أولًا: مَعرِفةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ
يَجِبُ على العَبدِ أن يَعرِفَ رَبَّه جَلَّ ثَناؤُه
[6] قال ابن رجب: (فمَعرِفةُ العَبدِ لرَبِّه نَوعانِ؛ أحَدُهما: المَعرِفةُ العامَّةُ، وهيَ مَعرِفةُ الإقرارِ به والتَّصديقِ والإيمانِ، وهذه عامَّةٌ للمُؤمِنينَ. والثَّاني: مَعرِفةٌ خاصَّةٌ تَقتَضي مَيلَ القَلبِ إلى اللهِ بالكُلِّيَّةِ، والانقِطاعَ إليه، والأُنسَ به، والطُّمَأنينةَ بذِكرِه، والحَياءَ مِنه، والهَيبةَ له، وهذه المَعرِفةُ الخاصَّةُ هيَ الَّتي يَدورُ حَولَها العارِفونَ، كَما قال بَعضُهم: مَساكينُ أهلُ الدُّنيا، خَرَجوا مِنها وما ذاقوا أطيَبَ ما فيها! قيل له: وما هو؟ قال: مَعرِفةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ. وقال أحمَدُ بنُ عاصِمٍ الأنطاكيُّ: أُحِبُّ أن لا أموتَ حتَّى أعرِفَ مَولايَ، وليسَ مَعرِفتُه الإقرارَ به، ولكِنَّ المَعرِفةَ إذا عَرَفتَه استَحيَيتَ مِنه). ((جامع العلوم والحكم)) (1/ 473). وقال ابنُ القيمِ: (ولا يَستَقيمُ لأحَدٍ قَطُّ الأدَبُ معَ اللهِ إلَّا بثَلاثةِ أشياءَ: مَعرِفتُه بأسمائِه وصِفاتِه، ومَعرِفتُه بدينِه وشَرعِه وما يُحِبُّ وما يَكرَهُ، ونَفسٌ مُستَعِدَّةٌ قابِلةٌ ليِّنةٌ مُتَهَيِّئةٌ لقَبولِ الحَقِّ عِلمًا وعَمَلًا وحالًا). ((مدارج السالكين)) (2/ 365). .
الدَّليلُ على ذلك مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ:أ- مِنَ الكِتابِ1- قال تعالى:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق: 12] .
فأخبَرَ أنَّه خَلَق العالمَ ليَعرِفَ عِبادُه كَمالَ قُدرَتِه وإحاطةَ عِلمِه، وذلك يَستَلزِمُ مَعرِفتَه ومَعرِفةَ أسمائِه وصِفاتِه وتَوحيدَه
[7] ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (4/ 164). .
2- قال تعالى:
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56].
فهذه الغايةُ هيَ المُرادةُ مِنَ العِبادِ، وهيَ أن يَعرِفوا اللَّهَ تعالى وصِفاتِ كَمالِه عَزَّ وجَلَّ، وأن يَعبُدوه لا يُشرِكوا به شَيئًا، فيَكونُ هو وحدَه إلهَهم ومَعبودَهم، ومُطاعَهم ومَحبوبَهم
[8] ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (4/ 164). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ1-عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما
((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا بعَث مُعاذًا على اليَمَنِ، قال: إنَّك تَقدَمُ على قومٍ أهلِ كتابٍ، فليَكُنْ أوَّلَ ما تدْعوهم إليه عبادةُ اللهِ، فإذا عرَفوا اللهَ فأخبِرْهم أنَّ اللهَ قد فرَض عليهم خمسَ صَلَواتٍ في يومِهم وليلتِهم، فإذا فعَلوا فأخبِرْهم أنَّ اللهَ فَرَض عليهم زكاةً من أموالِهم وتُرَدُّ على فُقَرائِهم، فإذا أطاعوا بها فخُذْ منهم، وتوَقَّ كرائِمَ أموالِ النَّاسِ [9] توقَّى واتَّقى بمَعنًى، والمُرادُ به في الحَديثِ: اجتَنِبْ كَرائِمَ الأموالِ، وهيَ خيارُها ونَفائِسُها، وما يَكرُمُ على أصحابِها ويَعِزُّ عليهم، جَمعُ كَريمةٍ، فلا تَأخُذْه في الصَّدَقةِ، وخُذِ الوسَطَ، لا العاليَ ولا النَّازِلَ الرَّديءَ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (4/ 551)، ((النهاية)) لابن الأثير (5/ 217). ) [10] أخرجه البخاري (1458)، ومسلم (19) واللفظ له. .
2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال:
((كُنتُ رَديفَ [11] الرَّديفُ -ويُقالُ: الرِّدفُ-: هو الرَّاكِبُ خَلفَ الرَّاكِبِ، يُقالُ مِنه: رَدِفَه يَردَفُه، بكَسرِ الدَّالِ في الماضي وفتحِها في المُضارِعِ: إذا رَكِبَ خَلفَه، وأردَفتُه أنا، وأصلُه مِن رُكوبِه على الرِّدفِ، وهو العَجُزُ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (1/ 259، 260)، ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (3/ 139)، ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (6/ 219). رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا غُلامُ، ألا أعلِّمُك كلماتٍ ينفعُك اللهُ بهنَّ؟ قُلتُ: بلى، فقال: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه أمامَك، تَعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفْك في الشِّدَّةِ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعِنْ باللهِ؛ فقد جفَّ القلمُ بما هو كائنٌ، فلو أنَّ الخَلقَ كُلَّهم جميعًا أرادوا أن ينفَعوك بشيءٍ لم يَقضِه اللهُ لك لم يَقدِروا عليه، وإن أرادوا أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يَقضِه اللهُ لك لم يَقدِروا عليه، واعلَمْ أنَّ في الصَّبرِ على ما تكرَهُ خيرًا كثيرًا، وأنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مع الكَربِ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا)) [12] أخرجه من طرق: أحمد (2803) واللفظ له، والطبراني (11/223) (11560)، والحاكم (6449). صحَّحه عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الشرعية الكبرى)) (3/333)، والقرطبي في ((التفسير)) (8/335)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (2961)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (2803). وأخرجه بنحوه الترمذي (2516)، وأحمد (2669)، ولفظُ الترمذي: ((كنتُ خَلفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا، فقال: يا غُلامُ، إنِّي أعلِّمُك كَلِماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تَجِدْه تُجاهَك، إذا سألْتَ فاسأَلِ اللهَ، وإذا استعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ، واعلَمْ أنَّ الأُمَّة لو اجتمَعَت على أن ينفعوك بشَيءٍ لم ينفعوك إلَّا بشَيءٍ قد كتبه اللهُ لك، واعلَمْ أنَّ الأُمَّة لو اجتمَعَت على أن يضُرُّوك بشَيءٍ لم يضرُّوك إلَّا بشَيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَت الأقلامُ وجَفَّت الصُّحُفُ)). صحَّحه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2516)، وصحَّحه لغيره الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (699)، وحسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/327). .
قال ابنُ رَجَبٍ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «تَعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفْك في الشِّدَّةِ» يَعني أنَّ العَبدَ إذا اتَّقى اللَّهَ، وحَفِظَ حُدودَه، وراعى حُقوقَه في حالِ رَخائِه، فقد تَعَرَّف بذلك إلى اللهِ، وصارَ بَينَه وبَينَ رَبِّه مَعرِفةٌ خاصَّةٌ، فعَرَفه رَبُّه في الشِّدَّةِ، ورَعى له تَعَرُّفَه إليه في الرَّخاءِ، فنَجَّاه مِنَ الشَّدائِدِ بهذه المَعرِفةِ، وهذه مَعرِفةٌ خاصَّةٌ تَقتَضي قُربَ العَبدِ مِن رَبِّه، ومَحَبَّتَه له، وإجابَتَه لدُعائِه)
[13] ((جامع العلوم والحكم)) (1/ 472، 473). .
فوائدُ:علاماتُ معرفةِ الله عزَّ وجلَّقال ابنُ القَيِّمِ: (مَن عَرَف اللَّهَ لم يَكُنْ شَيءٌ أحَبَّ إليه مِنه، ولم تبق له رَغبة فيما سِواه إلَّا فيما يُقَرِّبُه إليه ويُعينُه على سَفرِه إليه.
ومِن علاماتِ المَعرِفةِ الهَيبةُ؛ فكُلَّما ازدادَت مَعرِفةُ العَبدِ برَبِّه ازدادَت هَيبَتُه له وخَشيَتُه إيَّاه، كَما قال اللهُ تعالى:
إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر: 28] أي: العُلماءُ به
[14] قال ابنُ كثيرٍ: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر: 28] أي: إنَّما يخشاه حَقَّ خَشيتِه العُلَماءُ العارِفونَ به؛ لأنَّه كلَّما كانت المعرفةُ للعظيمِ القديرِ العليمِ الموصوفِ بصِفاتِ الكَمالِ، المنعوتِ بالأسماءِ الحُسنى، كلَّما كانت المعرفةُ به أتمَّ والعلِمُ به أكمَلَ، كانت الخشيةُ له أعظَمَ وأكثَرَ). ((تفسير القرآن العظيم)) (6/ 544). ، وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أنا أعرَفُكُم باللهِ وأشَدُّكُم له خَشيةً»
[15] أخرجه البخاري (6101)، ومسلم (2356) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، ولفظُ البخاريِّ: ((فواللهِ إنِّي لأعلَمُهم باللهِ، وأشَدُّهم له خَشيةً)). .
ومَن عَرَف اللَّهَ صَفا له العَيشُ وطابَت له الحَياةُ، وهابَه كُلُّ شَيءٍ، وذَهَبَ عنه خَوفُ المَخلوقينَ، وأَنِسَ باللهِ واستَوحَشَ مِنَ النَّاسِ، وأورَثَته المَعرِفةُ الحَياءَ مِنَ اللهِ، والتَّعظيمَ له والإجلالَ، والمُراقَبةَ والمَحَبَّةَ، والتَّوكُّلَ عليه، والإنابةَ إليه، والرِّضا به، والتَّسليمَ لأمرِه)
[16] ((روضة المحبين)) (ص: 406). .
أعظَمُ أبوابِ مَعرِفةِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّإنَّ مِن أعظَمِ أبوابِ مَعرِفةِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: مَعرِفةَ أسمائِه وصِفاتِه، بَل لا سَبيلَ إلى مَعرِفةِ اللهِ سُبحانَه إلَّا بمَعرِفةِ أسمائِه وصِفاتِه، والتَّفقُّهِ في فَهمِ مَعانيها، وفَهمُ مَعانيها وسيلةٌ إلى مُعامَلتِه تعالى بثَمَراتِها؛ مِنَ الخَوفِ والرَّجاءِ والمَهابةِ والمَحَبَّةِ والتَّوكُّلِ، وغَيرِ ذلك
[17] يُنظر تَفصيلُ الكَلامِ على آثارِ الإيمانِ بالأسماءِ والصِّفاتِ في الفَصلِ الرَّابِعِ مِنَ البابِ الثَّالِثِ مِنَ الكِتابِ الثَّاني مِنَ المَوسوعةِ العَقَديَّةِ، على مَوقِعِ الدُّرَرِ السَّنيَّةِ: https://dorar.net/aqeeda. .
قال ابنُ القَيِّمِ: (لا يَستَقِرُّ للعَبدِ قَدَمٌ في المَعرِفة -بل ولا في الإيمانِ- حتى يؤمِنَ بصفاتِ الرَّبِّ جلَّ جلالُه، ويَعرِفَها مَعرِفةً تُخرِجُه عن حدِّ الجَهلِ برَبِّه؛ فالإيمانُ بالصِّفاتِ وتعَرُّفُها: هو أساسُ الإسلامِ، وقاعِدةُ الإيمان، وثَمَرةُ شَجرةِ الإحسانِ؛ فمن جَحَد الصِّفاتِ فقد هَدَم أساسَ الإسلامِ والإيمانِ، وثَمَرةَ شَجَرةِ الإحسانِ، فضلًا عن أن يكونَ من أهلِ العِرْفانِ، وقد جَعَلَ اللهُ سُبحانَه مُنكِرَ صِفاتِه مُسيءَ الظَّنِّ به، وتَوعَّدَه بما لم يَتَوعَّدْ به غَيرَه مِن أهلِ الشِّركِ والكُفرِ والكَبائِر، فقال تعالى:
وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [فصلت: 22-23] ، فأخبَرَ سُبحانَه أنَّ إنكارَهم هذه الصِّفةَ مِن صِفاتِه مِن سوءِ ظَنِّهم به، وأنَّه هو الذي أهلَكَهم، وقد قال في الظَّانِّينَ به ظَنَّ السَّوءِ:
عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [الفتح: 6] ، ولَم يَجِئْ مِثلُ هذا الوعيدِ في غَيرِ مَن ظَنَّ السَّوءَ به سُبحانَه، وجَحَدَ صِفاتِه، وإنكارُ حَقائِقِ أسمائِه مِن أعظَمِ ظَنِّ السَّوءِ به.
ولمَّا كان أحَبَّ الأشياءِ إليه حَمدُه ومَدحُه، والثَّناءُ عليه بأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه؛ كان إنكارُها وجَحدُها أعظَمَ الإلحادِ والكُفرِ به، وهو شَرٌّ مِنَ الشِّركِ، فالمُعَطِّلُ شَرٌّ مِنَ المُشرِكِ؛ فإنَّه لا يَستَوي جَحدُ صِفاتِ المَلِكِ وحَقيقةِ مُلكِه والطَّعنِ في أوصافِه هو، والتَّشريكُ بَينَه وبَينَ غَيرِه في المُلكِ، فالمُعَطِّلونَ أعداءُ الرُّسُلِ بالذَّاتِ، بَل كُلُّ شِركٍ في العالَمِ فأصلُه التَّعطيلُ؛ فإنَّه لَولا تَعطيلُ كَمالِه -أو بَعضِه- وظَنُّ السَّوءِ به، لما أُشرِكَ به، كَما قال إمامُ الحُنَفاءِ وأهلِ التَّوحيدِ لقَومِه:
أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات: 86-87] ، أي: فما ظَنُّكُم به أن يُجازيَكُم، وقد عَبَدتُم مَعَه غَيرَه؟ وما الذي ظَنَنتُم به حتَّى جَعَلتُم مَعَه شُرَكاءَ؟ أظنَنتُم أنَّه مُحتاجٌ إلى الشُّرَكاءِ والأعوان؟ أم ظَنَنتُم أنَّه يَخفى عليه شَيءٌ مِن أحوالِ عِبادِه حتَّى يَحتاجَ إلى شُرَكاءَ تُعَرِّفُه بها كالمُلوكِ؟ أم ظَنَنتُم أنَّه لا يَقدِرُ وحدَه على استِقلالِه بتَدبيرِهم وقَضاءِ حَوائِجِهم، أم هو قاسٍ؛ فيَحتاجَ إلى شُفعاءَ يَستَعطِفونَه على عِبادِه؟! أم ذَليلٌ؛ فيَحتاجَ إلى وليٍّ يَتَكَثَّرُ به مِنَ القِلَّةِ، ويَتَعَزَّزُ به مِنَ الذِّلَّةِ؟! أم يَحتاجُ إلى الولَدِ؛ فيَتَّخِذَ صاحِبةً يَكونُ الولَدُ مِنها ومِنه؟! تعالى اللَّهُ عن ذلك كُلِّه عُلوًّا كَبيرًا.
والمَقصودُ: أنَّ التَّعطيلَ مَبدَأُ الشِّركِ وأساسُه، فلا تَجِدُ مُعَطِّلًا إلَّا وشِرْكُه على حَسَبِ تَعطيلِه؛ فمُستَقِلٌّ ومُستَكثِرٌ.
والرُّسُلُ مِن أوَّلِهم إلى خاتَمِهم -صَلَواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم أجمَعينَ- أُرسِلوا بالدَّعوةِ إلى اللهِ، وبَيانِ الطَّريقِ الموصِلِ إليه، وبَيانِ حالِ المَدعوِّينَ بَعدَ وُصولِهم إليه، فهذه القَواعِدُ الثَّلاثُ ضَروريَّةٌ في كُلِّ مِلَّةٍ على لسانِ كُلِّ رَسولٍ، فعَرَّفوا الرَّبَّ المَدعوَّ إليه بأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه تَعريفًا مُفصَّلًا، حتَّى كَأنَّ العِبادَ يُشاهِدونَه سُبحانَه، ويَنظُرونَ إليه فوقَ سَماواتِه على عَرشِه، يُكَلِّمُ مَلائِكَتَه، ويُدَبِّرُ أمرَ مَملَكَتِه، ويَسمَعُ أصواتَ خَلقِه، ويَرى أفعالَهم وحَرَكاتِهم، ويُشاهدُ بَواطِنَهم كَما يُشاهدُ ظَواهِرَهم، يَأمُرُ ويَنهى، ويَرضى ويَغضَبُ، ويُحِبُّ ويَسخَطُ، ويَضحَكُ مِن قُنوطِهم وقُربِ غِيَرِه
[18] أي: تَغَيُّرِ الحالِ وانتِقالِها عنِ الصَّلاحِ إلى الفَسادِ. والغِيَرُ: الاسمُ مِن قَولِك: غَيَّرتُ الشَّيءَ فتغَيَّرَ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/ 401)، ((التنوير)) للصنعاني (7/ 98). ، ويُجيبُ دَعوةَ مُضطَرِّهم، ويُغيثُ ملهوفَهم، ويُعينُ مُحتاجَهم، ويَجبُرُ كَسَيرَهم، ويُغني فقيرَهم، ويُميتُ ويُحيي، ويَمنَعُ ويُعطي، يُؤتي الحِكمةَ مَن يَشاءُ، مالِكُ المُلكِ، يُؤتي المُلكَ مَن يَشاءُ، ويَنزِعُ المُلكُ مِمَّن يَشاءُ، ويُعِزُّ مَن يَشاءُ، ويُذِلُّ مَن يَشاءُ، بيَدِه الخَيرُ، وهو على كُلِّ شَيءٍ قديرٌ، كُلَّ يَومٍ هو في شَأنٍ؛ يَغفِرُ ذَنبًا، ويُفرِّجُ كَربًا، ويَفُكُّ عانيًا، ويَنصُرُ مَظلومًا، ويَقصِمُ ظالِمًا، ويَرحَمُ مِسكينًا، ويُغيثُ مَلهوفًا، ويَسوقُ الأقدارَ إلى مَواقيتِها، ويُجريها على نِظامِها، ويُقدِّمُ ما يَشاءُ تَقديمَه، ويُؤَخِّرُ ما يَشاءُ تَأخيرَه؛ فأزِمَّةُ الأُمورِ كُلِّها بيَدِه، ومَدارُ تَدبيرِ المَمالِكِ كُلِّها عليه، وهذا مَقصودُ الدَّعوةِ، وزُبدةُ الرِّسالةِ.
القاعِدةُ الثَّانيةُ: تَعريفُهم بالطَّريقِ الموصِلِ إليه، وهو صِراطُه المُستَقيمُ الذي نَصَبه لرُسُلِه وأتباعِهم، وهو امتِثالُ أمرِه، واجتِنابُ نَهيِه، والإيمانُ بوَعدِه ووَعيدِه.
القاعِدةُ الثَّالِثةُ: تَعريفُ الحالِ بَعدَ الوُصولِ، وهو ما تَضمَّنه اليَومُ الآخِرُ مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، وما قَبلَ ذلك مِنَ الحِسابِ والحَوضِ والميزانِ والصِّراطِ)
[19] ((مدارج السالكين)) (3/ 324-326). .
وقال السَّعديُّ: (أصلُ مَعرِفةِ اللهِ تعالى مَعرِفةُ ما تَحتَوي عليه أسماؤُه الحُسنى وتَقتَضيه مِنَ المَعاني العَظيمةِ بحَسَبِ ما يَقدِرُ عليه العَبدُ، وإلَّا فلَن يَبلُغَ عِلمُ أحَدٍ مِنَ الخَلقِ بذلك، ولَن يُحصيَ أحَدٌ ثَناءً عليه، بَل هو كَما أثنى على نَفسِه، وفوقَ ما يُثني عليه عِبادُه)
[20] ((القواعد الحسان)) (ص: 15). .
وقال: (لا أعظَمَ حاجةً وضَرورةً مِن مَعرِفةِ النُّفوسِ برَبِّها ومَليكِها، الذي لا غِنى لَها عنه طَرفةَ عَينٍ، ولا صَلاحَ لَها ولا زَكاءَ إلَّا بمَعرِفتِه وعِبادَتِه، وكُلَّما كان العَبدُ أعرَفَ بأسماءِ رَبِّه، وما يَستَحِقُّه مِن صِفاتِ الكَمالِ، وما يَتَنَزَّهُ عنه مِمَّا يُضادُّ ذلك؛ كان أعظَمَ إيمانًا بالغَيبِ، واستَحَقَّ مِنَ الثَّناءِ والمَدحِ بحَسَبِ مَعرِفتِه.
ومَوضِعُ هذا: تَدَبُّرُ أسمائِه الحُسنى التي وصَف وسَمَّى بها نَفسَه في كِتابِه وعلى لسانِ رُسُلِه، فيَتَأمَّلُها العَبدُ اسمًا اسمًا، ويَعرِفُ مَعنى ذلك، وأنَّ له تعالى في ذلك الِاسمِ أكمَلَه وأعظَمَه، وأنَّ هذا الكَمالَ والعَظَمةَ لَيسَ لَه مُنتهًى، ويَعرِفُ أنَّ كُلَّ ما ناقَضَ هذا الكَمالَ بوَجهٍ مِنَ الوُجوهِ فإنَّ اللَّهَ تعالى مُنَزَّهٌ مُقدَّسٌ عنه. ولمَّا كان هذا النَّوعُ هو أصلَ الإيمانِ بالغَيبِ وأعظَمَه وأجَلَّه؛ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَديثِ الصَّحيحِ: «إنَّ للهِ تِسعةً وتِسعينَ اسمًا -مِئةً إلَّا واحِدًا- مَن أحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ»
[21] أخرجه البخاري (2736)، ومسلم (2677) من حديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ، أي: ضَبَطَ ألفاظَها، وأحصى مَعانيَها، وتَعقَّلَها في قَلبِه، وتَعبَّد اللَّهَ بها، وتَقرَّب بمَعرِفتِها إلى رَبِّ العالَمينَ.
فيَنبَغي للمُؤمِنِ النَّاصِحِ لنَفسِه أن يَبذُلَ ما استَطاعَ مِن مَقدورِه في مَعرِفةِ أسماءِ اللهِ وصِفاتِه وتَقديسِه، ويَجعَلَ هذه المَسألةَ أهَمَّ المَسائِلِ عِندَه، وأولاها بالإيثارِ، وأحَقَّها بالتَّحقيقِ؛ ليَفوزَ مِنَ الخَيرِ بأوفَرِ نَصيبٍ؛ ولهذا لمَّا سَألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرَّجُلَ الأنصاريَّ عن سَبَبِ مُلازَمَتِه لقِراءةِ سورةِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في صَلاتِه، فقال: لأنَّها صِفةُ الرَّحمنِ، فأُحِبُّ أن أقرَأَ بها؛ قال: «حُبُّك إيَّاها أدخَلَك الجَنَّةَ»
[22] أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجَزمِ (774م)، وأخرجه موصولًا الترمذي (2901)، وأحمد (12432) من حديثِ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه دونَ ذِكرِ أنَّها صِفةُ الرَّحمنِ، ولفظُ البُخاريِّ: عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((كان رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ يَؤُمُّهم في مَسجِدِ قُباءٍ، وكان كُلَّما افتَتَحَ سورةً يَقرَأُ بها لهم في الصَّلاةِ مِمَّا يَقرَأُ به افتَتَحَ: بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتَّى يَفرُغَ مِنها، ثُمَّ يَقرَأُ سورةً أُخرى مَعَها، وكان يَصنَعُ ذلك في كُلِّ رَكعةٍ، فكَلَّمَه أصحابُه، فقالوا: إنَّك تَفتَتِحُ بهذه السُّورةِ، ثُمَّ لا تَرى أنَّها تُجزِئُك حتَّى تَقرَأَ بأُخرى، فإمَّا تَقرَأُ بها وإمَّا أن تَدَعَها، وتَقرَأَ بأُخرى، فقال: ما أنا بتارِكِها، إن أحبَبتُم أن أؤُمَّكُم بذلك فعَلتُ، وإن كَرِهتُم تَرَكتُكُم، وكانوا يَرَونَ أنَّه مِن أفضَلِهم، وكَرِهوا أن يَؤُمَّهم غَيرُه، فلَمَّا أتاهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَروه الخَبَرَ، فقال: يا فُلانُ، ما يَمنَعُكَ أن تَفعَلَ ما يَأمُرُك به أصحابُك، وما يَحمِلُك على لُزومِ هذه السُّورةِ في كُلِّ رَكعةٍ؟ فقال: إنِّي أُحِبُّها، فقال: حُبُّكَ إيَّاها أدخَلَكَ الجَنَّةَ)). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (792)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (798)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/41)، وابن تيمية في ((جامع الرسائل)) (2/257)، والألباني في ((صحيح الموارد)) (1486)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (12432) وأخرجه البخاري (7375)، ومسلم (813) من حديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، ولفظُ البخاريِّ: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ رَجُلًا على سَريَّةٍ، وكان يَقرَأُ لأصحابِه في صَلاتِهم فيَختِمُ بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فلَمَّا رَجَعوا ذَكَروا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: سَلوه لأيِّ شَيءٍ يَصنَعُ ذلك؟ فسَألوه، فقال: لأنَّها صِفةُ الرَّحمنِ، وأنا أُحِبُّ أن أقرَأَ بها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أخبِروه أنَّ اللَّهَ يُحِبُّه)). . مُتَّفَقٌ عليه)
[23] ((المواهب الربانية)) (ص: 106، 107). .
وقال أيضًا: (اشتَمَلَ القُرآنُ على عِدَّةِ عُلومٍ قد ثُنِّيَت فيه وأُعيدَت: ...
ومِنها: ذِكرُ صِفاتِ اللهِ وأسمائِه وأفعالِه، وتَقديسُه عنِ النَّقائِصِ، وفي ذلك فوائِدُ عَظيمةٌ:
مِنها: أنَّ هذا العِلمَ -وهو العِلمُ المُتَعَلِّقُ باللهِ تعالى- أشرَفُ العُلومِ وأجَلُّها على الإطلاقِ، فالِاشتِغالُ بفَهمِه والبَحثُ التَّامُّ عنه اشتِغالٌ بأعلى المَطالِبِ، وحُصولُه للعَبدِ مِن أشرَفِ المَواهبِ.
ومِنها: أنَّ مَعرِفةَ اللهِ تعالى تَدعو إلى مَحَبَّتِه وخَشيَتِه، وخَوفِه ورَجائِه، وإخلاصِ العَمَلِ لَه، وهذا عَينُ سَعادةِ العَبدِ، ولا سَبيلَ إلى مَعرِفةِ اللهِ إلَّا بمَعرِفةِ أسمائِه وصِفاتِه، والتَّفقُّهِ في فَهمِ مَعانيها.
وقدِ اشتَمَلَ القُرآنُ مِن ذلك على ما لم يَشتَمِلْ عليه غَيرُه مِن تَفاصيلِ ذلك وتَوضيحِها، والتَّعَرُّفِ بها إلى عِبادِه، وتَعريفِهم لنَفسِه كَي يَعرِفوه.
ومِنها: أنَّ اللَّهَ خَلَق الخَلقَ ليَعبُدوه ويَعرِفوه، فهذا هو الغايةُ المَطلوبةُ مِنهم، فالِاشتِغالُ بذلك اشتِغالٌ بما خُلِقَ له العَبدُ، وتَركُه وتَضييعُه إهمالٌ لِما خُلِقَ لَه. وقَبيحٌ بعَبدٍ لم تَزَلْ نِعَمُ اللهِ عليه مُتَواتِرةً، وفَضلُه عليه عَظيمًا مِن كُلِّ وَجهٍ، أن يَكونَ جاهلًا برَبِّه، مُعرِضًا عن مَعرِفتِه.
ومِنها: أنَّ أحَدَ أركانِ الإيمانِ -بَل أفضَلَها وأصلَها- الإيمانُ باللهِ، وليس الإيمانُ بمُجَرَّدِ قَولِه: "آمَنتُ باللهِ" مِن غَيرِ مَعرِفةٍ برَبِّه، بَل حَقيقةُ الإيمانِ أن يَعرِفَ الرَّبَّ الذي يُؤمِنُ به، ويَبذُلَ جُهدَه في مَعرِفةِ أسمائِه وصِفاتِه حتَّى يَبلُغَ دَرَجةَ اليَقينِ، وبِحَسَبِ مَعرِفتِه برَبِّه يَكونُ إيمانُه؛ فكُلَّما ازدادَ مَعرِفةً برَبِّه ازدادَ إيمانُه، وكُلَّما نَقَصَ نَقص.
وأقرَبُ طَريقٍ يوصِلُه إلى ذلك: تَدَبُّرُ صِفاتِه وأسمائِه مِنَ القُرآنِ.
والطَّريقُ في ذلك: إذا مَرَّ به اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ أثبَتَ له ذلك المَعنى وكَمالَه وعُمومَه، ونَزَّهَه عَمَّا يُضادُّ ذلك.
ومِنها: أنَّ العِلمَ به تعالى أصلُ الأشياءِ كُلِّها، حتَّى إنَّ العارِفَ به حَقيقةَ المَعرِفةِ يَستَدِلُّ بما عَرَف مِن صِفاتِه وأفعالِه على ما يَفعَلُه، وعلى ما يَشرَعُه مِنَ الأحكامِ؛ لأنَّه لا يَفعَلُ إلَّا ما هو مُقتَضى أسمائِه وصِفاتِه؛ فأفعالُه دائِرةٌ بَينَ العَدلِ والفَضلِ والحِكمةِ.
وكذلك لا يَشرَعُ ما يَشرَعُه مِنَ الأحكامِ إلَّا على حَسَبِ ما اقتَضاه حَمدُه وحِكمتُه وفَضلُه وعَدلُه.
فأخبارُه كُلُّها حَقٌّ وصِدقٌ، وأوامِرُه ونَواهيه عَدلٌ وحِكمةٌ)
[24] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 35، 36). .
وقال ابنُ القيِّمِ أيضًا: (مِن النَّاسِ مَن يعرِفُ الله بالجودِ والإفضالِ والإحسانِ، ومِنهم مَن يعرِفُه بالعَفوِ والحلمِ والتَّجاوزِ، ومِنْهم مَن يعرفُه بالبطشِ والانتقامِ، ومِنهم مَن يعرفُه بالعلمِ والحكمةِ، ومِنهم مَن يعرفُه بالعِزَّةِ والكبرياءِ، ومنهم مَنْ يعرفُه بالرَّحمةِ والبرِّ واللُّطفِ، ومِنهم مَن يعرِفُه بالقهرِ والمُلكِ، ومنهم مَن يعرفُه بإجابةِ دعوتِه وإغاثةِ لهفتِه وقَضاءِ حاجتِه، وأعمُّ هؤلاءِ معرفَةً مَن عرَفه مِن كلامِه فإنَّه يعرِفُ رَبًّا قد اجْتمَعتْ قدِ اجتَمَعَت له صِفاتُ الكَمالِ، ونُعوتُ الجَلالِ، مُنَزَّهٌ عنِ المِثالِ، بَريءٌ مِنَ النَّقائِصِ والعُيوبِ، له كُلُّ اسمٍ حَسَنٍ، وكُلُّ وَصفِ كَمالٍ، فعَّالٌ لِما يُريدُ، فوقَ كُلِّ شَيءٍ، ومَعَ كُلِّ شَيءٍ، وقادِرٌ على كُلِّ شَيءٍ، ومُقيمٌ لكُلِّ شَيءٍ، آمِرٌ ناهٍ، مُتَكَلِّمٌ بكَلِماتِه الدِّينيَّةِ والكَونيَّةِ، أكبَرُ مِن كُلِّ شَيءٍ، وأجمَلُ مِن كُلِّ شَيءٍ، أرحَمُ الرَّاحِمينَ، وأقدَرُ القادِرينَ، وأحكَمُ الحاكِمينَ)
[25] ((الفوائد)) لابن القيم (ص: 180). .