موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: عَدَمُ إزالةِ شَعرِ الحَواجِبِ


تَحرُمُ إزالةُ شَعرِ الحواجِبِ (النَّمْصُ) [1165] نَصَّ عليه الشَّافِعيَّةُ، والحَنابِلةُ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ، واختاره ابنُ بازٍ، وابنُ عُثيمين، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ. يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/191)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/81)، ((المحلى)) لابن حزم (2/398)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/51)، ((فتاوى علماء البلد الحرام)) (ص 1142)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (5/196). على أنَّ النَّمصَ عِندَ الشَّافِعيَّةِ: الأخذُ مِن شَعرِ الوَجهِ والحاجِبِ، واستَثنَوا مِن ذلك ما إذا أذِنَ لها الزَّوجُ، وقَيَّد الحَنابلةُ النَّمصَ بالنَّتفِ، وجَعَلوه لجَميعِ الوَجهِ لا الحاجِبَينِ فقَط، وقَيَّد ابنُ حَزمٍ النَّمصَ بالنَّتفِ، وجَعَله لجَميعِ الوَجهِ لا الحاجِبَينِ فحَسبُ. .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ:
قَولُه تعالى حِكايةً عن إبليسَ لعنَه اللهُ: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء: 119] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا يَتَناولُ تَغييرَ الخِلقةِ الظَّاهرةِ بالوَشمِ [1166] الوَشمُ: غَرزُ الجِلدِ بالإبَرِ ثُمَّ حَشوُه بالكُحلِ. يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (4/115). ، والوَشْرِ [1167] الوَشرُ: تَحديدُ الأسنانِ وتَرقيقُها. يُنظر: ((مختار الصحاح)) للرازي (ص: 339). ، والنَّمْصِ، والتَّفلُّجِ للحُسنِ، ونَحوِ ذلك مِمَّا أغواهم به الشَّيطانُ، فغَيَّروا خِلقةَ الرَّحمنِ [1168] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 204). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لعَنَ اللهُ الواشِماتِ والموتَشِماتِ، والمُتَنَمِّصاتِ، والمُتَفلِّجاتِ للحُسنِ المُغَيِّراتِ خَلقَ اللهِ، فبَلغَ ذلك امرَأةً مِن بَني أسَدٍ يُقالُ لها أمُّ يَعقوبَ، فجاءَت فقالت: إنَّه بَلَغَني عنك أنَّك لعَنتَ كَيتَ وكَيتَ، فقال: وما لي لا ألعنُ مَن لَعَن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَن هو في كِتابِ اللهِ، فقالت: لقد قَرَأتُ ما بَينَ اللَّوحَينِ، فما وَجَدتُ فيه ما تَقولُ، قال: لئِنْ كُنتِ قَرَأتيه لقد وَجَدتيه، أمَا قَرَأتِ: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا؟ قالت: بَلى، قال: فإنَّه قد نَهى عنه، قالت: فإنِّي أرى أهلَك يَفعَلونَه! قال: فاذهَبي فانظُري، فذَهَبَت فنَظَرَت، فلم تَرَ مِن حاجَتِها شَيئًا، فقال: لو كانت كذلك ما جامَعَتْنا)) [1169] أخرجه البخاري (4886) واللفظ له، ومسلم (2125). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه قال: ((لعنَ اللهُ المُتَنَمِّصاتِ))، ودَلالةُ اللَّعنِ على التَّحريمِ مِن أقوى الدَّلالاتِ [1170] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/377). .
فائِدةٌ:
يُباحُ تَشقيرُ [1171] تشقيرُ الحاجِبَينِ: هو صَبغُ الحاجِبَينِ بلونٍ يُشبهُ لونَ الجِلدِ؛ كي يختفيَ حَجمُه الحقيقيُّ، ثم يُرسَمُ مَكانَه بالقَلمِ حاجِبٌ رقيقٌ دقيقٌ؛ طلبًا لزيادةِ التجَمُّلِ، كما يمكِنُ أن يتِمَّ التَّشقيرُ بصبغِ الجزءِ العُلويِّ والسُّفليِّ فقط من الحاجِبَينِ بلونِ الجِلدِ؛ كي يبدوَ شَعرُ الحاجبينِ غيرُ المصبوغِ في الوسَطِ رقيقًا أيضًا. يُنظر: (فتوى لجنة الإفتاء بالأردن) (رقم 688). الحاجِبَينِ للنِّساءِ؛ وذلك لأنَّ الأصلَ في الزِّينةِ الإباحةُ، إلَّا ما دَلَّ الدَّليلُ على تَحريمِه، ولا دَليلَ على التَّحريمِ، وليسَ التَّشقيرُ مِنَ النَّمصِ [1172] يُنظر: ((مسائل الإمام ابن باز)) (219)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/290)، (11/133)، ((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء رقم: 131). .

انظر أيضا: