موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: مكافأةُ المُبَشِّرِ على بِشارَتِه


يُستَحَبُّ مكافأةُ المُبَشِّرِ على بِشارَتِه [2005] قال البخاري في ((صحيحه)) (4/ 75): (باب ما يُعطى البَشيرُ. وأعطى كَعبُ بنُ مالِكٍ ثَوبَينِ حينَ بَشَّرَ بالتَّوبةِ). وقال أبو داود في ((سننه)) (3/ 88): (بابٌ في إعطاءِ البَشيرِ)، ثُمَّ رَوى حَديثَ كَعبِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه. .
الدَّليلُ على ذلك مِن الآثارِ:
في حَديثِ الثَّلاثةِ الذينَ خَلَّفوا، قال كَعب بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه: (... فبَينا أنا جالسٌ على الحالِ التي ذَكَرَ اللهُ؛ قد ضاقَت عليَّ نَفسي، وضاقَت عليَّ الأرضُ بما رَحُبَت، سمعتُ صَوتَ صارِخٍ أوفى على جَبَلِ سَلْعٍ بأعلى صَوتِه: يا كَعبُ بنَ مالكٍ، أبشِرْ! قال: فخَرَرتُ ساجِدًا، وعَرَفتُ أنْ قد جاءَ فرَجٌ، وآذَنَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتَوبةِ اللهِ علينا حينَ صَلَّى صَلاةَ الفجرِ، فذَهبَ النَّاسُ يُبَشِّرونَنا، وذَهبَ قِبَلَ صاحِبَيَّ مُبَشِّرونَ، ورَكَضَ إليَّ رَجُلٌ فرَسًا، وسعى ساعٍ مِن أسلمَ، فأوفى على الجَبَلِ، وكانَ الصَّوتُ أسرَعَ مِنَ الفرَسِ، فلمَّا جاءَني الذي سَمِعتُ صَوتَه يُبَشِّرُني، نَزَعتُ له ثَوبَيَّ، فكَسوتُه إيَّاهما ببُشراه، واللهِ ما أملِكُ غَيرَهما يومَئِذٍ! واستَعَرتُ ثَوبَينِ فلَبِستُهما [2006] قال عياضٌ: (قَولُه: "أبشِرْ يا كَعبُ... وذَهَبُ النَّاسُ يُبَشِّرونَنا"، وكِسوتُه ثَوبَيه للبَشيرِ: دَليلٌ على جَوازِ البِشارةِ والتَّهنِئةِ بَينَ النَّاسِ فيما يَسُرُّ مِن أمرِ الدُّنيا والآخِرةِ، وجَوازِ إعطاءِ البَشيرِ جُعلًا على بشارَتِه ومُكافأتِه). ((إكمال المعلم)) (8/ 281). وقال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (كِسوتُه للبَشيرِ ثَوبَيه مَعَ كَونِه ليسَ له غَيرُهما دَليلٌ على جَوازِ مِثلِ ذلك إذا ارتَجى حُصولَ ما يَستَبشِرُ به، وهو دَليلٌ على جَوازِ إظهارِ الفرَحِ بأُمورِ الخَيرِ والدِّينِ، وجَوازِ البَذلِ والهِباتِ عِندَها، وقد نَحَرَ عُمَرُ لَمَّا حَفِظَ سورةَ البَقَرةِ جَزورًا). ((المفهم)) (7/ 101). وقال النَّوويُّ: (قَولُه: "فنَزَعتُ له ثَوبيَّ فكَسَوتُهما إيَّاه ببشارَتِه" فيه استِحبابُ إجازةِ البَشيرِ بخِلعةٍ وإلَّا فبغَيرِها، والخِلعةِ أحسَنُ، وهيَ المُعتادةُ). ((شرح مسلم)) (17/ 95، 96). ) [2007] أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769) واللَّفظُ له. .
قال ابنُ القَيِّمِ: (في سُجودِ كَعبٍ حينَ سَمِع صَوتَ المُبَشِّرِ دَليلٌ ظاهِرٌ أنَّ تلك كانت عادةَ الصَّحابةِ، وهيَ سُجودُ الشُّكرِ عِندَ النِّعَمِ المُتَجَدِّدةِ والنِّقَمِ المُندَفِعةِ ... وفيه دَليلٌ على جَوازِ إعطاءِ البَشيرِ جَميعَ ثيابِه) [2008] ((زاد المعاد)) (3/ 511، 512). .

انظر أيضا: