعُداتِ [1103] قال ابنُ حَجَرٍ: (أمَّا الأفنيةُ فهيَ جَمعُ فِناءٍ، بكَسرِ الفاءِ والمَدِّ، وقد تُقصَرُ، وهو المَكانُ المُتَّسِعُ أمامَ الدُّورِ ... والصُّعُداتُ بضَمَّتَينِ جَمعُ صُعُدٍ -بضَمَّتَينِ أيضًا، وقد يُفتَحُ أوَّلُه- وهو جَمعُ صَعيدٍ، كَطَريقٍ وطُرُقاتٍ وزنًا ومَعنًى، والمُرادُ به ما يُرادُ مِنَ الفِناءِ، وزَعَمَ ثَعلبٌ أنَّ المُرادَ بالصُّعُداتِ وَجهُ الأرضِ، ويَلتَحِقُ بما ذُكِرَ ما في مَعناه مِنَ الجُلوسِ في الحَوانيتِ وفي الشَّبابيكِ المُشرِفةِ على المارِّ حَيثُ تَكونُ في غَيرِ العُلوِّ). ((فتح الباري)) (5/ 113). أن يُجلَسَ فيها، فقال المُسلِمونَ: لا نَستَطيعُه، لا نُطيقُه، قال: إمَّا لا [1104] إمَّا لا: بكَسرِ الهمزةِ وبالإمالةِ، ومعناه: إن لم تتركُوها فأدُّوا حَقَّها. ينظر: ((شرح النووي على مسلم)) (14/ 142). فأعطُوا حَقَّها، قالوا: وما حَقُّها؟ قال: غَضُّ البَصَرِ، وإرشادُ ابنِ السَّبيلِ، وتَشميتُ العاطِسِ إذا حَمِدَ اللَّهَ، ورَدُّ التَّحيَّةِ)). [1105] أخرجها أبو داود (4816)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (1014) واللفظ له، وابن حبان (596). صحَّحها ابن حبان، والألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (776)، وصحَّح إسنادَها الحاكم في ((المستدرك)) (7897)، وقواها على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (596).
3- عن أبي طَلحةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنَّا قُعودًا بالأفنيةِ نَتَحَدَّثُ، فجاءَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقامَ علينا، فقال: ما لكُم ولمَجالِسِ الصُّعُداتِ؟! اجتَنِبوا مَجالِسَ الصُّعُداتِ، فقُلنا: إنَّما قَعَدنا لغَيرِ ما باسٍ، قَعَدنا نَتَذاكَرُ ونَتَحَدَّثُ، قال: إمَّا لا فأدُّوا حَقَّها: غَضُّ البَصَرِ، ورَدُّ السَّلامِ، وحُسنُ الكَلامِ)). [1106] أخرجه مسلم (2161).

انظر أيضا: